أثار سفر وفد حوثي إلى لبنان للمشاركة في تشييع جثمان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وخليفته هاشم صفي الدين، جدلًا واسعًا، لا سيما أنه جاء بعد وقت قصير من تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كجماعة إرهابية. وعلى الرغم من هذا التصنيف، لم تتخذ واشنطن أي إجراءات لمنع سفر الوفد أو معاقبته بعد عودته، مما يثير تساؤلات حول وجود ترتيبات غير معلنة أو ضوء أخضر مباشر أو غير مباشر.

وكان قُتل نصر الله وصفي الدين في عمليتين إسرائيليتين منفصلتين في العاصمة اللبنانية قبل نحو خمسة أشهر، وتم تشييعهما في لبنان في 23 فبراير/ شباط الجاري.

قال سياسيون وناشطون يمنيون، إن مغادرة وفد مليشيا الحوثي من مطار صنعاء، الخاضع لقيود أممية، للمشاركة في التشييع، رغم تصنيفهم كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة قبل أسابيع، يطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة التوازنات الإقليمية والدولية، ومدى جدية المواقف الدولية تجاه الجماعة، لا سيما واشنطن.

ضوء أخضر

يرى محللون أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من لعبة ابتزاز سياسي تمارسها واشنطن ضد التحالف العربي بقيادة السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، خاصة في ظل التوترات المستمرة في المنطقة.

وأكدوا لوكالة "خبر"، أنه من غير المنطقي أن يتمكن وفد مليشيا الحوثي من السفر دون ترتيب مسبق أو سماح ضمني من الأمم المتحدة، وهذا يطرح فرضية أن الجماعة حصلت على ضوء أخضر مباشر أو غير مباشر، سواء من الأمم المتحدة أو من الولايات المتحدة الأمريكية أو قوى دولية أخرى، قد يكون الهدف منه ممارسة ضغوط سياسية على الأطراف المناوئة للحوثيين.

ما يعزز هذه الفرضية هو التصعيد في الخطاب الحوثي، كما جاء في كلمة القيادي البارز محمد علي الحوثي، الذي توعّد أمريكا والتحالف بـ"ردود قاسية"، مؤكداً أن جماعته لن تقبل بأي قيود على المنافذ الجوية والبحرية.

وجاء هذا التصعيد متزامناً مع تواجد الوفد الحوثي في لبنان، مما يثير تساؤلات حول موقف التحالف العربي، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة من ذلك، خصوصا والأخيرة تورطت بتخادمات كثيرة مع الحوثيين تتعارض كلياً مع جوهر تصريحات وشعارات الطرفين المعادية لبعض.

واللافت أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بدت متفاجئة بهذه التحركات، مثل غيرها من التحركات التي يتّضح أنها آخر من يعلم بها، رغم أنه من المفترض أن تكون على اطلاع مسبق، حيث أصدرت وزارة إعلامها بياناً يدعو لاتخاذ إجراءات ضد الوفد، لكن دون أي استجابة دولية واضحة، فيما عاد الوفد إلى صنعاء دون أي عوائق.

منظومة دفاع جوي روسية

من جانبهم، يرى خبراء عسكريون، في حديث لوكالة "خبر"، أن التحركات الحوثية وتحدي التصنيفات الدولية لهم كجماعة إرهابية، ليسا إلا تصعيدًا إيرانياً مباشراً، يهدف إلى فتح جبهة جديدة لا تقل شأناً عن جبهتها في لبنان، بعد أن خسرت الأخيرة، ومثلها في سوريا، فباتت جماعة الحوثي أملها الوحيد. مشيرين إلى أن أهداف إيران تشمل السعي إلى رفع ما تبقى من قيود على مطار صنعاء وموانئ الحديدة، لتسهيل تنقلات قيادات الحرس الثوري ونقل الأسلحة من طهران إلى صنعاء.

وربطوا هذا التصعيد بتقارير تفيد باقتراب الحوثيين من إنهاء تركيب وتجهيز منظومة دفاع جوي متطورة، يُرجّح أنها حصلت عليها من روسيا، ويمكنها تغيير مسار المعركة، رغم مزاعم الجماعة بأنها محلية الصنع، ومن المتوقع الإعلان عن دخولها الخدمة خلال الأيام القادمة، وفقاً لما قاله الخبراء الذين وصفوا هذه الادعاءات بالكاذبة.

