لا زالت أصداءُ تفوُّقِ القوات المسلحة على التقنيات العسكرية الأمريكية المتطورة تتردّد كاشفة عن ثبات كُـلّ معادلات الانتصار اليمني التاريخي على الولايات المتحدة في معركة البحر الأحمر، واستمرار تأثير تلك المعادلات على مستقبل كُـلّ الصراعات المحتملة لواشنطن.

وفي جديد هذه الأصداء نشر المجلس الأطلسي، وهو مركَزُ أبحاث أمريكي، نهاية الأسبوع الفائت، تقريرًا مطولًا تناول فيه أبعاد الاختراق غير المسبوق الذي حقّقته القوات المسلحة اليمنية في مواجهة تقنيات الطائرات الأمريكية المقاتلة بدون طيار (إم كيو-9) من خلال إسقاط 14 طائرة منها خلال معركة إسناد غزة.

ووفقًا للمركز الأمريكي فَــإنَّ هذه “السلسلة الطويلة” من الضربات اليمنية الناجحة ضد الطائرات بدون طيار الأمريكية تمثل “أمرًا غير مسبوق” وتبرز “تنامي القدرات الهجومية اليمنية وتحسن مهارات التصويب”، مُشيرًا إلى أن “الكفاءة التكتيكية” للقوات المسلحة اليمنية شهدت “تصاعدًا ملحوظًا” خلال معركة إسناد غزة.

وبحسب التقرير فَــإنَّ “طائرة (إم كيو-9) تشكل العمود الفقري لأسطول الطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة، حَيثُ توفر للمخطّطين العسكريين الأمريكيين عمقًا تكتيكيًّا في المناطق الداخلية الوعرة في اليمن، ومع ذلك، وعلى الرغم من تفوقها التقني، فقد أثبتت ضعفها أمام أنظمة الأسلحة المضادة للطائرات الأَسَاسية، ومما لا شك فيه أن نشر الطائرات بدون طيار يظل بديلًا مفضلًا للطائرات المأهولة عند العمل في بيئة عالية الخطورة مثل اليمن”.

واعتبر أن “معدل فقدان طائرات (إم كيو-9) بدون طيار في القتال منذ منتصف نوفمبر 2023 يستحق اهتمام الاستراتيجيين العسكريين الأمريكيين، حَيثُ تبلغ قيمة هذه الطائرات حوالي ثلاثين مليون دولار لكل منها، وفقدانها بهذه الوتيرة -ما يقرب من طائرة واحدة شهريًّا- ليس مقبولًا”.

 وأوضح التقرير أنه “من الناحية التكتيكية، تهدف عمليات إسقاط طائرات (إم كيو-9) بدون طيار في المقام الأول إلى تعمية أنظمة الاستخبارات والاستهداف الأمريكية، حَيثُ كانت عملية (بوسيدون آرتشر) تعتمد بشكل كبير على البيانات التي تجمعها الطائرات بدون طيار للتخطيط لضربات جوية مشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على أهداف برية معادية في الأراضي اليمنية” وهو ما يعني أن مسار عمليات إسقاط طائرات (إم كيو-9) الأمريكية كان مسارًا رئيسيًّا ومحوريًّا في قيمته وتأثيره على جبهة العدوّ ضمن معركة “الفتح الموعود”.

وأشَارَ التقرير إلى أن هذا المسار تكامل مع مسار آخر، تمثل في نجاح القوات المسلحة اليمنية في “إخفاء المواقع الاستراتيجية”، حَيثُ أَدَّى ذلك بحسب التقرير إلى “زيادة اعتماد التحالف الغربي على الطائرات بدون طيار؛ مِن أجلِ الحصول على معلومات استخباراتية”، وهو ما ارتد عكسيًّا على جبهة العدوّ من خلال إسقاط ذلك العدد غير المسبوق من طائرات (إم كيو-9).

