عربي21:
2025-07-01@01:11:46 GMT

أصدقاء وأعداء سوريا الجديدة

تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT

أن يكون العدو معلَنا مجاهرا بعداوته، فذلك مما يساعد كثيرا في مواجهته والتعامل معه، الخطورة الحقيقية في العدو الذي يبدو في ثياب صديق، وتزداد خطورته حين تكون عداوته ناتجة عن أحقاد دفينة، وليس عن مجرد تعارض مصالح تذهب وتجيء، على الجانب الآخر، سنجد أن الصديق المعلن شيء رائع بالطبع، ورصيد كبير في أوقات الشدة والأزمات، لكن الصديق الخفي سيكون له مزايا كثيرة، لا يملكها غيره من خلال مكانه ودوره.



ولعل مؤمن آل فرعون نموذجا مثاليا لحالة "الصديق الخفي" الذي يكتم أفكاره ورؤيته، وهو في واقع الحال يقوم بمهام يعجز عنها غيره، ليس فقط في معرفته القريبة بطريقة ومنهج تفكير هذا العدو، ولكن في خطواته وأفعاله التي سيكون المعرفة المبكرة بها، بالغة الأهمية في المواجهة، وما كان خروج سيدنا موسي عليه السلام إلى مدين إلا بنصيحة من "الصديق الخفي" الذي جاء من أقصى المدينة خصيصا، لينبه النبي الكريم أن هناك مؤامرة تحاك الآن ضده، وعليه أن يتخذ قرارا بصددها، والخروج هو أفضل هذه القرارات.. وقد كان.

* * *

ولا يمكننا أن نمر على مبتدأ هذا "الخروج" وخبره وفعله وحاله، دون أن نقف وقفة تأمل سريعة عند مفهوم أرهق العقل الإنساني كثيرا وهو مفهوم "القدر".. لأن الإنسان بطبيعة تكوينه، غير مهيئ لفهمه كما عرفنا من جولات "السفينة والغلام والجدار" في سورة الكهف.

ما حدث هو أن النبي موسى اخذ بنصيحة "الصديق الخفي" وخرج، فورد ماء مدين، كما أخبرنا النص القرآني، وشاهد موقفا لم تحتمله أخلاقه ولا مروءته ولا طباعه الإنسانية الأطهر والأشرف، وهو موقف التزاحم على الماء من قبل الناس المتدافعين، وفي جانب آخر امرأتين تقفان في توجس وترقب وانتظار.

"سوريا الجديدة" بمن حولها من أعداء، ومن حولها من أصدقاء، تجوب وتتحرك في هذه الثقافة وهذه المعاني التي سيستنطقها القدر، ومسيرة القافلة في سياق هذا القدر، محوطة بـ"الشرط الإنساني" في الفهم والسعي والحركة في اتجاه القدر
ستكسب الأخلاق دائما، حتى وإن كانت هي الاختيار الأصعب، ذلك أن النبي الكريم المطارد الملاحق سيروّعه مشهد "انعدام المروءة" غير الإنساني وغير الأخلاقي وغير المفهوم، وسيذهب إليهما، ويسألهما "ما خطبكما؟"، ويُنهي لهما حاجاتهما فورا، وفورا أيضا سيتركهما دون ملاحقة وتطفل، ويعود إلى حاله مع ربه في ظل شجرة. نحن هنا أمام تجليات وتحركات القدر، الذي سيصنع أقدارا، ليس هذا فقط، بل وسنرى قانون المراحل والانتقال المنطقي من حال إلى حال متقدما في اتجاه المقصد والغاية.

ورحم الله الأستاذ العقاد، وسنذكره هذه الأيام في ذكرى وفاته (13 آذار/ مارس 1964م) حين نشير إلى ما ذكره في كتابه الأروع "الله" الذي صدر عام 1947م.. عن الإبداع والنظام والعناية، في خلق الكون، و"الأيام الستة" التي ذكرها النص القرآني.. لنعلم ونتعلم ثقافة "فقه المراحل" التي تنقل الواقع القائم، من حال نقصان، إلى حال اكتمال، أسلم وأشمل.

* * *

وأتصور أن "سوريا الجديدة" بمن حولها من أعداء، ومن حولها من أصدقاء، تجوب وتتحرك في هذه الثقافة وهذه المعاني التي سيستنطقها القدر، ومسيرة القافلة في سياق هذا القدر، محوطة بـ"الشرط الإنساني" في الفهم والسعي والحركة في اتجاه القدر، القدر الذي ينتهي إلى قوله تعالى "إن ربك فعّال لما يريد".

