تظهر حدة التنافس بين الصين والولايات المتحدة في القارة الأفريقية من خلال مشاريع البنية التحتية، حيث تسعى بكين لإحياء "سكة الحرية"، بينما تدعم واشنطن مشروع ممر لوبيتو.

وتقول الكاتبة مونيكا مارك في تقرير بصحيفة "فايننشال تايمز" إن الصين شيّدت "سكة الحرية" التي تربط بين زامبيا وتنزانيا قبل عدة عقود، وتحديدا في عهد الزعيم ماو، حيث قدمت قروضا دون فائدة بقيمة مليار يوان، وعمل فيها آلاف العمال الصينيين جنبا إلى جنب مع السكان المحليين، وكانت في ذروتها تنقل أكثر من مليون طن من النحاس والسلع الاستهلاكية والركاب سنويًا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقارير استخباراتية أميركية: بوتين لن يتنازل عن السيطرة على أوكرانياlist 2 of 2صحف عالمية: التجويع المتعمد للمدنيين في غزة جريمة حربend of list

وأضافت الكاتبة أنه بسبب نقص التمويل وسوء الإدارة أصبحت العربات مهملة والقضبان متهالكة، لكن زامبيا وتنزانيا تجريان حاليا مفاوضات مع تحالف تقوده شركة صينية لإعادة تأهيل وتشغيل السكة الحديدية بصفقة قيمتها مليار دولار، مما قد ينعش طريق تصدير إستراتيجي يعزز نفوذ بكين في المنطقة.

نهج صيني مختلف

وحسب الكاتبة، فإن الاهتمام بالسكك الحديدية يعد نموذجا لنهج متجدد وأكثر مرونة ضمن الإستراتيجية الصينية للتنمية في الخارج، ويتزامن مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقليص ميزانية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والقرار المماثل الذي اتخذته المملكة المتحدة، مما يثير تساؤلات عن مدى التزام الغرب بالمساعدات الخارجية ومشاريع التنمية عالميا.

إعلان

وأوضحت الكاتبة أن الصين سلكت منذ فترة طويلة نهجا مختلفا عن الدول الغربية، حيث لا تركز على المساعدات الإنسانية بقدر ما تهتم بتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى، والتي يرى العديد من القادة الأفارقة أنها ضرورية لانتشال بلدانهم من الفقر.

وترى أن "سكة حديد تازارا" أو "سكة الحرية" كما أطلق عليها الصينيون حين تم تشييدها في سبعينيات القرن الماضي، تمثل محاولة جديدة لإنعاش أسهم الشركات الصينية المملوكة للدولة، وذلك بعد تعثر عدد من الدول في سداد القروض الصينية ضمن مبادرة الحزام والطريق، ومنها زامبيا.

الاهتمام بالسكك الحديدية يعد نموذجا لنهج متجدد وأكثر مرونة ضمن الإستراتيجية الصينية للتنمية في الخارج (شترستوك) مشروع أميركي منافس

تقول الكاتبة إن نجاح المشروع الصيني قد يكون له تداعيات كبيرة على صراع النفوذ بين القوى الكبرى في قارة غنية باحتياطيات النحاس والمعادن الأساسية الأخرى الضرورية للتحول العالمي في مجال الطاقة.

وتوضح أن المشروع الصيني يقابله مشروع منافس تدعمه الولايات المتحدة، حيث يجري العمل حاليا على تحديث ممر لوبيتو الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية، بهدف نقل موارد زامبيا غربا عبر أنغولا.

وقد تم الاتفاق على هذا المشروع في عهد الرئيس السابق جو بايدن عبر مؤسسة التمويل الدولية، حيث تعهدت واشنطن بتقديم قرض بقيمة 553 مليون دولار وفق نموذج استثماري يجذب مستثمرين من القطاع الخاص.

ورغم أن قرار ترامب بتقليص المساعدات الخارجية الأميركية يثير حالة من عدم اليقين بشأن تمويل ممر لوبيتو، يرى الخبراء أن هذا النوع من المشاريع التجارية والإستراتيجية قد يشكل ملامح النفوذ الأميركي في القارة خلال الفترة القادمة.

ونقلت الكاتبة عن بيتر دويل، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي والباحث في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، قوله إن رئاسة ترامب تمثل تغييرا جذريا في طريقة إدراك واشنطن لمصالحها في أفريقيا، مضيفا أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن نفوذها لصالح الصين.

إعلان نفوذ ناعم

يعتقد كوبوس فان ستادن، المدير التنفيذي لمشروع الصين أفريقيا، أن بكين قد لا تسد فجوة التمويل الإنساني التي خلفتها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، إلا أنها قد توسع نفوذها الناعم بطرق أخرى.

وحسب رأيه، فإن هذا النفوذ قد يتعزز من خلال العمل على مشاريع مثل "المزارع النموذجية"، حيث تتعاون الجامعات الصينية والأفريقية في تطوير بذور مقاومة للتغيرات المناخية، مضيفا أن هذه المشاريع "ليست تجارية بالكامل، لكنها أيضا لا تُعتبر مساعدات بالمعنى التقليدي".

