في مشهد سياسي يزداد تعقيداً، تتكشف الحقائق بوضوح أمام الشعوب العربية، حيث لم تعد الشعارات الرنانة تخفي الأجندات الحقيقية للنظام الإيراني واذرعه في المنطقة، تحت شعار المقاومة والقضية الفلسطينية، والتي لطالما كانت رمزاً لنضال الشعوب العربية، تحولت إلى أداة توظّف لتحقيق مصالح توسعية لا تمت بصلة لنصرة الشعب الفلسطيني، ولذا يبرز التساؤل الجوهري: هل كانت عواصم العرب بحاج إلى الدمار والانقسام لترفع راية فلسطين، أم أن المتاجرة بالقضية كانت مجرد غطاءٍ لمشاريع أخرى، وما الذي تحقق لفلسطين وشعبها من الشعار المرفوع باسمها؟!

في خضم الصراعات والتطورات التي تشهدها المنطقة، بات واضحاً أن قوى المحور الإيراني تستخدم القضية الفلسطينية كذريعة لتحقيق أجنداتها التوسعية، دون أن يكون لهذا أي علاقة فعلية بنصرة الشعب الفلسطيني.

لقد أصبحت الشعارات الفضفاضة، حتى وإن أُلبست مساحيق سياسية، وسيلة للمتاجرة بالقضية الفلسطينية، إلا أن شعوب منطقة الشرق الأوسط وقياداتها الوطنية لم تعد تنطلي عليها هذه الادعاءات، لا سيما في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث استُهدفت أنظمتها بمنهجية مقيتة، حتى باتت شعوبها تقدم التضحيات على مذبح المشروع الطائفي.

دمار بيروت وخراب دمشق

يؤكد هذا الطرح الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً، جوزيف عون، في تصريح له خلال القمة العربية الطارئة التي عُقدت في القاهرة لمناقشة التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، حيث قال: "دمار بيروت وخراب دمشق وعدم استقرار صنعاء ليس نصرة لفلسطين."

وأضاف عون، الذي تنفست بلاده الصعداء بعد عقود من الطائفية التي قادها "حزب الله"، الذراع الإيرانية في لبنان، تحت مزاعم دعم القضية الفلسطينية: "حين تحتل بيروت أو تُدمر دمشق أو تُهدَّد عمَّان أو تئن بغداد أو تسقط صنعاء، فمن المستحيل أن يدّعي أحد أن ذلك لنصرة فلسطين."

ورغم أن هذه الصحوة جاءت متأخرة، فإنها شكّلت طوق نجاة لبعض الدول، وعلى رأسها لبنان وسوريا، اللتين تمكنتا من استعادة جزء من سيادتهما، بعد أن كانت عاصمتهما من بين أربع عواصم أعلنت طهران سابقاً أنها ضمن نفوذها.

تُعدّ التجربتان اللبنانية والسورية نموذجاً يُحتّم على بقية الدول التي ترزح تحت وطأة المشروع الإيراني، لا سيما في اليمن والعراق، أن تتحمل مسؤولياتها للخلاص من هذا النفوذ الذي يتدثر بشعار "المقاومة".

المتاجرة بالقضية الفلسطينية

في هذا السياق، يقول مراقبون لوكالة "خبر" إن إيران، التي قدمت نفسها كـ"حامي المقاومة"، لم تكتفِ برفع شعارات دعم القضية الفلسطينية، بل استغلت هذا العنوان لبسط نفوذها الإقليمي عبر أدواتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث دعمت مليشيا مسلحة دمرت البنية الاجتماعية والسياسية لهذه الدول.

ويشير المراقبون إلى أن "حزب الله" في لبنان أحكم قبضته على القرار السياسي والاقتصادي، مما أدى إلى انهيار الدولة، في حين أنه لم يطلق إلا نادراً صواريخ باتجاه إسرائيل، مقارنة بعملياته الداخلية ضد خصومه السياسيين.

أما في العراق، فقد تحولت الفصائل المدعومة إيرانياً إلى قوة فوق الدولة، تتحكم في المشهد الأمني والاقتصادي، وتغتال المعارضين، وتفرض أجندتها بالقوة، بينما يعاني الشعب العراقي من الفساد والانهيار الاقتصادي.

وعلى الرغم من أن هذه الفصائل ترفع شعار "تحرير القدس"، فإنها لم تقدم أي دعم عملي للفلسطينيين، بل انخرطت في عمليات قمع وتصفية داخلية تخدم المصالح الإيرانية.

وفي اليمن، استغلت مليشيا الحوثي الدعم الإيراني لشن حرب دموية، أدت إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بينما تستمر في رفع شعار "الموت لأميركا وإسرائيل"، في الوقت الذي لم تحقق هجماتها العسكرية في البحر الأحمر أي نتائج فعلية ضد القطع العسكرية البحرية التابعة الولايات المتحدة والمنتشرة في البحر، باستثناء مضاعفة الأعباء الاقتصادية على الدول المشاطئة.

