برعاية منصور بن زايد.. «الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة» تطلق فعاليات مؤتمر الوقف والمجتمع
تاريخ النشر: 17th, March 2025 GMT
إبراهيم سليم (أبوظبي)
برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وبحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، انطلقت، أمس، فعاليات مؤتمر الوقف والمجتمع، الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة تحت شعار: «يداً بيدٍ نحو تنميةٍ وقفيةٍ مستدامة» في فندق إرث بأبوظبي، سعياً إلى استكشاف أبعاد علمية، وطرح حلول عملية، لتحقيق أعلى المعايير التنموية والأهداف المستدامة في مجالات الوقف وفروعه، بما يساير العصر وتطوراته المتسارعة.
كما حضر الافتتاح معالي الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم، ومعالي الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، ومعالي الدكتور سلطان بن سيف النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب، وبمشاركة العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، والمسؤولين في مؤسسات الوقف بدول مجلس التعاون الخليجي، وأصحاب الاختصاص في شؤون الوقف بالدولة.
وافتتح المؤتمر معالي الشيخ نهيان بن مبارك بكلمة قال فيها: «يسرني أن أكون معكم الليلة في هذا المؤتمر، الذي تنظمه الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، برعاية كريمة من الأخ سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، لمناقشة موضوع مهم، يمس جوانب الحياة، في المجتمعات المسلمة، ويسهم في تنمية قدرات هذه المجتمعات، على التعامل الفعال، مع الوقف والعمل الخيري، باعتبارها أساليب مهمة، للوفاء بالاحتياجات والمتطلبات الإنسانية والمجتمعية، بل وكذلك باعتبارها تجسيداً لمبادئ التكافل والتراحم والإخاء والتعاون في سبيل بناء مجتمعات إسلامية ناجحة ومتضامنة».
العمل المثمر
وقال معاليه «أرحب -بصفة خاصة- بضيوف صاحب السمو رئيس الدولة، في مؤتمرهم هذا، وبين إخوانهم وأشقائهم، في دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً لهم أن وجودهم بيننا في هذا الشهر المبارك، شهر الرحمة والعطاء والتكافل، إنما هو إثراء للحياة في هذه الدولة المباركة، وانعكاس أمين وصادق لكل ما يدعو إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، أعزه الله، من تحقيق وحدة الفكر، والعمل المثمر، بين أفراد ومؤسسات الأمة، في إطار من الاعتزاز بتعاليم الإسلام السمحة، والتمكين لقيمه السامية، والترسيخ لمبادئه العليا، بل وكذلك ما يؤكد عليه سموه دائماً من أهمية تعميق دور المسلمين في مسيرة البشرية، وحرص سموه الواضح على أن يكون الوقف والعمل الإنساني بشكل عام مجالاً مهماً لتنمية دور الأفراد ومؤسسات المجتمع في جهود التنمية والبناء كافة، سواء في ذلك دورهم في جهود التعليم أو الصحة أو الرعاية الاجتماعية أو الاقتصاد والبيئة، أو في مجالات الثقافة والفنون، أو برامج الطفولة والشباب، أو في الرياضة والتراث، بالإضافة إلى جهودهم في سبيل إعلاء كلمة الدين، وكل ما ينفع الإسلام والمسلمين، رافعاً إلى سموه عظيم الشكر، وفائق الاحترام والتقدير، لقاء ما يقدمه لوطنه وشعبه وأمته، على طريق العزة والتقدم، والأمان والاستقرار».
تنمية مستدامة
وأكد معاليه أن موضوع هذا المؤتمر، إنما يتراسل تماماً مع احتفالاتنا هذا العام في الإمارات بعام المجتمع، الذي نسعى فيه وبعون الله، وبتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، إلى تعبئة الجهود والوسائل كافة، وتفعيل العمل المشترك بين الأفراد وجميع مؤسسات المجتمع، من أجل الحفاظ على مناخ وطني عام، يحفز على التنمية المستدامة، وتحمل المسؤولية، والإسهام في مسيرة الوطن، قائلاً: «إن موضوع هذا المؤتمر كذلك إنما يتزامن مع المبادرة الكريمة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتأسيس (وقف الأب)، الذي يجسد تعاليم الإسلام الحنيف، في بر الوالدين، وترسيخ قيم البذل والعطاء، والإسهام الإيجابي، في تحقيق الخير والرخاء، للبشر أجمعين».
