يصادف اليوم ذكرى ميلاد الملحن سيد درويش أحد أهم رموز الموسيقى العربية، بل إنه الأب الروحي للتجديد الموسيقي في مصر. 

لم يكن مجرد ملحن موهوب، بل كان صوتًا للمصريين، يعبر عن آمالهم وآلامهم، ويعكس أحلامهم في الحرية والاستقلال، رغم حياته القصيرة، التي لم تتجاوز 31 عامًا، إلا أن تأثيره امتد لعقود، وأصبحت أعماله جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية المصرية.

سيد درويش: حياة قصيرة وتأثير خالد

ولد سيد درويش في الإسكندرية عام 1892، ونشأ في بيئة بسيطة، حيث بدأ شغفه بالموسيقى منذ الصغر، التحق بالمعهد الديني لكنه سرعان ما انجذب للفن، فبدأ بالغناء في المقاهي، ثم سافر إلى الشام، حيث تأثر بالموسيقى هناك وطور أسلوبه الخاص.

 عاد إلى مصر محمّلًا بأفكار جديدة، ليبدأ رحلته في تجديد الموسيقى العربية، من خلال تقديم ألحان تعبر عن واقع المصريين، مستخدمًا لغة بسيطة قريبة من الشارع، وألحانًا مستوحاة من البيئة الشعبية.

لم تكن موسيقاه مجرد تطوير للألحان التقليدية، بل كانت ثورة فنية حقيقية، أدخل النغمات الأوروبية في الموسيقى الشرقية، وابتكر أسلوبًا جديدًا في التلحين والغناء، مما جعل أعماله قريبة من الناس، سواء في الأوبريتات المسرحية أو الأغاني الوطنية والاجتماعية.

“قوم يا مصري”: كيف أصبحت موسيقاه رمزًا للهوية الوطنية؟

في ظل الاحتلال البريطاني، كانت مصر تعيش مرحلة من الغليان السياسي، وكان سيد درويش حاضرًا بفنه في قلب الأحداث، لم يكن مجرد فنان يعزف ألحانه في المسارح، بل كان صوتًا للحركة الوطنية، يعبر عن مطالب الشعب في الحرية والاستقلال. 

جاءت أغانيه لتعكس هذه الروح الثورية، فكانت “قوم يا مصري” نشيدًا للحراك الوطني، تدعو المصريين للنهوض والعمل من أجل وطنهم.

لم تقتصر أعماله على الأغاني الوطنية فقط، بل شملت أيضًا ألحانًا ساخرة تنتقد الأوضاع الاجتماعية، مثل “الشيخ متلوف” و”أنا المصري”، حيث جسد هموم الطبقة الكادحة، وتحدث بلسان البسطاء. 

حتى بعد وفاته عام 1923، ظلت أغانيه حاضرة في المظاهرات والثورات، من ثورة 1919 وحتى ثورة يناير 2011، حيث استعان بها المتظاهرون للتعبير عن مطالبهم في التغيير.

استمرار التأثير: من الثورات إلى الإعلانات

رغم مرور أكثر من مئة عام على رحيله، لا تزال موسيقاه تعيش بيننا، ليس فقط في الاحتفالات الوطنية، ولكن أيضًا في الإعلانات والأعمال الفنية. 

يتم إعادة توزيع أغانيه بأصوات جديدة، مما يضمن وصولها إلى الأجيال الحديثة. كما أن مسرحياته الغنائية لا تزال تعرض حتى اليوم، وهو ما يؤكد أن إرثه الموسيقي لا يزال مؤثرًا في المشهد الفني المصري

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سيد درويش قوم يا مصري الموسيقى الشرقية الاحتلال البريطاني المزيد سید درویش

إقرأ أيضاً:

توماس جورجيسيان: الأرمني يجب ألا يكف عن الحكي والغناء

*رغبت منذ طفولتي أن أعرف كل ما يخص أهلي مع التهجير والشتات والمذبحة الأرمنية

*أمي خلقت من شقة أسرتنا الصغيرة بشبرا "أرمينيا صغيرة" ولا زالت القاهرة القديمة تعيش معي

منذ أن فتح عينيه على الحياة بدأ الطفل الصغير توماس جورجيسيان، المولود في القاهرة عام 57، البحث عن أصول عائلته الأرمينية، وطرقت أذنيه تعبيرات مزعجة، مثل التهجير والشتات والمذبحة، لكنه بدأ يسأل ويحصل على إجابات، حتى صار لديه وعي كبير بنفسه وقضية عائلته وشعبه. أحبَّ توماس الحياة مثلما يحبها الأرمن، وقد عرف من أمه، السيدة التي لم تكف عن توطيد علاقات المحبة بالجيران المصريين، أن الأرمني يجب ألا يتوقف عن الحكي والحب والغناء فهي سبيله للبقاء.

