كشفت دراسة جديدة أن تغير المناخ لا يؤثر فقط على البيئة، بل يمتد تأثيره إلى الصحة النفسية للمراهقين، لا سيما في المناطق الأكثر تضررًا من الاحتباس الحراري، مثل مدغشقر.

اعلان

وأظهرت الأبحاث التي أُجريت في جنوب مدغشقر أن الشباب في المناطق الريفية يعانون من مستويات مرتفعة من القلق والاكتئاب بسبب المخاوف المرتبطة بالمناخ، مما يعكس أبعادًا نفسية خطيرة للأزمة البيئية.

وبحسب الدراسة التي نشرتها مجلة "تغير المناخ والصحة"، فإن المراهقين في جنوب مدغشقر يواجهون مشاعر خوف مستمرة نتيجة الجفاف والعواصف الرملية المتكررة التي ألحقت أضرارًا جسيمة بالمحاصيل، وأدت إلى تفاقم أزمة ندرة المياه.

وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة نامبينينا راسولومالالا من الجامعة الكاثوليكية في مدغشقر أن "المراهقين يتحدثون عن المجاعة والمستقبل المجهول الذي سرقته الظروف المناخية القاسية".

امرأة من قبيلة "سامبورو" خلال فترة جفاف في مدرسة لوولكنياني الابتدائية، مقاطعة سامبورو، كينيا، 16 تشرين الأول/أكتوبر 2022.Brian Inganga/AP

وأضافت أن الفقر المترتب على هذه الأوضاع يدفع العديد من الشباب إلى مغادرة مجتمعاتهم بحثًا عن فرص للبقاء على قيد الحياة، في حين يواجه الآخرون ظروفًا صعبة تتمثل في الجوع، الحرمان من التعليم، والإحباط الشديد.

تغير المناخ ليس مجرد أزمة بيئية

رغم التوثيق الواسع لتأثيرات تغير المناخ على صحة الأطفال والمراهقين، فإن الأبحاث حول انعكاساته النفسية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط لا تزال محدودة.

والدراسة التي أجراها باحثون من كلية ترينيتي في دبلن، وكلية لندن الجامعية، وجامعة كوين ماري في لندن، والجامعة الكاثوليكية في مدغشقر، بالتعاون مع منظمة "سي بي إم غلوبال"، سلطت الضوء على هذه الأبعاد غير المرئية للأزمة.

وقد استند البحث إلى بيانات استقصائية جمعت من 83 مراهقًا، بالإضافة إلى جلسات حوارية مع 48 مراهقًا من القرى الريفية في جنوب مدغشقر، وأظهرت النتائج مستويات مرتفعة للغاية من القلق والاكتئاب، وأعرب العديد منهم عن شعورهم بالعجز التام وانعدام الأمل في المستقبل.

مياه الفيضانات في شيكواوا، مالاوي، الثلاثاء 25 كانون الثاني/يناير 2022. AP

وقال أحد المشاركين: "ليس لدي أي فكرة عما يمكنني فعله لأكون سعيدًا"، بينما عبّر آخر عن معاناته قائلًا: "الحياة بائسة".

وفي هذا الصدد، تؤكد الدكتورة كريستين هادفيلد، المؤلفة الرئيسية للدراسة من كلية ترينيتي في دبلن، أن المراهقين في جنوب مدغشقر يجدون أنفسهم في الخطوط الأمامية لمواجهة تأثيرات تغير المناخ رغم عدم رغبتهم باختبار ذلك، مشيرةً إلى أن هذه الفئة يمكنها تقديم رؤى مهمة حول كيفية تأثير الأزمات البيئية على الصحة النفسية.

وتضيف: "الدراسة تكشف أن تغير المناخ لا يقتصر على كونه مشكلة بيئية، بل هو أيضًا أزمة صحة نفسية، حيث تشمل تأثيراته أيضًا الضغوطات المناخية المزمنة التي يعيشها الشباب يوميًا".

انعدام الأمن الغذائي

حددت الدراسة ثلاثة مسارات رئيسية تؤثر من خلالها التغيرات المناخية على الصحة النفسية للمراهقين: فقدان الموارد الأسرية، عدم اليقين بشأن المستقبل، وتعطيل آليات التكيف.

وكان انعدام الأمن الغذائي من أكثر العوامل تأثيرًا، حيث أفادت الدراسة بأن 90% من الأسر في المنطقة عانت من نقص الغذاء خلال العام الماضي، فيما اضطر 69% من المراهقين إلى قضاء يوم كامل دون طعام.

وعبّر العديد من المشاركين عن ضيقهم الشديد بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، إذ قال أحدهم: "مات الكثيرون، كان هناك العديد من كبار السن، لكنهم توفوا بسبب سوء التغذية". وأوضح آخر: "الماء غير متوفر، وعندما تشتد حرارة الشمس، نعاني كثيراً".

دعوات لتعزيز دعم الصحة النفسية في المجتمعات الضعيفة

تدعو البروفيسورة إيزابيل مارشال من جامعة "كوين ماري" في لندن، وهي إحدى المشاركات في إعداد الدراسة، إلى ضرورة الاستعداد للتعامل مع التأثيرات النفسية الناجمة عن التغير المناخي، وليس فقط التعامل مع تداعياته البيئية.

وأشارت إلى أن نتائج البحث يمكن أن تساعد في توجيه استراتيجيات التدخل لتعزيز الصحة النفسية لدى الشباب في البلدان الأكثر هشاشة، لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.