الكفاءة والفاعلية للوقف
وقال معاليه: إنني أيها الإخوة والأخوات، إذ أرحب بكم جميعاً في هذا المؤتمر، الذي يتناول بالبحث والمناقشة سبل تحقيق الكفاءة والفاعلية في الوقف ودوره في تنمية المجتمع، فإنما أنطلق في ذلك من اعتبارات عدة، أوجزها أمامكم فيما يلي:
أولاً: إن دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالفعل هي الآن نموذج يحتذى به في مجالات الوقف والعمل الخيري - نحن ولله الحمد دولة تلتزم بمبادئ العطاء الإنساني، والتكافل المجتمعي، تلك المبادئ التي أرسى دعائمها مؤسس الإمارات العظيم المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - كما أن هذه المبادئ أيضاً هي انعكاس أمين وصادق لكل ما يدعو إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من ضرورة أن يقوم الأفراد ومؤسسات المجتمع كافة بدور نشط في مسيرة الوطن، وأن يكونوا جميعاً شركاء فاعلين في تحقيق التنمية الشاملة في كافة أرجائه وربوعه.
ثانياً: إن الوقف والعطاء الإنساني والمجتمعي هو صدقة جارية وجزء مهم من تراثنا العربي والإسلامي - الوقف في التاريخ الإسلامي هو العطاء المرموق، والتعبير عن بلوغ الواقف غاية الكرم، وسماحة النفس، والحرص على التعاون والتعاطف، مع البشر في كل مكان.
ثالثاً: إن مواجهة مشكلات المجتمع في هذا العصر إنما تحتاج إلى تعاون وعمل مشترك بين الحكومات والشركات والأفراد، وكافة مؤسسات المجتمع - هناك الآن إدراك متنامٍ بأن مشكلات الفقر والتعليم والصحة والتغذية وتغيرات المناخ هي مجالات خصبة للإسهامات الإيجابية للجميع.
رابعاً: إننا في بلادنا العربية والإسلامية، قد حققنا بعون الله إنجازات مهمة في تأكيد مبادئ العطاء والتكافل، وإرساء دور الوقف في مسيرة المجتمع، إلا أنه مازال أمامنا الكثير مما يمكن استحضاره وعمله.
استدامة
ثم قدم معالي بن بيه كلمة أكد فيها أن الوقف مؤسسة عظيمة تتجلى فيها حكمة هذه الشريعة الربانية الخالدة في ترسيخ أسس التعاون بين أفراد المجتمع ورعاية أهل الخصاصة والفاقة حتى قبل أن يوجدوا، فهي في الدنيا رصيد للأجيال القادمة، وللواقفين صدقة جارية يجرى عليهم أجرها، وتلك هي استدامة النفع، حيث إن من خصائص الوقف ديمومة العين وصرف الريع في مصارف الخير التي حددها الواقف، ولهذا الغرض أحيطت الأوقاف بأحكام كثيرة يمكن اعتبارها حماية وتفعيلاً للوقف وعناية بالموقوف عليهم.
وأشار معاليه إلى أن هذا المؤتمر وأمثاله من الجهود المباركة، ترمي إلى إتاحة الفرصة للأوقاف، لتلج أبواباً من الخير، وتنمية المجتمعات، لا يمكن أن تلجها إلا عن طريق الدخول في غمرة الاستثمارات الحديثة من صناعات ومضاربات وزراعة.
مضيفاً: في سياقاتنا المعاصرة، فإن وزارات وهيئات الأوقاف في كثير من الأقطار الإسلامية أصبحت هي الجهة التي تمثل ولي الأمر في رعاية شؤون الأوقاف؛ ولهذا فإن التعاون بين هيئات الأوقاف والمؤسسات القضائية والجهات الخيرية الواقفة والجهات المنتفعة، سواء كان وقفاً خيرياً أو «وقفاً ذرياً»، يمكن من إعداد برامج الاستثمار المراعية للناحيتين الشرعية والمصلحية، ويحافظ على الموازنة الدقيقة.
دور ريادي
في كلمته، أكد معالي الدكتور عمر الدرعي، رئيس «الهيئة» أن الوقف لا ينبغي أن يقل تأثيره اليوم عن الدور الريادي الذي يجب أن يكون عليه في رؤيته ونظمه ومنظومته، فالمراد من الوقف أن يكون دوماً شريان حياة لقلب المجتمع النابض بالعطاء، يسد احتياجات أبناء المجتمع مسلمين كانوا أو غير مسلمين، قائلاً: «إننا نصوب اهتمام هذا المؤتمر إلى صناعة عقلية وقفية جديدة، من خلال التوعية بدور الوقف والتواصل والوصول إلى جميع أفراد المجتمع، فلا ينبغي أن نفهم من مصطلح الوقف أنه حركة جامدة ساكنة ثابتة، بل هو على العكس تماماً يحتاج إلى وتيرة عمل متسارعة وحيوية، ونشاط مستمر ينبض بالابتكار والتطوير، لا يعرف البيروقراطية ولا الإجراءات الروتينية التقليدية ليحقق عامل الاستدامة».