ويشير ذلك إلى أن القوات المسلحة اليمنية قد تمكّنت من فرض إيقاعها على المعركة بشكل كبير وواسع إلى حَــدّ أنها حصرت خيارات العدوّ على وسائل وأدوات معينة تستطيع التعامل معها؛ وهو ما جعل التحالف الأمريكي البريطاني يبدو فاقدًا لزمام الأمور بشكل كامل.

واعتبر التقرير أن تأثير سلسلة العمليات الناجحة للقوات المسلحة اليمنية ضد طائرات (إم كيو-9) الأمريكية يمتد إلى ما هو أبعد من الظروف الزمانية والمكانية لمعركة إسناد غزة؛ لأَنَّه يجعل التقنيات الأمريكية مكشوفة أمام خصومها الآخرين في المنطقة والعالم، مُشيرًا إلى أن إسقاط هذه الطائرات قد يوفر لليمن معلومات حساسة يمكن مشاركتها مع أُولئك الخصوم؛ مِن أجلِ تعزيز جهود التفوق على التقنيات العسكرية الأمريكية في أي صراع قادم.

وقال التقرير: إن القوات المسلحة اليمنية “أثبتت قدرتها على إضعاف التفوق القتالي للولايات المتحدة جزئيًّا، وإضعاف التفوق الجوي الأمريكي، وكشفت نقاط ضعف كبيرة في طبقات الدفاع لطائرة (إم كيو-9)، وقد يسعى خصوم واشنطن إلى الاستفادة من هذه الثغرات لتعزيز مصالحهم الاستراتيجية”.

واقترح التقرير أن تقوم الولايات المتحدة “باستغلال الهدوء الحالي لتعديل استراتيجية نشر الطائرات بدون طيار”.

ويوسع هذا الاقتراح مفاعيل الهزيمة التاريخية للولايات المتحدة أمام اليمن في معركة الفتح الموعود، حَيثُ تسببت العمليات البحرية اليمنية بإجبار الجيش الأمريكي على إجراء تعديلات واسعة (وغير مجدية حتى الآن) على المستوى التكتيكي والفني والتقني فيما يتعلق بالسفن الحربية، والآن يبدو أن واشنطن تقف أَيْـضًا أمام ضرورة إجراء تعديلات مماثلة فيما يتعلق بأسطول الطائرات بدون طيار، وقد يمتد ذلك أَيْـضًا إلى الطائرات المقاتلة المأهولة، خُصُوصًا بعد التصريحات الأخيرة التي كشف فيها مسؤولون أمريكيون عن إطلاق صواريخ دفاعية يمنية ضد مقاتلة (إف-16) أمريكية فوق السواحل اليمنية للمرة الأولى، معتبرين ذلك إشارةً على تطوير قدرات الدفاع الجوي اليمني.

ويمثل تسليط الضوء على دلالات إسقاط طائرات (إم كيو-9) الأمريكية في اليمن انهيارًا لسياسة التكتم التي اعتمد عليها الجيش الأمريكي طيلة أكثر من عام إزاء هذا المسار من المعركة، حَيثُ كان البنتاغون يلجأ مضطرًا في بعض الحالات إلى الاعتراف بإسقاط بعض هذه الطائرات بدون أن يحدّد موقع الإسقاط، ويرفض تقديم أي تفاصيل عن تلك العمليات، ويقوم بالتشكيك في إحصائيات القوات المسلحة اليمنية حول عدد طائرات (إم كيو-9) التي تم إسقاطها، وهي سياسة كان دافعها الأَسَاسي هو العجز عن الخروج بأية رواية أُخرى تخفف من وقع السقوط المدوي لتقنية هذه الطائرات التي تعتبر من مفاخر سلاح الجو الأمريكي، كما هو الحالُ مع عمليات استهداف حاملات الطائرات التي حاول الجيش الأمريكي إنكارها جملة وتفصيلًا، لكن حقائقها ظهرت لاحقًا باعترافات مباشرة وغير مباشرة؛ الأمر الذي يؤكّـد أن الهزيمة الأمريكية أمام اليمن لم تقتصر على الجانب العملياتي والتكتيكي في الميدان، بل شملت حتى ميدان “السردية” الإعلامية.

