القيم والتقاليد عند مفترق الطرق.. كيف ندير التغيير؟!
تاريخ النشر: 15th, March 2025 GMT
••ليس منطقيا أن يكون الصدام أو العنف هو الحل الأمثل في مواجهة التحولات التي تشهدها القيم والعادات والتقاليد في أي مجتمع من المجتمعات، وهذه القيم تواجه في الوقت الراهن تحديات كبرى بسبب المتغيرات التي يشهدها العالم الذي نعيشه بما في ذلك صراع الأجيال وثورة المعلومات والصراعات النفسية التي يمر بها الشباب والمراهقين في مرحلة شديدة الحساسية لبناء الذات.
•يبدو موضوع القيم والعادات والتقاليد شديد الحساسية بالنظر إلى كونه المنظومة التي تعكس هُوية الشعب وتحدد إطاره الأخلاقي والاجتماعي. لكن من الصعب الاعتقاد أن هذه المنظومة ثابتة لا تتغير أو أنها بمنأى عن المتغيرات التي تحدث في العالم لأنها في الحقيقة ووفق الدراسات العلمية ووفق منطق الأشياء تخضع للتحولات الطبيعية التي تفرضها تطورات الزمن. ولا تكمن الإشكالية في حدوث التغيير أو التحول ولكن في نوعية ذلك التحول، وهل يتم وفق عملية تطور طبيعي يحافظ على جوهر القيم ويعيد صياغتها بما يتناسب مع العصر، أم أنه انزياح يبتعد عن الأسس التي قامت عليها المجتمعات؟
•في العقود الأخيرة، شهد مجتمعنا تغيرات واضحة في أنماط الحياة، بفعل التطور التكنولوجي والانفتاح الإعلامي، إضافة إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية. هذه التغيرات أفرزت أجيالا تحمل رؤى مختلفة عن الأجيال السابقة، حيث بات الشباب أكثر ميلا للحداثة والتقليد، وأكثر تحررا في سلوكهم وخياراتهم، ما أدى إلى تصادم، أحيانا، بين القيم التقليدية والممارسات الجديدة.
•لكن المشكلة ليست في التغيير بحد ذاته، وإنما في طبيعته؛ ففي الوقت الذي يفترض أن تسير التحولات نحو تعزيز القيم الإيجابية وتجديدها بما يخدم تطور المجتمع، نجد أن بعض الانزياحات تأخذ مسارا يؤدي إلى تراجع الأخلاق العامة، وتفكك الروابط الأسرية، وانحسار روح المسؤولية الاجتماعية. هذه المظاهر لا تمثل تطورا، بل تعكس خللا في التوازن بين الحاجة إلى التحديث والحفاظ على القيم الراسخة.
•والأمم لا تبني مستقبلها بالتخلي عن تراثها وهويتها، بل من خلال تطوير منظومة قيمية تجمع بين الأصالة والتجديد. فالحداثة الحقيقية ليست في نبذ العادات والتقاليد، وإنما في إعادة قراءتها وفق متطلبات العصر، بحيث تبقى الأخلاق، والاحترام، والانتماء الوطني، وحس المسؤولية، مبادئ غير قابلة للتلاشي.
•الحل الأمثل في مثل هذه التحديات التي تواجه المجتمعات هو في إدارتها، إدارة التغيير ذاته، وفي بناء وعي مختلف عند الشباب والمراهقين الذين يقودون هذه الانزياحات عن النماذج الثابتة التي تقرها المجتمعات، وهذا الأمر يحتاج إلى جهد وطني جماعي تشترك فيه الأسرة والمجتمع المحلي والمساجد والمدارس والأندية الرياضية وبشكل خاص الفرق الرياضية الموجودة في الحارات والتي لديها قدرة تأثير غير ملتفت لها حتى الآن.
•على سبيل المثال كان يمكن أن تقوم هذه الفرق الرياضية بتنظيم فعاليات متنوعة في ليلة النصف من رمضان مرتبطة بمنظومة المجتمع وقيمه ولا تترك فرصة للشباب والمراهقين للخروج عليها عبر ممارسة سلوكيات يرفضها المجتمع ولا تتناسب حتى مع روحانيات الشهر الفضيل. هذا الأمر طبقته بعض الولايات وحقق نجاحا كبيرا بل إن الصورة الذهنية التي رسمها خرجت من إطارها العماني إلى العربي حيث تم تناقلها والإشادة بها.
•موضوع إدارة التغيير مهمة جدا وفارقة في القدرة على ترسيخ الحدث في الوعي والوجدان، لكن أيضا يحتاج الأمر إلى إرادة مجتمعية، كل مؤسسات المجتمع، من أجل النجاح والاستمرار.
•ولا بد من القول إن قوة المجتمع في قدرته في إدارة التغيير وفي الموازنة بين الأصالة والمعاصرة وفي توجيه أجياله نحو المستقبل دون أن يفقد جذوره، وأيضان دون أن يفقدهم عبر تمردهم عليه. والتغيير سنة الحياة، لكن الوجهة التي يسلكها هذا التغيير هي ما يحدد مصير الشعوب والأمم.•
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
عبد الملك بن كايد: «تحقيق أمنية» تجسد القيم الإنسانية الإماراتية
أشاد الشيخ عبد الملك بن كايد القاسمي، المستشار الخاص لصاحب السمو حاكم رأس الخيمة، بالدور الإنساني الذي تقوم به مؤسسة «تحقيق أمنية» في الإمارات برئاسة الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان حرم سمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان مستشار صاحب السمو رئيس الدولة.
وأكد الشيخ عبد الملك بن كايد، خلال استقباله في مجلسه بمنطقة الزهراء برأس الخيمة وفداً من المؤسسة، أن الجهود التي تبذلها في تحقيق أمنيات الأطفال المرضى تُجسّد أسمى معاني الرحمة والتكافل الاجتماعي، وتعكس القيم الإماراتية الأصيلة في العمل الخيري والإنساني.
وأشار إلى أن مثل هذه المبادرات تسهم في تعزيز الأمل لدى الأطفال المصابين بأمراض خطرة، وتُحدث أثراً إيجابياً عميقاً في نفوسهم وأسرهم. وأشاد بقيادة الشيخة شيخة بنت سيف للمؤسسة وحرصها المستمر على توسيع نطاق عملها داخل الدولة وخارجها.
وتطرق الشيخ عبد الملك بن كايد إلى أهمية دعم الاستدامة من خلال الوقف المخصص للجهات الخيرية والإنسانية لما له من دور في استمرار العمل الخيري والإنساني.
وأكد هاني الزبيدي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، أن دعم الشخصيات الوطنية البارزة، مثل الشيخ عبد الملك بن كايد القاسمي، يشكل دافعاً قوياً لمواصلة مسيرة العطاء والإنجازات التي حققتها خلال السنوات الماضية.
وقال: منذ تأسيس «تحقيق أمنية» عام 2010 برعاية الشيخة شيخة بنت سيف آل نهيان، حققت العديد من الإنجازات الباهرة بهدف منح الأمل والسعادة للأطفال المرضى داخل الإمارات وخارجها.
وأضاف أن المؤسسة تمكنت من تحقيق أكثر من 7800 أمنية منذ عام 2010 لأطفال مرضى من مختلف الجنسيات والحالات الصحية. ونوّه بأن المؤسسة أصبحت فرعاً معترفاً به عالمياً وحظيت بمئات الشراكات مع مؤسسات حكومية وخاصة إلى جانب تنظيمها فعاليات كبرى مثل «سباق الأمنيات» بصفة سنوية في أبوظبي. (وام)