تقرير لـ «الأمم المتحدة» يكشف فظائع بمعتقلات الدعم السريع و الجيش بالخرطوم
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
كشف تقرير لـ «الأمم المتحدة» حول مراكز الاحتجاز بولاية الخرطوم في سياق النزاع في السودان فظائع و انتهاكات مروّعة لقوات الدعم السريع و الجيش بولاية الخرطوم شملت التعذيب و التجويع و الإخفاء القسري. الخرطوم ـــ التغيير يشير التقرير إلى أن مدينة الخرطوم، التي كانت تأوي أكثر من تسعة ملايين شخص قبل الحرب، أصبحت مركزًا للصراع الذي اندلع في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF).
أدى النزاع إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والعنف الجنسي والتشريد القسري. منذ منتصف عام 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على معظم ولاية الخرطوم، مستخدمة البنية التحتية المدنية كمراكز احتجاز وقواعد عسكرية مؤقتة. في المقابل، احتفظت القوات المسلحة السودانية بجزر سيطرة إستراتيجية، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة متكررة. يركز التقرير على ممارسات الاحتجاز التي تقوم بها كلا القوتين، معتمدًا على شهادات الضحايا والشهود. المنهجية يعتمد التقرير على مراقبة حقوق الإنسان التي يجريها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان (OHCHR)، ويستند إلى 34 مقابلة، شملت 29 شخصًا كانوا محتجزين سابقًا وخمسة شهود وأفراد من أسر الضحايا. شملت الشهادات تفاصيل حول أوضاع الاحتجاز، والمعاملة التي تعرض لها المحتجزون، وأنماط الانتهاكات. كما استخدم التقرير صور الأقمار الصناعية للتحقق من مواقع مراكز الاحتجاز ومقابر جماعية محتملة. الإطار القانوني يؤكد التقرير أن النزاع المسلح غير الدولي في السودان يخضع للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن السودان ملتزم باتفاقيات جنيف والمعاهدات الدولية التي تحظر الاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري. كما يشير إلى أن كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ملزمة بحماية المحتجزين من سوء المعاملة وتوفير الحد الأدنى من ظروف الاحتجاز الإنسانية. النتائج ١. ممارسات الاحتجاز في مراكز قوات الدعم السريع تحقق التقرير من وجود 39 موقع احتجاز تديرها قوات الدعم السريع، حيث كان يُحتجز حوالي 10,000 شخص خلال فترة التغطية. وتشمل مواقع الاحتجاز هذه المباني السكنية، المدارس، المحاكم، الجامعات، قواعد عسكرية، ومرافق حكومية. أ. ظروف الاحتجاز •الاكتظاظ الشديد: يُحتجز مئات الأشخاص في مرافق غير مهيأة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض وقلة التهوية. •سوء التغذية: يحصل المحتجزون على وجبة واحدة يوميًا، وغالبًا ما تكون غير كافية، ما أدى إلى حالات سوء تغذية حادة ووفيات. •انعدام النظافة: المرافق تفتقر إلى المراحيض المناسبة، ويتم استخدام دلاء للصرف الصحي، ما تسبب في تفشي الأمراض الجلدية والجهاز الهضمي. •الحرمان من الرعاية الطبية: يواجه المحتجزون رفضًا متعمدًا لتلقي الرعاية الطبية، مما أدى إلى وفيات بسبب الأمراض القابلة للعلاج. ب. التعذيب وسوء المعاملة •الضرب الوحشي: يُستخدم الجلد بالعصي والأسلاك المعدنية، إلى جانب الصدمات الكهربائية والضرب بالسياط. •الاختفاء القسري: يُحتجز بعض الأفراد دون أي تواصل مع عائلاتهم، وأفاد شهود عن استخدام التهديدات النفسية والإعدامات الوهمية. •العنف ضد النساء والأطفال: تم احتجاز نساء وأطفال في نفس الظروف المهينة، مع ورود تقارير عن العنف الجنسي ضد النساء في بعض المرافق. ج. استخدام الأطفال كحراس •أكدت شهادات عديدة أن قوات الدعم السريع جندت أطفالًا يبلغون 14 عامًا لحراسة مرافق