بدأ توماس رحلته مع الكتابة مع صحيفة "هوسابير" الأرمنية، ومن خلال الأسطوات الكبار، مصطفى أمين، وأحمد بهاء الدين، وإحسان عبد القدوس، أحبَّ صنعة الصحافة، وكانت مجلة "صباح الخير" المحطة الأولى له مع الكتابة بالعربية. لم تقف تجربة توماس على مصر وأرمينيا فقد هاجر إلى أمريكا ليقضي بها ثلاثين عاماً أخذت من شخصيته وأضافت إليها الكثير. صدر لتوماس من قبل "الطيور على أشكالها تطير" و"في قلوبنا عشق" وها هو كتابه الجديد يصدر بعنوان "إنها مشربية حياتي.. وأنا العاشق والمعشوق"، وفيه يروي تجربة تستحق الاحتفاء والتوقف عندها طويلاً، لأنها تتعلق بسيرة شخص صنعته ثلاث ثقافات مختلفة، الأرمينية والعربية والأمريكية. هنا حوار معه حولها.

لماذا اخترت الدكتور محمد أبو الغار لتقديم الكتاب؟

بداية أقول إن كتابي يشبه حياتي، أو "موزاييك" حياتي. إنها مشربية حياة يتعانق فيها العاشق والمعشوق. وأنا ببساطة شديدة سعيت وسعدت أن ألعب هذين الدورين العاشق والمعشوق معاً في حياتي دون تردُّد ودون ندم.

كنت وما زلت لا أنظر ورائي في غضب ولا أنظر حولي في قلق. بل أنظر دائماً ورائي وأيضاً حولي بشغف ودهشة وحب وعشق وود وألفة. وأقول لنفسي وللآخرين ما أحلى حياتي! وما أجملها!

هكذا دائماً أرى حياتي أو هكذا أحاول وأريد أن أراها. وفي لحظة ما ربما ألجأ إلى الطبطبة الأرمنية والفضفضة المصرية، وفي كلتا الحالتين لا أشعر أبداً أنني غريب.

ما أريد أن أذكره هنا أيضاً أن الدكتور محمد أبو الغار، القيمة والقامة في حياتنا العلمية والثقافية والسياسية بمصر، كان معي في هذه الرحلة معلماً كريماً وصديقاً عزيزاً وطبيباً مرموقاً يتابع باهتمام وشغف تفاصيل مراحل حمل الكتاب ونمو الطفل وهو يتشكل سطوراً وفصولاً، كما كان حريصاً على إتمام ولادة الكتاب والاطمئنان عليه. ويجب أن أذكر أن حواراتٍ ممتدةً ومتعمقة عبر سنوات جرت بيننا حول تفاصيل حياتي وكتابي في مصر وأرمينيا وأمريكا.. تلك العوالم الثلاثة التي عشتها وشكَّلت حياتي، وبالتالي كان أمراً طبيعياً أن يكون الدكتور أبو الغار هو كاتب مقدمة الكتاب الذي وُلد على يديه، وأقول بصدق إن كتابته لمقدمة الكتاب تسعدني وتشرفني.

كيف جمعت تفاصيل رجلة عائلتك الأرمنية التي وصلت إلى مصر في بداية القرن العشرين هرباً من المذبحة؟

مشوار حياة أسرتي الأرمنية على امتداد أكثر من مائة عام عشته وعايشته قولاً وفعلاً منذ أيام طفولتي. وتعرفت على تفاصيل شجرة عائلتي بفروعها المتشعبة عبر الحدود والأجيال. كانت هذه مهمتي ومسؤوليتي. وكان أيضاً حقي ورغبتي في معرفة كل ما يخص أهلي وأسرتنا مع التاريخ والجغرافيا، مع التهجير والشتات والمذبحة الأرمنية ومع العزيمة وإرادة البقاء والحفاظ على الهوية، خاصة أن والدي وهو في الرابعة من عمره عاش مأساة المذبحة والتهجير بكافة فصولها، فقَدَ والدته وشقيقته، ثم أتي مع والده وعمه لمصر في بداية العشرينيات من القرن الماضي.

