واشنطن أو طهران.. العراق في قلب معادلة التوازن الإقليمي.. ماذا ستختار بغداد؟ - عاجل
تاريخ النشر: 7th, March 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
تمثل العلاقة بين إيران والولايات المتحدة في العراق أحد أكثر الملفات حساسية، حيث تتداخل المصالح الاستراتيجية لكل من الطرفين، ما ينعكس بشكل مباشر على الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وبينما تواصل واشنطن تعزيز وجودها العسكري، تؤكد طهران أن بقاء هذه القوات يشكل تهديدًا مباشرًا لعمقها الاستراتيجي.
في هذا السياق، يوضح الخبير الأمني صادق عبد الله أن المصالح الإيرانية في بغداد لا تتعلق فقط بملف الوجود الأمريكي، بل تشمل أبعادًا إقليمية أوسع.
العراق "ساحة المواجهة"
منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، تحول العراق إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. فبينما عززت واشنطن وجودها العسكري، رأت طهران في ذلك تهديدًا لأمنها القومي، ما دفعها إلى دعم فصائل مسلحة لممارسة الضغط على القوات الأمريكية.
وأوضح عبد الله في حديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "العداء بين طهران وواشنطن ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى تغيير النظام الإيراني عام 1979، وهو ما جعل العلاقة بين الطرفين قائمة على التوتر الدائم"، مشيرًا إلى أن "بقاء القوات الأمريكية في العراق لا يخدم المصالح الإيرانية، بل يزيد من قلقها الأمني، ويدفعها إلى اتخاذ إجراءات وقائية لمواجهة أي تهديد محتمل".
محاولات إيرانية لتعزيز النفوذ
أكد عبد الله أن إيران تعمل على ترسيخ نفوذها في العراق عبر عدة مسارات، تشمل العلاقات الاقتصادية، والتأثير السياسي، ودعم الفصائل المسلحة التي تتبنى خطابًا مناهضًا للوجود الأمريكي. وأشار إلى أن "إيران كانت الداعم الرئيسي لعشرات الهجمات ضد القوات الأمريكية بعد 2003، كما أنها كثفت جهودها لإخراج هذه القوات، خصوصًا بعد اغتيال قاسم سليماني، الذي لعب دورًا محوريًا في بناء النفوذ الإيراني في المنطقة".
وأضاف أن "التحولات الإقليمية الأخيرة، مثل تراجع تأثير إيران في سوريا ولبنان، زادت من أهمية العراق كمنصة لنفوذها الاستراتيجي"، لافتًا إلى أن "طهران باتت ترى في العراق ركيزة أساسية في مواجهة الضغوط الأمريكية المتزايدة".
اعتراف بصعوبة المواجهة المباشرة
على الرغم من التصعيد المستمر بين الطرفين، يرى عبد الله أن الحرب المفتوحة بين إيران والولايات المتحدة لا تزال مستبعدة. وقال: "رغم العداء الممتد لعقود، فإن هناك ثوابت غير معلنة بين الطرفين، من بينها تجنب الدخول في مواجهة مباشرة قد تجر المنطقة إلى حرب شاملة".
وأشار إلى أن "طهران قد تلجأ إلى حلول دبلوماسية طويلة الأمد، تتضمن تفاهمات غير مباشرة مع واشنطن حول مستقبل العراق"، مضيفًا أن "الضغوط الاقتصادية والعقوبات المفروضة على إيران قد تدفعها إلى إعادة تقييم استراتيجياتها في العراق والمنطقة".
إرادات متعددة تفرض نفسها
يتضح أن العراق بات نقطة تقاطع لمصالح متعددة، حيث تسعى طهران للحفاظ على نفوذها، بينما تعمل واشنطن على تقويض هذا النفوذ وتعزيز تحالفاتها داخل البلاد. في الوقت ذاته، تواجه الحكومة العراقية تحديًا كبيرًا في تحقيق توازن دقيق بين المصالح الأمريكية والإيرانية، بما يضمن استقرار العراق وعدم تحوله إلى ساحة صراع دائم.
