«راحت فين أيام زمان»| أهالي الأقصر يسترجعون ذكرياتهم مع رمضان.. صور
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
"أهو جه يا ولاد".. فرحة سنوية ينتظرها أهالي محافظة الأقصر من العام للآخر، للاحتفال بشهر رمضان الفضيل، حيث يستعدون لاستقباله بالكثير من العادات والتقاليد الرمضانية من طعام مختلف وشوارع مليئة بالزينة وحتى بمدفع الإفطار العتيق الذي يعود تاريخه إلى مئات السنين، وفي هذه المساحة نأخذكم في جولة ترصد عادات وأهالي الأقصر خلال الشهر المبارك التي حاولوا بها الصمود أمام عجلة الزمن وتحديات المرحلة، كما نسترجع معها ذكريات أجدادنا من الزمن الماضي.
مع كل فرحة قدوم لرمضان يتشوق الأهالي في الأقصر، إلى مظاهر هذا الشهر العتيقة، وكيف كانوا يحيون أيامه ولياليه في الماضي وذلك برغم كل مظاهر الحداثة وانتشار أدوات التكنولوجيا، حيث يحرصون دائمًا على العودة بذاكرتهم إلى الوراء لاستعادة ذكريات شهر الصوم الجميلة، وتلك الأيام الخوالي وزمن البراءة والقناعة والرضا، وكيف كانوا يستقبلونه.
صوت النقشبندي وخواطر الشعراوي وراديو الستينات وفوازير عمو فؤاد وبكار والفانوس أبو شمعةومن بين الصور الرمضانية التي لا تنسى في صعيد مصر، إقامة أفران الكنافة والقطايف، وإضاءة العقود والزينات الكهربائية وفتح الزوايا ودواوين العائلات قبل قدوم الشهر بأيام حيث تقام طوال رمضان ولائم الطعام في الدواوين، واستعداد العائلات لإحياء ليالي شهر رمضان بدعوة أحد "المشايخ" الذي يقرأ القرآن وينشد التواشيح الدينية والأدعية والابتهالات طوال شهر الصوم بدءا من آذان المغرب وحتى طلوع الفجر، كما تنتشر موائد الرحمن في الشوارع والميادين وأمام المنازل، وفي أول ليلة من رمضان لا بد من قيام كل آسرة بإرسال العشاء "الموسم"، من اللحوم والخضراوات، لكل بناتها المتزوجات، وتتلقى كل فتاة مخطوبة الهدايا والعشاء من خطيبها أيضًا.
وفي هذا التقرير حاولنا أن نسترجع مع عدد من أهالي الأقصر، ذكرياتهم حول الطقوس الرمضانية التي غابت عن الشارع الأقصري بفعل التكنولوجيا والتطور، وانتشار الفضائيات وعالم الإنترنت وإيقاع الحياة السريع، حيث ذهبت العلاقات الاجتماعية بلا رجعة ولم يبق منها سوى ذكريات يحن لها البعض ويتغلبون على مشاعرهم بالبحث عن القنوات التي تقدم مقتطفات من الماضي مثل قنوات ماسبيرو زمان ليشبعون حنينهم إلى الماضي.
بداية، قال الحاج أمين علي 80 سنة من قرية العشي: "رمضان زمان كان كله خير وكان أحلى بكتير، في قريتي الصغيرة كنا بنستنى ليلة الرؤية وهلال رمضان كأننا بنستنى العيد بالظبط، في الستينات كنا بنسمعها في الراديو وبعدين بقى في تلفزيون، نتجمع مع الأسرة والأولاد بعد صلاة العشاء عشان نعرف مواعيد الصيام، وأول ما يتم إعلان الرؤية تتحول القرية بعدها إلى فرح كبير، ويخرج الأطفال بصفائح وطبلة يطرقون عليها، ويطوفون بالشوارع، يهتفون "بكرة صيام يا رمضان" ويتبادل أهل القرية التهاني وكأنهم فى عيد، لكن دلوقتي بنكتفي بسماع الرؤية وننام عشان نتسحر."
