روسيا تسعى للاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في سوريا
تاريخ النشر: 2nd, March 2025 GMT
على مدى سنوات كان جنود من قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا يتجولون بحرية في المدن الساحلية وكانت المقاتلات تنطلق منها لقصف جماعات من المعارضة المسلحة المناهضة للرئيس المخلوع بشار الأسد.
لكن الوضع لم يعد على تلك الحال بعد سقوط الأسد، إذ تحرس مجموعات صغيرة من القوات الأمنية السورية الجديدة مداخل حميميم وقاعدة طرطوس البحرية الروسية، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، على بعد نحو 60 كيلومترا إلى الجنوب.
وقال أفراد الحراسة لمراسلين من رويترز زاروا المنطقة الأسبوع الماضي إنهم يرافقون أي قوافل روسية تغامر بالخروج. وأضاف أحدهم بعد أن طلب عدم ذكر اسمه "يجب عليهم إخطارنا قبل
المغادرة".
ومصير القاعدتين، وهما عنصر رئيسي في نفوذ روسيا العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا، في يد الرئيس السوري أحمد الشرع.
يريد الشرع إعادة التفاوض على تأجير قاعدة طرطوس لمدة 49 عاما الذي تم في عهد الأسد، وعقد إيجار غير محدد المدة لقاعدة حميميم من أجل التوصل لاتفاق أفضل، لكنه لا يريد إقصاء موسكو كليا فيما يبدو.
وبدلا من ذلك، قد تبقى القاعدتان مقابل دعم دبلوماسي وتعويض مالي من روسيا التي لعبت دورا كبيرا في قطاعي الاقتصاد والدفاع في سوريا على مدى سبعة عقود قبل أن تتدخل لدعم بقاء الأسد في السلطة لسنوات.
إعلانفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي سقط الأسد وفر إلى روسيا من قاعدة حميميم. أما القيادة السورية الجديدة، فتتفاوض الآن مع موسكو.
وتحدثت رويترز من أجل هذه القصة إلى ثمانية مصادر سورية وروسية ودبلوماسية أبلغوها بتفاصيل لم تنشر من قبل عن أول اجتماع رفيع المستوى بين الشرع ومبعوث للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بما في ذلك مطالبات تتعلق بديون تصل قيمتها لمليارات الدولارات ومستقبل الأسد وإعادة أموال سورية يقال إنها في روسيا.
وطلبت المصادر عدم ذكر أسمائها ليتسنى لها التحدث عن مسائل حساسة.
ومن شأن وضع العداوة جانبا أن يفيد الطرفين. فعلى الرغم من تخفيف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لبعض العقوبات المفروضة على سوريا، تصعب القيود المتبقية القيام بأعمال تجارية مع البلد الذي مزقته وأفقرته الحرب وعدد سكانه نحو 23 مليون نسمة.
إن استعادة الإمدادات الروسية التقليدية من الأسلحة والوقود والقمح قد تكون بمثابة شريان حياة للبلاد. وقال دبلوماسي مقيم في دمشق لرويترز إن ذلك يجعل قادة البلاد على استعداد "لمد أيديهم بالسلام حتى لأعدائهم السابقين".
ترى آنا بورشفسكايا من معهد واشنطن أن "موسكو لا يزال لديها ما تقدمه لسوريا" وهي قوية ومتجذرة بصورة لا يمكن تجاهلها.
وقالت "روسيا تحتاج ببساطة حكومة في دمشق تضمن مصالحها وستكون مستعدة لعقد اتفاق معها".
وقال مصدر في وكالة إغاثة تابعة للأمم المتحدة إن روسيا لم تصدر أي حبوب إلى سوريا في عهد الإدارة الجديدة.
لم يقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكثير عن سوريا منذ أن تولى منصبه لكنه يسعى لإصلاح العلاقات مع موسكو. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه مع رحيل الأسد هناك فرصة سانحة أمام سوريا "كي لا تخضع بعد الآن لهيمنة إيرانية أو روسية تزعزع استقرارها".