بالنسبة للشعوب التي عانت فإنها عادة ترغب في الحفاظ على ذاكرتها مهما كانت أليمة، فتلك الذاكرة هي ما يعطي لك قدرة معرفة ذاتك وهويتك. الهوية الثقافية أو الحضارية أمر يجب أن تعرف تفاصيله حتى تكون في وفاق أفضل وأعمق مع نفسك ومع مَن حولك أينما كنت.

وعبر سنوات عمري أنا كاتب تشغله الذاكرة ويطارده الحلم، تواصلت مع أسرتي وأفرادها وهم بالمناسبة يتواجدون في نحو عشر دول، واطلعت وتعرفت على كل ما هو مكتوب وكل ما يتم حكيه عن الأرمن وعن أسرتنا بشكل خاص. تواصلت مع أهلي وأصدقائي وكتَّاب ومؤرخين لأعرف التاريخ القريب والبعيد.

كل هذا عشته وعايشته مع أفراد عائلة جورجيسيان ونحن نحتفي معاً بالذاكرة، ونأتي بسيرة المذبحة الأرمنية ولماذا عرفت أسرتنا الشتات، وماذا كانت مصر وما زالت بالنسبة إلينا. في بالنا وحياتنا وتاريخنا، وماذا تعني أرمينيا الماضي والحاضر والمستقبل والحلم والأمل، ثم لماذا لا نكف ويجب ألا يكف الأرمني عن الحكي والكلام والسرد وعن الغناء والرقص والشعر أيضاً من أجل البقاء وأيضاً الإبقاء على وجوده المتميز وعلى تراثه الحضاري والتاريخي.

"جورجيسيان" أسرة أرمنية واحدة عاشت مئات الحواديت. حكيت بعضها وطبعاً قلبي ممتلئ بحكايات أخرى كثيرة. كان قدَري أن أكون من هذه الأسرة وأكون بها وأكون لها، وأن أعيش لأفتكر وأتذكر وأذكِّر الآخرين وأحكي لهم. هذا هو واجبي. وهذا هو حقي أيضاً. مَن غيري يمكن أن يحكي حكايتي وأن يغني أحزاني وأفراحي؟!

ماذا تبقى في ذاكرتك عن القاهرة الأرمينية ولماذا تسمِّيها "قاهرتي"؟

"قاهرتي التي تعيش معي" عنوان فصل كامل في الكتاب يتضمن موزاييك مكان وزمان وإنسان. القاهرة التي عشتها بكل تفاصيلها في طفولتي وصباي وشبابي حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي هي قاهرتي التي تعيش معي ولا تفارقني وأنا أكرر الحديث عنها بشوق وحنين. إنه عشق ممتد ومتواصل.

وهي ليست قاهرتي الأرمنية فقط بل هي قاهرتي المصرية، قاهرة شبرا ووسط البلد ومصر الجديدة والتحرير والعتبة وقصر العيني. قاهرة الأجواء التي عشقتها وأثرت حياتي وعمَّقت فهمي للدنيا والبشر.

قاهرتي الأرمنية تعني لي شقتنا في شبرا ومدرسة "كالوسديان" الأرمنية بشارع الجلاء ومبنى جريدة "هوسابير" وكنيسة الأرمن بشارع رمسيس وشقة جدتي وشقة خالتي بوسط البلد وأيضاً محلات التصوير بنفس المنطقة، ونادي "أرارات" في شارع بيروت بمصر الجديدة.

وعلى فكرة كل ما أريد أن أتذكره وأذكره عن قاهرتي عشته وذقت طعمه! وبالتأكيد تغيرت القاهرة التي عشتها وعشقتها. تغيرت وتبدلت ولم تعد كما كانت إلا أنها ما زالت تعيش معي في ذكرياتي.

ما دور والدتك بالنسبة للعائلة؟ وكيف مدت أواصر أواصل الصلة بالأرض البعيدة وبالجيران المصريين؟

ماما كانت مدرستي الأولى والأساسية لتربيتي الأرمنية. ماما (مايريج باللغة الأرمنية) حرصت بشدة على أن تعلمنا نحن أولادها الخمسة (ثلاثة بنات وولدين) الأرمنية ليس فقط بوصفها لغة قراءة وكتابة بجانب ما كنا نتعلمه في مدرسة "كالوسديان" الأرمنية، بل حرصت على أن تعلِّمنا الأرمنية بوصفها أسلوب حياة وثقافة ودفقة حياة وإرادة بقاء وطريقة للتعامل مع تفاصيل الحياة اليومية. نعم، الأرمنية إرث إنساني تاريخي ممتد عبر القرون بحلوه ومُرِّه. أرضعتنا والدتي يومياً جرعات مختلفة، حسبما رأت حاجتنا إليها، ولم تفكر قط في أن تفطمنا عنها. إحساس الأم لا يخيب أبداً. لقد خلقت من شقة أسرتنا الصغيرة بشبرا أرمينيا صغيرة.