فيما استعادت الحاجة زهرية علي من قرية الزينية، والتى اقتربت من الثمانين، أجواء شهر رمضان قبل 60 سنة، وهى فى عز شبابها، مؤكدة أنها تختلف تماما عن الأجواء الرمضانية التى نحياها الآن، قائلة "زمان كنا بنبادل الطعام أثناء الإفطار، وكانت القرية كلها أسرة واحدة، وكل اللي عنده حاجة يدوق منها جاره، وكان في خير وبركة ورضا حتى لو الظروف صعبة، والشهر الكريم كان ليه طعم مش هيحس بيه غير اللي عاشه، زمان مكانش في تليفزيون، كان في راديو عند الأغنياء بس في البلد، وكنا بنتجمع كلنا في بيت أحد أقاربنا عنده راديو ونسمع المسلسلات فى إذاعة الشرق الأوسط، كنا بنحب صوت النقشبندي وابتهال "مرحبًا رمضان" كانت بيحسسنا بالفرحة، وكنا نتجمع حول الراديو في انتظار مدفع رمضان وصوت أذان الشيخ محمد رفعت، كانت أيام حلوة."
وأكد كلامها محمود جميل من قرية الزينية، 45 سنة، "طبعًا رمضان كان أحلى بكتير زمان، الحياة كانت بسيطة جدا، وأمهاتنا كن يتفنن فى إعداد المأكولات البسيطة غير المكلفة، فاللحم لا نأكله إلا مرة أو مرتين فى الشهر هو والسمك، ولكن الفرن البلدى كان يوميا يتم دس برام الأرز به هو وصوانى البطاطس، وطبعا دون لحوم، وفى السحور كان الفول المدمس والجبن والزيتون بنوعيه والليمون المخلل والمعصفر، والتمر باللبن كان وجبة مفضلة، وليس الياميش المستورد بأعلى الأسعار، حقيقي أيام زمان كانت كلها خير."
فيما تذكرت أميرة أحمد أستاذة جامعية من مدينة الأقصر، 35 سنة، كيفية الاحتفال بقدوم الشهر الكريم، عندما كانت الاستعدادات تسبق رمضان بأسابيع قائلة "أيامنا زمان في التسعينات كانت أروق، والفانوس كان بشمعة اتربينا على فوازير عمو فؤاد وكارتون وخواطر الشعراوي اللي قبل الإفطار، وكانت الشوارع والحارات تتزين بالأعلام والزينة الورقية، وتشهد شوارع القرى والمدينة ظاهرة جميلة بربط حبال الزينة بين البيوت المتقابلة وتتعلق عليها الرايات وتوزع الفوانيس كهدايا على الأطفال."
وأضافت أميرة، كان زمان فانوس بشمعة، والآن أصبح الفانوس يغنى ويتكلم ويطلقون عليه أسماء فنانين ومشاهير، دلوقتي ضاعت بهجة وبساطة رمضان وروحانياته، نفسي نرجع لبساطة أيام زمان عشان نرجع نشعر برضا النفس وصفائها، ولكن الصيام تحول إلى عبء علينا بسبب التقليد الأعمى والتنافس فى شراء أغلى المأكولات، بينما الفقراء لا يجدون الخبز حاف، حتى إن أقاموا موائد الرحمن فتكون من باب التظاهر والتفاخر."
أما الحاج عبدالرازق زنط، ابن مدينة إسنا، أكد أن ظهور التليفزيون والإنترنت فى حياتنا جعلنا نفتقد أشياء كثيرة كنا نعتز بها فى حياتنا مثل المسحراتى مثلا وهو شخص من أبناء القرية كان يتولى إيقاظ الناس لتناول السحور، أما الآن فأصبح الموبايل هو وسيلة السحور لدينا، أو عن طريق رنة من أحد الأصدقاء، أو رسالة صوتية، زمان كل عيلة فيها كبير، أو رب الأسرة، وكان لازم كل أفراد العيلة يتجمعون أول يوم فى رمضان لتناول الإفطار على مائدة واحدة، لكن الآن أصبحت الحياة سريعة والكل منشغل بنفسه، مرجعًا السبب فى ذلك إلى التكنولوجيا والموبايل اللذين ظهرا فى حياتنا وللأسف البعض يستخدمهما بشكل سيئ، فكل فرد فى الأسرة يجلس وفى يده الموبايل، ومش فاضى يتكلم مع اللى جنبه، وعندما تسأله عن السبب يرد: "بسلي صيامي".