المسيرة نت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة الطائرات بدون طیار الولایات المتحدة هذه الطائرات إم کیو 9 إلى أن

إقرأ أيضاً:

غياب الإعتراف الرسمي يعرقل انتشار كرة القدم الأمريكية بالمغرب

زنقة 20 ا الرباط

تشهد رياضة كرة القدم الأمريكية في المغرب انتشارًا متزايدًا، خاصة بين الشباب في مدن مثل الرباط، الدار البيضاء، فاس، سلا، تيفلت والخميسات، حيث تأسست عدة فرق محلية ومبادرات تهدف إلى نشر هذه الرياضة وتأطير ممارسيها.

ورغم هذه الدينامية، تعاني الرياضة من غياب إطار تنظيمي رسمي معترف به من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أو اللجنة الأولمبية الوطنية، مما يشكل عقبة رئيسية أمام تطورها.

وفي محاولة لتجاوز هذه العراقيل، أسس عدد من الفاعلين الرياضيين “الجامعة المغربية لكرة القدم الأمريكية” كهيئة تطوعية لتنظيم المباريات وتكوين اللاعبين والمدربين، وتمثيل المغرب في المحافل القارية والدولية. غير أن غياب الاعتراف الرسمي يحرم هذه الرياضة من الدعم العمومي اللازم، ويقيد إمكانية الاستفادة من البنيات التحتية والملاعب، كما يصعّب إبرام شراكات محلية ودولية.

ويواجه هذا النشاط الرياضي كذلك تحديات مالية، بالإضافة إلى نقص التوعية الإعلامية والمدرسية التي من شأنها تعزيز دوره كرافعة اجتماعية ورياضية للشباب.

في هذا الإطار، وجه الفريق الحركي، عبر النائبة فدوى محسن الحياني، سؤالًا كتابيًا إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة يطالب فيه بالاعتراف الرسمي برياضة كرة القدم الأمريكية، وضمان الدعم اللازم من خلال توفير البنيات التحتية، وتنظيم التأطير الرياضي، وإدماجها ضمن البرامج الرياضية الوطنية.

وأكد الفريق الحركي أنه يتجنب الخوض في المشاكل السياسية والاجتماعية، ويركز جهوده على دعم هذه الرياضة الناشئة التي تفتح آفاقًا جديدة أمام الشباب المغربي، مؤكدًا أن تعزيز الرياضات الجديدة يساهم في تنويع المشهد الرياضي الوطني.

ويأمل الفريق في أن تستجيب الوزارة لهذه المطالب، بما يضمن تطوير كرة القدم الأمريكية وإدماجها كجزء فعال من السياسات الرياضية الوطنية.

مقالات مشابهة

  • السفير الأمريكي لدى الاحتلال : لا أمان لأحد من العمليات اليمنية
  • الاستخبارات الأمريكية تحذّر من دخول العالم إلى محرقة نووية
  • غياب الإعتراف الرسمي يعرقل انتشار كرة القدم الأمريكية بالمغرب
  • رصد حاملتي طائرات صينيتين للمرة الأولى في المحيط الهادئ
  • اليابان: رصد حاملتَي طائرات صينيتَين تنشطان لأول مرة في المحيط الهادئ
  • “مادلين».. سفينة الحرية التي كسرت حاجز الصمت وفضحت قرصنة الاحتلال
  • الطائرات المسيّرة: أداة للحرب النفسية في يد الجماعات المسلحة في أفريقيا
  • خسائر مؤلمة وثمن باهظ.. كواليس المواجهة الأمريكية - اليمنية في البحر الأحمر
  • حاملة طائرات صينية تدخل المياه الاقتصادية لليابان.. فكيف كان الرد؟
  • ميكانيكي طائرات يلجأ لمنصات التواصل الاجتماعي لجعل الطيران والحزن أقل رعبًا