الاحتجاز، حيث تورطوا في ضرب المحتجزين، وأُفيد بأن بعضهم كانوا تحت تأثير المخدرات أثناء أداء عملهم. د. مقابر جماعية ووفيات في الحجز •تم الإبلاغ عن معدلات وفيات مرتفعة، حيث وصل عدد الوفيات اليومية في بعض السجون مثل سجن سوبا إلى 80 شخصًا، معظمهم بسبب الجوع وسوء المعاملة. •أظهرت صور الأقمار الصناعية خمس مقابر جماعية محتملة بالقرب من مرافق الاحتجاز التابعة لقوات الدعم السريع، مع وجود توسعات ملحوظة في مقبرة بالقرب من سجن سوبا. ٢. ممارسات الاحتجاز في مراكز القوات المسلحة السودانية تحقق التقرير من سبعة مراكز احتجاز تديرها القوات المسلحة السودانية، جميعها تقع داخل قواعد عسكرية. وأشار الشهود إلى أن المعتقلين في هذه المراكز شملوا مقاتلي قوات الدعم السريع، مدنيين متهمين بدعم قوات الدعم السريع، وأفراد من الجيش السوداني محتجزين لأسباب تأديبية. أ. ظروف الاحتجاز •الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي: يُمنع المحتجزون من الاتصال بأسرهم أو الحصول على تمثيل قانوني. •الاكتظاظ وسوء المرافق الصحية: شهدت بعض المراكز حالات وفاة بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة. ب. التعذيب وسوء المعاملة •الضرب والصدمات الكهربائية: تعرض المحتجزون للضرب بالأسلاك والهراوات، والصدمات الكهربائية، مما أدى إلى إصابات جسدية طويلة الأمد. •التمييز العرقي: أفاد شهود أن المحتجزين من دارفور وكردفان تعرضوا لمزيد من الانتهاكات، بناءً على افتراض أنهم يدعمون قوات الدعم السريع. •الإعدامات خارج نطاق القانون: وثق التقرير حالات وفاة تحت التعذيب، حيث تم إجبار المحتجزين على حفر قبور لزملائهم الذين ماتوا نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي. الاستنتاج والتوصيات الاستنتاجات •ارتكبت كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون. •استخدمت قوات الدعم السريع البنية التحتية المدنية كمراكز احتجاز، وحولت بعضها إلى سجون غير رسمية، حيث تعرض المعتقلون لسوء المعاملة والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية. •في مراكز الاحتجاز التابعة للقوات المسلحة السودانية، تم الإبلاغ عن عمليات اعتقال تعسفية وتعذيب، مع استهداف محدد للمعتقلين من بعض المناطق الجغرافية بناءً على خلفياتهم العرقية. •الظروف الصحية والغذائية في مراكز الاحتجاز كارثية، مع تفشي الأمراض والجوع، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات. التوصيات •يدعو التقرير إلى الإنهاء الفوري للاحتجاز التعسفي والإفراج عن المحتجزين دون تهم قانونية. •يوصي بفتح تحقيقات مستقلة في الانتهاكات، مع محاسبة المسؤولين عن التعذيب وسوء المعاملة. •يطالب بوصول المراقبين الدوليين إلى مراكز الاحتجاز لضمان امتثالها للمعايير الإنسانية. •يشدد على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للمحتجزين، بما في ذلك الغذاء والرعاية الطبية. التقرير يكشف صورة قاتمة عن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المحتجزون في ظل النزاع في السودان، ويوضح الحاجة الملحة إلى تدخل إنساني وقانوني لوقف هذه الانتهاكات وضمان حقوق الإنسان. الوسومالأمم المتحدة الجيش الدعم السريع انتهاكات تقرير
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأمم المتحدة الجيش الدعم السريع انتهاكات تقرير
إقرأ أيضاً:
السودان وليبيا ومصر.. هل يحول “الدعم السريع” الحدود المتوترة إلى ساحة حرب؟
متابعات – وكالات ـ تاق برس- تساءل معهد دراسات إيطالي عن مدى إمكانية تحول المثلث الليبي السوداني المصري إلى مسرح جديد للحرب وعدم الاستقرار الإقليمي، في ظل استخدام المنطقة كمركز لتهريب الأسلحة والبشر.
