كيف تحاول سوريا الجديدة تأمين إمدادات النفط وسط العقوبات الدولية؟
تاريخ النشر: 9th, March 2025 GMT
تسعى الحكومة السورية بشكل متسارع لتأمين شحنات نفطية إضافية لمواجهة أزمة الطاقة الحادة التي ورثتها عن نظام الأسد المخلوع إلا أن الخيارات المتاحة أمامها لا تزال محدودة، خاصة في ظل العقوبات الغربية التي تفرض قيودًا صارمة على قطاع النفط السوري.
وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط فإن محاولة الاتحاد الأوروبي تعليق بعض الإجراءات التقييدية في قطاعات الطاقة، وتقديم الإدارة الأمريكية السابقة إعفاءات مؤقتة لبعض المعاملات الإنسانية، تبقى الشركات الكبرى ومالكو السفن مترددين في التعامل مع سوريا خوفًا من مخالفة العقوبات الغربية.
في هذا السياق، أشارت نعوم ريدان في التقرير إلى أنه قد يلجأ بعض التجار ومشغلي السفن إلى التعامل مع سوريا بشكل غير قانوني، بما في ذلك روسيا، التي تواصل دعمها للنظام السوري، خاصة بعد تقليص وجودها العسكري في البلاد. وقد تم رصد ناقلات نفط مرتبطة بروسيا أثناء توجهها إلى الموانئ السورية، مما يثير التساؤلات حول مستقبل النشاط النفطي الروسي في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد.
يعد أحد أبرز التطورات في هذا المجال تغيير مسار ناقلة النفط "بروكسيما" في 23 شباط / فبراير من مدينة مرسين التركية إلى ميناء بانياس السوري.
ومن المتوقع أن تكون هذه السفينة قد حملت شحنة من الديزل، وهو منتج حيوي يحتاجه الاقتصاد السوري بشكل ملح. والجدير بالذكر أن "بروكسيما" هي إحدى السفن المدرجة ضمن قائمة العقوبات الأمريكية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
في 26 شباط / فبراير، تم رصد سفينة أخرى تدعى "بروسبريتي" وهي ناقلة نفط مرتبطة أيضًا بروسيا وتحمل شحنة ديزل، وصلت إلى ميناء بانياس في 5 آذار/مارس. هذه الشحنات من المنتجات النفطية تساهم في تلبية احتياجات سوريا الملحة في ظل النقص الحاد في الوقود.
فيما يتعلق بالواردات النفطية، كانت إيران في الماضي المورد الرئيسي للنفط الخام إلى سوريا، ولكن بعد الحرب، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، على الرغم من أن إيران ما زالت تصدر النفط إلى سوريا، إلا أن الكميات لا تكفي لتلبية احتياجات البلاد. وتواجه سوريا صعوبة في إعادة تشغيل مصافيها الكبرى، مثل مصفاة بانياس.
من جهة أخرى، يزداد تدفق شحنات الغاز النفطي المسال (LPG)، الذي يُستخدم بشكل رئيسي في التدفئة والطهي، وكما لوحظ أن ناقلات الغاز النفطي المسال تواصل شحن الوقود من مدينة دورتيول في تركيا إلى سوريا، حيث يُتوقع أن تزداد محاولات تهريب الوقود من لبنان بسبب حاجة السوق السورية.
على الرغم من القيود المفروضة على القطاع النفطي، فقد بدأت دمشق في العمل على استئناف اتفاقيات النفط مع الإدارة الكردية في شمال شرق سوريا، ومن المحتمل أن تساهم هذه الاتفاقات في توفير كميات من النفط الخام، لكنها غير كافية لتغطية احتياجات البلاد.
وفي الوقت نفسه، بدأت الأردن إرسال الغاز النفطي المسال إلى سوريا عبر الشاحنات، وهو ما يعد خطوة مهمة في محاولة سوريا لتلبية احتياجاتها من الطاقة، ولكن، من المتوقع أن يظل الاعتماد على شبكات التهريب مستمرًا في ظل صعوبة تأمين مصادر شرعية كافية.
وكشف التقرير أن تجارب ما بعد الحرب في لبنان والعراق توضح أن قطاع الطاقة في الدول التي تشهد صراعات يكون عرضة لفساد واسع يمكن أن يعوق التنمية الاقتصادية، ولذلك، فإن الحكومة السورية ستحتاج إلى موارد مالية كبيرة لدعم تشغيل الخدمات العامة الأساسية في مرحلة ما بعد الأسد.