وسنسمع من أفقه المؤمنين لكتاب الله، "الفاروق" رضى الله عنه، جملة من أبدع وأروع ما قيل في فهم هذا "الشرط الإنساني" الذي حيّر عقول وألباب الفلاسفة والمفكرين هنا وهناك.. ماذا سيقول "عمر"؟ سيقول لنا "لو كان الحذر لغوا، لما أُمرنا به".. في إشارة نافذة إلى قوله تعالى "وخذوا حِذركم..".

* * *

الحالة السورية الحالية، في حركتها عبر مجرى التاريخ، ليست بعيدة أبدا عن الحالة الفلسطينية في غزة، هناك "شيء ما".. جديد ونوعي، ويمتلك خصائص لم يرها الشرق من قبل، ليست فقط لما تحمله من الوعي الإيماني بحقائق التاريخ.

الحالة السورية الحالية، في حركتها عبر مجرى التاريخ، ليست بعيدة أبدا عن الحالة الفلسطينية في غزة، هناك "شيء ما".. جديد ونوعي، ويمتلك خصائص لم يرها الشرق من قبل، ليست فقط لما تحمله من الوعي الإيماني بحقائق التاريخ
ولكن لهذا الفهم العميق لقوانين التاريخ، دون سفسطة ولجاجة في الحديث عن العلاقة الجدلية بين الاثنين: هل التاريخ يصنع الإنسان، أم الإنسان هو من يصنع التاريخ؟ لا يهم.. ما يهم هو المقصد والغاية، واستيعاب ما كان، في الحركة باتجاه ما سيكون.

* * *

كل أعداء "سوريا الجديدة" هم كل أعداء "طوفان الأقصى"، وهذه صورة واضحة وبارزة بتجسيد مجسم، إلى حد العرفان بأجزل الشكر، لهذه الأحداث التي جعلت اصطفاف المواقف بهذه العلانية العارية، وإن كثر التجمل والكلام.

فالنظام العربي الرسمي الذي أخذ موقفا قديما عتيقا، من فكر النهضة والإصلاح، الذي قدمه زعماء الإصلاح عبر القرنين الماضيين، استلهاما من حقيقة الأمة الواحدة وذاتها المتحققة عبر التاريخ: "الإسلام"، هذا النظام لا زال على موقفه القديم العتيق. ليس فقط لأن هناك قرارا دوليا صارما بتجميد الواقع في الشرق على صورته تلك، ولكن لأن هذه الأنظمة رضعت من اليوم التالي لخروج الاحتلالات الأوروبية، كراهية هذا النموذج، وضرورة إبعاده والابتعاد عنه.

* * *

والاستشراق كان له دور كبير وعلى مدى طويل، في ترسيخ هذا البعد والإبعاد كما عرفنا من د. إدوارد سعيد رحمه الله، لكن واقع الحال الذي يمثله النظام العربي الرسمي ينص نصا، على أن يكون التصور الإسلامي للتاريخ والإصلاح والدنيا والناس خارج "المنظومة" تماما.

إسرائيل تنظر إلى سوريا الجديدة بنفس زاوية النظر الغربية، وكل ما تقوله وتفعله تجاهها ما هو إلا تصورات وأفكار الغرب، والغرب لم ينس، ولن ينسى، أنه كان هنا يوما ما، والإسلام أخرجه منها
وأتصور أن العداء لحركة المقاومة الإسلامية في حماس، جزء بسيط منه بسبب اعتمادها لفكرة الجهاد والنضال المسلح، وعشرات الأجزاء لأفكارها عن التاريخ والواقع والمستقبل النابع من الفكر الإصلاحي الأول. وهو نفسه الموقف الكائن، والذي سيكون مع "سوريا الجديدة"، لكن الضربة التي لا تقتلني.. تمنحني قوة وخبرة.

إسرائيل تنظر إلى سوريا الجديدة بنفس زاوية النظر الغربية، وكل ما تقوله وتفعله تجاهها ما هو إلا تصورات وأفكار الغرب، والغرب لم ينس، ولن ينسى، أنه كان هنا يوما ما، والإسلام أخرجه منها، لتحرير أهلها وفك قيودهم.

