المحاضرات الرمضانية .. نحو تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
في هذا الزمن الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن واستحكمت فيه أهواء الأنفس وكثرت الشبهات وتعددت المشكلات والتحديات التي تواجهها الأمة جراء الحرب الشعواء التي يتبناها اللوبي الصهيوني، يطل السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي طوال أيام شهر رمضان المبارك بمحاضرات من هدي القرآن الكريم تُعطينا الطاقةَ اللازمةَ من التدبُّر والتفكُّر في آيات الله وآلائه، وفي العمل والأخذ بأوامر الله ونواهيه.
ودشن السيد القائد المحاضرات الرمضانية، بكلمة ألقاها في جمع كبير من العلماء ومسؤولي الدولة تمحورت حول استقبال شهر رمضان المبارك وأهمية الاستعداد الذهني والنفسي له، واستشهد السيد القائد بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله في التنبيه إلى فضل الشهر الكريم. وضرورة الاستفادة من بركات رمضان، لنيل المغفرة والرحمة ومضاعفة الأجر، وتهذيب النفس وتعزيز التقوى، بالإضافة إلى دور القرآن الكريم في توجيه الأمة وتعزيز الوعي والبصيرة.
شهر رمضان ليس شهر الخمول، بل هو شهر الجهاد والعمل، فقد كانت فيه معارك إسلامية كبرى مثل غزوة بدر وفتح مكة فيجب أن يكون الشهر محطة لتعزيز القوة المعنوية والاستعداد لمواجهة أعداء الأمة. وقد أشار السيد إلى دور رمضان التاريخي ففيه وقعت غزوة بدر الكبرى (يوم الفرقان) وفتح مكة، فرمضان منصة لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية ولا بد من مواجهة الحرب الشيطانية التي تقودها الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي الذين يحاولون في نفس الوقت تفريغ الإسلام من مضمونه عبر الإفساد الفكري (التطبيع، القنوات الفتنوية) وعبر تحويل العبادات إلى طقوس شكلية.
وتضمنت الرسالة المركزية للسيد في التكامل بين العبادة والجهاد فرمضان ليس موسمًا للعبادة الفردية فحسب، بل فرصة لبناء القوة المعنوية (الإيمان، الصبر، الارتباط بالله) وتعزيز التضامن الإسلامي في مواجهة الأعداء. ولتحقيق ذلك لا بد من العودة إلى القرآن كمرجعية لحل المشكلات الفردية والجماعية. والربط بين التقوى الشخصية والمسؤولية الجماعية في إصلاح الواقع.
ومن هنا يمكن القول إن تحويل رمضان من شهرٍ للعبادة الروتينية إلى مشروع نهضوي متكامل، يجمع بين تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية وإحياء دور الأمة كـ “خير أمة أُخرجت للناس” هي أبرز مضامين كلمة السيد القائد.
شهر الجهاد
كما تحدث السيد عن الأوضاع الراهنة، مع التركيز على قضايا الأمة الإسلامية، خصوصًا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومواجهة التحديات التي تفرضها القوى المعادية، مثل أمريكا و”إسرائيل”، مع اتخاذ موقف حازم بأن اليمن سيتدخل بشكل مباشر وفي مختلف المسارات إذا تنصل العدو الإسرائيلي عن الالتزام بالاتفاق، كما أكد السيد أن الجهوزية للتدخل لا تقتصر على غزة وحسب بل إنه يجري التحضير والاستعداد للتدخل إذا استمر العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، وكذلك في لبنان.
وفي كلمة استقبال شهر رمضان أكد السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي وجوب الاستعداد والجهوزية واليقظة لأي مستوى من التطورات في الضفة يستدعي التحرك الشامل أو في غزة أو لبنان أو أي ساحة أخرى. مؤكدا أن كل الكيان الصهيوني بما فيه يافا سيكون تحت النار.