إذا لم تتمكن السلطات السورية من إيجاد حلول فعالة لتلبية احتياجات الطاقة والتعامل مع المخاوف المتعلقة بالعقوبات، فإن هناك عدة سيناريوهات غير مواتية قد تظهر. على سبيل المثال، قد يقوم بعض الموردين بالاستفادة من غياب المنافسة لاحتكار إمدادات الطاقة، في حين قد تستغل روسيا هذا الوضع لتعزيز نفوذها في سوريا من خلال صفقات غير مواتية.
إن استمرار الغموض حول تخفيف العقوبات الأمريكية سيمنح الشبكات التجارية غير القانونية فرصة لتكثيف أنشطتها، مما يمثل تحديًا خطيرًا للولايات المتحدة. وفي النهاية، قد يواجه المجتمع الدولي صعوبة في تحقيق توازن بين تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في سوريا وبين معالجة المخاطر المترتبة على الفساد وتعزيز النفوذ الروسي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية شحنات نفطية أزمة الطاقة نظام الأسد النفط سوريا سوريا النفط نظام الأسد أزمة الطاقة شحنات نفطية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى سوریا
إقرأ أيضاً:
أول زيارة لبعثة صندوق النقد إلى سوريا منذ 2009
أجرت بعثة تابعة لصندوق النقد الدولي زيارة استمرت 5 أيام إلى سوريا، هي الأولى منذ عام 2009، بهدف "تقييم الظروف الاقتصادية والمالية" في البلاد عقب الإطاحة بالحكم السابق، وفق ما أعلنته المؤسسة مساء أمس الثلاثاء.
واستغل ممثلو الصندوق المناسبة للتشاور مع السلطات بشأن السياسات الواجب اتباعها وتحديد الإجراءات اللازمة لدعم الحكومة السورية في "صياغة سياساتها الاقتصادية وتنفيذها".
تحدياتونقل بيان للبعثة عن رئيسها رون فان رودن قوله إن "سوريا تواجه تحديات هائلة بعد نزاع استمر سنوات وخلّف معاناة إنسانية كبيرة وقلّص اقتصادها إلى جزء صغير مما كان عليه سابقا.. الاحتياجات الإنسانية وتلك المتّصلة بإعادة الإعمار كبيرة جدا".
وأقر الصندوق بوجود رغبة لدى السلطات في "استعادة النمو الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية"، لكنه لفت إلى أن ذلك لن يكون ممكنا إلا من خلال "دعم دولي قوي لجهودهم".
وتابع فان رودن: "يتطلّب ذلك دعما ماليا بأفضل الشروط الممكنة ومساعدة كبيرة من أجل زيادة المساعدات الرامية إلى تعزيز المؤسسات الاقتصادية وتحسين الأنظمة والتكنولوجيات المتقادمة".
وسبق أن التقى ممثلون لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي السلطات السورية الجديدة على هامش اجتماعات الربيع التي عقدتها الهيئتان في نهاية مارس/آذار الماضي في واشنطن.
إعلانوكان الصندوق أشار حينها إلى أنه يتطلع في المقام الأول إلى "إعادة بناء فهمه للاقتصاد السوري، بمساعدة السلطات وبالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية الأخرى".
والشهر الماضي، أعلن البنك الدولي استئناف برامح مساعدة سوريا، بعدما سدّدت السعودية وقطر ديونا مستحقة على الحكومة السورية بنحو 15.5 مليون دولار.
رفع العقوباتجاء ذاك الإعلان في ختام جولة خليجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن خلالها رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا منذ عام 1979، والتي تم تشديدها على خلفية قمع التظاهرات المناهضة للسلطات اعتبارا منذ عام 2011.
وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا خففوا العقوبات عن سوريا، وأعلن التكتل القاري رفع كل العقوبات الاقتصادية عن البلاد في مايو/أيار الماضي.
ويشمل رفع العقوبات، خصوصا عن النظام المصرفي السوري الذي كان مستبعدا من الأسواق الدولية، بجانب رفع التجميد عن أصول المصرف المركزي.