ملف الشهر.. مخططات التهجير من القرن الماضي حتى خطة ترامب
تاريخ النشر: 11th, March 2025 GMT
بث موقع الجزيرة نت على منصاته بمواقع التواصل الاجتماعي حلقة جديدة من "ملف الشهر" المخصص لتناول الموضوعات الراهنة والمستجدات المهمة على الساحة العالمية.
ملف هذا الشهر بعنوان "مخططات التهجير.. ترامب لن يكون الأخير"، وتطرق إلى تاريخ محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مسلطا الضوء على المخططات الصهيونية في هذا الشأن منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة.
وكان رواد الحركة الصهيونية قد دعوا منذ سنة 1920 إلى ضرورة إقناع الفلسطينيين بالهجرة الجماعية إلى بلاد العرب، وصاغوا على امتداد نحو 3 عقود لاحقة عشرات الخطط التي تهدف إلى ترحيل الفلسطينيين قسرا أو طوعا، قبل أن تتحول الخطط إلى خطوات عملية خلال أزيد من 75 سنة من الاحتلال الفعلي.
ولم تكن المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عقب إعلان دولة الاحتلال سوى ترجمة لتلك الخطط وبرامج لجان الترحيل المنبثقة عنها، حيث تعد مجزرة دير ياسين -التي راح ضحيتها نحو 250 شهيدا في أيام قليلة- إحدى وسائل العصابات الصهيونية لبث الرعب بين السكان الفلسطينيين، وتهجير أكثر من 750 ألف من بيوتهم.
ولم تتوقف إسرائيل منذ ذلك الوقت عن مساعيها لترحيل الفلسطينيين نحو أماكن عدة من العالم، حيث راوح قادتها بين الترهيب حينا والترغيب أحيانا أخرى، غير أنهم واجهوا في كل مرة تشبث الفلسطيني بالأرض وصمودا أمام جل محاولات التهجير.
إعلانوظل الإسرائيليون -خاصة مع تغلغل الصهيونية الدينية في الحكم والمجتمع- يطاردون حلم إفراغ فلسطين من شعبها، وبناء "إسرائيل الكبرى" الممتدة إلى الأراضي العربية المجاورة، لتكون الحرب الأخيرة على غزة مناسبة جديدة للتعبير على هذه الرغبة والإفصاح عن خطط جديدة لتنفيذها.
فلم تكن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي سوى فصل جديد من تاريخ متواصل من محاولات تهجير الفلسطينيين.
بالمقابل يمثل صمود أهل قطاع غزة ردة فعل منسجمة مع تاريخ فلسطيني ممتد في مقاومة مخططات التهجير وبذل التضحيات في سبيل ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
فهد الخليلي: تراجع معدلات الإنجاب مؤشر له تبعات اقتصادية تمسّ نمو السوق ونجاح الخطط التنموية
انطلاقا من أهمية استقراء التحولات التنموية من منظور المستثمرين الذين يشكلون ركيزة أساسية في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنفيذ توجهاته الاستراتيجية ، حاورت «عمان» فهد بن محمد الخليلي، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ»بيت بيان للاستثمار» منذ عام 2015، لتسليط الضوء على واقع الاستثمار في سلطنة عُمان، ومدى تفاعله مع رؤية «عُمان 2040»، وما يرافق ذلك من تحولات ديموغرافية واجتماعية، وتغيرات في البنية الاقتصادية وأسواق العمل.
وخلال الحوار، يضع الخليلي بين أيدينا قراءة معمقة للمشهد الاستثماري الحالي، ويستعرض أبرز ملامح العلاقة المتجددة بين القطاعين العام والخاص، والتحديات والفرص المرتبطة بانخفاض معدلات الإنجاب، إضافة إلى رؤيته لدور القطاع الخاص في بناء بيئة استثمارية أكثر تنافسية.
كرجل يقود مؤسسة استثمارية منذ عام 2015، كيف تقرأ التحولات الاقتصادية والاجتماعية في سلطنة عمان؟
إن التحولات الاقتصادية التي شهدناها في سلطنة عُمان جاءت بشكل رئيسي بعد تولّي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله – مقاليد الحكم، كونه كان يقود رؤية «عُمان 2040» منذ بدايتها،
وهي الرؤية التي نسترشد بها كمستثمرين، وتمثل خريطة طريق واضحة للمستقبل.