ويرى المراقبون أن هذه المليشيا لم توجه أي تصعيد مباشر نحو إسرائيل إلا في إطار الدعاية السياسية، وتعزيز قدراتها العسكرية بتلقبها دعم سري من إيران وروسيا، في حين انصب تركيزها الأساسي على السيطرة على اليمن وتدمير نسيجه الاجتماعي.

إضعاف الدول العربية

يتفق المراقبون، على أن هذا النهج يُظهر أن إيران لم تكن معنية يوماً بتحرير فلسطين، بقدر ما سعت إلى استغلال القضية لشرعنة تدخلاتها في الدول العربية، وكانت النتيجة كارثية، حينما خلّفت وراءها عواصم عربية مدمرة، وشعوب ممزقة، ومجتمعات غارقة في الفوضى، بينما تُستخدم القضية الفلسطينية كأداة سياسية لكسب الشرعية وخلط الأوراق في المنطقة.

ويجددوا تأكيدهم بأن المتاجرة بالقضية الفلسطينية باتت مكشوفة، فليس من المنطق أن تُدمر العواصم العربية وتُقوَّض سيادة الدول بحجة مواجهة إسرائيل، حتى وأن كان الهدف المعلن هو "نصرة فلسطين"، إلا ان الواقع يُظهر أن الشعوب العربية هي التي دفعت الثمن الأكبر لهذه المشاريع، بينما بقي الفلسطينيون وحدهم في الميدان، يكافحون دون أن يصلهم سوى خطابات جوفاء لا تُغنيهم عن شيء.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

أبرزها البوزلوف والمجدرة .. أشهر أكلات عيد الأضحى في الدول العربية

عيد الأضحى المبارك من أهم المناسبات الدينية والاجتماعية التي تجمع العائلات في العالم العربي حول موائد عامرة بأشهى الأطباق التقليدية، وبينما يتوحّد المسلمون في أداء شعائر الأضحية، تتنوّع العادات الغذائية من دولة إلى أخرى، بما يعكس التراث الثقافي والمذاق المحلي لكل دولة، وسنستعرض خلال السكور التالية أبرز الأكلات التي تُحضّر خصيصاً خلال أيام عيد الأضحى في عدد من الدول العربية.

بعد إطلاقها في مصر.. مميزات خدمات الجيل الخامس (5G) والفرق بينها وبين 4Gمرض الانسداد الرئوي: الأسباب والأعراض وطرق العلاجفي عصر الذكاء الاصطناعي.. رسائل تهنئة بعيد الأضحى 2025مصر: الفتة وسيدة الموائد

في مصر، تُعد "الفتة" الطبق الأبرز على مائدة عيد الأضحى، وتتكوّن من أرز وخبز محمص مغموس بمرق اللحم، وتُغمر بصلصة الطماطم الغنية، إلى جانبها، تُقدم "الكوارع" وهي أرجل الأبقار أو الأغنام المطهية ببطء حتى تصبح طرية وغنية بالنكهات. كما تتفنن الأسر المصرية في إعداد أصناف مختلفة من "المحاشي" مثل الكوسا، الباذنجان، وورق العنب المحشوة بالأرز واللحم.

السعودية: الكبسة والمندي ونكهات الصحراء

تتميّز المملكة العربية السعودية بتنوّع أطباقها في العيد، وعلى رأسها "المندي"، الذي يُطهى فيه اللحم والأرز داخل حفرة في الأرض، ما يمنحه نكهة مدخنة مميزة، كما تحضر "الكبسة" كطبق رئيسي، وهي أرز متبّل يُقدّم مع اللحم أو الدجاج ويزيّن بالمكسرات، ومن الأطباق الشهيرة أيضاً "المظبي" و"حميس اللحم"، بالإضافة إلى "المرقوق" الذي يُعد من الدقيق المعجون مع اللحم والخضروات، ويقدّم مع الخبز أو الأرز.

لبنان: نكهات شامية أصيلة

يُقبل اللبنانيون في عيد الأضحى على تحضير أطباق غنية بنكهات الشام مثل "المجدّرة"، وهي مزيج من العدس والأرز والبصل المقلي، وكذلك "الكبة" المقلية أو المشوية المحشوة باللحم والبرغل، ولا تكتمل المائدة دون المشاوي المتنوعة، مثل الكباب وشيش طاووق، التي تُطهى على الفحم.

اليمن: بهارات قوية وأصالة جنوبية

في اليمن، يحضر "المندي" بنكهات تختلف قليلاً عن نظيره السعودي، ويُضاف إليه لمسات يمنية خاصة من البهارات، أما "الفحسة"، فهي طبق شعبي يُطهى فيه اللحم مع بهارات حارة وصلصة الطماطم، ويُقدّم غالباً في الأعياد والمناسبات.

