التصنيفات لا تهزم الشعوب.. الإرهاب في غزو الدول لا مقاومة المحتلين
تاريخ النشر: 6th, March 2025 GMT
يمانيون../
لطالما كانت الولايات المتحدة تستخدم التصنيفات وسيلة لتعزيز هيمنتها، لكن الواقع تغير اليوم، حيث أصبحت الشعوب أكثر وعياً وقوة في مقاومة هذه الضغوط.
ويعد اليمن مثالاً حياً على هذا التحول، إذ أن تصنيف صنعاء منظمة إرهابية يعكس، في الحقيقة، اعترافاً أمريكياً بعجز الولايات المتحدة عن فرض السيطرة، بعد فشلها على الأصعدة العسكرية والاقتصادية.
هذا التصنيف لن يؤثر على صنعاء، بل يعزز صمودها، ويجعلها رقماً صعباً في المنطقة، وفي حين تراهن أمريكا على عزل القوى التي تعارضها، تجد نفسها في كل مرة أمام واقع جديد يعيد تعريف النفوذ والمقاومة.
يقدم اليمن اليوم نموذجاً لهذه المقاومة، فبعد أن أعلنت أمريكا تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية في 2021، كان القرار بمثابة اعتراف بالعجز الأمريكي أمام إرادة الشعب اليمني، والتصنيف جاء نتيجة اخفاق واشنطن في السيطرة على الوضع في المنطقة.
ففي حين كان هذا التصنيف في الظاهر محاولة أمريكية للضغط على صنعاء، إلا أنه في الواقع لم يكن سوى إعلاناً عن ضعف، فالولايات المتحدة على مدى سنوات حاولت فرض هيمنتها على اليمن عبر أدوات عسكرية واقتصادية، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، فكان التصنيف سلاحاً أخيراً في معركة خاسرة.
ليس من المستغرب أن تتحول الأنظمة التي لا تتوافق مع السياسات الأمريكية إلى أهداف على قوائم الإرهاب، فواشنطن لطالما استخدمت هذا التكتيك مع الدول والحركات التي تحد من نفوذها، ومع ذلك يظل هذا التصنيف فارغ المضمون في حالة اليمن، الذي لا يعتمد على النظام المالي الغربي ولا يلتزم بالقوانين الأمريكية التي تستخدمها كأدوات للضغط.
التصنيف الأمريكي ليس له أثر كبير على الأرض، لأن صنعاء لم تعد بحاجة للاعتراف الأمريكي، والحصار والعقوبات لم تمنع اليمن من الاستمرار في مساره الثابت، بل إن مثل هذه القرارات قد تصبح دافعاً إضافياً لدفع المزيد من الشعوب للالتحاق بمسار المقاومة.
وبالنظر إلى تاريخ هذه التصنيفات، نجد أن الولايات المتحدة قد تصدرت هذه اللعبة السياسية مرات عدة، ففي 19 يناير 2021 تم تصنيف أنصار الله لأول مرة منظمة إرهابية، في خطوة وصفها المراقبون بأنها نتيجة عجز أمريكي عن التأثير في المشهد اليمني، ومع العودة في 2025 لهذا التصنيف، تظهر الولايات المتحدة في موقف أضعف.
في الوقت نفسه، أبدى المحللون السياسيون سخريتهم من هذا التصنيف، معتبرين أنه ليس أكثر من محاولة يائسة لاحتواء حركة بدأت تفرض نفسها كقوة إقليمية، ورأوا أن التصنيف لن يغير الواقع السياسي في اليمن، بل سيزيد من مقاومة الشعب اليمني الذي أظهر صموداً غير مسبوقاً.
المحللون أضافوا أن هذا التصنيف ستكون له عواقب وخيمة على المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، فالتصعيد المحتمل في البحر الأحمر، قد يشكل تهديداً للولايات المتحدة والكيان الصهيوني على حد سواء، حيث سيعزز التصنيف من مكانة أنصار الله ويجعل الدعم الشعبي لهم أكثر قوة.