ويعتقد عدد من الخبراء -وفقا للكاتبة- أن تتحول المساعدات التنموية الأميركية إلى ما يشبه التوجه الصيني، وهي الإستراتيجية التي تعمل وفقها مؤسسة التمويل الدولية للتنمية، التي أنشأها ترامب خلال ولايته الأولى للاستثمار في الأسواق الناشئة ومنافسة مشاريع البنية التحتية الصينية في الجنوب العالمي.

ونقلت الكاتبة -عن مصادر مطلعة- أن مؤسسة التمويل الدولية للتنمية ما زالت ملتزمة بالمشاركة في مشروع لوبيتو، ومن المقرر أن تصرف جزءا من القرض هذا الشهر.

لكن المؤسسة نفسها تواجه تدقيقا من الإدارة الجديدة بشأن هيكلها وأهدافها، وما إذا كان ينبغي لها التركيز على الاقتصادات الكبرى واتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الدول التي تواصل التعاون مع الصين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات

إقرأ أيضاً:

"أكسيوس": السياسة التجارية الأمريكية زادت شعبية الصين عالميا


ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي أن تحليلات شركة "مورنينغ كونسلت" أوضحت أن السياسة التجارية الأمريكية عززت مكانة الصين على الساحة العالمية على حساب الولايات المتحدة.

وأشار "أكسيوس" إلى أن تدهور سمعة الولايات المتحدة يكلفها بالفعل خسائر اقتصادية، بدءا من انخفاض أعداد الزوار الأجانب النافرين من سياسة البيت الأبيض وصولا إلى تراجع قيمة الدولار. بالإضافة إلى تقلص فرص التجارة والاستثمار للشركات الأمريكية العاملة في الخارج، حيث يتجنب المستهلكون منتجاتها وفرص العمل التي توفرها، حسب تحليلات "مورنينغ كونسلت".

بالإضافة إلى أن تدهور سمعة الولايات الأمريكية يثير المخاوف في مشروع قانون الضرائب الذي قد يقلل الطلب على الأصول الأمريكية، كذلك خسائر حظر الطلاب الأجانب الدارسين في الولايات المتحدة.

ووفقا لتحليلات "مورنينغ كونسلت"، فإن شعبية أمريكا كانت قد بدأت في التحسن قليلا بعد أن وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خفض الرسوم الجمركية على الصين في أوائل مايو الماضي، إلا أن ترامب صرح يوم الجمعة الفائت بأن الصين "انتهكت الصفقة بشكل كامل"، مما أشعل فتيل التوتر الهش من جديد.

وبحسب بيانات شهر مايو الماضي الحصرية التي قدمتها "مورنينغ كونسلت" لـ "أكسيوس"، بلغ صافي تقييم التأييد للصين 8.8 في نهاية مايو، مقارنة بـ 1.5 للولايات المتحدة.

يذكر أنه في يناير 2024، كان تقييم أمريكا فوق 20 بينما كانت الصين في المنطقة السلبية.


كانت سمعة الولايات المتحدة إيجابية إلى حد كبير العام الماضي، لكنها تراجعت بشدة بعد تولي الرئيس ترامب منصبه.

ومنذ يناير2025، تُظهر الغالبية العظمى من الدول تدهورا في النظرة تجاه أمريكا وتحسنًا في النظرة تجاه الصين في نفس الوقت، ولكن "فقط في روسيا تحسنت النظرة تجاه أمريكا بشكل ملحوظ"، حسب "أكسيوس".

في المقابل، كان تقييم الصين سلبيا منذ أكتوبر 2020 عندما بدأت "مورنينغ كونسلت" تتبعه، لكنه بدأ يتحسن بعد انتخابات نوفمبر الماضي. وجاء معظم التحسن منذ مارس الماضي، بما في ذلك ارتفاع حاد بعد إعلانات ترامب حول التعريفات الجمركية

مقالات مشابهة

  • "أكسيوس": السياسة التجارية الأمريكية زادت شعبية الصين عالميا
  • شركات بريطانية تدخل غمار مشاريع مونديال 2030 بالمغرب بعد إعلان الموقف الواضح للمملكة المتحدة من قضية الصحراء
  • الكاتبة فاطمة ناعوت تنضم إلى الهيئة العليا لحزب العدل
  • الصين ترد على وزير الدفاع الأمريكي: عقلية الحرب الباردة لن تُحلّ السلام
  • دعوة أممية للمساءلة والإنصاف لضحايا الاستعباد والاستعمار في أفريقيا
  • المقاولون العرب وCSCEC الصينية تؤسسان تحالفًا مشتركًا لتوسيع نطاق العمل في أفريقيا
  • الصين تحذر الولايات المتحدة من "اللعب بالنار".. ماذا حدث؟
  • الصين تحذر الولايات المتحدة من اللعب بالنار بشأن تايوان
  • الخارجية الصينية: أمريكا تساومنا بقضية تايوان
  • ما لعبة إسرائيل وأميركا في مقترح ويتكوف؟ ولماذا لم توافق حماس حتى الآن؟