اعلانRelatedتغير المناخ أحدث موجات تسونامي هزت الأرض 9 أياممن بينها الري بالطاقة الشمسية.. تحولات في الزراعة بزيمبابوي لمواجهة الجفاف الناجم عن التغير المناخيتغيير المواقع وشكل الشبكات: كيف يتكيف أصحاب المزارع السمكية في البحر الأبيض المتوسط مع تغير المناخ

وأُجريت الدراسة في منطقة غراند سود في جنوب مدغشقر، التي تعد واحدة من أكثر المناطق تضررًا من تغير المناخ، حيث شهدت عام 2021 ما اعتُبر "أول مجاعة ناجمة عن تغير المناخ في العالم".

وتؤكد هذه النتائج على الحاجة الملحة إلى دمج الدعم النفسي في خطط التكيف مع المناخ، لضمان عدم ترك الأجيال الشابة فريسة للأزمات البيئية والنفسية في آنٍ واحد.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية دراسة: تغير المناخ ساهم في تكاثر أعداد القوارض في مدن مثل أمستردام ونيويورك وتورنتو الصلبان الجليدية.. تقليد روماني يقاوم التغير المناخي في عيد الغطاس أمل وإحباط في كوب 29: 300 مليار دولار لتمويل مكافحة تغير المناخ فهل يجب النظر للنصف الفارغ من الكأس؟ علم النفسمدغشقردراسةأزمة المناختغير المناخشباباعلاناخترنا لكيعرض الآنNext ما هي أهداف نتنياهو من استئناف الحرب على غزة وإلى أين تتجه المنطقة؟ يعرض الآنNext من ميامي إلى هايتي... ترحيل عشرات المهاجرين قسرًا إلى بلد أنهكته الفوضى والفقر يعرض الآنNext "بوتين يلعب"... الزعماء الأوروبيون يرفضون مطالب موسكو بوقف المساعدات عن أوكرانيا ويتعهدون بدعمها يعرض الآنNext الإفراج عن المئات من أسرى الحرب في إطار عملية تبادل بين روسيا وأوكرانيا يعرض الآنNext مكالمة بوتين وترامب تشعل الجدل: هل تلوح فرصة للسلام أم استمرار للأزمة؟ اعلانالاكثر قراءةعاجل. وزارة دفاع كوريا الجنوبية: طائرة حربية روسية دخلت منطقة دفاعنا الجوي دون إشعار مسبق إدارة ترامب تنشر دفعة جديدة من أرشيف اغتيال الرئيس جون إف كينيدي صاروخ باليستي حوثي في سماء تل أبيب وحالات هلع وتدافع في صفوف السكان وأخيرا... عودة رائدي الفضاء بوتش ويلمور وسوني ويليامز إلى كوكب الأرض بعد 9 أشهر مظاهرات عارمة احتجاجا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الخصمِ اللدود لأردوغان اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبحركة حماسإسرائيلروسيافولوديمير زيلينسكيغزةالاتحاد الأوروبيأوروباوقف إطلاق الناربنيامين نتنياهوإتفاقية سلامواشنطنالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب حركة حماس إسرائيل روسيا فولوديمير زيلينسكي غزة دونالد ترامب حركة حماس إسرائيل روسيا فولوديمير زيلينسكي غزة علم النفس مدغشقر دراسة أزمة المناخ تغير المناخ شباب دونالد ترامب حركة حماس إسرائيل روسيا فولوديمير زيلينسكي غزة الاتحاد الأوروبي أوروبا وقف إطلاق النار بنيامين نتنياهو إتفاقية سلام واشنطن الصحة النفسیة تغیر المناخ یعرض الآنNext العدید من

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء: لا يوجد أي مدرسة في مصر بها أكثر من 50 طالبًا داخل الفصل

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، أنه لا يوجد أي مدرسة في مصر بها أكثر من 50 طالبًا داخل الفصل المدرسي.

وقال مدبولي، خلال كلمته بمؤتمر صحفي عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن تطوير المناهج التعليمية عملية مستمرة ومستديمة، مشيرا إلى أنه يتم العمل عليها وفق أسس منهجية.

وأضاف رئيس الوزراء: «إذا نجحنا في السيطرة على معدلات الزيادة السكانية بهذه الوتيرة سنكون قادرين على حل أزمة كثافات الفصول التعليمية خلال 3 سنوات، ولن يكون هناك احتياج بناء فصول جديدة».

اقرأ أيضاً«مدبولي» يطالب الوزراء بوضع خطة لعدم تكرار أزمة انقطاع الكهرباء في الجيزة

«مدبولي»: المواطن لا يعنيه حجم الصناعة والأرقام.. وآن الأوان أن يشعر بتحسن الأوضاع

رئيس الوزراء يعتذر عن انقطاع الكهرباء عن عدة مناطق بالجيزة ويكشف سبب الأزمة

مقالات مشابهة

  • القبض على مخالف بجازان لتهريبه أكثر من 185 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي
  • بلدية غزة: استمرار انقطاع مياه "ميكروت" يفاقم أزمة العطش في المدينة
  • تغير المناخ يخلط أوراق الفصول..استعدادات استثنائية لمواجهة طقس غير معتاد
  • مختصون يحذرون من تضاعف إصابات ⁧‫سرطان الكبد‬⁩ في العالم
  • رئيس الوزراء: لا يوجد أي مدرسة في مصر بها أكثر من 50 طالبًا داخل الفصل
  • دراسة تحذر: الهواتف المحمولة في سن مبكرة تهدد الصحة النفسية للمراهقين
  • كيف يسبب تغير المناخ زيادة تشكل الحفر الأرضية الغائرة؟
  • إدارة ترامب تمهد لنسف الأساس القانوني لمكافحة تغير المناخ
  • وزارة الصحة تشارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للمناخ 2025 بالبرازيل
  • بعد تيك توك وX وفيسبوك وإنستغرام.. أستراليا تعتزم حظر يوتيوب على المراهقين