الولايات المتحدة لم تقدم مبررات منطقية للتصنيف، سوى أن أنصار الله يستهدفون السفن الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر، ولكن إذا كان هذا هو معيار الإرهاب، فلماذا لا تُدرج اسرائيل ضمن قائمة الإرهاب، وهي التي ترتكب المجازر بحق الفلسطينيين يومياً.
التصنيف الأمريكي يظهر بشكل واضح كيف تتعامل واشنطن مع الحركات التي تؤثر على مصالحها، ففي الوقت الذي تكون فيه هذه الحركات ضعيفة تتجاهلها أو تحاول احتواءها، ولكن عندما تصبح قوة إقليمية فاعلة، تتحول فجأة إلى إرهابية، لكن على الأرض لا يبدو أن القرار سيُحدث تغييراً حقيقياً.
فبعد سنوات من الحصار والعدوان، أثبتت صنعاء أنها قادرة على الصمود والتكيف مع كل التحديات، هذا الصمود المستمر أصبح نموذجاً يُحتذى به، وأصبح التصنيف الأمريكي بمثابة دليل على فشل واشنطن في التأثير على إرادة الشعب اليمني.
وهذا ما أشار إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، معتبراً القرار دليلاً على عجز الولايات المتحدة في التأثير على اليمن وشعبه، وجزءاً من سياسة التخبط الأمريكية في المنطقة، مبيناً أنه لن يغير من عزيمة الشعب اليمني، بل سيكون دافعاً لمواصلة المقاومة بكل قوة.
ويؤكد مراقبون أن أمريكا إذا كانت تراهن على أن هذا التصنيف سيؤدي إلى عزل صنعاء أو إضعافها، فرهانها خاطئ لأن التاريخ أثبت أن القوى التي تصنفها واشنطن اليوم تصبح غداً جزءاً من معادلات لا تستطيع تجاوزها، وما يحدث في اليمن ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل تحول استراتيجي يعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة.
في نهاية المطاف، لم تعد الهيمنة الأمريكية تُفرض عبر القرارات، ولم يعد التصنيف بالإرهاب سلاحاً قادراً على تغيير الواقع، واليمن بصموده وقوته، لا يكسر فقط هذا التصنيف، بل يكسر القاموس الأمريكي كله، ليعيد تعريف من هو الإرهابي، ومن هو المقاوم، ومن يحق له أن يحدد مصير الشعوب.
سبأ: جميل القشم
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشعب الیمنی هذا التصنیف فی المنطقة أنصار الله
إقرأ أيضاً:
حظر السفر الأمريكي على مواطني 12 دولة.. كيف سيؤثر على كأس العالم 2026؟
في الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن كأس العالم 2026 وأولمبياد لوس أنجلوس 2028 من أبرز الأحداث التي يتطلع إليها خلال ولايته الثانية، تلوح في الأفق تساؤلات كبيرة بشأن سياسات التأشيرات الأميركية، خاصة بعد قراره الأخير بفرض حظر سفر على مواطني 12 دولة. اعلان
القرار أثار مخاوف حقيقية حول مدى تأثير هذه الإجراءات على استضافة الولايات المتحدة لأهم حدثين رياضيين عالميين، في ظل اعتماد البطولات الكبرى على انفتاح الدولة المضيفة لاستقبال الرياضيين والجماهير من مختلف أنحاء العالم.
يدخل قرار ترامب حيّز التنفيذ منتصف ليلة الأحد، ويقضي بمنع دخول مواطني كل من: أفغانستان، ميانمار، تشاد، جمهورية الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، هايتي، إيران، ليبيا، الصومال، السودان، واليمن، مع فرض قيود إضافية على القادمين من بوروندي، كوبا، لاوس، سيراليون، توغو، تركمانستان، وفنزويلا.
وبرر ترامب قراره بأن بعض هذه الدول تفتقر إلى آليات فحص وتدقيق فعّالة، أو ترفض استقبال مواطنيها المُرحلين من الولايات المتحدة.