ما يلفت النظر خلال السنوات الأخيرة هو التغيير في أداء المسؤولين، ونمط تعاملهم مع المستثمرين والمطورين. على سبيل المثال، في مؤتمر ومعرض عمان العقاري الأخير، كان معالي وزير الإسكان والتخطيط العمراني يشرح بنفسه المشاريع المطروحة، ويتواصل مباشرة من هاتفه الشخصي مع المستثمرين والمطورين لمتابعة التفاصيل وتحفيزهم على الانخراط. هذا الأسلوب لم يكن موجودًا في السابق، ويعكس تحولًا حقيقيًّا نحو الشفافية والتواصل المباشر. كما أن التحول الرقمي أحدث نقلة نوعية في إنجاز المعاملات. اليوم يمكن إنجاز العديد من الإجراءات إلكترونيًّا بكل سلاسة، وهذا في حد ذاته تقدم كبير خلال ثلاث سنوات فقط.
ولا ننسى المشروعات الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة في قطاعات حيوية مثل الطاقة النظيفة، والبنية الأساسية، والمشاريع الإنشائية، هذه المشروعات، في تقديري، ستخلق عشرات الآلاف من الوظائف خلال الأعوام القادمة، وستُحدث فرقًا كبيرًا في السوق المحلي، خاصة في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، التي أتوقع أن تكون مختلفة تمامًا عما سبقها.
ماذا عن واقع الاستثمار، كيف تقيمونه؟
الواقع الاستثماري في سلطنة عُمان يختلف بطبيعة الحال من قطاع إلى آخر، لكن إذا ما تحدثنا تحديدًا عن قطاع البناء والتشييد والتطوير العقاري، فإننا نمر حاليًّا بفترة خضراء، وهي فترة مربحة وواعدة، خصوصًا بعد التحديات الكبيرة التي فرضتها جائحة كورونا على القطاع خلال الأعوام الماضية.
وما نشهده اليوم هو انتعاش مدفوع بسلسلة من التسهيلات الحكومية، والسعي الجاد والحقيقي من الجهات المعنية لتذليل الصعوبات أمام المستثمرين، وتمكين القطاع الخاص من أداء دوره الحيوي في الاقتصاد الوطني. هناك أيضًا تغير واضح في النهج الحكومي، وفي العقلية الاقتصادية التي تدير المشهد؛ حيث أصبح التركيز منصبًا على التوفيق بين القطاعين العام والخاص، وتمكين الشراكات، ورفع وتيرة الإنجاز.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط، شهدنا توقيع اتفاقيات تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والمعادن والإسكان، إضافة إلى مشروعات تتعلق ببناء السدود والطرق الخدمية، وغيرها من المبادرات الاستثمارية الكبرى. هذه أرقام كبيرة ومؤثرة، وهي تبعث برسالة واضحة عن وجود بيئة استثمارية جاذبة، وتبشر بخلق وظائف وفرص نوعية لمختلف القطاعات خلال المرحلة المقبلة.
هل هناك تداخل في الأدوار بين القطاعين العام والخاص برأيكم؟
التداخل بين القطاعين أمر طبيعي وموجود في كل مكان، لكن ما يمكن قوله بوضوح هو إن المحرك الأساسي للاقتصاد العُماني خلال السنوات الماضية كان القطاع الحكومي، وكان هو من يدفع القطاع الخاص للتحرك. اليوم، هناك رغبة واضحة لتغيير هذا النمط، والبدء بتمكين القطاع الخاص ليأخذ زمام المبادرة، ويساهم بشكل فعّال في التنمية.
ونلحظ اليوم -كما أسلفت- توجها حقيقيا من الجهات الرسمية نحو تذليل الصعوبات أمام المستثمرين، وتأسيس آليات عمل توافقية بين الطرفين، وهذا ليس مجرد حديث بل واقع ملموس، فالآن يمكنك التواصل مع أي مسؤول عبر الهاتف، وتجد منه انفتاحًا واستعدادًا للدعم، وهو تغير جذري في طريقة التفاعل الرسمي مع القطاع الخاص.
وفي القطاع الصحي، على سبيل المثال، بات 40% من عدد الأسرّة يتبع للقطاع الخاص، وهو مؤشر مهم على التمكين، وكذلك الحال في قطاع التعليم، حيث تسجل المدارس الخاصة حضورًا متزايدًا. كل ذلك يشير إلى أن هناك بيئة محفزة وجاذبة، لدرجة أن عددًا من المستثمرين من خارج عُمان باتوا يزورون البلاد بحثًا عن فرص استثمارية.
بالحديث عن المستثمرين الخارجيين، ومن خلال تواصلكم المستمر معهم، ما الذي يبحثون عنه عند التفكير في الاستثمار بسلطنة عمان؟
المستثمر الخارجي يبحث أولا عن الاستقرار، وهذا ما تتميز به سلطنة عمان، ليس فقط استقرارًا ظرفيًّا بل تاريخيًّا، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. نحن شعب اعتاد على التباين والتنوع، ومتعايش بطبعه، وهذه سمة تجعل من البيئة العمانية بيئة جاذبة ومتقبلة للاختلافات، وهو أمر مهم بالنسبة للمستثمرين.
إلى جانب ذلك، الاستقرار المالي عنصر محوري، فالريال العُماني مرتبط بالدولار الأمريكي، ولا يعاني من تذبذبات تقلق المستثمر. أيضًا التصنيفات الائتمانية لعُمان بقيت مرتفعة رغم الأزمات، وهذا يعطي ثقة في المسار المالي والاقتصادي للدولة.
أما المستثمرون الخارجيون فهم يقرؤون رؤية عمان 2040 من زاوية استشرافية؛ حين يرون أن الحكومة تفتح أبواب التوسع في قطاع معين، يبادرون بالدخول فيه. لكن ما يحتاجه المستثمر اليوم هو وضوح أكبر، لا تكفيه العناوين العريضة، بل يبحث عن تفاصيل دقيقة للفرص والعوائد المتوقعة، لأنه ببساطة أمامه خيارات كثيرة عالميًّا، ولا يمكن جذب اهتمامه دون عرض واضح ومُفصّل.
في ظل التراجع الملحوظ في معدلات، كيف ترون أثر ذلك على الاقتصاد مستقبلا؟
في عام 2012، التقيت بأحد المسؤولين في ماليزيا، وكان حينها يتحدث عن استهداف بلاده لوصول عدد السكان إلى 50 مليون نسمة. استغربت ذلك، لأن التعداد وقتها كان 27 مليونًا، وهو رقم كبير بحد ذاته. لكنه أوضح لي أن المنافسة في المنطقة تحتّم عليهم تعزيز قوتهم البشرية لمواكبة جيرانهم الأكبر عددًا.
اليوم أصبح النمو السكاني مؤشرًا تنافسيًّا بحد ذاته. نرى أوروبا -أو ما يُسمى اليوم بـ«القارة العجوز»- تبذل جهدًا مضاعفًا لتعزيز نسب الإنجاب واستقطاب الكفاءات من الخارج. وفي اليابان، حسب ما قرأت، فإن استمرار معدلات الإنجاب الحالية قد يؤدي -نظريًّا- إلى انقراض سكاني بحلول عام 3000، إذ إن عدد الوفيات بات يتجاوز عدد المواليد، وهو ما يضعهم في مأزق وجودي.
الصين أيضًا تراجعت عن سياسة الطفل الواحد بعد أن بدأت تشعر بأثر ذلك على بنيتها الاقتصادية. وبالتالي، لا يمكن فصل قضية
الإنجاب عن التخطيط الاقتصادي؛ لأنها تمسّ جوهر القوة الإنتاجية للبلد، واليد العاملة، واستدامة النمو.
بالنسبة لسلطنة عمان، تراجع معدلات الإنجاب مؤشر لا يجب تجاهله. فهو إنذار مبكر بضرورة اتخاذ تدابير تساعد العائلات العُمانية على الإنجاب ضمن ظروف معيشية مستقرة؛ لأن هذه الأجيال هي من سيقود التنمية غدًا.
ولكن ما التأثيرات الاقتصادية المباشرة التي قد نشهدها من تراجع معدلات الإنجاب خلال السنوات القليلة القادمة؟
كل منتج أو خدمة في السوق، من العقارات إلى المواد الاستهلاكية، مرتبط بالنمو السكاني. فعلى سبيل المثال، عند إطلاق مشروع عقاري جديد، فإن الفئة المستهدفة غالبًا ما تكون من العائلات الصغيرة والجيل الجديد المقبل على تأسيس حياة أسرية. وبالتالي، كل تأخر أو تراجع في الإنجاب يعني تراجعًا مباشرًا في الطلب على السكن، المدارس، المستلزمات المنزلية، وحتى الخدمات الصحية والتعليمية.
