بين الصراحة والتوجيه.. أيهما أكثر تأثيرًا؟
تاريخ النشر: 12th, March 2025 GMT
د. ذياب بن سالم العبري
التواصل هو عصب العلاقات الإنسانية؛ سواء في بيئة العمل أو الحياة الاجتماعية. لكن الفارق بين تواصل فعّال وآخر يسبب توترًا يكمن في الطريقة التي تُطرح بها الأفكار والملاحظات. هناك من يفضل الصراحة المباشرة في كل شيء، حتى في القضايا الحساسة، بينما يرى آخرون أن التوجيه البناء أكثر فاعلية لأنه يحفّز على التحسن دون إثارة المشاعر السلبية.
في عالم الأعمال؛ حيث تُعد التغذية الراجعة جزءًا لا يتجزأ من تطوير الأداء، يجد المديرون والقادة أنفسهم في موقف يحتاج إلى التوازن بين الصراحة المطلقة والأسلوب الداعم الذي يحقق النتائج دون إحباط الموظف. فهل يُفضَّل أن يكون القائد صريحًا بشكل قد يسبب حرجًا؟ أم أن تقديم النقد بأسلوب تحفيزي أكثر إنتاجية؟
"المحادثات الشجاعة"، كما يطرحها المفكر الأمريكي جلين سينجلتون في كتاب بنفس العنوان، تعتمد على الصراحة التامة في مناقشة القضايا الحساسة، حتى لو كانت غير مريحة، بشرط أن تكون في بيئة آمنة تُشجع على التعبير الصادق دون خوف من الأحكام المسبقة. هذا الأسلوب يمكن أن يكون فعالًا في المواضيع الاجتماعية الحساسة أو في بيئات العمل التي تحتاج إلى إصلاحات جذرية. لكنه قد يكون صعبًا على بعض الأشخاص، خاصة في المجتمعات التي تعطي أولوية كبيرة للحفاظ على العلاقات الاجتماعية واحترام المشاعر.
أما التغذية البناءة، فهي منهج أكثر شمولية في تقديم الملاحظات، حيث يتم التركيز على النقاط الإيجابية، مع تقديم النقد بطريقة تدفع الشخص للتحسين بدلًا من إشعاره بالإحباط. يتمحور هذا النهج حول تقديم الملاحظات بأسلوب يتيح للمستمع استيعابها دون أن يشعر بالهجوم أو الإحباط، مما يجعله أكثر تقبلًا للتغيير.
الفارق بين الأسلوبين لا يقتصر فقط على طبيعة الحوار؛ بل يمتد إلى تأثير كل منهما على العلاقات. فالمحادثات الشجاعة قد تكون محفوفة بالمخاطر، خاصةً إذا لم يتم إدارتها بحكمة، لأنها قد تثير التوتر أو سوء الفهم. في المقابل، التغذية البناءة تعزز الثقة والاحترام المتبادل، وتجعل الملاحظات جزءًا من عملية تطوير مستمرة.
وفي البيئات المهنية، يُفضل العديد من القادة استخدام التغذية البناءة لأنها أكثر عملية ويمكن تنفيذها بسهولة. فبدلًا من الدخول في نقاشات طويلة حول القضايا الشائكة، يتم التركيز على نقاط التحسين مع اقتراح حلول واضحة. ومع ذلك، هناك حالات يكون فيها الصمت أو المجاملة غير مُجدِييْن، وهنا تصبح المحادثات الشجاعة ضرورية لوضع النقاط على الحروف والتعامل مع المشكلات بشكل مباشر.
لكن أيهما أكثر تأثيرًا؟ الإجابة تعتمد على السياق. فإذا كان الهدف هو تحقيق وعي أعمق حول قضايا تحتاج إلى تغيير جذري، فإن الصراحة المباشرة قد تكون ضرورية. أما إذا كان الهدف هو التحسين المستمر دون التأثير على العلاقات، فإن الأسلوب البناء هو الخيار الأفضل. وفي أفضل الأحوال، يمكن دمج النهجين معًا، بحيث يكون هناك توازن بين الصراحة والتوجيه، مما يخلق بيئة تواصل أكثر صحة وإنتاجية.
في النهاية.. الأمر لا يتعلق فقط بما نقوله؛ بل كيف نقوله؛ لأن الطريقة التي نقدم بها الملاحظات قد تجعلها إما أداة للتطوير، أو سببًا للتوتر وسوء الفهم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نقيب العلاج الطبيعي: قصر التغذية العلاجية على خريجى 3 كليات انتصار للمهنة
وجه الدكتور سامي سعد، النقيب العام للعلاج الطبيعي، التحية والتقدير إلى الدكتور أحمد السبكي، رئيس هيئة الرعاية الصحية، مؤكدا حرصه الشديد على حضوره فعاليات مؤتمر "تحدي الإعاقة" في نسخته السابعة، قائلا إن المؤتمر "يليق بقدره، لأن قاطرة مهنة العلاج الطبيعي هو من سيقودها".
وخلال كلمته بالمؤتمر، أكد الدكتور سامي سعد، أن الدكتور أحمد السبكي "رجل دولة بحق"، مشيرا إلى أنه سيرى مستقبلا في مواقع قيادية أكبر داخل منظومة الصحة، لا سيما في ظل الدعم الكبير الذي يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي للقطاع الصحي.
وهنأ النقيب الدكتورة أمل يوسف على تجديد قرار تعيينها عميدة لكلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة، كما أعرب عن اعتزازه بإعلان إنشاء كلية جديدة للعلاج الطبيعي داخل الأكاديمية العسكرية تستقبل 100 طالب هذا العام، بهدف تغطية احتياجات المستشفيات العسكرية من الكوادر المؤهلة.
وأشار سامي سعد إلى أن المجلس الأعلى للجامعات أصدر خلال السنوات الثلاث الماضية عدة قرارات هامة، من بينها: قرارا بقصر منح التغذية العلاجية على كليات الطب البشري والصيدلة والعلاج الطبيعي فقط، مؤكدا أن هذا "القرار يمثل خطوة جوهرية لصالح المهنة وضمان جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى".
واستعرض النقيب جهود النقابة في مواجهة الدخلاء على المهنة، قائلا: "عانينا كثيرا من الدخلاء والأدعياء، وعملنا لسنوات للوصول إلى حظر وتجريم كل من يلمس مريضا من غير المختصين بالقطاع الطبي"، مشيرا إلى صدور قرار رسمي بإلغاء اللجنة النقابية المهنية للعاملين بالإصابات والتأهيل—المعروفة سابقا بانتمائها لخريجي التربية الرياضية—وهو ما يعد انتصارا مهما في حماية المهنة وصون حقوق المرضى.