Relatedقرار جديد من ترامب يقيّد السفر إلى 19 دولة.. ما هي؟هل ستؤثر التعريفات الأمريكية ضد كندا والمكسيك على كأس العالم 2026؟ سلوك ترامب يحدد الإجابة بعد أن عرضت خريطة لأوكرانيا بدون القرم في قرعة كأس العالم 2026.. فيفا تعتذر من كييفالاستثناءات تشمل الرياضيين.. ولكن ماذا عن الجماهير؟رغم تشديد الحظر، أُدرجت استثناءات واضحة تسمح بدخول "الرياضيين وأعضاء الفرق الرياضية والمدربين وطواقم الدعم الضرورية وأفراد عائلاتهم المباشرين" للمشاركة في فعاليات مثل كأس العالم والألعاب الأولمبية، بناءً على تقدير وزير الخارجية الأميركي.
هذا يعني أن الدول المستهدفة بالحظر، مثل إيران — التي تأهلت بالفعل لكأس العالم — وكذلك دول لا تزال في دائرة المنافسة ككوبا وهايتي والسودان وسيراليون، ستظل قادرة على إرسال فرقها في حال التأهل، دون عوائق كبيرة.
أما الجماهير، فلا تشملها الاستثناءات، الأمر الذي يضع مشجعي المنتخبات من تلك الدول في مواجهة عراقيل حقيقية، خصوصًا المقيمين داخل بلدانهم، والذين سيواجهون صعوبات في الحصول على التأشيرات.
وواجهت جماهير المنتخب الإيراني بالفعل مشاكل مماثلة في نسخ سابقة من المونديال.
تعاون أميركي – دولي لضمان سلاسة الاستضافةرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جياني إنفانتينو، حافظ منذ عام 2018 على علاقة وثيقة مع ترامب، وشارك إلى جانبه في اجتماعات رسمية، منها جلسة بارزة في البيت الأبيض في مايو الماضي بحضور وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم.
ويُعد كارلوس كورديرو، حليف إنفانتينو والرئيس السابق للاتحاد الأميركي لكرة القدم، ممثل الفيفا الرئيسي في فريق العمل المنوط بمتابعة التحضيرات، ويرى مراقبون أن كل ما تواجهه الفيفا من تحديات في بطولة كأس العالم للأندية 2025 التي ستُقام في ميامي، قد يُستخدم كمرجع لتحسين استعدادات أولمبياد 2028.
وأعرب رئيس لجنة أولمبياد لوس أنجلوس، كيسي واسمَن، عن ثقته بالتزام الحكومة الفيدرالية بتسهيل الإجراءات، قائلاً: "كان واضحًا منذ البداية أن الأولمبياد تتطلب معاملة خاصة، ونحن نثمن تعاون الحكومة ونتوقع استمراره حتى نهاية الألعاب."
وأضاف أن وزارة الخارجية الأميركية أنشأت مكتبًا متخصصًا لدعم معالجة تأشيرات الفرق الرياضية في فترة الصيف، ما يُعد مؤشرًا على الجدية في ضمان نجاح البطولة.
من جانبها، أكدت نيكول هوفيرتس، عضو اللجنة الأولمبية الدولية ورئيسة لجنة التنسيق لأولمبياد لوس أنجلوس، أن هناك "ثقة تامة" بقدرة الولايات المتحدة على التعامل مع هذه التحديات، كما فعلت في مناسبات أولمبية سابقة.
دروس من تجارب الدول المستضيفة السابقةسمحت كلا من روسيا، التي استضافت كأس العالم 2018، وقطر في 2022، بدخول الجماهير إلى بلادهم باستخدام تذكرة المباراة كبديل للتأشيرة، مع تنفيذ فحوصات أمنية مسبقة.
في المقابل، لم تتردد بعض الحكومات في منع دخول شخصيات غير مرغوبة، ففي أولمبياد لندن 2012، رفضت بريطانيا منح تأشيرة لرئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو رغم رئاسته للجنة الأولمبية البيلاروسية، وتم لاحقًا منعه من حضور أولمبياد طوكيو 2021.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة