إعلان دستوري في سوريا.. لماذا وكيف؟
تاريخ النشر: 4th, March 2025 GMT
سوريا- تعيش سوريا فراغا دستوريا عقب الإعلان عن حل الدستور، الذي كان يسير البلاد قبل سقوط نظام بشار الأسد، في مؤتمر النصر الذي عقد بدمشق في 29 يناير/كانون الثاني 2025.
وكان الدستور السابق قد صدر بتاريخ 27 فبراير/شباط 2012 بعد اندلاع الثورة السورية والمطالبة بالإصلاحات، بتكليف لجنة من قبل بشار الأسد وإجراء استفتاء شعبي، ولكن المعارضة السورية دعت إلى مقاطعته.
يعد الدستور الناظم لعمل الدولة وتحديد الصلاحيات للسلطات، في حين أن الإعلان الدستوري يكون خلال مرحلة الانتقال السياسي للسلطة.
ووضح المحامي والخبير القانوني عبد الناصر حوشان للجزيرة نت الفرق بينهما كما يلي:
الدستور يكون دائما، و ينظم الحياة الدستورية في حالة الدولة المستقرة، بينما الإعلان الدستوري مؤقت ينظم المرحلة الانتقالية للوصول إلى الحالة الدستورية الدائمة. الدستور تكتبه لجنة منتخبة متعددة الاختصاصات واسعة الطيف المجتمعي، بينما الإعلان الدستوري تكتبه لجنة خبراء متخصصة. المضامين الدستورية في الدستور الدائم كثيرة وتفصيلية، بينما مضامين الإعلان الدستوري مقتضبة تنظم المرحلة الانتقالية. الدستور يخضع لاستفتاء الشعب، والإعلان الدستوري لا يحتاج ذلك. الإعلان الدستوري يمهد الأرضية الدستورية والقانونية وشرعنة الانتقال من المرحلة الانتقالية الى الحالة الدائمة. الإعلان الدستوري عبارة عن مجموعة من المواد القانونية لتنظيم الدولة في حالة سقوط الدستور، وهو عبارة عن دستور مختصر، مكون من عدد قليل من المواد، يسمح للسلطة الحاكمة بحكم البلاد بصورة قانونية، وإصدار قوانين تسهل أوجه الحياة في البلد حتى يتم صياغة دستور جديد يخضع لاستفتاء شعبي. إعلان
ما عمل لجنة الإعلان الدستوري؟
بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري، وبهدف بناء الإطار القانوني الناظم للمرحلة الانتقالية، التي يقودها الرئيس أحمد الشرع، صدر قرار رئاسي بتشكيل لجنة إعلان دستوري، مؤلفة من خبراء ودكاترة بالقانون الدولي، تتولى مهمة صياغة مسودة الإعلان الدستوري الذي ينظم المرحلة الانتقالية في الجمهورية العربية السورية.
وبدأت اللجنة عملها في مرحلة تبادل الرؤى بين أعضاء اللجنة والرئاسة السورية، للوصول إلى مسودة الإعلان من أجل رفعها إلى رئاسة الجمهورية.
وقال إسماعيل الخلفان أحد أعضاء اللجنة الدستورية إن "الأمر مستعجل ولا يحتمل التأخير أكثر، سنبدأ به فورا، ونأمل في صياغة إعلان دستوري يلبي طموحات السوريين في هذه المرحلة التاريخية".
يترقب السوريون الإعلان الدستوري، والأسس الدستورية التي ستعتمد عليها اللجنة للوصول إلى مسودة الإعلان، التي ستكون الناظمة لعمل الدولة والسلطات في المرحلة الانتقالية.
الخلفان قال إنه سيكون هناك اطّلاع على الدساتير السابقة، لا سيما دستور 1950، الذي يُوصف بأنه أفضل الدساتير التي مرت على سوريا، كما ستطلع اللجنة على بعض التجارب في دول واجهت ظروفا مشابهة، مثل التجربتين التونسية والعراقية.
وأشار عضو اللجنة المختصة إلى أن الإعلان الدستوري لن يكون مفصّلا، لأنه يخص المرحلة الانتقالية، لكنه في الوقت نفسه لن يكون مختصرا بشكل مُخلّ، مشيرا إلى وجود نقاط خلافية، مثل تحديد مدة المرحلة الانتقالية.
قال مصدر بلجنة الإعلان الدستوري في #سوريا إن الإعلان ليس بديلا عن الدستور الدائم، بل هو وثيقة قانونية لإدارة المرحلة الانتقالية ويستمد مشروعيته من مؤتمري الحوار الوطني والنصر#الجزيرة_سوريا #الأخبار pic.twitter.com/P7FULd2PTC
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) March 4, 2025
إعلانما المدة المتوقعة لإصدار الإعلان الدستوري؟
في ظل تسارع الأحداث الذي عاشته سوريا عقب سقوط النظام السابق عمدت إدارة العمليات العسكرية لإعطاء الصلاحيات لحكومة الإنقاذ السورية التي كانت متمركزة في الشمال السوري لتولي المرحلة الانتقالية، وتبع ذلك مؤتمر النصر وتعيين رئيس للجمهورية ومن ثم مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي نص بمخرجاته على ضرورة إصدار إعلان دستوري ينظم فترة الحكم الانتقالية ريثما تتم صياغة دستور للبلاد.