أمي كانت دائماً على علاقة طيبة مع كل الجيران في العمارة بشبرا، وهم كانوا من خلفيات عرقية ودينية مختلفة. لا تنسى من حين إلى حين أن تطلب مني أو أخي أن نذهب إلى الجيران بالحلويات التي عملتها بأيديها. المشاطرة كانت جزءاً من شخصيتها الكريمة. في فرحتها تريد أن تتواصل مع الآخرين لكي يفرحوا هم أيضاً وفي حزن الآخرين كانت تقول وتصمم: "لازم نروح لهم علشان نشيل معاهم حزنهم". عندما كانت صغيرة في السن نسبياً كنت أسمع الجيران يصفون ماما بــ"الخواجاية"، وعندما كبرت في السن لم يتردد الأشخاص أنفسهم في السؤال عنها بالقول: "إيه أخبار الحاجة"؟!

لماذا كانت النقلة بالحياة في أمريكا؟ وهل الحياة بين عواصم مختلفة فتحت روحك على الرحابة الإنسانية والثقافة العالمية؟

تجربة أمريكا بدأت من أكثر من ثلاثين عاماً، عام ١٩٩١ تحديداً. هي تجربة فيها مغامرة ومحاولات لاكتشاف الذات، وسنوات فيها انطلاق وتحرر واختيار واطِّلاع واندماج وتعارف وتواصل مع الآخرين. تجربة حياة ثرية إنسانياً وصحفياً وفكرياً وإبداعياً، وكما أقول دائماً ما تجدونه أمامكم من إنسان بأصوله الأرمنية المصرية حلَّق في آفاق أوسع وأبعد خلال تواجده وعيشه وتفاعله مع المجتمع الأمريكي. مجتمع يطرح الأسئلة ولا يعترف بالإجابة النموذجية. كما أنه مجتمع يسمح بالاختلاف والاحتكاك الفكري والتفاعل الإنساني ما بين الحاضر والماضي وما بين القائم والقادم، وأيضاً يتيح للإنسان أن يغامر وأن يخطئ وأن يعيد تخطيط حياته من جديد دون أن يهزمه العمر أو اليأس، أو هكذا كان دائما المعتاد والمتوقع والمنتظر في أمريكا!

ما الذي تحرص على نقله لابنتك إلى الآن؟

حياتي مع ابنتي مارجريت ومن ثم تواصلي أو حواري معها كان وما يزال خلطة خاصة متميزة، خلطة توماس الأرمني المصري الأمريكي من ألفاظ وتعبيرات وقفشات ولغة جسد. هذه الخلطة اللغوية كانت وما زالت هي لغة تحاورنا ولغة تعايشنا في أسرتنا الصغيرة مع التنوع الذي عشته أو اخترت أن أعيشه، وإذا كنت قد احترت أحياناً وأنا أعيشه فهي ليست حيرة العاجز أو المفلس، بل حيرة الغني والثري بتجارب وثقافات وأبجديات وأنغام ومطابخ وأمثال الشعوب.

كنت أقول دائماً لنفسي لماذا تختار؟ لماذا عليك أن تفضِّل شيئاً على الشيء الآخر وأنا أعرف جيداً وأدرك تماماً أن لكل اختيار مذاقه المتميز والممتع، ولكل اختيار حلاوته وغلاوته ومكانه الخاص في قلبي وفي ذاكرتي.

هكذا تكونت حياتي وتشكلت معي أذواقي واختياراتي. هكذا تشكلت عجينة حياتي وتجمعت "موزاييك" فهمي وتشابكت خيوط سجادة معرفتي وإدراكي للعالم من حولي.

وقد شاركتني ليز زوجتي الأمريكية (التي عاشت ثماني سنوات في مصر حيث التقينا وتزوجنا عام ١٩٨٧) في هذه الخلطة لتتفاعل معها وتشاطرني الحلوة والمُرَّة منها. ثم جاءت مارجريت ابنتنا لتعيش وتتربى في هذه الأجواء من التنوع الثري والاختيار الإنساني الغني. كان هذا وظل كل ثروتي وما أملكه وما أعتز به، فلم يكن بد أن أضع هذا كله "بوفيه مفتوح" (كما أسميه) أمام مارجريت ابنتنا لكي تختار منه ما تختار، وتختار من الآخرين ما تريده أو ما تراه إضافة مهمة لها.