وأوضح السيد القائد أن ترامب تحدث بكل وقاحة عن تهجير أهل غزة وتملكها بكل العبارات الوقحة جدا وكان يريد مصادرة الاتفاق بكله وحدد يوم السبت في أحد الأسابيع التي قد مضت بأنه موعد نهائي لإخراج كل الأسرى الإسرائيليين وعندما لم يتم لترامب إخراج كل الأسرى الإسرائيليين في الموعد الذي حدد اتضح له أن المسألة ليست كما يريد وليس له أن يفرض ما يشاء. وأوضح أننا كنا جاهزين للتدخل العسكري إذا فتح ترامب حربا في يوم السبت الماضي فنحن أمام مستوى من الصلف والطغيان والعدوان والإجرام والوقاحة الأمريكية والإسرائيلية ويجب أن نكون دائما في حالة استعداد تام للتحرك في أي وقت يلزم فيه التحرك.
وشدد على أهمية السعي على الدوام لتطوير قدراتنا والاستعداد بكل ما نحتاج فيه إلى استعداد في كل عناصر القوة وأضاف: علينا أن نكون جاهزين للتحرك بفاعلية وقوة في أي يوم أو وقت أو مرحلة تستدعي التدخل لمساندة الشعب الفلسطيني أو اللبناني أو أي شعب من شعوب أمتنا وعلينا أن نكون جاهزين لمواجهة أي عدوان على بلدنا.
وقال: نحن نراقب ونرصد باستمرار مجريات الوضع هناك ونلاحظ مدى تهرب العدو من الالتزام بالاتفاق بشكل كامل
الكيان تحت النار
وأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في (كلمة قصيرة) لتهنئة الأمة الإسلامية والعربية بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، على ثبات موقفنا بنصرة الشعب الفلسطيني والفصائل مع المحاولات “الإسرائيلية” للتهرب من وقف إطلاق النار والمرحلة الثانية. مؤكدا أن عودة الحرب على غزة سيصاحبه عودة كل كيان العدو وفي المقدمة يافا المحتلة ليكون تحت النار وسنتدخل بالإسناد بمختلف المسارات العسكرية.
وجدد السيد التأكيد على ثبات موقفنا في مساندة حزب الله والشعب اللبناني مع استمرار العدو بالاعتداءات وعدم التزامه بالانسحاب التام واحتلاله مواقع في الأراضي اللبنانية. محذرا من استمرار العدو في الاحتلال والاعتداء. وأضاف: نقول لإخوتنا المجاهدين في فلسطين وفي لبنان لستم وحدكم فالله معكم ونحن معكم وننصح الصهاينة ومن يدور في فلكهم أن يصححوا نظرتهم الخاطئة فالتشييع التاريخي للسيد نصر الله والسيد صفي الدين يؤكد ثبات الشعب اللبناني على خيار المقاومة واحتضانه للمجاهدين وتعافي المقاومة.
الجهاد وضرورة تزكية النفوس
وتطرق السيد إلى أهمية الاستعداد لشهر رمضان فالنبي محمد صلى الله عليه وآله كان يلفت الأنظار إلى شهر رمضان قبل قدومه، ويحث على اغتنامه كفرصة للتقرب إلى الله فهناك فرق كبير بين من يدخل رمضان بوعي واستعداد، وبين من يدخله بروتينية ودون اهتمام، فشهر رمضان له فضل كبير فهو فرصة لمضاعفة الأجور، وزيادة القرب من الله، وتحقيق تزكية النفس وشهر رمضان هو شهر مبارك فيه ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر وفيه يُفتح باب الرحمة والمغفرة، وتتنزل البركات. كما أن صيام رمضان يساعد على ضبط النفس وقوة الإرادة، والتغلب على الشهوات والغرائز ويزيد من الشعور بالمسؤولية تجاه الفقراء والمحتاجين ويعزز التقوى، حيث قال الله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين رمضان والقرآن فرمضان هو شهر نزول القرآن، لذا يجب استغلاله في التدبر وقراءة القرآن والالتزام به فالقرآن هو مصدر الهداية والوعي للأمة، وفيه حلول لكل التحديات التي تواجه المسلمين.
وشدد السيد على ضرورة تجنب إضاعة الوقت في اللهو والتسلية، مثل متابعة المسلسلات والبرامج غير المفيدة مع الحذر من قرناء السوء الذين يضيعون أوقات الناس فيما لا ينفع وتجنب المعاصي، مثل الغيبة، والنظر الحرام، والكلام السيئ، لأنها تُحبط ثواب الصيام.