ويرى محللون أن التوصل إلى معادلة تحقق التوازن بين النفوذين الأمريكي والإيراني في العراق يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة، إلى جانب تقوية مؤسسات الدولة العراقية بحيث لا تصبح ساحة مفتوحة للصراعات الخارجية.
ويبقى العراق محورًا رئيسيًا في الصراع الأمريكي-الإيراني، حيث تسعى كل من طهران وواشنطن إلى تحقيق أهدافهما الاستراتيجية ضمن حدوده. وبينما تواجه إيران تحديات اقتصادية وسياسية قد تدفعها إلى إعادة النظر في سياساتها الإقليمية، تستمر الولايات المتحدة في فرض مزيد من الضغوط لضمان تقييد النفوذ الإيراني. في هذا المشهد المعقد، يبدو أن العراق لا يزال في قلب معادلة التوازن الإقليمي، حيث ستحدد طبيعة التفاهمات بين الأطراف المختلفة مستقبل الاستقرار في المنطقة.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: فی العراق عبد الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
بغداد تعتبر الإخلاء الجزئي المحتمل لسفارة واشنطن إجراءً إقليميا
بغداد - اعتبر مسؤول عراقي، مساء الأربعاء، أن قرار الولايات المتحدة الأمريكية المحتمل بإخلاء جزئي لسفارتها في بغداد، إجراء إقليمي ولا يخص بلاده فقط.
جاء ذلك وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر حكومي وصفته بـ"المسؤول" ولم تسمه.
وذكرت الوكالة أن حديث المصدر جاء "تعقيبا على ما تم تداوله من أخبار تتعلق بخطوة إخلاء لبعض العاملين غير الأساسيين في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد".
المصدر قال إن "هذه الخطوات تتعلق بإجراءات تخص الوجود الدبلوماسي الأمريكي في عدد من بلدان الشرق الأوسط، ولا يخص العراق فقط، إذ لم يسجل لدى الجانب العراقي أي مؤشر أمني يستدعي هذا الاخلاء".
وأضاف أن "كل المؤشرات والإيجازات الأمنية تدعم تصاعد قراءات الاستقرار واستتباب الأمن الداخلي".
وأردف المصدر، أن "جميع البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية العاملة في العراق تتمتع بأوسع مديات العمل الآمن وحرية التواصل والفاعلية وبمختلف النشاطات وعلى مستوى جميع أنحاء العراق، وليس في العاصمة بغداد فقط".
والأربعاء، نقلت وكالة أسوشييتد برس، عن مسؤولين أمريكيين لم تسمهما إن الخارجية الأمريكية تستعد لإصدار أمر بمغادرة موظفيها غير الأساسيين من سفارتها ببغداد.
كما تُجيز الخارجية الأمريكية مغادرة الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من البحرين والكويت، ما يمنحهم خيار مغادرة البلدين، حسب الوكالة.
وأرجع المصدران الخطوة المرتقبة إلى وصول مفاوضات الولايات المتحدة مع إيران (جارة العراق) إلى طريق مسدود، واحتمالية حدوث اضطرابات في المنطقة.
وتصاعدت التوترات في المنطقة في الأيام الأخيرة، إذ يبدو أن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامجها النووي وصلت إلى طريق مسدود، ما قد ينذر باللجوء إلى الخيار العسكري.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة مع بودكاست "بود فورس وان" أُذيعت الأربعاء، إن ثقته قلت في أن إيران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم ضمن اتفاق نووي مع الولايات المتحدة.
وتابع: "لا أرى نفس الحماسة لدى الإيرانيين لإبرام اتفاق وأعتقد أنهم سيرتكبون خطأ لكن سنرى".
والاثنين الماضي، أعلنت الخارجية الإيرانية أن الجولة السادسة من المحادثات النووية مع الولايات المتحدة ستُعقد في 15 يونيو/ حزيران الجاري، بالعاصمة العُمانية مسقط.
وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.
وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.
وتسعى إيران إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، مقابل الحد من بعض أنشطتها النووية، بما لا يمس حقها في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.