إعلانلكن إسرائيل حليفة الولايات المتحدة تريد من روسيا البقاء كحائط صد للنفوذ التركي وفقا لما أوردته رويترز يوم الجمعة.
وقال مصدران لرويترز إن الشرع سعى في الاجتماع الذي عقد في 29 يناير/كانون الثاني في دمشق إلى إسقاط ديون روسية من عهد الأسد.
وقال وزير المالية السوري محمد أبازيد الشهر الماضي إن دمشق، التي لم تكن مثقلة بأي ديون أجنبية تقريبا قبل الحرب، مدينة حاليا بما بين 20 و23 مليار دولار من الديون الخارجية دون أن يحدد كم منها مستحق لروسيا.
وقال أحد المصادر إن مسؤولين سوريين أثاروا خلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات مع ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي مسألة أخرى مهمة، وهي عودة الأسد لسوريا لكن الحديث في الأمر كان فقط بصورة عامة مما يشير إلى أنها لن تمثل عقبة رئيسية في طريق إعادة بناء العلاقات.
وقال مصدر روسي كبير إن بلاده لن توافق على تسليم الأسد ولم يطلب منها ذلك.
وذكر دبلوماسي مقيم في سوريا مطلع على المحادثات أن الشرع حث أيضا بوغدانوف على إعادة أموال سورية تعتقد حكومته أن الأسد أودعها في موسكو لكن الوفد الروسي نفى وجود مثل تلك الأموال.
وفي بيان صدر بعد الاجتماع، قالت الحكومة السورية إن الشرع شدد على أن العلاقات الجديدة تتطلب معالجة الأخطاء السابقة وطالب بتعويضات عن التدمير الذي تسببت فيه روسيا. وقالت كل المصادر إن الاجتماع سار بشكل سلس نسبيا. ووصف الكرملين مكالمة هاتفية جرت بين الشرع وبوتين قبل أسبوعين بأنها بناءة.
ولدى سؤاله من رويترز يوم الثلاثاء عما إذا كانت المحادثات بين موسكو ودمشق عن مصير القاعدتين العسكريتين تحرز تقدما، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "مستمرون في تواصلنا مع السلطات السورية… لذلك دعونا نقول إن العملية جارية".
ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على طلب للحصول على تعقيب. قال سيرجي ماركوف، وهو مستشار سابق للكرملين، هذا الشهر إن الأمور تبدو جيدة بالنسبة لموسكو.
إعلانوكتب على تيليغرام "السلطات السورية الجديدة لا ترى روسيا دولة معادية. لكن على روسيا أن تفعل شيئا للحكومة السورية مقابل القاعدتين".
معضلة سورياوأقر الشرع في تصريحات سابقة بأن "هناك مصالح استراتيجية عميقة" بين سوريا وروسيا، التي زودت على مدى عقود الجيش السوري المنحل حاليا بالأسلحة ووفرت التمويل لمحطات طاقة وسدود وبنية تحتية رئيسية أخرى.
ومن جانبها، فإن موسكو عازمة على الحفاظ على قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر المتوسط في ظل وجود قوات أميركية في شمال شرق سوريا وقوات تركية في الشمال وقوات إسرائيلية في جنوب البلاد.
ومن شأن ذلك مساعدة موسكو على الاحتفاظ بتأثير سياسي وسط صراع دبلوماسي يهدف إلى كسب نفوذ في دمشق بعد سقوط الأسد.
والتقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره التركي في أنقرة يوم الاثنين. وقال مصدر تركي إن محادثاتهما شملت سوريا. ولم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب للتعليق.
وتريد دمشق تعويضات عن الدمار الذي خلفته الحرب. ووفقا للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، من المتوقع أن تبلغ تكاليف إعادة الإعمار 400 مليار دولار.
وقال مصدر مطلع على وجهة نظر روسيا في هذا الشأن إن من غير المرجح أن تقبل موسكو المسؤولية ولكنها ربما تقدم بدلا من ذلك مساعدات إنسانية.
