دور الدفع الالكتروني في تعزيز نظامنا المصرفي
تاريخ النشر: 14th, March 2025 GMT
في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم، باتت الأنظمة المالية والمصرفية تواجه تحولات جذرية تهدف إلى تعزيز الكفاءة والشفافية والشمول المالي. ومن بين هذه التحولات، يبرز نظام الدفع الإلكتروني كأحد الركائز الأساسية في إصلاح الأنظمة المصرفية، خاصة في الدول النامية مثل العراق. فالنظام المصرفي العراقي، الذي عانى لسنوات طويلة من التحديات الهيكلية وضعف البنية التحتية، بدأ يشهد تحولات إيجابية بفضل تبني تقنيات الدفع الإلكتروني.
يؤثر الدفع الإلكتروني في النظام المصرفي عموما من خلال:
1. زيادة الثقة في النظام المصرفي: يعزز الدفع الإلكتروني ثقة العملاء في النظام المصرفي من خلال اتاحة وسائل دفع آمنة وسريعة. فعندما يشعر الأفراد بأن معاملاتهم المالية محمية ويمكن إجراؤها بسهولة، فإنهم يميلون إلى إيداع أموالهم في البنوك بدلاً من الاحتفاظ بها نقدًا.
2. تعزيز الشمول المالي: يسهل الدفع الإلكتروني وصول الأفراد والشركات الصغيرة إلى الخدمات المصرفية، خاصة في المناطق النائية أو التي تعاني من نقص في الفروع المصرفية. فعندما يتمكن المزيد من الأشخاص من فتح حسابات بنكية وإجراء معاملات مالية بسهولة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة معدلات الودائع، حيث يصبح إيداع الأموال في البنوك أكثر جاذبية مقارنة بالاحتفاظ بها خارج النظام المصرفي.
3. تقليل الاعتماد على النقد: في الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على النقد، تكون معدلات الودائع منخفضة نسبيًا بسبب انتشار الثقافة النقدية. ومن خلال تبني الدفع الإلكتروني، يمكن تقليل الاعتماد على النقد وتحفيز الأفراد والشركات على إيداع أموالهم في البنوك، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الودائع.
4. تحسين كفاءة العمليات المصرفية: يقلل الدفع الإلكتروني من التكاليف التشغيلية للبنوك، حيث يتم تقليل الحاجة إلى الفروع التقليدية والعاملين فيها. هذا التحسن في الكفاءة يمكن أن ينعكس على تقديم عوائد أفضل على الودائع، مما يجعلها أكثر جاذبية للمدخرين.
5. زيادة الشفافية ومكافحة الفساد: يعزز الدفع الإلكتروني الشفافية في النظام المالي، حيث تصبح المعاملات المالية مسجلة ومراقبة. هذا يقلل من مخاطر الفساد والتهرب الضريبي، مما يعزز ثقة العملاء في النظام المصرفي ويشجعهم على الإيداع .
وكدليل على وجود علاقة إيجابية قوية بين انتشار الدفع الإلكتروني وزيادة معدلات الودائع في النظام المصرفي فان البيانات العالمية تشير الى ذلك وبشكل واضح ، فيلاحظ ان الدول التي تبنت أنظمة دفع الكتروني فعالة، كالصين والهند وكينيا مثلا ، ارتفعت معدلات الودائع فيها بشكل ملحوظ مبينة تأثيراً للدفع الالكتروني تجاه النظام المصرفي. وكما يأتي :
1. الصين:
هي واحدة من أكثر الدول تقدماً في مجال الدفع الإلكتروني، حيث يعتمد أكثر من 80% من السكان على منصات مثل Alipay وWe Chat Pay. ووفقاً لتقارير البنك الدولي، ارتفعت معدلات الودائع في الصين بشكل ملحوظ مع انتشار الدفع الإلكتروني، حيث وصلت نسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 180% في عام 2022. وقد ساهم الدفع الإلكتروني في زيادة الشمول المالي، حيث ارتفع عدد الحسابات البنكية من 64% في عام 2011 إلى أكثر من 90% في عام 2022.
2. الهند:
بعد إطلاق نظام الدفع الموحد (UPI) في الهند، ارتفعت نسبة الودائع في البنوك بشكل كبير. ففي عام 2022، وصلت نسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 75%، مقارنة بـ 60% في عام 2016. فقد ساهم الدفع الإلكتروني في زيادة عدد الحسابات البنكية من 35% في عام 2011 إلى أكثر من 80% في عام 2022.
3. كينيا:
تعتبر كينيا من الدول الرائدة في استخدام الدفع الإلكتروني عبر الهواتف المحمولة من خلال نظام M-Pesa. لقد ارتفعت نسبة الودائع في البنوك من 20% في عام 2007 إلى أكثر من 70% في عام 2022، وذلك بفضل انتشار الدفع الإلكتروني وزيادة الشمول المالي.
4. السويد:
السويد هي واحدة من أكثر الدول اعتماداً على الدفع الإلكتروني، حيث تشكل المعاملات النقدية أقل من 1% من إجمالي المعاملات. بينما نسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي في السويد فتبلغ حوالي 90%، مما يعكس ثقة عالية في النظام المصرفي.