كيف ساعدك مصطفى أمين في مهنة الصحافة؟

بداياتي في الكتابة كانت بالأرمنية والعربية في مدرسة "كالوسديان" الأرمنية. عشقي للكتابة والكلمة المكتوبة أخذني للصحافة بما تحمله من حيوية ونشاط ورغبة وقدرة على متابعة ما يحدث حولك، وأن تقترب ممن هم وهن صناع دنيانا التي نعيش فيها ونشكو منها، ولذا وأنا أحرر صفحة أسبوعية في جريدة "هوسابير" الأرمنية بعنوان "مصر ونحن" حرصت على التواصل والتحاور مع كبار الكتَّاب والفنانين وحاولت من خلالهم الكتابة عن عوالمهم وعن ذكرياتهم مع الأرمن في مصر، وهكذا تواصلت مع كبار أسطوات الصحافة وعلى رأسهم مصطفى أمين وإحسان عبد القدوس وأحمد بهاء الدين وكانت لي معهم حوارات ودردشات كنت أحاول من خلالها التعرف على أسرار المهنة، أو بتعبير آخر أشرب الصنعة منهم.

وأنا في بداية العشرينيات من عمري، في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، بدأت حكايتي مع جريدة "الأخبار" ومؤسسة "أخبار اليوم" وعملاق الصحافة مصطفى أمين. تواصلت معه وقابلته وتكررت اللقاءات والنقاشات مع الأسطى الكبير حول الصحافة وفنونها وضروريات تنوعها ومتطلبات تفوقها. كنت لا أجري حواراً لنشره بل للاستفادة من خبرته وأخذ رأيه في بعض أفكار وكتابات أريد من خلالها أن أشق طريقي في الصحافة. أردت أن أتعلم منه. رسالتي للماجستير بالجامعة الأمريكية في القاهرة كانت حول العمود اليومي في الصحافة المصرية، ودوره في صناعة القرار وتشكيل الرأي العام، تحديداً في فترة الثمانينيات. في هذه الرسالة تناولت فكرة مصطفى أمين تحديداً ببحث متعمق وتحليل شامل للقضايا التي تبناها في عموده الصحفي ولماذا أثار اهتمام القراء وأصحاب القرار.

وهنا أتذكر أيضاً عندما عشت في واشنطن وبدأت في مراسلة صحيفة "الوفد" في التسعينيات أرسل لي مصطفى أمين أكثر من تعقيب عبر الفاكس مؤكداً متابعته واستمتاعه بما أكتبُ من تقارير صحفية!

الكتاب يضم فصلاً بعنوان "التدوير عن الأحباب" تحكي فيه عن توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويحيى حقي ويوسف إدريس وبيكار ولويس جريس، ماذا تعني لك هذه الأسماء؟

إنهم الكبار الذين تعلمت منهم الكثير وأنا أجلس معهم مستمعاً ومستمتعاً ومستفيداً من عصارة تجاربهم وأفكارهم الرائعة، وهم معي دائماً أينما ذهبت أتذكرهم وأستحضر بصماتهم الإبداعية والإنسانية.

مقالات مشابهة

  • توماس جورجيسيان: الأرمني يجب ألا يكف عن الحكي والغناء
  • أمين شئون المصريين بالخارج بالجبهة الوطنية: المصري بالخارج شريك في رسم المستقبل
  • الحوار والتواصل: الموسيقى تربط العالم... احتفالية مصرية صينية بمتحف الحضارة
  • روائع موسيقار الأجيال في «وهابيات» بمعهد الموسيقى العربية
  • أسامة كمال يشيد بالمتحف المصري الكبير: باب رزق للكثيرين وفخر للمصريين والعرب
  • كوريا الجنوبية تتوقف عن تشغيل موسيقى الكيبوب والدعاية في الحدود مع كوريا الشمالية
  • بلدية الشارقة: مخالفات «التجاري» للرخصة و«السكني» للهوية
  • قيادى بالجبهة الوطنية: ثورة 30 يونيو تعلمنا دروسًا عظيمة في الوحدة الوطنية
  • كتائب الشهيد أبو علي مصطفى تنعي الشهيد درويش أحمد أبو القمصان
  • تحقيق أممي يتهم الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة وتدمير منظم للهوية الفلسطينية بغزة