ولا يقتصر الأمر على التهريب، حيث تتوغل مليشيات الدعم السريع السودانية بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في المنطقة الحدودية مما قد يحولها إلى بؤرة دائمة للعنف دون تنسيق أمني وسياسي فعال.
وسلط معهد “تحليل العلاقات الدولية” الضوء على تأثير الصراعات في دارفور وغرب السودان على الوضع في جنوب ليبيا، والدور غير المباشر لدول مثل الإمارات وروسيا.
*تزاحم الأطراف الإقليمية*
وأكد أن “الصراع في السودان تجاوز حدود الدولة، ليصبح مسرحا إقليميا تتقاطع فيه مصالح عدة أطراف”.
ويضيف المعهد أن “سيطرة قوات الدعم السريع على الممر الحدودي الثلاثي زاد من قلق الدول المجاورة، التي أصبحت متورطة في الصراع، سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء”.
وفي هذا الصدد، ذكر أن “شرق ليبيا، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، تشكل نقطة محورية في إعادة تنظيم البنية اللوجستية لقوات الدعم السريع”.
ويقول المعهد إنه “رغم نفي قيادة حفتر أي تورط مباشر، تظهر الأدلة تعاونا لوجستيا وعسكريا مع مليشيات سودانية، ما يثير شكوكا قوية”.
وبشكل أوضح، يؤكد أن “سيطرة حفتر تمكن قوات الدعم السريع من الوصول إلى قاعدة خلفية مستقرة، تسمح بتمرير الأسلحة والمركبات والأفراد”.
وتكشف العلاقة الغامضة بين حفتر والقوات عن ديناميكية دعم سياسي وعسكري غير معلن، تحفظ هامشا من الإنكار الاستراتيجي.
أما فيما يخص الإمارات، فيوضح أنها “تلعب دورا مؤثرا خارج الإقليم، مع سياسة إستراتيجية واضحة في القرن الإفريقي ومنطقة الساحل”.
إضافة إلى ذلك، يقول معهد “تحليل العلاقات الدولية” إن “دعم الإمارات اللوجستي والمالي لحفتر في ليبيا مهد طريقا لمثلث دعم غير مباشر لقوات الدعم السريع السودانية”.
وهذا الطريق “يرفع احتمال تزويد هذه القوات بالسلاح عبر قنوات غير شفافة، مما يمكنها من تعزيز ضغطها العسكري وتوسيع نفوذها”.
وعلى حد وصف المعهد، يبدو أن الهدف الإماراتي مزدوج؛ “احتواء النفوذ الإسلامي” و”ترسيخ مكانتها كقوة شرق أوسطية مؤثرة في الصراعات الإفريقية”.
ومن جانبها، تحافظ القاهرة تاريخيا على تحالف إستراتيجي مع القوات المسلحة السودانية، اعتمادا على القرب الجغرافي والتعاون العسكري المشترك و”مواجهة الحركات الإسلامية المتطرفة”، وفق تعبيره.
ويمثل تقدم قوات الدعم السريع نحو الحدود المصرية تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، سواء عسكريا أو عبر تدفقات الهجرة، ما قد يدفع مصر لزيادة انخراطها، ولو بالدعم اللوجستي أو الاستخباراتي.
ومن جهة أخرى، يذكر المعهد أن “أنقرة تعتمد نفوذا إقليميا عبر دعم الأحزاب الإسلامية المعتدلة والحكومات المنتخبة في الساحل والقرن الإفريقي”.
ولفت إلى أن “توسعات قوات الدعم السريع، التي تعد في بعض الأوساط التركية مليشيات غير نظامية مدعومة من خصوم إقليميين، تثير مخاوف من تعزيز شبكات سلفية معادية لتركيا في ليبيا والسودان”.
ولا تنخرط تركيا مباشرة في الصراع السوداني، ولكن قد تدفع مصالحها المتشابكة مع مصر والإمارات وليبيا إلى موقف أكثر وضوحا.
ويتوقف ذلك على ما إذا هددت الحرب مصالحها الإستراتيجية في شمال شرق إفريقيا أو الاقتصادية في البحر الأحمر .