الخلفان أوضح أنه لا توجد مدة محددة للجدول الزمني لصياغة المسودة، لكن الأمر مستعجل، مشيرا إلى وجود لقاءات وتواصل مستمر بين أعضاء اللجنة، الذين لا يعملون بمعزل عن آراء السوريين، لا سيما الحقوقيين.
وأضاف "لا ينبغي أن يطول الأمر، ومن المتوقع الانتهاء من صياغة المسودة خلال أيام، وربما في غضون أسبوع كحد أقصى، ليتم بعدها رفعها إلى رئيس الجمهورية".
عاجل | مصادر للجزيرة:
- لجنة صياغة الدستور في #سوريا ستعمل على إصدار إعلان دستوري يضم ٤٨ مادة
- الإعلان الدستوري في #سوريا يشترط أن يكون رئيس الجمهورية مسلما
- رئيس الجمهورية يعين مجلس الشعب خلال ٦٠ يوما من تاريخ إصدار الإعلان الدستوري في #سوريا
- مجلس الشعب السوري سيضم ١٠٠ عضو… pic.twitter.com/0peJinLBrh
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) March 2, 2025
متى سيتم العمل بالإعلان الدستوري؟تعد الفترة المحصورة بين الإعلان عن حل الدستور وصياغة دستور جديد للبلاد في سوريا وإقراره باستفتاء شعبي، هي المرحلة التي يُعمل فيها بالإعلان الدستوري، لسد الفراغ الدستوري بأنظمة ومواد دستورية، ومن المتوقع أن يضم الإعلان الدستوري 48 مادة.
وبسبب ما مرت به سوريا من ظروف خلال فترة الحرب من تهجير وضياع في الثبوتيات للكثير من العوائل السورية على مدى 14 عاما، يعد القيام بعمليات انتخابية واستفتاءات شعبية غير سهل. بالإضافة إلى توزع السوريين في دول المهجر.
إعلانولفت المتخصص القانوني عبد الناصر حوشان، خلال حديثه للجزيرة نت، أن صلاحية مواد الإعلان الدستوري تبقى قائمة حتى الانتقال إلى الدولة المستقرة التي تقتضي كتابة وصياغة دستور دائم.
وأضاف أن الإعلان الدستوري مؤقت حيث ينتهي بانتهاء الفترة الانتقالية التي تطول وتقصر حسب أوضاع البلاد واستقرارها.
بدوره، أوضح الخلفان أن الإعلان الدستوري سيكون مؤقتا، وسيُعمل به خلال المرحلة الانتقالية، التي يُتوقع أن تستمر لعدة سنوات.
على مدى 14 عاما من الثورة السورية، وما عرفته من تضحيات الشعب السوري، وما أعقبها من حل للدستور والحزب الحاكم وأجهزة الجيش والأمن، انطلق البدء بإعادة بناء مؤسسات الدولة، والسعي لوجود أنظمة ضابطة وحاكمة لها بما يحقق الحقوق والحريات، ويضمن العدالة الانتقالية.
ولأجل صياغة دستور جديد للبلاد ينهي سلطة الحاكم والحزب الواحد، لا بد من وجود أسس ناظمة خلال المرحلة الانتقالية تقوم مقام الدستور تتمثل في إعلان دستوري مؤقت.
الخلفان أكد أن الإعلان الدستوري سيركّز على المبادئ الأساسية المتعلقة بنظام الجمهورية، وحقوق المواطنين وحرياتهم، إلى جانب تنظيم عمل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وأضاف أن اللجنة ستكشف عن المسودة خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفا أن الإعلان الدستوري المرتقب سيكون على مستوى طموحات السوريين.
اثنان منها في عهد نظام الأسد.. تعرف إلى أبرز دساتير #سوريا خلال 100 عام#ألبوم pic.twitter.com/iEad9KKzVh
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) March 4, 2025
ما الدساتير التي أقرتها سوريا؟عرفت الدولة السورية، منذ أن أنشئت بمفهومها الحديث، 5 نسخ من الدستور:
إعلان دستور المملكة السورية العربية عام 1920 والذي جاء عقب الثورة العربية الكبرى، حين حكمها الملك فيصل بن الشريف حسين وكتب أول دساتيرها. دستور دولة سوريا عام 1928 في ظل الاحتلال الفرنسي، و تعديله عام 1930. دستور الاستقلال عام 1950 والذي يعد أول دستور مدني. دستور الحزب القائد في 1973 بعد وصول حافظ الأسد إلى السلطة. دستور عام 2012 والذي جاء بعد اندلاع الثورة السورية وتغير الدستور بعد المطالبة بالإصلاحات.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
سوريا الانتقالية.. مكاسب دبلوماسية في الخارج وتحديات كبيرة في الداخل
رغم مظاهر الاحتفال التي ملأت شوارع عدة مناطق سورية في الذكرى السنوية لسقوط النظام، وفيما تواصل الحكومة الانتقالية حصد المكاسب الدبلوماسية على الساحة الدولية، يبقى الداخل السوري مسرحًا لتوترات متصاعدة ودوائر عنف قديمة تستعيد حضورها، مهددةً محاولات إعادة بناء الدولة.