وأكد الدكتور الدرعي أن دولة الإمارات منذ مؤسسها الشيخ زايد -طيب الله ثراه- الذي سنحيي بعد أيام، بإذن الله، ذكراه في يوم زايد للعمل الإنساني يجب أن نستذكر جهوده الإنسانية، ومنها الوقف الذي كان يوليه أهمية كبرى، وعلى هذا النهج يواصل سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، مسيرة دعم الأوقاف وتطويرها.
معرض وقف الإمارات
قام معالي الشيخ نهيان بن مبارك وأصحاب المعالي بجولة في معرض الوقف المصاحب للملتقى الذي يعرف بتاريخ الوقف في الإمارات عبر الأجنحة المصورة والمنصات الرقمية، ومراحل تطوره ونهضته خلال تاريخ دولة الإمارات، والقوانين المنظمة لشؤون الوقف وتنميته، وجهود الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة ومؤسسات الوقف في الدولة في الارتقاء بالوقف، وقد ضم المعرض بعض الوثائق التاريخية للوقف قبل الاتحاد، وجانباً من غرائب الوقف في التاريخ الإسلامي، وقيمة الوقف الدينية والحضارية والمجتمعية، وجناح الوقف من قيم الاتحاد الذي يعرض صوراً لأبرز الأوقاف الخيرية في عهد الشيخ زايد والقادة المؤسسين في الدولة وخارجها، بالإضافة لأبرز مبادرات الهيئة الوقفية التي تعزز ثقافة الوقف في المجتمع وإنجازاتها الوقفية، والتي من أبرزها «وقف اقرأ»، ومشروع «وقف الإمارات»، ومبادرة «نزرع مسايدنا»، وحقائب الطلاب التعليمية، ومجالس «المبروكة» وعدد من الأنشطة التوعوية والثقافية المخصصة لفئة الطفولة المبكرة وطلاب المدارس، كما شارك في المعرض بعض المؤسسات الوقفية في الدولة، وعرضت مبادراتها عبر منصاتها الرقمية، منها: هيئة الأوقاف وإدارة أموال القصر - أوقاف أبوظبي، ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصر في دبي، ودائرة الأوقاف بالشارقة.
حوكمة
قال الدرعي: أضع أمام هذا المؤتمر حوصلة من المخرجات التي أرى أنه يمكن بسط القول فيها في هذا المؤتمر، باستعراض أهم التحديات، ومنها الوعي بالوقف لدى الأجيال الناشئة، وكيفية مساهمة الوقف في الاقتصاد الوطني، والعمل على إنتاج صيغ وأشكال مبتكرة، وتنويع الاستثمارات، وتحقيق الحوكمة والشفافية، والابتعاد عن العشوائية في إدارة الوقف، وحسن استثمار التجارب، وتنويع الشراكات الجادة، والاستفادة من التكنولوجيا والتقنية، والحرص على كسب ثقة المجتمع، وإنعاش البنية التشريعية والفقهية لهذا المرفق المهم، وأملنا أن نرى أوقافنا مزدهرة تؤدي دورها المجتمعي وتؤتي أكلها.
عهد المويجعي
أطلقت «الهيئة» في هذا المؤتمر «ميثاق الوقف.. عهد المويجعي»، استلهاماً لهذا العهد المبارك والإرث الحضاري لدولة الإمارات، وتعزيزاً للتكافل الاجتماعي في عام «المجتمع»، وانطلاقاً من الدور المحوري الذي اضطلعت به الأوقاف عبر مختلف حقب التاريخ.
وعهد المويجعي خلده الشيخ زايد، طيب الله ثراه، باجتماعه مع سكان مدينة العين تحت شجرة أمام قصر المويجعي قبل قرابة الـ60 عاماً، وتعاهدهم لإصلاح نظام السقاية، ولضمان وصول مياه الري للجميع من دون مقابل، ليتجلى هذا الارتباط العميق بين الوقف والمجتمع، في تعزيز جودة الحياة، وتطور مستوى المعيشة، واستدامة موارد الطبيعة.
اتفاقية تعاون
تخلل المؤتمر توقيع اتفاقية تعاون بين الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، ومؤسسة الأوقاف وإدارة أموال القصر في دبي «أوقاف دبي»؛ لتحقيق الأهداف المشتركة، وتنمية الوقف لخدمة المجتمع، وفق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: منصور بن زايد الشؤون الإسلامية والأوقاف أبوظبي الإمارات عبد الله بن بيه عمر حبتور الدرعي نهيان بن مبارك الهیئة العامة للشؤون الإسلامیة والأوقاف والزکاة صاحب السمو الشیخ محمد بن بن زاید آل نهیان فی هذا المؤتمر دولة الإمارات معالی الشیخ رئیس الدولة الشیخ زاید رئیس مجلس نائب رئیس الوقف فی فی مسیرة
إقرأ أيضاً:
الملتقى الوقفي الثالث يدعو إلى تفعيل الشراكات الاستراتيجية لتوسيع أثر القطاع في التنمية المستدامة
أوصى الملتقى الوقفي الثالث الذي نظمته مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية بضرورة تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين القطاع الوقفي والجهات الحكومية والخاصة والمجتمعية في تنفيذ المشاريع الوقفية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي المستدام، بما يسهم في تحقيق التكامل بين الجهود الوطنية الهادفة إلى تعزيز التنمية، وتوسيع نطاق العمل الوقفي في سلطنة عُمان ليكون أكثر فاعلية واستدامة.
وكانت أعمال الملتقى قد انطلقت اليوم تحت شعار "نحو وقف مبتكر وعطاء مستدام"، برعاية معالي الشيخ سالم بن مستهيل بن أحمد المعشني المستشار بديوان البلاط السلطاني، وبمشاركة نخبة من المختصين والخبراء في القطاعين العام والخاص، وحضور أكثر من 350 مشاركا من مختلف محافظات سلطنة عُمان.
وشدد المشاركون في الملتقى على أهمية استحداث مفهوم الوقف التنموي من خلال تفعيل برامج المسؤولية المجتمعية لدعم المبادرات الوطنية في مجالات التعليم والصحة والعمل الخيري، بما يسهم في تحقيق أثر وقفي مستدام يعود بالنفع على المجتمع، كما دعوا إلى تثمير الأموال الوقفية عبر الصناديق الاستثمارية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ذات العائد المجزي، والاستفادة من الأدوات التمويلية المبتكرة مثل الصكوك الوقفية والوقف المشترك لتعظيم العائد المالي للأصول الوقفية.
العوائد الوقفية
وأكدت التوصيات على أهمية تخصيص نسبة من العوائد الوقفية لدعم برامج التمكين الاقتصادي وريادة الأعمال للفئات المنتجة من الأسر والشباب، تعزيزا لدور الوقف في التنمية المجتمعية، إلى جانب إطلاق برامج تدريبية مجانية لتأهيل الكوادر العاملة في القطاعين الوقفي والخيري، وتنمية مهاراتها الشرعية والقانونية والإدارية والمالية، مثل برنامج "صُنّاع الأثر الوقفي" المنبثق من برامج التدريب الشرعي بمؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية.
ودعا المشاركون إلى دعم الأبحاث والدراسات الأكاديمية والتطبيقية في مجالات الحوكمة والابتكار والاستثمار الوقفي بما يعزز تطوير الأداء المؤسسي للقطاع الوقفي في سلطنة عُمان، إضافة إلى توظيف الإعلام والمنصات الرقمية في نشر ثقافة الوقف والتوعية بأهميته بأساليب حديثة ومؤثرة تعزز المشاركة المجتمعية في تنميته واستدامته.
التكامل الوقفي
وأكدت مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية في ختام الملتقى أن هذه التوصيات تمثل خارطة طريق لتفعيل التكامل بين الوقف والمسؤولية المجتمعية والعمل الخيري، بما يعزز دوره في تحقيق أهداف "رؤية عُمان 2040"، ويجعل من القطاع الوقفي رافدا حيويا للتنمية الشاملة.
وفي كلمته الافتتاحية، أوضح خليل بن أحمد الخليلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية أن انعقاد الملتقى يأتي في إطار تعزيز أواصر التكامل والتعاون بين شركاء العمل الوقفي من مؤسسات وأفراد، وترسيخ الوعي الجمعي الذي يسهم في استعادة الوقف لمكانته الحضارية في المجتمع، مشيرا إلى أن الوقف يمثل أحد أرقى صور العطاء الإنساني وأعمقها أثرا.