وركّز السيد على أهمية الإقبال على الله بالتوبة والاستغفار والالتزام بالفرائض والحرص على الصلوات والاهتمام بتلاوة القرآن والتدبر فيه والإكثار من الذكر والدعاء، واستغلال أوقات الاستجابة والإحسان إلى الفقراء والمساكين، وإخراج الزكاة وإحياء المساجد بالصلاة والذكر والعبادة.
التقوى وأهميتها في ميدان الصراع
بعد أن تحدث السيد القائد عن أهمية شهر رمضان كمدرسة متكاملة يمكن الاستفادة منها في مواجهة الأخطار والتحديات عن طريق الخروج من الروتين إلى تحويل الصيام لمفاهيم عملية تبني الإنسان بشكل صحيح ليتحرك وفق ذلك لبناء الأمة، فإن السيد القائد بدأ محاضراته الرمضانية بالحديث عن التقوى كونها المعيار التي من خلاله نتقي سخط الله والعقوبة في الدنيا والآخرة، لأننا أمام تحديات كبيرة والتخاذل في هذه المرحلة له تبعات على حياتنا في الدنيا وتعبات على مصيرنا في الآخرة.
وحتى يكون الإنسان جديراً بأن يسير على منهج الله لا بد له من تطبيق العديد من التعليمات التي من أهمها التقوى والتي تعني الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه، وهي الهدف الرئيسي من فريضة الصيام في رمضان ، كما جاء في قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183).
وهناك ثمار للتقوى فقد وَعَدَ الله المتقين بالجنة والنعيم الأبدي، كما في آيات: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، و{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} و في الدنيا، يمنح الله المتقين التيسير والرزق من حيث لا يحتسبون، كما في قوله تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
والتقوى ليست مجرد اجتناب المحظورات، بل هي إدراكٌ دائم لرقابة الله، يعكس علاقةً قوية بين العبد وربه. هذا الوعي يُحوِّل الأفعال اليومية إلى عبادة، ويجعل المسلم يُحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب، كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء: 1).
المحاضرة تُلمح إلى مفارقة عظيمة، الالتزام بالتقوى ليس قيدًا، بل تحررًا من عبودية الشهوات والغضب والخوف. فالمتقون الأولى بالفوز في الدنيا والآخرة لأنهم تحرروا من سطوة الأنا. كما أن التزام التقوى للفرد ليست منفصلة عن تقوى الجماعة. فإهمال الواجبات الاجتماعية (كالجهاد) هو نقص في التقوى، كما أن التهاون بالمعاصي يُضعف نسيج الأمة. والخلاصة فإن التقوى — في جوهرها — هي فن العيش بوعي، حيث تصبح كل لحظة فرصةً للقاء الله في العمل والنية. وهي ليست شعارًا يُرفع في رمضان، بل مشروعٌ وجودي يُبنى يوميًا، يجمع بين خشية القلب وحركة الجوارح، بين الفرد والأمة، بين الدنيا والآخرة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
18 مسيرة حاشدة في مأرب نصرة لغزة وتنديداً بجرائم الإبادة والتجويع
الثورة نت/..
شهدت محافظة مأرب اليوم 18 مسيرة حاشدة، تحت شعار “مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع” تضامنا مع غزة وتنديدا بما يتعرض له أبناؤها من جرائم إبادة وحصار على أيدي الصهاينة المجرمين.
ففي ساحة الجوبة أقيمت مسيرة حاشدة لأبناء المربع الجنوبي، ردد المشاركون فيها هتافات المساندة والنصرة للشعب الفلسطيني.. مؤكدين أن الشعب اليمني يجسد اليوم النموذج الملهم لكل الشعوب في الوقوف إلى جانب المظلومين والمحاصرين في قطاع غزة.
وخرج أبناء مديرية صرواح في مسيرات بساحات سوق صرواح وحباب والمحجزة بمشاركة محافظ المحافظة علي طعيمان، مشيدين بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه آلة القتل الصهيونية.