وفي العراق، لا تزال نسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة نسبياً مقارنة بالدول الأخرى، حيث سجلت انخفاضا بنسبة 9 % . ومع ذلك، فإن القطاع المصرفي منذ عام 2024 بدأ يشهد انخفاضًا ملحوظًا في إجمالي قيمة الودائع بنسبة 9% من قيمتها البالغة 123.5 ترليون دينار عام 2024 بعد ان كانت 133.5 تريليون عام 2023 ، على الرغم من زيادة عدد الحسابات البنكية بعدتبني الدفع الإلكتروني بشكل واسع، وارتفاع مستوياتهامن 23% إلى حوالي 50% في غضون سنوات قليلة. مما يفصح عن اسباب أدت إلى تراجع قيمة الودائع لدى الجهاز المصرفي، خاصة في ظل توجه البنك المركزي نحو تعزيز أدوات الدفع الإلكتروني وزيادة الاعتماد على القطاع المصرفي. الامر الذي يشكل تحديات كبيرة على الحكومة ان توجهها وتضع لها خططا متوسطة الاجل وطويلة الاجل وان تتبنى سياسات داعمة باتجاه تلك التحديات التي تتمثل بما يأتي:
1. ضعف البنية التحتية التكنولوجية: لا تزال شبكات الاتصالات والإنترنت في العراق تعاني من مشكلات في الجودة والتغطية، مما يعيق تطبيق أنظمة الدفع الإلكتروني بشكل فعال.
2. انخفاض مستويات الثقافة المالية: اذ يعتمد جزء كبير من السكان على التعاملات النقدية بسبب عدم وجود وعي كافٍ بفوائد الدفع الإلكتروني وكيفية استخدامه.
3. غياب الإطار القانوني والتنظيمي: يحتاج تطبيق الدفع الإلكتروني إلى وجود قوانين وأنظمة واضحة تحكم عمليات الدفع الإلكتروني وتحمي حقوق المستهلكين، وتدفع باتجاه تسهيل عمليات الدفع ومرونتها .
4. مخاوف أمنية: لا يزال بعض الأفراد يخشون من مخاطر القرصنة الإلكترونية وسرقة البيانات، مما يحد من استخدامهم للدفع الإلكتروني.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار فی النظام المصرفی الدفع الإلکترونی إلى أکثر من الودائع فی فی البنوک فی عام 2022 من خلال
إقرأ أيضاً:
وداعًا الكمسارى
مع بدء التشغيل التجريبى لمنظومة الدفع الإلكترونى فى حافلات النقل العام بالقاهرة، أصبح مصير المحصلين أو من يعرفون بـ«الكمساري» واضحًا فهو محطة النهاية، الخطوة الجديدة، التى تستهدف إلغاء التذكرة الورقية بالكامل خلال عام 2026، تأتى فى إطار خطة تطوير المواصلات العامة وتحويل القاهرة إلى مدينة ذكية تتبع أحدث أساليب الدفع الإلكترونى فى العالم.
لم يعد المواطن مضطرًا اليوم إلى البحث عن «فكة» لدفع الأجرة أو التعامل مع المحصل داخل الحافلة.
وفق تصريحات محافظ القاهرة إبراهيم صابر، سيحمل كل راكب كارتا ذكيا مسبق الدفع، يتم شحنه من المحطات النهائية أو منافذ هيئة النقل العام، ويستخدم لدفع ثمن الرحلة عبر ماكينات إلكترونية مثبتة عند الباب الأمامى للحافلة.
وتوضح هذه الخطوة أن دور المحصل التقليدى الذى كان يمثل جزءًا من منظومة النقل العام لسنوات طويلة قد انتهى رسميًا، ليصبح التعامل مع المواطنين بالكامل إلكترونيًا، ما يوفر الوقت، ويقضى على أزمة «الفكة» التى طالما أثقلت كاهل الركاب.
تعتمد المنظومة على احتساب قيمة الرحلة حسب عدد المحطات والمسافة المقطوعة، بحيث يدفع الراكب الذى يقطع مسافة قصيرة أقل من راكب الخط الكامل. هذه الطريقة لا تضمن فقط عدالة التسعير، بل تشجع المواطنين على استخدام حافلات النقل العام بشكل أكبر، كما تقلل الاحتكاك بين الركاب والمحصلين بسبب مشكلات النقد والفكة.
تعد هذه الخطوة جزءًا من جهود محافظة القاهرة لتطوير البنية التحتية للمواصلات العامة، وجعلها أكثر كفاءة وانسيابية، بما يتماشى مع رؤية مصر للتحول الرقمى فى الخدمات الحكومية.
وتأتى المنظومة ضمن مشروعات النقل الذكى التى تتبناها الهيئة لتسهيل حياة الركاب، وتحسين جودة الخدمات، وتقليل الازدحام داخل الحافلات.
مع التشغيل التجريبى لمنظومة الدفع الإلكتروني، ينهى قطاع النقل العام دور المحصل التقليدى نهائيًا فى القاهرة، ليحل محله الكارت الذكى والتكنولوجيا الحديثة.
ومع نهاية حقبة طويلة من الاعتماد على المحصلين، تتجه القاهرة نحو مستقبل أكثر ذكاء وكفاءة فى مجال المواصلات العامة.
ولم تستطع هيئة النقل العام الاستغناء على المحصلين بل سوف يتم تكليفهم بمهام أخرى.