وفي ديسمبر/ كانون الأول، عرض بوتين استخدام القاعدتين مركزين لتوصيل المساعدات الإنسانية للشعب السوري، وقال سفير موسكو لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن تحالف روسيا مع سوريا "ليس مرتبطا بأي نظام". وقال المصدر من وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة إنه لا علم لهم بأي مساعدات جرى نقلها من خلال القاعدتين.
ومصير الأسد وشركائه الذين فروا إلى موسكو مسألة حساسة. وقالت المصادر الروسية والدبلوماسية إن روسيا لا تزال تمانع في تسليم الأسد، وتصر في نفس الوقت على الاستمرار في تحالفاتها.
إعلانوقال المصدر الروسي الكبير "لا تتخلى روسيا عن الناس ببساطة لأن الرياح تغير اتجاهها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان وقال مصدر فی سوریا
إقرأ أيضاً:
210 مقاعد ونسبة 20% للمرأة.. سوريا تحدد موعد انتخابات مجلس الشعب
تسلم الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت 26 يوليو 2025، النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، إيذاناً بانطلاق مرحلة جديدة من العملية السياسية في البلاد، فيما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات تفاصيل التعديلات الجوهرية التي طالت النظام الانتخابي.
وأكد رئيس اللجنة، محمد طه الأحمد، في تصريحات لوكالة “سانا”، أن اللقاء الذي جمعه بالرئيس الشرع شهد عرضاً مفصلاً لأهم التعديلات، والتي جاءت ثمرة مشاورات واسعة مع مكونات المجتمع السوري.
وأوضح الأحمد أن أبرز ما تم إقراره هو زيادة عدد مقاعد مجلس الشعب من 150 إلى 210 مقاعد، سيتم تعيين 70 منها بقرار رئاسي، مع تعديل نسب التمثيل بين المحافظات وفقاً لبيانات الإحصاء السكاني لعام 2011.
وشدّد الرئيس الشرع خلال اللقاء، بحسب الأحمد، على ضرورة استبعاد كل من أيد “المجرمين” أو دعا إلى الطائفية أو التقسيم، مؤكداً أن العملية الانتخابية ستشمل جميع المحافظات السورية دون استثناء، رفضاً لأي محاولة لتقسيم البلاد، وتمسكاً بوحدة سوريا وسيادتها.
ووفق الجدول الزمني المبدئي، أوضح الأحمد أن توقيع المرسوم الخاص بالنظام الانتخابي سيعقبه أسبوع لاختيار اللجان الفرعية، ثم 15 يوماً لتشكيل الهيئة الناخبة، قبل فتح باب الترشح لمدة أسبوع، تليها مناظرات بين المرشحين وأعضاء اللجان. وتوقّع أن تُجرى الانتخابات بين 15 و20 سبتمبر المقبل، مع التأكيد على أن مشاركة المرأة في الهيئات الناخبة لن تقل عن 20%.
كما لفت المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات إلى أن النظام المطروح “ليس مثالياً، لكنه الأفضل في المرحلة الانتقالية”، مشيراً إلى أن وعي السوريين كفيل بإفشال أي محاولات للعودة إلى المحاصصة الطائفية أو المناطقية أو الدينية.
وفي بيان رسمي، شدّد مجلس الشعب السوري على دعمه الكامل لإرادة الشعب في بناء “سوريا الجديدة”، واصفاً يوم 8 ديسمبر 2024 بأنه كان “يوماً تاريخياً” في مسيرة البلاد، حيث قال فيه السوريون كلمتهم. وأضاف البيان: “نضع إمكاناتنا في خدمة الشعب نحو مستقبل مزدهر، تسيّده العدالة، وتحكمه إرادته الحرة”.
تأتي هذه التعديلات في سياق جهود أوسع لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتوسيع المشاركة الشعبية في صياغة مستقبل البلاد بعد سنوات من الحرب.