*فوضى غير محكمة*
وفي هذا الإطار، يلفت المعهد الإيطالي النظر إلى أن “سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر تمثل عاملا جديدا وحاسما في توازن الأمن الإقليمي”.
وعلى حد قوله، فإن هذه المنطقة، تفتقر إلى السيطرة الحكومية الكاملة وتتمتع بتاريخ طويل من الأنشطة غير القانونية، وتُعد من أبرز بؤر عدم الاستقرار في شرق الساحل الإفريقي.
ولذلك، فإن استيلاء كيان شبه عسكري خارج إطار الدولة على هذه المساحة الجغرافية قد يؤدي إلى توسيع نطاق التهديدات الموجهة للدول المجاورة والمنطقة المتوسطية بشكل عام.
وبشكل أكثر تفصيلا، يوضح المعهد أن المثلث الحدودي يرتبط بشبكات تهريب راسخة تشمل الوقود والأسلحة الخفيفة والسلع، والأكثر أهمية من ذلك البشر.
وبحسب المعهد، إذا تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرة فعالة على هذه الطرق، فلن يؤدي ذلك إلى وقف الأنشطة الإجرامية، بل سيحولها إلى تنظيم غير رسمي وعسكري.
ويرى المعهد أن “تلك المليشيات قد تستغل هذه الشبكات كمصدر تمويل، ولتكوين تحالفات محلية ولتوسيع نفوذها عبر آليات اقتصادية واجتماعية”.
ومن جهة أخرى، يلفت إلى أن “غياب سيطرة دولة معترف بها على الممر الصحراوي السوداني يفتح قنوات جديدة للهجرة غير النظامية شمالا”.
“وبذلك، تصبح مسارات السودان-ليبيا-أوروبا معرضة لتدفقات سرية متزايدة، سواء لأسباب اقتصادية أو هروبا من العنف”.
وهو ما يزيد -وفق المعهد- الضغط على الحدود المصرية والليبية، ثم الأوروبية، ويعقد إستراتيجيات احتواء الهجرة في دول شمال البحر المتوسط.
علاوة على ذلك، يوضح أن “صعود جماعات مسلحة مثل قوات الدعم السريع في شبكات حدودية حيوية يشكل تهديدا لسيادة الدول”.
فمن ناحية، ينوه أن مصر معرضة لتزايد التسللات والأنشطة غير القانونية في جنوبها. ومن جهة أخرى، تواجه ليبيا التي تفتقر لسلطة مركزية موحدة، خطر عدم الاستقرار المتزايد.
وبشكل عام، يبرز المعهد أن “تزايد مراكز القوى غير الحكومية يقلل من قدرة الحكومات على احتكار القوة وضبط الحدود”.
وأضاف: “كما يعكس أن التداخل بين الصراع المسلح والشبكات الإجرامية يحول المنطقة إلى مزيج من الحرب والتجارة غير المشروعة”.
وبالفعل، تستغل قوات الدعم السريع موقعها لدمج السيطرة العسكرية بالأنشطة الاقتصادية غير القانونية، مما يخلق نظام حكم فعلي خارج الأطر المؤسسية.
وهو ما يشكل تهديدا طويل الأمد للأمن الإقليمي ويعوق جهود السلام وإعادة البناء، على حد قول المعهد.
*آثار تمدد المليشيات*
ونتيجة للمشهد السابق ذكره، يسلط الضوء على أن “التمدد التدريجي لقوات الدعم السريع في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر يفاقم من حدة الأزمة الإنسانية التي تُعد من بين الأسوأ عالميا”.
إذ تسبب الصراع المسلح بتهجير ملايين الأشخاص داخليا وخارجيا، في ظل هشاشة اقتصادية وانهيار للبنية التحتية وغياب سلطة حكومية فاعلة.
ومع وجود أكثر من 13 مليون نازح، يقول المعهد: إن “تعاظم نفوذ هذه القوات في مناطق إستراتيجية ينبئ بموجات نزوح جديدة”.
فقد تزيد الهجرة القسرية عبر الحدود الشمالية إلى مصر وتشاد وليبيا، مما يثقل كاهل الدول المقصودة لوجستيا وسياسيا، لا سيما في المناطق الحدودية الضعيفة التي قد تنهار تحت الضغط السكاني المفاجئ.
