لماذا احتضن الغرب سوريا وتخلى عن أفغانستان؟
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
يستكشف مقال بمجلة أميركية التناقض الصارخ في كيفية تعامل الغرب -خاصة الولايات المتحدة- مع سوريا وأفغانستان عام 2025، فرغم كونهما دولتين تعانيان من الصراعات وكانتا مرتبطتين في السابق بالتشدد الإسلامي، فإن سوريا تحظى باحتضان دبلوماسي، بينما تظل أفغانستان تحت حكم طالبان معزولة.
ويحاول الكاتب آدم وينشتاين -في مقال له بمجلة فورين بوليسي الأميركية- أن يوضح أسباب هذا التباين في النهج الغربي تجاه الحكومة السورية الجديدة وحركة طالبان في أفغانستان.
ويحدد هذا المحلل السياسي ونائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد كوينسي 5 نقاط رئيسية لتوضيح مظاهر هذا التباين وأسبابه والدروس المستفادة منه:
أولا: إعادة تأهيل سوريا المفاجئةرحب القادة الغربيون بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وهو قيادي جهادي سابق كان يعرف بأبي محمد الجولاني عندما كان يتزعم هيئة تحرير الشام (فرع القاعدة) في سوريا.
التقى الشرع قادة عالميين وبالذات الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترامب وحظي بإشادات في الأوساط الدبلوماسية، وشهد عودة سوريا إلى المحافل الدولية.
كما تعهد ترامب برفع العقوبات عن سوريا وتطبيع العلاقات معها، على الرغم من ماضي الشرع، الذي يبدو واضحا أنه أعاد صياغة نفسه، من جهادي يرتدي زيًا عسكريًا إلى مثقف ورجل دولة يرتدي بزات رسمية.
إعلان ثانيا: تفاقم عزلة أفغانستانأفغانستان، التي استُبعدت سابقًا من حظر السفر الذي فرضه ترامب عام 2017، أصبحت الآن جزءًا من النسخة الأحدث، بينما استُبعدت سوريا من قائمة المحظورين من دخول الولايات المتحدة.
ورغم إعرابها عن انفتاحها على الدبلوماسية، فلا تزال حركة طالبان منبوذة من قِبل القوى الغربية، خاصةً بعد عودتها إلى السلطة عام 2021.
وتُهدد هذه الخطوة الشركاء الأفغان السابقين وتُؤجج المخاوف الإنسانية في هذا البلد.
ثالثا: لماذا هذا التفاوت؟
1. التاريخ والصدمة النفسية
جماعة الشرع (هيئة تحرير الشام) ليست مرتبطة مباشرة بالصدمة النفسية العميقة التي سببتها هجمات 11 سبتمبر/أيلول، على النقيض من حركة طالبان.
كما أن دمشق لا تتحمل العبء العاطفي لخسائر القوات الأميركية بأفغانستان، حيث قُتل أكثر من ألفي جندي أميركي، وذلك على عكس كابل.
2. الصورة والمنظور العام
يتناقض التحول المُدروس لصورة الشرع مع الصورة السرية والمتشددة لقيادة طالبان.
ففي سوريا، لا تزال المرأة تُشارك علنًا؛ وفي أفغانستان، حظرت طالبان تعليم الفتيات وقيدت مشاركة المرأة في الحياة العامة.
3. سياسات الشتات
يُعارض الشتات الأفغاني في الغرب حركة طالبان إلى حد كبير، ويدفع باتجاه استمرار عزلها، بينما يدفع الشتات السوري، رغم حذره، إلى مزيد من الانفتاح في التعامل مع حكومة الشرع.
4. الأهمية الإستراتيجية
تتمتع سوريا بمركز جيوسياسي مركزي، إذ تحدها إسرائيل وتركيا والبحر الأبيض المتوسط، ولذا فهي أهم بالنسبة للغرب، وهي تقع على مفترق طرق في الشرق الأوسط، كما أنها كانت تُعتبر وكيلًا لإيران ومصدرًا للاجئين إلى أوروبا، ناهيك عن وجود قواعد عسكرية لروسيا بها، أما أفغانستان، فرغم أهميتها الشعرية والتاريخية، فإن الغرب "تخلى" عنها في نهاية المطاف.
فأهمية سوريا بالنسبة لروسيا وإيران وإسرائيل تُبقيها على رادار الغرب، أما أفغانستان، فعلى الرغم من مركزيتها السابقة خلال الحرب على الإرهاب، فإنها اليوم تُعتبر دولة هامشية.
إعلان رابعا: الولايات المتحدة والتحولات الدبلوماسية العالميةبدأت فرنسا وألمانيا وروسيا التعاون بالفعل مع سوريا، وبدأت الولايات المتحدة تلحق بالركب، مُعربةً عن استعدادها لتطبيع العلاقات من خلال:
– تعيين توماس باراك سفيرًا لدى تركيا ومبعوثًا خاصًا إلى سوريا.
– تخفيف العقوبات والإشادة بجهود الشرع في تحقيق الاستقرار.