بعد عام على سقوط الأسد، تمكّنت الحكومة السورية الانتقالية من إعادة دمج البلاد في المشهد الدولي بوتيرة أسرع من توقعات أكثر داعميها حماسة. وبدت الحملة الدبلوماسية التي قادها الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لافتة، خصوصًا أنه كان قياديًا جهاديًا سابقًا: بناء علاقة مباشرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تخفيف العقوبات الأمريكية على سوريا، وحضور مكثّف في المؤتمرات الدولية.
وقد ولّدت مشاهد لقاءات الشرع مع ترامب وعودة سوريا إلى المنصات العالمية شعورًا جديدًا بالفخر لدى شريحة واسعة من السوريين. ولكن داخل البلاد، تتصاعد التوترات بفعل تعثّر العدالة الانتقالية، ما أعاد فتح الباب لدورات جديدة من العنف تهدد ما تحقق من استقرار هش.
يروي أيمن علي لصحيفة "الغارديان" البريطانية حكايته مع "الثورة السورية" من خلال جسده. إصاباته الممتدة على أكثر من عقد تلخّص فصولًا من حياته: عينه اليمنى فقدها في هجوم عام 2012، وإصابته الدائمة في ساقه نتيجة هجوم صاروخي عام 2014، وعصا لا تفارقه.
أربعة عشر عامًا حلم خلالها بالحرية والعدالة. وبعد عام على الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، نال نصف الحلم: عاد إلى دمشق حُرًّا، لكنه لم يجد العدالة التي انتظرها، فالشخص الذي حلم بمحاسبته – فرد من عائلته كان منتمياً لنظام الأسد – غادر البلاد قبل عودة علي.
يقول علي: "نحن نعرف من ارتكب المجازر ضدنا. ما زالوا موجودين في منازلنا، لكن لتقديم شكوى تحتاج أدلة، ومن يمتلك تلك الأدلة؟".
في آذار/ مارس، شهد الساحل السوري أربعة أيام من المجازر ارتكبتها، بحسب عدة تقارير، قوات حكومية وفصائل مسلّحة بحق مدنيين معظمهم من العلويين، ما جعل أفراد هذه الأقلية يشعرون بأنهم محاصرون.
وفي تموز/ يوليو، أقدم عناصر من قوات الأمن الحكومية ومجموعات عشائرية على قتل مدنيين دروز في السويداء، ما عمّق المخاوف لدى الأقليات الدينية والعرقية. ومنذ تلك الأحداث، أصبحت السويداء شبه معزولة، وأبدى سكانها تشددًا أكبر تجاه دمشق.
وفي حمص، شهد أواخر تشرين الأول/ أكتوبر حادثة هزّت المدينة: مهاجمون قفزوا فوق سور منزل ريهام حمّوية، المعلمة العلوية البالغة 32 عامًا، وألقوا قنبلة داخل الحديقة، فقتلوها أمام طفليها. وكانت حمّوية قد تعرّضت لمضايقات متكررة منذ اعتقال زوجها، الميكانيكي السابق في جيش الأسد، قبل شهرين.
Related عام على السقوط: الشرع بالزيّ العسكري وهدية من بن سلمان.. ماذا عن ساعات الأسد الأخيرة؟عودة النازحين السوريين بعد عام على سقوط الأسد: الفرحة لا تُخفي مرارة الواقعتحولات ما بعد سقوط الأسد.. مفوضية اللاجئين تكشف لـ"يورونيوز" تغيرًا واضحًا في رغبة السوريين بالعودةيقول والد زوجها، محمد عيسى حميدوش (63 عامًا)، لصحيفة "الغارديان": "لا أحد مرتاح، كلنا مرهقون. زوجتي انهارت، ولم تعد تفتح الباب".
واغتيال حمّوية كان حلقة ضمن سلسلة من الاغتيالات التي تستهدف ضباطًا سابقين وأفرادًا من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، وبحسب الصحيفة، تجري هذه الاغتيالات بشكل شبه يومي في مدينة حمص متعددة الطوائف، رغم العفو العام الذي أصدرته السلطات الانتقالية بحق الأشخاص غير المتورطين بسفك الدماء.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة