8 مارس وضرورة التوثيق لنضال المرأة السودانية
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
8 مارس وضرورة التوثيق لنضال المرأة السودانية
تاج السر عثمان بابو
1أشرنا في مقال سابق إلى أن يوم المرأة العالمي 8 مارس يمر في ظروف تكتوي فيها المرأة بنيران الحرب اللعينة، كما سردنا فيه نضال المرأة السودانية ودورها في ثورة ديسمبر 2018، ونضالها المستمر ضد انقلاب 25 أكتوبر الذي قاد للحرب الجارية حاليا بهدف تصفية الثورة ونهب ثروات البلاد من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب.
ويبقى من المهم مواصلة وتوسيع توثيق تاريخ ونضال المرأة السودانية في مختلف الجوانب.
أذكر أنني أصدرت كتاباً بعنوان “تطور المرأة السودانية وخصوصيتها” عن دار عزة للنشر 2007 م، بهدف متابعة مسيرة المرأة السودانية التي لا تنفصل عن كل أنشطة المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتوثيق لمسيرة المرأة السودانية التي تُعتبر الكتابة عن تاريخها ومسيرتها شحيحة، كما هو واضح من الرصد لمصادر الدراسات عن المرأة السودانية التي تيسر لنا الاطلاع عليها كما في قائمة المصادر والمراجع في نهاية الكتاب، وهنا اتفق مع ملاحظة د. مختار عجوبة الذي أشار الى أن “الأدبيات التي كُتبت إلى نهاية السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، سواء في مجال الاقتصاد أو الاجتماع أو التاريخ أو الأنثروبولوجيا انصبت جميعها على الرجال” (راجع مختار عجوبة: المرأة السودانية ظلمات الماضي واشراقاته ، دار عزة 2008، ص 5)، أي أن المرأة السودانية مهمشة حتى في كتابة تاريخها ومسيرتها من أجل التحرر والانعتاق.
لا شك كما اشار الكتاب أن النساء لعبن دورا مركزيا في السودان القديم لايقل عن دور الرجال في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، فهن الآلهات والمحاربات (الكنداكة) والملكات، والملوك لا يردون لهن شفاعة، ودور الملكة الأم كان واضحا في السودان القديم، واستمر دورها في الفترات التاريخية المختلفة قوة وضعفا كما اوضحت الدراسة، حتى بداية الحركة الوطنية الحديثة في بداية الحكم الثنائي الانجليزي- المصري، فشاركت في مظاهرات ثورة 1924م وشجعت بالزغاريد وحماية المتظاهرين، وتأمين وثائق ثوار 1924، وكانت العازة محمد عبد الله زوجة علي عبد اللطيف أول إمرأة سودانية تشارك في المظاهرات والنشاط السياسي في تاريخ الحركة السياسية الحديث. اضافة لصالون السيدة “فوز” التي لعبت دورا كبيرا في تأمين نشاط الثوار من خلال صالونها الأدبي والثقافي (للمزيد من التفاصيل عن السيدة فوز، راجع د. حسن الجزولي: نور الشقائق، دار مدارك للنشر 2012م).
مؤكد بعد مرور أكثر من اربعة عشر عاما من صدور الطبعة الأولى حدثت متغيرات أهمها الدور الكبير الذي لعبته المرأة السودانية في ثورة ديسمبر 2018 امتدادا لدور (الكنداكات) منذ السودان القديم، َكما أوضحنا في مقال سابق.
2لا شك في أن تحرير المرأة السودانية، وانتزع حقوقها رهين بوقف الحرب واسترداد الثورة، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، ومواصلة الثورة والصراع من أجل استكمال وتحقيق أهدافها في: الحرية والعدالة والسلام، وتحقيق مهام الفترة الانتقالية في مختلف الجبهات الاقتصادية والسياسية والثقافية والنوعية، فتحرير المرأة كان ولازال مرتبطا بتحرير المجتمع من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والقومي والثقافي والديني والإثني والنوعي. علما بأن تقدم المجتمع كما أشار ماركس يُقاس بمدى تقدم وتحرر المرأة، وأن عمل النساء في حد ذاته تقدمي باعتباره الشرط المسبق لتحرير النساء من الحدود الضيّقة للمنزل والأسرة، والطريق الوحيد لتحرر النساء وجميع فئات المجتمع المضطهدة يمر عبر القضاء على النظام الرأسمالي، ويتطلب الوحدة بين الرجال والنساء في النضال ضدها، والوقوف ضد صراع المرأة ضد الرجل، وأن التحولات الاجتماعية العظيمة مستحيلة دون مشاركة النساء في الثورة.
كما أن عملية تحرير المرأة لا ننظر إليها فقط من الزاوية الاقتصادية، بل من الجانب الثقافي المكمل الذي يتمثل في الصراع ضد المفاهيم البالية التي تكرّس دونية المرأة الممتدة من اضطهاد القرون في مجتمعات العبودية والإقطاع والشكل الحديث للاستغلال الرأسمالي الذي انبثق مع فجر الرأسمالية، والتي تحتاج لصراع فكري متواصل ضدها.
صحيح أن المرأة في نضالها الطويل حققت نجاحات مثل: الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية، والتمثيل في المجالس التشريعية والوزارية والوظائف العليا في الإدارة والخدمة المدنية والعسكرية، ورئاسة بعض الدول، ومواثيق أعلنت عنها الأمم المتحدة رصدناها في الكتاب.
لكن إعلان المواثيق شئ وتحقيقها فعليا على أرض الواقع شئ آخر، مما يتطلب الصراع من أجل تحقيقها.