وأضاف أن المؤسسة ماضية في رؤيتها الرامية إلى تعظيم أثر الوقف وتنمية مجالاته بما يخدم التنمية الوطنية المستدامة، ويواكب التطلعات في بناء الإنسان والمجتمع، مؤكدا أن المؤسسة تولي اهتماما خاصا بتوسيع مجالات الشراكة مع الجهات الحكومية والخاصة والمؤسسات المجتمعية تعزيزا لدور الوقف في دعم التعليم والصحة والابتكار والإنتاج المعرفي، انسجاما مع أهداف "رؤية عُمان 2040".
كما دعا الخليلي إلى مواصلة العمل بروح التكامل والتعاون بين مختلف الجهات الوقفية، واستثمار الطاقات الشبابية في إدارة الأوقاف وتنميتها، مشددا على أن الوقف رسالة حضارية خالدة، تمثل في جوهرها تعبيرا عن الإيمان، وتجسيدا لقيم العطاء، وترسيخا لثقافة المسؤولية المجتمعية التي تميز المجتمع العُماني منذ فجر تاريخه وحتى اليوم.
وتحدث سعادة السيد الدكتور منذر بن هلال البوسعيدي نائب رئيس وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، عن مكانة الوقف كأداة داعمة لمسارات التنمية المستدامة، مبينا دوره في تحقيق محاور الرؤية المتمثلة في المجتمع والاقتصاد والحوكمة والبيئة، وأكد أن القطاع الوقفي يسهم في بناء اقتصاد متنوع ومبتكر، موضحا أهمية الحوكمة في إدارة الأوقاف من خلال تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة وتبني المعايير الحديثة في الرقابة والإدارة، مع إبراز تكامل دور وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 مع المؤسسات الوقفية.
كما دعا سعادته إلى شراكات فعّالة بين المؤسسات الوقفية والقطاعين الحكومي والخاص، والتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية لتطوير حلول مبتكرة في إدارة الأوقاف، مؤكدا أن للتكنولوجيا والتحول الرقمي دورا أساسيا في تحسين كفاءة إدارة واستثمار الأصول الوقفية، وتعزيز الشفافية والثقة المجتمعية عبر المنصات الرقمية التي تدعم العمل الوقفي وتزيد من فاعليته.
جلسات الملتقى
توزعت جلسات الملتقى الوقفي الثالث على ثلاثة محاور رئيسة، تناول كل منها جانبا مهما من جوانب تطوير العمل الوقفي وتعزيز دوره في التنمية المستدامة، فقد خُصِّص المحور الأول للحديث عن "الابتكار والتقنيات الرقمية في تعظيم أثر المبادرات الوقفية والخيرية"، مسلطا الضوء على فرص التكامل بين الأوقاف والقطاع الخاص في إطار برامج المسؤولية الاجتماعية، بما يسهم في تعزيز العمل الخيري وبناء شراكات استراتيجية تحقق التنمية المستدامة، وشارك في هذا المحور عدد من المختصين؛ حيث قدّم عبدالعزيز بن مسعود الغافري، رئيس قسم الأوقاف والحج والعمرة بـ«صحار الإسلامي»، ورقة عمل تناول فيها "دور صحار الإسلامي في تحقيق رؤية عُمان 2040"، كما قدّم محمد بن خليفة الصبحي، مدير المحافظ الاستثمارية في شركة «أوبار كابتال»، ورقة بعنوان "استثمار أموال الأوقاف في الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة (صندوق غراس الوقفي الاستثماري نموذجا)"، وشارك عيسى بن سالم الريامي رئيس إدارة الالتزام والتدقيق الشرعي في بنك العز الإسلامي، بورقة بعنوان "عطاء مستدام (تجربة بنك العز الإسلامي)"، فيما تناول الدكتور محمد فخري صويلح مدير أول للاستثمار الوقفي في بنك نزوى، موضوع "تقنيات الاستثمار الوقفي المعاصر"، وقد أدار الجلسة المهندس والإعلامي عدنان بن سعيد الجلنداني.