الجزائر: الكبدة والعصبان وأكلات تقليدية

يتميّز المطبخ الجزائري في العيد بتحضير طبق "البوزلوف"، وهو رأس الخروف يُحمّر ويُتبّل بتوابل محلية، أما "الملفوف"، فهو الكبدة تُشوى نصف استواء، ثم تُقطّع وتُلف بالشحم وتُشوى مجدداً، وتُعد "العصبان" من أبرز الأطباق، وهي أحشاء الذبيحة محشوة بالأرز والبهارات وتُخاط ثم تُطهى في مرق غني بالحمص.

تونس: العصبان بنكهات مغاربية

يشترك المطبخ التونسي مع الجزائري في تقديم "العصبان"، ويُعرف أيضاً في بعض الدول العربية باسم "الممبار"، يتكوّن من الأمعاء المحشوة بخليط من الأرز والكبد والبهارات، ويُطهى بطريقة تقليدية تضفي عليه طابعاً مميزاً.

الإمارات: الهريس والثريد وأصالة الضيافة

تحضر المائدة الإماراتية أطباقاً عريقة في عيد الأضحى مثل "الهريس"، وهو مزيج من اللحم والقمح يُطهى لساعات طويلة حتى يذوب القمح تماماً، أما "الثريد"، فهو طبق تقليدي يتكوّن من خبز مفتّت يُغمر باللحم والمرق، ويُعد من أقدم الأطباق في المنطقة، بالإضافة إلى "المندي" الذي يحظى بشعبية واسعة.

سوريا: فتة اللحمة والشاكرية

يفتتح السوريون يومهم في العيد بـ"فتة اللحمة" على الإفطار، فيما يُقدّم على الغداء طبق "الشاكرية"، وهو مزيج من اللحم المطهو باللبن والنشاء، ويُقدّم مع الأرز، وتشمل المائدة أيضاً أطباق "التسقية" والفتة السورية التقليدية.

فلسطين والأردن: تشابه في الأطباق وتنوع في النكهات

تتشابه الأكلات المقدمة في عيد الأضحى بين فلسطين والأردن، إذ تُحضّر الكبدة الضاني المحشوة بالبقدونس والثوم، وتُقطع شرائح وتُطهى في الفرن، كما تُقدّم المشاوي بتتبيلات مميزة تعكس النكهات الشرقية الأصيلة.

المغرب: البولفاف والكسكسي التقليدي

في المغرب، يُعد طبق "البولفاف" هو نجم العيد، ويتكوّن من كبد الخروف الملفوف بشرائح اللحم المشوي، ويُقدّم إلى جانب "الكسكسي المغربي" الذي يُحضّر بمكونات غنية مثل الخضروات واللحم والحمص.

البحرين: الأرز المكلف بنكهات فاخرة

في البحرين، يتميز طبق "الأرز باللحم" بتفرده في أيام العيد، ويُعرف باسم "مكلف"، أي غني بالمكونات مثل الحبهان، الزعفران، المكسرات، الليمون الأسود، والزبيب، وفي بعض الأحيان يُطهى اللحم على الفحم لإضفاء نكهة مميزة.

عُمان: المقلاي والقديد من التراث العريق

تحضر الأسر العمانية في عيد الأضحى طبق "المقلاي"، المصنوع من كبد الغنم واللحم والبهارات المحلية، كما يُحضّر "القديد"، وهو اللحم المُجفف والمُتبل، ويُخزّن لاستخدامه لاحقًا، ويُعد "الشواء" العماني أيضاً من الطقوس الأساسية في العيد.

طباعة شارك عيد الأضحى عيد الأضحى المبارك أكلات عيد الأضحى أشهر أكلات عيد الأضحى أشهر أكلات عيد الأضحى المبارك

مقالات مشابهة

  • الدويري: المقاومة بغزة تقود حرب استنزاف تختلف عن تلك التي قادتها الجيوش العربية
  • الدول العربية الأعلى من حيث نسبة الدين للعام 2025 (إنفوغراف)
  • كيف تستعد الدول العربية لغزو سوق الطاقة النووية؟
  • فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها الفلسطينية
  • ما هي الشبكات التي تحكم كوكبنا حقا؟
  • ما حقيقة ملفات إبشتاين التي فجّرت الخلاف بين ماسك والرئيس ترامب؟
  • تفاوت أسعار الأضاحي في الدول العربية
  • «الخارجية الفلسطينية» ترحب برفع عضوية فلسطين إلى «دولة مراقب» في منظمة العمل الدولية
  • وزير الخارجية الفرنسي: سنعترف بالدولة الفلسطينية بمؤتمر نيويورك القادم
  • أبرزها البوزلوف والمجدرة .. أشهر أكلات عيد الأضحى في الدول العربية