وبارك أبناء مديرية مجزر في مسيرة حاشدة، عمليات القوات المسلحة اليمنية في فرض حصار جوي على الكيان الصهيوني، في الوقت الذي تتسابق فيه بعض الأنظمة على دفع مليارات الدولارات لإرضاء المجرم ترمب.
وشهدت مديرية حريب القراميش مسيرات حاشدة بساحات باب حرة، وشجاع، والحزم، وحرة واللواء، واللكمة، ندد المشاركون فيها بما يتعرض له الأشقاء في فلسطين من مآسي وفظائع على مرأى من كل العرب والمسلمين والعالم أجمع.
وأكد أبناء مديرية بدبدة خلال مسيرتين بساحتي التضامن والجريداء، الاستمرار في التعبئة العامة والمسيرات والأنشطة المساندة للشعب الفلسطيني وتعزيز الجاهزية القتالية لمواجهة أي تصعيد أمريكي صهيوني.
كما أقيمت مسيرات في ساحات قانية والعمود وجبل مراد ورحبة وآل جناح، جدد المشاركون فيها الدعوة لشعوب الأمة لتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية للأعداء والتحرك على كافة المستويات للضغط من أجل وقف العدوان على قطاع غزة.
وأكد بيان صادر عن المسيرات الثبات على الموقف المحق والمشرف، والخروج الأسبوعي بلا كلل، ولا ملل، نصرة ومساندة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم.
وخاطب الشعب الفلسطيني في ذكرى النكبة ” إنكم بجهادكم في سبيل الله، وصبركم، وثباتكم الذي لا مثيل له، واستمراركم في ذلك، تمنعون تكرار النكبة، وتقفون حجر عثرة أمام العدو الصهيوني، وتحمون الأمة العربية والإسلامية من تكرار النكبات بحق بلدان أخرى”.. مؤكدا أن الشعب اليمني معهم وإلى جانبهم وبتوكله على الله وجهاده في سبيله لن تتكرر النكبة – بإذن الله – بل سيتحقق وعد الله المحتوم بزوال الكيان الظالم.
وعبر عن “التحية والسلام والوفاء للإخوة في سرايا القدس ولكل المجاهدين الأعزاء الذين أهدوا لنا ولقائدنا التحية في عمليتهم الصاروخية الأخيرة ضد الكيان، وخصّوا الحشود المليونية في ميدان السبعين وبقية الساحات”.. لافتا إلى أن رسالتهم هذه “أغلى ما يصلنا في هذه المعركة المقدسة، ولهم منا العهد بالبقاء إلى جانبهم مهما كانت التحديات”.
وأشار إلى أنه وفي الوقت الذي كان العدو الصهيوني يصعد من جرائمه في غزة، كان الكافر المجرم -ترمب – الشريك الأول للصهيوني في الجريمة يتجول بكل عنجهية، وغطرسة، وكبر، وخيلاء، في بعض العواصم الخليجية، ويجمع الكميات الهائلة جدا من أموال الشعوب العربية والمسلمة ليقدم منها الدعم المهول لمجرمي الحرب في كيان العدو ليبيدوا الشعب الفلسطيني ويقتلوا العرب والمسلمين.
واعتبر الصواريخ التي ذهبت أثناء خطاب الكافر المجرم ترمب، ومرت من فوق رأسه إلى عمق كيان العدو، شاهداً بأن الإسلام عزيز بعزة الله، وبأن ما يحدث لا يمثل الإسلام، ولا يقبله أهل الإيمان والحكمة.
وذكّر شعوب الأمة العربية والإسلامية بالمسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية والأخوية تجاه المآسي والفظائع التي تحدث في غزة.. داعيا إلى المقاطعة الاقتصادية للأعداء، والتي لا يعفى منها أي مسلم، وكذلك تنظيم المظاهرات والاحتجاجات.
كما دعا البيان العلماء وقادة الفكر والرأي والنخب العلمية والفكرية والسياسية على العمل لرفع حالة الوعي داخل الأمة بضرورة العودة العملية الصادقة إلى القرآن الكريم، والاهتداء والالتزام به، وبأهمية النهوض بالمسؤولية والجهاد في سبيل الله ضد أعداء الله وأعداء الإنسانية، وعدم موالاتهم.