لكن الأصدقاء ليسوا قليلين.. وأتصور أن تركيا الجديدة (العدالة والتنمية) قامت بدورين عظيمين في عصرنا الحديث، لن ينساهما تاريخ العروبة والإسلام، يوم أن حافظت على طرابلس، من الوقوع في قفاز خليفة حفتر، ومن يرتدي هذا القفاز، ويوم أن وقفت من قريب، تنظر باهتمام إلى دمشق وهي تفتح ذراعيها لتحتضن ذاتها وتاريخها وروحها.

وسيبقى العامة من الناس هم أوفي الأصدقاء، فهم عماد الأوطان وجماع الأمة، أعلام الحق، وشهداء الله في الأرض.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا أعداء سوريا أعداء اصدقاء مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سوریا الجدیدة حولها من

إقرأ أيضاً:

الحسين (عليه السلام) صرخة المظلومين من كربلاء إلى غزة .. الثورة التي لا تموت

تحلّ على الأمة الإسلامية في العاشر من شهر الله المحرم ،  ذكرى أليمة تهزّ القلوب وتوقظ الضمائر، إنها ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام)، سبط النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله)، في واقعة كربلاء الخالدة التي وقعت في العاشر من محرّم سنة 61 للهجرة ،  واقعة لا تزال حيّة في وجدان الأمة، متجددة في وجعها، عميقة في دلالاتها، وشاهدة على صراع الحق والباطل الذي لا ينتهي.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

عاشوراء الحسين عليه السلام .. يوم الثورة والكرامة 

وليس الحديث عن كربلاء مجرد سرد تاريخي لحدث مأساوي، بل هو استحضار لدروس عظيمة، وقيم رفيعة، ومواقف إيمانية خالدة. فمن عاشوراء نتعلم كيف يكون الصمود في وجه الطغيان، وكيف تُبذل الأرواح في سبيل المبادئ، وكيف يُصان الدين من الانحراف والتحريف ،  ذكرى الحسين (عليه السلام) محطة وعي وإصلاح وبناء داخلي وروحي، تستحق أن نتوقف عندها بكل خشوع وتفكر في كل عام، بل في كل حين.

هذا التقرير الصحفي يُسلط الضوء على محاور متعددة تبرز المعاني العظيمة لثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، منها: دوره كأول ثائر في الإسلام بوجه الاستبداد والطغيان ، وملحمة كربلاء مثال للعزة والكرامة، والأبعاد الدينية والإنسانية العميقة التي تجعل من مظلوميته قضية ممتدة لكل المظلومين في التاريخ والواقع المعاصر،  كما يستعرض التقرير كيف يُنظر إلى عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية، وخصوصًا كما يراها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، من منظور تعبوي وثوري يرتبط بالواقع السياسي والإنساني للأمة.

إن أهمية هذا التقرير لا تكمن فقط في التوثيق، بل في كونه دعوة للتأمل والعمل، ومحاولة جادة لفهم كيف يمكن للأمة أن تُعيد بناء نفسها على ضوء قيم كربلاء، وكيف تكون عاشوراء نبراسًا للهداية ومصدرًا لا ينضب من القوة والكرامة في وجه التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة الإسلامية في كل مكان وزمان.

 

الحسين عليه السلام .. الثائر الأول في الإسلام

كان الإمام الحسين (عليه السلام) أول ثائر إسلامي يعلن رفضه الصريح لنظام سياسي منحرف عن قيم الإسلام، تمثّل في حكم يزيد بن معاوية الذي حول الخلافة إلى مجون واستبداد ونظام ملكٍ عضوض تحكمه المصالح وتطغى فيه الأنانية على العدالة، والفساد على الإصلاح ،

ثورة الإمام الحسين لم تكن ذات دوافع شخصية أو طموحات سلطوية، بل جاءت كخط دفاع أخير عن جوهر الإسلام، وعن كرامة الأمة التي كادت تُصادر باسم الدين، وموقفه كان واضحًا عندما قال: “إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر”.

وبهذا، رسم الإمام الحسين (عليه السلام) للأمة طريقًا واضحًا ،  أن (لا مساومة على الحق، ولا سكوت على الباطل، وأن الدم الطاهر أقوى من سيوف الطغاة).