كما أنه لا يكفي تحقيق انجاز (الكوتا) أو التمييز الايجابي للنساء، ورغم أنه مكسب انتزعته المرأة في نضالها الطويل، لكن يجب مواصلة النضال من أجل تغيير الأنظمة الديكتاتورية والقمعية التي تضطهد الكادحات من النساء في المصانع والمزارع، وتبقيهن في سجن الجهل والأمية وثقل العادات الضارة بصحتهن وجسدهن والعمل المنزلي المفسد للعقل والجسد، والاستغلال الرأسمالي الفظيع للنساء العاملات لاستحواذ أكبر فائض قيمة منهن، وتقليل أجورهن بعدم تحقيق الأجر المتساوي للعمل المتساوي، ومصادرة حقهن في العمل النقابي، وإجبارهن على العمل لساعات طويلة بما فيها أثناء الليل، وتحقيق المساواة الفعلية مع الرجال، وتحريرهن من الاستغلال والعبودية، ورفض اعتبار المرأة سلعة ولترويج الإعلانات الجنسي وتجارة البشر للاستغلال الجنسي.
الوسومالتمييز الإيجابي للنساء الحرب الحكم الإنجليزي- المصري العازة محمد عبد الله اليوم العالمي للمرأة تاج السر عثمان بابو ثورة 1924 حسن الجزولي دار عزة صالون فوز علي عبد اللطيف نور الشقائقالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحرب اليوم العالمي للمرأة ثورة 1924 حسن الجزولي دار عزة علي عبد اللطيف المرأة السودانیة النساء فی من أجل
إقرأ أيضاً:
“العودات: تمكين المرأة في الأردن ركيزة أساسية للإصلاح السياسي والتنمية
صراحة نيوز ـ قال وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، عبد المنعم العودات، إن الأردن قد وفر بيئة تشريعية تضمن دخول المرأة إلى العمل العام بشكل تدريجي.
وأضاف العودات، في ندوة حوارية نظمتها مؤسسة إعمار إربد تحت عنوان “مسار الإصلاح السياسي ومشاركة المرأة” اليوم السبت، أن تمكين المرأة كان من أبرز أولويات مشروع التحديث السياسي، حيث يُنظر إليها كشريك أساسي في التنمية والبناء وعملية صنع القرار.
وأكد العودات أن المرأة أصبحت حاضرة في المجالس المنتخبة والمعينة على حد سواء، ووصلت إلى أعلى مستويات تمثيل لها داخل البرلمان في المجلس الحالي. وأشار إلى أن الأردن يعد نموذجاً رائداً في المنطقة في دعم وتمكين المرأة في مختلف المجالات.
وأشار العودات إلى الإنجاز التاريخي الذي حققته المرأة الأردنية يوم الجمعة الماضي، بفوزها بمنصب نقيب أطباء الأسنان، ما يُعد محطة فارقة في تاريخ النقابات المهنية الأردنية.
ولفت إلى أن تمكين المرأة وتنمية دورها ومكانتها في المجتمع يستندان إلى الحماية الدستورية التي تقوم على المساواة بين الأردنيين، رجالاً ونساءً، وهو أساس المواطنة والمساءلة والعدالة الاجتماعية. وشدد على أهمية بناء ثقافة مجتمعية قادرة على الحد من الممارسات التمييزية التي كانت تمثل عائقاً أمام تقدم المرأة.
وفيما يتعلق بدور مؤسسات المجتمع المحلي والجمعيات، أكد العودات ضرورة توعية المواطنين بأهمية دور المرأة في مختلف المجالات، من خلال التواصل المباشر مع كافة شرائح المجتمع في المملكة.
وشدد العودات على ضرورة تعزيز الوعي الوطني والحفاظ على النسيج الاجتماعي في مواجهة التحديات التي يواجهها الأردن، وضرورة التصدي للشائعات.
كما أكد العودات على موقف الأردن الثابت والراسخ في دعم القضايا العربية والإسلامية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مشيراً إلى الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وتضمنت الندوة جلستين نقاشيتين شارك فيهما أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة، وعضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب الدكتور عبير دبابنة، وعضو مجلس الأعيان الأسبق فداء الحمود، ورئيس اللجنة القانونية بمجلس النواب مصطفى العماوي، إضافة إلى عدد من الأكاديميين والمجتمع المحلي.
ناقش المشاركون في الندوة أهمية تعزيز دور المرأة في العملية الانتخابية، سواء كمرشحة أو ناخبة، وأكدوا أن تمكين المرأة سياسياً ليس ترفاً بل ضرورة وطنية تفرضها المرحلة. كما أشاروا إلى أن الحكومة تسعى لتعزيز المشاركة النسائية من خلال إصلاحات تشريعية وإدارية تهدف إلى إزالة العقبات أمام المرأة في الحياة السياسية.
وأكد المشاركون على دور التشريع في دعم مشاركة المرأة السياسية، من خلال تطوير القوانين بما يضمن مشاركتها الفعّالة في الانتخابات البرلمانية وتعزيز حضورها في مواقع صنع القرار، مشددين على أن الإصلاح السياسي لن يكتمل دون تمكين المرأة قانونياً ومجتمعياً.
وأشاروا إلى التحديات التي تواجه زيادة مشاركة المرأة في المواقع القيادية، وأهمية توسيع مشاركتها في جميع المجالات، لضمان بيئة داعمة تمكنها من المساهمة الكاملة في بناء مستقبل الأردن.
التعديلات تهدف إلى تنظيم الأفكار بشكل أكثر تسلسلاً، مع تسليط الضوء على النقاط الجوهرية مثل أهمية تمكين المرأة في الحياة السياسية والإصلاحات التشريعية التي تدعم هذا التوجه