القوة الشرائية مرتبطة بالتعداد، وزيادة السكان مؤشر لا يقلق فقط سلطنة عمان بل العالم بأسره. فنجاح أي منتج أو استثمار يعتمد على وجود سوق حي ونشط، وهذا لا يتحقق إلا بوجود فئة شابة متزايدة. من هنا تأتي أهمية أن تُدرج الحكومة موضوع دعم الإنجاب ضمن خططها الاستراتيجية، سواء على المدى القريب أو البعيد، من خلال تعزيز الحوافز التي تسهّل الزواج وتخفف أعباء تكوين الأسرة.
تراجع معدلات الإنجاب ليس مجرد رقم غير مريح، بل مؤشر له تبعات اقتصادية عميقة تمسّ نمو السوق، وتوسع المشاريع، ونجاح الخطط التنموية بأكملها.
ما أبرز القطاعات التي يركّز عليها «بيت بيان للاستثمار» حاليًّا، وما مدى انسجامها مع رؤية عُمان 2040؟
رؤية عُمان 2040 شدّدت على أهمية تحسين نمط وجودة الحياة، سواء للمواطن أو المقيم، ونحن في «بيت بيان» نضع هذا الهدف في صميم مشاريعنا. من يتابع ما نطرحه يلاحظ أننا لا نكتفي بتقديم مشاريع إنشائية، بل نُقدّم أنماطًا استثنائية من حيث الجودة والمرافق والموقع، ونعمل على مواءمة مشاريعنا مع محاور الرؤية الوطنية، خاصة ما يتعلق بالاستدامة الحضرية والتكامل المجتمعي.
نحن نركز حاليًّا على قطاع التشييد والخدمات، مع حرصنا على توفير بيئات سكنية آمنة ومتكاملة، ومواقع تتسم بالكثافة السكانية المناسبة، لتكون قريبة من الناس وقريبة من بعضهم بعضًا. نسعى لتقريب الخدمات، وتفعيل الأثر الاقتصادي والاجتماعي في مواقع مشاريعنا، بما يحقق مساهمة مباشرة في الناتج المحلي ويستجيب لتطلعات المجتمع.
أما على مستوى الموارد البشرية، فقد وصلنا إلى نسب تعمين تتجاوز 90%، بكفاءات عُمانية مشهود لها. وأستغرب حقيقةً من بعض الأصوات التي تُقلل من كفاءة الموظف العُماني؛ فالعبرة في التمكين السليم، والتدريب، والثقة، والتعامل معه باحترام لخصوصيته، حينها يبرز تميّزه الحقيقي.
في ظل التحولات الحالية، ما المهارات التي يحتاجها الموظف أو المستثمر في بيئة العمل اليوم؟
بصراحة، من لا يمتلك مهارة التعامل مع الذكاء الاصطناعي اليوم يقترب من الأمية بمفهومها الجديد. هذه الأداة تشبه في تأثيرها اختراع الإنترنت من حيث النقلة المعرفية التي أحدثتها للبشرية. المهم ليس فقط معرفة الأدوات، بل القدرة على إدخال المعطيات الصحيحة واستثمار الذكاء الاصطناعي للحصول على النتائج المرجوة.
أما من جانب المستثمر، فعليه أن يكون مستعدًا لتأهيل وتدريب الكفاءات؛ لأن النجاح لا يتطلب فقط تمويلًا أو فكرة جيدة، بل بيئة عمل تدعم التطوير والتعلّم المستمر، وهذا يتطلب التزامًا حقيقيًّا من القيادات.
واليوم لم يعد هناك مبرر لعبارة «لا أعرف». كل شيء متاح، وكل مصادر التعلم أصبحت في المتناول. التحدي الحقيقي يكمن في وجود الشغف، والرضا، والإيمان بالتدرج في المسار المهني. على الشباب ألا يمانعوا من دخول سوق العمل من الرواتب البسيطة، فالتطور الحقيقي يبدأ من الخطوة الأولى، ومن هناك تبدأ رحلة النضج المهني.