 

كربلاء.. ملحمة العزة والإباء

في كربلاء، حيث قلة في العدد، وكثرة في العزم، وقفت ثلة من أهل بيت النبوة وأصحاب الحسين (عليه السلام) بوجه جيش جرّار لا يعرف رحمة ولا عدالة،  لكنهم صمدوا واستُشهدوا واقفين، ليؤكدوا أن الكرامة لا تُشترى، وأن الظلم لا يُهادَن ، إنها ملحمة إنسانية خالدة كتبتها دماء الشهداء، لتبقى منارةً تهدي الضمائر وتلهم الأحرار في كل العصور.

ملحمة كربلاء كانت مشروعاً متكاملاً للإصلاح والتغيير صدح به الإمام الحسين عليه السلام بكل وضوح : ( إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) ، ومنذ ذلك اليوم تحولت كربلاء إلى رمز حي في وجدان المسلمين وكل الأحرار في العالم بأن درب الحسين هو درب الكرامة واليقظة والثورة .

 

الأبعاد الدينية والإنسانية العظيمة لمظلومية الإمام الحسين (عليه السلام)

مظلومية الإمام الحسين عليه السلام ليست حدثًا مغلقًا في الزمان، بل قضية مفتوحة تتكرر في كل عصر، وتتجدد في كل مظلومية يتعرض لها الإنسان، وخاصة المسلم، في أي مكان من العالم.

لقد كانت كربلاء صرخة ضد الظلم السياسي، والديني، والاجتماعي، ولهذا فإن كل مظلوم في الأمة، من شرقها إلى غربها، إنما يحمل في وجعه شيئًا من دم الحسين.

وفي هذا السياق، تمثل مظلومية غزة اليوم أبرز الشواهد الحيّة على امتداد عاشوراء. ففيها يُقتل الأطفال والنساء، وتُهدم البيوت على ساكنيها، ويُحاصر الأبرياء ويُحرمون من أبسط مقومات الحياة، وكل ذلك على يد عدوّ صهيوني يتجرد من كل معاني الإنسانية، ويمارس الإبادة والتطهير بكل ما تحمله الكلمة من فظاعة.

هذا العدو ليس غريبًا عن التاريخ، بل هو في امتداد طبيعي لنهج يزيد، المتجرد من القيم، المتصف بالوحشية، المتعطش للدماء،  وإن ما فعله يزيد في كربلاء، يفعله الاحتلال في غزة اليوم، لكن بأدوات عسكرية متطورة وإعلام كاذب وتواطؤ دولي مخزٍ.

وهكذا، فإن كل مقاومة في وجه الاحتلال، وكل صرخة في وجه الظالم، وكل شهيد يسقط من أجل قضية عادلة، هو على خطى الحسين عليه السلام، ويحمل روحه، ويعيد إحياء ملحمته.

 

ماذا تعني ثورة الحسين للأمة الإسلامية؟

ثورة الإمام الحسين تمثل الضمير الحيّ للأمة في مواجهة الطغيان وميزانًا أخلاقيًا يقيس الشعوب والأنظمة والقدوة العملية لكل من يسعى لإصلاح الواقع و المنارة التي تهدي المقاومين والمجاهدين في سبيل الحرية والكرامة وما تعنيه هذه الثورة للأمة الإسلامية أن الحق لا يُقاس بالكثرة، بل بالثبات عليه،  فالحسين عليه السلام واجه آلاف الجنود بقلةٍ مؤمنةٍ واعية، لكنها أصبحت ضمير الأمة إلى يوم الدين ، وأن الكرامة فوق الحياة، لأن الحسين لم يختر القتال ليُقتل، بل ليحيا الإنسان حُرًّا بكرامة، ويُسقط من يبيعون الأمة مقابل سلامهم الزائف ، وأن الدين لا يُفصل عن الموقف السياسي، لأن الانحراف السياسي كان مدخلاً لانحراف عقائدي عميق، ما جعل الحسين عليه السلام يربط إصلاح الأمة بإصلاح الحكم والنتيجة أن التضحية من أجل الحق لا تموت، بل تُثمر في أجيال لا تُعد، وهذا ما رأيناه في كل ثورة انطلقت تحت شعار “هيهات منا الذلة”.

اليوم، كل مظلوم يرفع صوته، وكل مقاوم يقف في وجه طغيان داخلي أو خارجي، إنما يستحضر من الحسين روحه، ومن كربلاء عزيمته. من فلسطين إلى اليمن، ومن كل أرض تقف بوجه الاستكبار، نجد في ثورة الحسين عليه السلام  إلهامًا لا يخبو.

عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية كما يراها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)

ذكرى عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية ليست مجرد مناسبة عاطفية أو طقسية، بل هي محطة وعي متقدمة، تُستعاد فيها القيم الحية التي جسّدها الإمام الحسين (عليه السلام) في مواجهة الطغيان والانحراف،  وفي خطابات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، نجد أن عاشوراء تمثل مدرسة متكاملة للتعبئة الإيمانية والثورية، ومنطلقًا لفهم واقع الأمة وتحديد موقفها من قضاياها المصيرية.

ويرى السيد القائد أن كربلاء ليست حدثًا معزولًا، بل هي صراع مفتوح بين خط الحق وخط الباطل، وأن الحسين (عليه السلام) خرج لمواجهة انحراف الأمة عن القرآن الكريم، وانقلابها على تعاليم النبي (صلى الله عليه وآله)،  ولهذا فإن إحياء عاشوراء في فكر المسيرة القرآنية يكون بالتحرك العملي في مواجهة قوى الاستكبار والهيمنة، وعلى رأسها  أمريكا و”إسرائيل”، اللتان تمثلان اليوم امتدادًا ليزيد في العصر الحديث.

ويؤكد السيد القائد في خطاباته أن الوقوف مع المستضعفين والمظلومين، وفي مقدمتهم شعب فلسطين وغزة، هو من جوهر الولاء للحسين ونهج كربلاء، وأن التخاذل عن نصرة قضايا الأمة هو خيانة لرسالة عاشوراء.

ويشدد على أن ما تحتاجه الأمة اليوم هو استلهام الروح القرآنية الثورية من الإمام الحسين (عليه السلام)، والانطلاق بها لمواجهة كل أشكال الظلم، سواء في الداخل عبر مكافحة الفساد والطغيان، أو في الخارج بمواجهة العدوان والحصار والتدخلات الأجنبية.

في هذا السياق، تُقدَّم المسيرة القرآنية كامتداد حي لثورة كربلاء، تتبنى خيار التضحيات الكبرى، وتعبئ الجماهير بروح الصمود والإيمان، وتُسقِط أقنعة الطغاة باسم الدين والسياسة، تمامًا كما فعل الحسين في وجه يزيد.

هكذا، تُعدّ عاشوراء كما قدمها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) ثورة متجددة، وإصلاحًا دائمًا، وخط مواجهة ممتدًا إلى آخر الزمان، لا يقبل الحياد ولا المساومة، ويمنح كل الأحرار في الأمة بوصلة هدى تقودهم في زمن التيه والانحراف.

خاتمة

عاشوراء ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي اختبار دائم للوعي والضمير، وفرصة لإعادة صياغة علاقة المسلمين بدينهم وتاريخهم وواقعهم. إنها محطة إلهام للشعوب المستضعفة، ودعوة مستمرة لكل الأحرار لأن يكونوا على درب الحسين، أن يثوروا للحق، ويقفوا مع المظلوم، ويرفضوا الانحناء للطغيان.

سلام الله على الإمام الحسين عليه السلام وأصحاب الإمام الحسين ، وجعلنا من السائرين على دربه، الناصرين لرسالته، المستنيرين بنوره حتى قيام الحق واندحار الباطل، في غزة، وفي كل أرض ينزف فيها المظلومون.

مقالات مشابهة

  • ترامب ينهي العقوبات الأمريكية عن سوريا الجديدة
  • الخارجية الأمريكية تكشف عن العقوبات التي لن يرفعها ترامب عن سوريا
  • محافظ دير الزور: للإعلام دور مهم في إعادة بناء سوريا الجديدة
  • للمواطنين.. لا عمل في دوائر الدولة حتى هذا التاريخ
  • الهندي يُثمّن قرار الحكومة بتحمّل كلف الفوائد على القروض الجديدة التي تُمنح للفنادق ويستغرب استثناء فئة الخمس نجوم
  • وزير الإعلام: نحرص على أن يكون الإعلام السوري شريكاً في التنمية ومعبراً عن سوريا الجديدة
  • شرطة الشارقة و«أصدقاء السكري» تنظمان «وقاية وتعايش»
  • رئيس دفاع النواب: 30 يونيو أحدثت تغييرًا جذريًا في مجرى التاريخ المصري وأسست قواعد الجمهورية الجديدة
  • لماذا تعلّم موسى من الخضر رغم أنه نبي؟.. يسري جبر يوضح
  • الحسين (عليه السلام) صرخة المظلومين من كربلاء إلى غزة .. الثورة التي لا تموت