ومن ناحية أخرى، يشير المعهد إلى أن “حالة عدم الاستقرار الناتجة عن الوجود المسلح لقوات الدعم السريع وتآكل مؤسسات الدولة يؤدي إلى ضعف كبير في قدرة وكالات الإغاثة على العمل بأمان”.
وأوضح: “إذ تُقطع ممرات الإمداد وتُنهب المخازن الغذائية وتُحتل المستشفيات أو تُدمر، كما تعيق حالة الأمن الهشة توزيع المياه والأدوية والغذاء، خصوصا في المناطق الريفية والمراكز الحضرية الصغيرة”.
وإلى جانب الأثر المادي، يبرز المعهد الإيطالي أن “الحرب تسهم في تفتيت النسيج الاجتماعي، مع تفاقم الانقسامات الإثنية والقبلية والجغرافية، المدفوعة بتجنيد قسري وثأر محلي ومنطق البقاء، مما يعزز عسكرة المجتمعات”.
وفي ظل سيطرة قوات الدعم السريع كسلطة أمر واقع في كثير من المناطق، تُفرض أشكال حكم موازٍ يبدو منظما لكنه قائم على القمع وإخضاع المدنيين.
علاوة على ذلك، يضيف أن “توسعات الصراع وتورط الأطراف الخارجية تعقد من عمل الهيئات الإقليمية الإفريقية، مرحبا لا سيما الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية، اللتين فقدتا تأثيرهما تدريجيا أمام الديناميات الجيوسياسية المعقدة التي تفوق قدراتهما” .
*تحييد الدور الإفريقي*
وفي هذا السياق، يسلط المعهد الضوء على “ازدياد تراجع هامش المناورة أمام الفاعلين الأفارقة في السودان مع تصاعد حضور القوى الإقليمية وغير الإقليمية، وهو ما يجعلهم عاجزين عن فرض أجندة تفاوضية مستقلة أو ملزمة”.
وهنا، يؤكد أن “المبادرات الدبلوماسية المتخذة حتى الآن كانت متفرقة وتفتقر إلى رؤية موحدة، وغالبا ما تتأخر عن سرعة الأحداث الميدانية”.
ويضيف المعهد أن “غياب أدوات الإكراه والموارد المالية الكافية يعيق الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية من ممارسة تأثير فعال على أطراف النزاع”.
وفي هذا الصدد، يعكس أن “مبدأ عدم التدخل، الذي يعد ركيزة الدبلوماسية الإفريقية بعد الاستعمار، يتصادم مع واقع صراع تشارك فيه القوى الإفريقية الكبرى بشكل مباشر أو عبر وكلاء”.
فمصر، عضو الاتحاد الإفريقي، تدعم علنا القوات المسلحة السودانية، في حين تتسم مواقف دول أخرى في القرن الإفريقي بالغموض والتحفظ.
وهذه التباينات تقوض جهود المبادرات متعددة الأطراف، كما أنها تضع الاتحاد الإفريقي في موقف مزدوج بين دعم السلام وعدم القدرة على تحقيق الحياد اللازم لإدارة المفاوضات.
ويتابع المعهد: “في ظل غياب قيادة إقليمية قوية وشرعية، يهيمن على فضاء التفاوض فاعلون خارجيون بمصالح استراتيجية متباينة”.
وهو ما يهدد بنقل العمليات الدبلوماسية بعيدا عن الإطار الإفريقي إلى منصات دولية أو اتفاقات ثنائية تقررها قوى خارج القارة.
وفي هذه النقطة، يحذر المعهد من أن “هذا الأمر يحد من السيادة السياسية الإفريقية في إدارة نزاعاتها ويفتح الباب أمام حلول خارجية قد تكون غير مستدامة”.
ولاستعادة الفاعلية، يدعو الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية إلى “مراجعة هياكلهما وتعزيز التكامل بين الدبلوماسية الوقائية والضغط السياسي”.
كما يدعو إلى “تحسين كفاءة فرق التفاوض وتعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على أسس متكافئة”.
ورأى أنه “في حال لم يحدث ذلك، ستظل المؤسستان في موضع المراقب في أزمة تدور في قلب القارة”.