أما المحور الثاني، فجاء بعنوان "الإطار التكاملي بين الوقف والمسؤولية الاجتماعية لتعزيز التنمية"، مركزا على إعادة تشكيل منظومة الوقف ليكون أداة فاعلة في دعم الاقتصاد الوطني وتمويل القطاعات الأساسية كالتعليم والصحة، مع التأكيد على الحوكمة والتكامل المؤسسي لضمان الفاعلية والاستدامة، وشارك في هذا المحور ناصر بن راشد العبري رئيس فريق الرستاق الخيري، بورقة استعرض فيها "التجربة الوقفية للفريق وأثرها في المجتمع"، وقدّم المهندس إسماعيل بن سليمان الصوافي مدير المسؤولية الاجتماعية والعلاقات العامة في الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، ورقة حول "أثر مبادرات المسؤولية المجتمعية على المؤسسة"، كما تحدّث المهندس محمد بن سالم البوسعيدي الرئيس التنفيذي لمؤسسة بوشر الوقفية، عن "العلاقة التكاملية بين المؤسسة وفريق نداء الخير ولجنة الزكاة"، وشاركت رحمة بنت ناصر العامرية المدير الإداري بمؤسسة الشيخ سعيد بن ناصر الحشار الوقفية، بورقة بعنوان "تكامل الأوقاف مع مبادرات المسؤولية الاجتماعية (الفرص والتحديات)"، وأدار الجلسة الدكتور حمير بن ناصر المحروقي المتحدث باسم جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.
وجاء المحور الثالث، تحت عنوان "الوقف أداة استراتيجية لدعم الاقتصاد والتنمية"، متناولا أحدث الأساليب والتقنيات المبتكرة في إدارة وتنمية الأوقاف، بما في ذلك توظيف التكنولوجيا والتحول الرقمي لتعزيز كفاءة الأداء الوقفي وزيادة أثره التنموي، وقدّم المهندس محمود بن خلفان الحديدي الرئيس التنفيذي للمؤسسة الوقفية لدعم التعليم «سراج»، ورقة بعنوان "رحلة مؤسسة سراج الوقفية نحو التميز"، وطرح مسعود بن عبدالله العبدلي رئيس مجلس الأمناء بفريق منح الخيري ورئيس لجنة الزكاة بالولاية، ورقة بعنوان "حوكمة العمل التطوعي في الفرق الخيرية ولجان الزكاة (فريق منح أنموذجا)"، كما قدّم المهندس عبدالمنعم بن محمد المرشدي رئيس مجلس إدارة مؤسسة تكافل الوقفية، ورقة حول "الوقف وأثره في دعم العمل الخيري"، وشاركت الدكتورة صابرة بنت سيف الحراصية رئيسة قسم العلاقات الخارجية بدائرة التعاون الدولي في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بورقة تناولت "دور المؤسسات الوقفية والخيرية كحاضنة للتوظيف والتمكين المهني للباحثين عن عمل"، وختم المهندس منير بن حسين اللواتي المدير العام لأوقاف اللواتية، المحور بورقة بعنوان "الأوقاف الشيعية الجعفرية في سلطنة عُمان"، وأدار الجلسة الدكتور محمد بن علي الهنائي المدير العام للمديرية العامة للمطبوعات والمصنفات الفنية بوزارة الإعلام.
كما شهد الملتقى توقيع مذكرتي تفاهم، الأولى بين مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية و«صحار الإسلامي»، وقعها من جانب المؤسسة سيف بن سالم البوسعيدي الرئيس التنفيذي، ومن جانب صحار الإسلامي فهد بن أكبر الزدجالي رئيس الصيرفة الإسلامية، والثانية بين المؤسسة ومؤسسة الشيخ مستهيل بن أحمد المعشني الوقفية، ووقعها من جانب المؤسسة سيف بن سالم البوسعيدي، ومن المؤسسة الأخرى المهندس مسلم بن سعيد المعشني عضو مجلس الإدارة، وذلك بهدف تعزيز التعاون المشترك في مجالات الاستثمار والتمويل الوقفي المستدام.
وعلى هامش الملتقى نُظمت حلقتان تدريبيتان استهدفتا أكثر من 160 مشاركا من قطاعات حكومية وخاصة ووقفية وخيرية، جاءت الأولى بعنوان «قياس العائد من الاستثمار الاجتماعي»، برعاية الجمعية العُمانية للطاقة (أوبال)، قدمها عبد اللطيف بن راشد المعمري وزهير بن إبراهيم البوصافي من شركة خمسين للأعمال، فيما حملت الثانية عنوان «التفكير الإبداعي والتحليل الاستراتيجي»، قدمها المدرب سعود بن محمد الرواحي، وهدفتا إلى تنمية المهارات القيادية والفكر الابتكاري لدى المشاركين في إدارة الأوقاف.