واتهم الخبراء العسكريون الأمم المتحدة بالتورط المباشر إذا صحت هذه المعلومات، خصوصاً أنها مسؤولة عن تفتيش السفن القادمة إلى موانئ الحديدة. علاوة على ذلك، سبق أن سمحت بدخول سفينة روسية تحمل شحنة حبوب إلى ميناء الحديدة دون تفتيش، رغم تقارير استخباراتية تحدثت عن تضمينها أسلحة متطورة ضمن عمليات تهريب متنوعة نفذتها موسكو لدعم الحوثيين.

أما الاستخبارات العسكرية السعودية، فيبدو أنها كانت تمتلك معلومات دقيقة حول أبعاد هذا التصعيد، وهو ما تشير إليه زيارة وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، إلى واشنطن يوم أمس الأول، ولقاؤه نظيره الأمريكي، ماركو روبيو. خصوصًا أن السفير السعودي في اليمن، محمد آل جابر، رافقه في الزيارة، مما يؤكد أن الملف اليمني لم يكن الوحيد في النقاشات، لكنه كان الأبرز.

وأكد الوزير السعودي، في تغريدة على حسابه في منصة "إكس"، أنه ونظيره الأمريكي استعرضا "رؤية البلدين الصديقين لمواجهة التحديات المشتركة، بما يسهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين"، مضيفًا: "بحثنا عددًا من المسائل ذات الاهتمام المشترك والجهود المبذولة بشأنها".

بكاء وتوسل.. رسائل خاصة

يرى مراقبون أن المشاركة في تشييع نصر الله لم تكن مجرد حضور دبلوماسي، بل كانت فرصة لإثبات الولاء المطلق لإيران. فظهور وفد الحوثيين في مواقف تعكس التبعية لطهران، من البكاء والتوسل لأسرة نصر الله، إلى التفاخر بالتقاط صور وهم يرتدون شاله، يؤكد أن المليشيا أرادت إرسال رسالة واضحة بأنها جزء من محور إيران في المنطقة.

وأشار المراقبون إلى أن هذه الرسائل ليست جديدة، إذ وثّقت تقارير دولية إشراف الحرس الثوري الإيراني المباشر على العمليات العسكرية للجماعة، وتهريب الأسلحة والمعدات التي تُستخدم في التصنيع العسكري، علاوة على إدارة قيادات بارزة بقية الملفات، بما فيها السياسية، ومن أبرز هؤلاء حسن إيرلو، الذي عيّنته طهران سفيراً لها في صنعاء، قبل أن يُقتل بغارة جوية في اليمن، بينما زعم الحوثيون أنه توفي جراء إصابته بفيروس كورونا، واعلنت نبأ وفاته في ديسمبر 2021.

وفي المجمل، فإن التحركات الحوثية لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل تعكس تواطؤاً دولياً غير مُعلن، وتكشف عن وجود أطراف تسمح لمليشيا الحوثي بممارسة نفوذها رغم العقوبات والقيود.

ويعزز هذا المشهد فكرة أن الجماعة ليست مجرد مليشيا معزولة، بل كيان له داعمون وأدوات ضغط إقليمية ودولية، مما يستوجب إعادة تقييم استراتيجيات التعامل معها من قبل التحالف العربي والحكومة اليمنية.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: نصر الله

إقرأ أيضاً:

فعالية خطابية لأمن محافظة صنعاء بذكرى عاشوراء وتدشين عمل فرع جهاز المفتش العام

الثورة نت /..

نظمت إدارة أمن محافظة صنعاء وفروعها في المديريات فعالية خطابية إحياءً لذكرى عاشوراء، ونصرةً للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، تحت شعار “هيهات منا الذلة”.

وفي الفعالية ، أكد المحافظ عبد الباسط الهادي، أهمية إحياء هذه المناسبة، لاستلهام الدروس من سيرة الإمام الحسين عليه السلام وشجاعته وعطائه، والاقتداء بنهجه وتضحيته في التحرك الحقيقي والمسؤول لمواجهة قوى البغي والاستكبار.