ويُنظر إلى الانخراط مع الشرع كحالة اختبار محتملة لمدى قدرة الدبلوماسية المبكرة على تهدئة الأنظمة بشكل أفضل من انتهاج دبلوماسية العقوبات والعزل.
خامسا: الدروس
اكتسبت كل من سوريا الشرع وحركة طالبان السلطة من خلال ملء فراغات حكومات فاشلة، وليس من خلال التأييد الدولي، ومع ذلك، يختلف الاعتراف والشرعية، فقد نجح الشرع في التودد إلى الغرب، بينما لم تنجح طالبان.
ويشير المقال إلى أن طالبان يمكن أن تتعلم من براغماتية الشرع، ويوصي واشنطن بأن تتبنى نهجًا متسقًا بخصوص طالبان إذا أثبت التعاون مع سوريا أنه مثمر.
وختاما، يرى الكاتب أن المعاملة المتباينة لسوريا وأفغانستان تبرز كيف أن الموقف الشعبي والقيمة الإستراتيجية والارتباطات التاريخية هي أساس الانخراط الغربي أكثر من الأيديولوجية أو نماذج الحكم، ولهذا فالغرب يراهن على المشاركة المبكرة مع سوريا كوسيلة للاستقرار، ويبقى أن يتحدد إذا ما كان هذا الرهان سيُؤتي ثماره، وإذا ما كانت أفغانستان ستظل منبوذة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج ترجمات الولایات المتحدة مع سوریا
إقرأ أيضاً:
وسط تصعيد خطير بين باكستان وأفغانستان.. السعودية تدعو لضبط النفس
أعلنت حركة طالبان، التي تسيطر على أفغانستان، عن مقتل 58 جنديًا باكستانيًا وإصابة 30 آخرين خلال اشتباكات مسلحة على الحدود بين البلدين، فيما قتل 9 من عناصر طالبان في المواجهات.
وأكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد سيطرة قوات الحركة على 25 موقعًا عسكريًا باكستانيًا في رد على ما وصفه بانتهاكات الجيش الباكستاني المتكررة للأراضي والمجال الجوي الأفغاني.
وجاء ذلك بعد إعلان طالبان نهاية “العملية العسكرية ضد باكستان” التي بدأت السبت ردًا على ضربات جوية نفذتها باكستان على كابل، بحسب وزارة دفاع طالبان.
وقال عناية الله خوارزمي، الناطق باسم وزارة الدفاع الأفغانية، إن العملية نجحت وانتهت عند منتصف الليل، محذرًا من استعداد القوات الأفغانية للرد بحزم على أي انتهاكات مستقبلية.
في المقابل، دان رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف “الاستفزازات الأفغانية” وهدد برد “قوي وفعال”، متهمًا طالبان بالسماح لعناصر إرهابية باستخدام أراضيها ضد باكستان.
وأغلقت السلطات الباكستانية عدة معابر حدودية رئيسية مثل تورخم وشامان إثر الاشتباكات التي شهدت استخدام أسلحة خفيفة وثقيلة، كما أسقط الجيش الباكستاني ثلاث طائرات مسيرة أفغانية.
التوترات على خط ديوراند الحدودي شهدت معارك عنيفة، حيث سيطرت طالبان على مركز حدودي في منطقة بهرام تشا بمحافظة هلمند، وهاجمت عدة مواقع باكستانية. نفذت القوات الجوية الأفغانية غارات جوية على مدينة لاهور الباكستانية باستخدام طائرات “سوبر توسانو” الهجومية، في أول استهداف مباشر لمدينة كبرى داخل الأراضي الباكستانية منذ تصاعد الأزمة.
التصعيد جاء عقب تقارير عن هجوم بطائرة مسيرة باكستانية استهدف سيارة مدرعة في كابل كانت تقل زعيم “طالبان باكستان” نور والي محسود وعددًا من مساعديه، ما اعتبرته طالبان انتهاكًا صارخًا لسيادة أفغانستان.
وردت طالبان بقصف جوي استهدف محافظات باكتيا وبقية المناطق الحدودية، بالإضافة إلى استهداف مواقع تنظيم “داعش” داخل الأراضي الباكستانية في محاولة للحد من تهديد التنظيم.
دبلوماسيًا، تدخلت السعودية وقطر للوساطة بين الجانبين، معربة عن قلقها من التصعيد وداعية إلى ضبط النفس والعودة إلى الحوار.
وزارة الخارجية السعودية أكدت أهمية تفضيل الحوار على المواجهة المسلحة للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وأعربت عن دعمها للجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى تعزيز السلام في آسيا الوسطى.
رغم هذه الدعوات، لا تزال العلاقة بين طالبان وباكستان متوترة منذ عودة طالبان إلى السلطة في كابل عام 2021، خاصة بسبب عدم اعتراف أفغانستان بخط ديوراند، الخط الحدودي الذي رسمته بريطانيا عام 1893، والذي تعتبره كابل فاصلًا استعماريًا غير شرعي.