مفتي الجمهورية: دراسة الفلسفة ليست حرامًا فهي من ألوان إعمال العقل والاجتهاد
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن سؤال: "هل دراسة الفلسفة حرام؟" يقتضي الوقوف أولًا على معنى الفلسفة، حتى يتأتى الجواب الصحيح.
وأوضح مفتي الجمهورية، خلال حديثه الرمضاني، أن الفلسفة في أبسط معانيها، هي محبة الحكمة، بل يمكن النظر إليها أيضًا على أنها التشبُّه بالأخلاق الإلهية قَدْرَ الطاقة الإنسانية، وبناءً على هذه التعريفات يمكن القول بأن الفلسفة هي عين الحكمة، وهي بذلك لا تتناقض مع الدين ولا تعارضه.
وأضاف أن الحكمة –وهي غاية الفلسفة– تعني الإصابة في القول والعمل، وقد نص القرآن الكريم على هذه الحكمة في غير موضع، منها قول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2]، وقوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]، وقد فسِّر العلماء الحكمة بالسُّنة، وبعضهم فسَّرها بإصابة القول والعمل.
وأكَّد مفتي الجمهورية أن العلاقة بين الفلسفة وبين العلوم الشرعية علاقة وثيقة، بل يمكن القول إنها علاقة تآخٍ وتعاضد وتكامل، لا تعارض ولا تناقض، موضحًا أن علماء الحضارة الإسلامية في عصورها الزاهرة نظروا إلى الفلسفة على أنها إعمال للعقل، وهو من الأمور التي دعا إليها الدين وحث عليها القرآن الكريم في مواضع كثيرة، كقوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ} [الروم: 42].
وتابع: "إذا كانت الفلسفة تسعى إلى الحكمة، وهي غاية نبيلة مشتركة بينها وبين النص الديني، وكانت ناتجة عن إعمال العقل، والعقل مخلوق من مخلوقات الله، فكيف تكون محرمةً؟ بل إن بعض العلماء سعى إلى التوفيق بين الفلسفة والدين من خلال وحدة المصدر، فالدين من عند الله، والعقل من خلق الله أيضًا".
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن هناك أيضًا وحدة في الغاية، فكلاهما يسعى إلى الكمال في القول والعمل، وهذه العلاقة أنتجت نوعًا راقيًا من التفكير، ورؤية اجتهادية متكاملة جمعت بين المنهج الفلسفي المنظم والرؤية الشرعية الواسعة.
واستعرض مفتي الجمهورية نماذج من علماء المسلمين الذين جمعوا بين الفقه والفلسفة، ومنهم الإمام الغزالي، الذي وُصف بأنه فقيه وفيلسوف ومتكلم وأصولي، وترك تراثًا علميًّا يعكس هذه المَلَكة الشرعية والهبة العقلية، خاصة في كتابه "المستصفى"، وكذلك ابن رشد الفقيه المالكي والفيلسوف الأندلسي، الذي ألَّف كتاب "بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، وجمع فيه بين التحرير الفقهي والرؤية الفلسفية.
ولفت الانتباه إلى أن ابن رشد عبَّر عن هذه العلاقة بقوله إن الحكمة هي الأخت الشقيقة للشريعة، موضحًا أن الشريعة نفسها هي التي دعت إلى التفلسف وأوجبت النظر العقلي، ولكن بشروط، من أهمها: الهبة الفطرية (الذكاء)، والعدل والموضوعية.
وختم مفتي الجمهورية حديثه بالتأكيد على أن دراسة الفلسفة من الأمور المباحة، بل هي -في هذا العصر- من أوجب الواجبات، في ظلِّ هذا الانفتاح الفكري وتعدد المذاهب والاتجاهات، مشددًا على أن رد الشبهات، وتقويم الأفكار، والاستفادة من الإيجابيات لا يتأتى إلا بفهم الفلسفة، التي هي لون من ألوان إعمال العقل والاجتهاد
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدين الفلسفة مفتي الجمهورية الحكمة دراسة الفلسفة المزيد مفتی الجمهوریة على أن
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يستقبل سفير تايلاند بالقاهرة لبحث تعزيز التعاون.. صور
استقبل الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، السفير تاناوات سيريكول سفير مملكة تايلاند بالقاهرة؛ لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين دار الإفتاء المصرية والمؤسسات الدينية في مملكة تايلاند، لا سيما في مجال تدريب المفتين وتأهيلهم.
وخلال اللقاء، استعرض المفتي جهود دار الإفتاء المصرية في مجال إعداد وتأهيل المفتين، مشيرًا إلى أن الدار تمتلك منظومة تدريبية متكاملة تسهم في دعم الخطاب الديني والإفتائي الرشيد محليًّا وعالميًّا.
وأكد مفتي الجمهورية، عمق العلاقات التي تربط مصر بمملكة تايلاند، مشددًا على أن دار الإفتاء ترحب دومًا بتقديم خبراتها لجميع المؤسسات الدينية حول العالم، مبديًا استعداد الدار لتقديم مزيد من برامج التدريب والتأهيل لعلماء تايلاند، بما يشمل مهارات الإفتاء، ومواجهة الفكر المتطرف والإلحادي، والاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الإفتاء، فضلًا عن التدريب على الدعم في مجال الإرشاد الزواجي وتعزيز التماسك الأسري.
وقال عياد، إن دار الإفتاء أصبحت بيت خبرة عالميًّا في مجال صناعة الإفتاء، ونحرص على تعميم تجربتنا الناجحة بما يعزز من قدرات المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي على مواجهة التحديات الفكرية والمعرفية المعاصرة".
من جانبه، أعرب السفير التايلاندي عن تقديره لجهود دار الإفتاء المصرية في خدمة قضايا العالم الإسلامي، مشيدًا بالتطور الكبير الذي تشهده الدار في مجالات التدريب والإفتاء ومواجهة الفكر المتطرف، مؤكدًا تطلع بلاده إلى تعزيز أواصر التعاون مع دار الإفتاء المصرية، والاستفادة من خبراتها العريقة، خاصة في تدريب المفتين وتطوير الخطاب الديني المعتدل في تايلاند، بما يسهم في نشر قيم التسامح والتعايش السلمي.