ولفت إلى حجم التفريط الذي وقع في مسار الأمة وكان سببا في تحرك الإمام الحسين عليه السلام، ليمثل خطاً ثوريا ضد أنظمة الجور على مر التاريخ.

ودعا المحافظ الهادي منتسبي أمن المحافظة إلى مضاعفة الجهود لتقديم خدمات أفضل للمواطنين، محذرًا من التفريط في حدود الله وواجباته التي فرضها على المؤمنين .

وأعتبر ما يقوم به أبناء الشعب اليمني بكل فئاته في مواجهة العدوان وإفشال مخططاته الرامية وموقفهم المساند والمناصر لإخوانهم في فلسطين، ذروة سنام الجهاد في سبيل الله وامتداد للخط الحسيني.

وفي الفعالية بحضور المفتش العام بوزارة الداخلية اللواء عبد الله الهادي، ومدير أمن المحافظة العميد مجاهد عائض، ونائب مدير الأمن العقيد محمد الجبري ومديرو الوحدات الأمنية، استعرض العلامة عبد الكريم عاطف، صورًا من حياة ومآثر الإمام الحسين وسيرته الجهادية في مقارعة الطغاة والمستكبرين ورفض الذل والخنوع، والتي جسد من خلالها معاني الكرامة والعزة.

تخللت الفعالية قصيدة شعرية للشاعر حمزة المغربي.

وعقب الفعالية تم تدشين عمل فرع جهاز المفتش العام في إطار خطة تطوير أداء الجهاز الأمني بالمحافظة.

وفي التدشين بحضور المحافظ عبد الباسط الهادي، أوضح المفتش العام اللواء عبد الله الهادي، أن هذا التدشين الذي يتزامن مع ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، يأتي تنفيذا لتوجيهات القيادة الثورية وقيادة وزارة الداخلية لتفعيل دور الرقابة وتقييم الأداء لمنتسبي وزارة الداخلية.

وشدد على وضع حد للاختلالات وإيقاف المتلاعبين من منتسبي الوزارة الذين يسيئون إلى أخلاق المسيرة، منوهاً بوجوب رقابة الله عز وجل على الأعمال قبل الرقابة من الناس أو من الجهات المختصة.

ولفت إلى أن فرع جهاز المفتش العام هو عون لمدير الأمن وعين له في المحافظة،مؤكدًا أنه بتعاون الجميع سيتم ردع أي تلاعب وضبط أي مخالفين .

حضر الفعالية والتدشين ، مدير فرع جهاز المفتش العام في المحافظة العقيد عبد الخالق الجرادي، ومساعدو مدير الأمن العميد حسين العياني، والعقيد الركن عبد الله العمري، والعقيد سلطان غيلان، وقائد قوات الأمن المركزي بالمحافظة العقيد عبد الحق السراجي، ومديرو الإدارات المركزية، ومديرو أمن المديريات، ومديرو مراكز الشرطة وضباط وأفراد من منتسبي أمن المحافظة.

مقالات مشابهة

  • مستشار ترمب للشؤون الإفريقية: لا حل عسكرياً لأزمة السودان ومؤتمر دولي مرتقب بواشنطن بمشاركة إقليمية
  • توجس عام تجاه ماضغي القات ليلا.. وحدة الساحات يثير نزق وتخبط مليشيا الحوثي
  • الأمم المتحدة تعلن تفاقم الجوع في أنحاء اليمن
  • "برمان" يكشف ملابسات وقضية هروب الفتاة الأمريكية من أصول يمنية إلى الولايات المتحدة
  • فعالية خطابية لأمن محافظة صنعاء بذكرى عاشوراء وتدشين عمل فرع جهاز المفتش العام
  • برلماني إيراني يحذر من تحضيرات إسرائيلية لهجوم جديد بدعم أمريكي
  • أعربت عن قلقها من تقويض العجز لقدرة “النامية”.. المملكة تدعو لالتزام دولي بتمويل العمل المناخي
  • لجان المقاومة: العدو يواصل مجازره بحق المدنيين في غزة بغطاء أمريكي وتواطؤ دولي
  • في مجلس حقوق الإنسان.. المملكة تدعو لالتزام دولي عادل في تمويل العمل المناخي
  • صنعاء في قبضة الطابور الناعم.. العبور إلى الظلام يوثق تغلغل الحوثي في المنظمات الدولية