فيما تذكر ياسر عبود ابن مدينة إسنا رمضان زمان قائلًا،"كان لدينا 4 راديوهات فى القرية كلها، وكان الناس يلتفون حول الراديو القريب لسماع القرآن الكريم بعد الثامنة مساء وحتى العاشرة عقب صلاة العشاء والتراويح، مشيرًا إلى أنه رغم قلة ذات اليد، كان الخير كثيرا، حيث يبدأ اليوم مع صلاة الفجر ويتجه الفلاح إلى أرضه للعمل بها ليعود قبل صلاة الظهر ليصلى ويرتاح قليلا ثم يبدأ من بعد صلاة العصر فى قراءة القرآن الكريم أو إحضار لوازم منزله التى كان قليلا ما يلجأ لشرائها من خارج المنزل حيث كل شىء كان موجودا سواء اللبن أو الجبن أو التمر أو اللحوم والخبز."
وتشير الحاجة روحية صالح 77 سنة، من قرية الناصرية بالأقصر، إلى أن السيدات كن يقمن بإعداد الخبز الطازج فى الأفران البلدية قبيل المغرب حتى يوضع على مائدة اﻹفطار فى رمضان، وكنا نعيش فى بيوت كبيرة جدا بها أكثر من جدة وأمهات وأطفال تقوم كل زوجة ابن بإعداد شىء مختلف سواء تحضير العصير أو الطبخ أو عمل الكنافة فى الفرن البلدى ولم يكن هناك خلاطات للعصير، وكنا نقوم بإحضار ألواح الثلج فى الصيف من المدينة على عربية كارو بعد لفها بالأقمشة، لأنه لم تكن لدينا ثلاجات، ونتجمع على الفطار، ويمر الوقت ويبدأ تجهيز السحور، حيث نكون تركنا فوالة الفول المدمس، فوق اللمبة الجاز نمرة (10) بعد غلى القدر نضعه من بعد صلاة المغرب فوق اللهب الضئيل المتصاعد من اللمبة ونتركه حتى ساعة السحور ويكون قد نضج تماما ليتم تناوله مع اللبن الرايب، واللفت المخلل الذى نقوم بعمله بالبيت.
IMG-20250316-WA0294 IMG-20250316-WA0297 IMG-20250316-WA0298 اهالي الأقصر يسترجعون ذكريات رمضان (1) اهالي الأقصر يسترجعون ذكريات رمضان (2) اهالي الأقصر يسترجعون ذكريات رمضان (3) اهالي الأقصر يسترجعون ذكريات رمضان (4) عبد الرازق زنطالمصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شهر رمضان ماسبيرو زمان النقشبندي خواطر الشعراوي الفانوس أبو شمعة من قریة ا رمضان
إقرأ أيضاً:
كيف تفاعل أهالي النبطية بالجنوب اللبناني مع تجويع غزة؟
النبطية- على بعد أمتار قليلة من الدمار المهول الذي طال سوقها التراثي والتجاري وأبنتيها السكنية، تطلق مدينة النبطية في الجنوب اللبناني صرختها من حناجر أبنائها نصرة لغزة المحاصرة، وتنديدا بسياسة التجويع والقتل التي تنتهجها إسرائيل بحقها، عبر وقفة تضامنية حضرتها فعاليات تربوية وثقافية وبلدية ودينية ورياضية وكشفية، ورفع فيها المشاركون الأعلام اللبنانية والفلسطينية.
وأكد رئيس بلدية مدينة النبطية عباس فخر الدين للجزيرة نت أن هذه الفعالية هي أقل ما يمكن أن يُقدم لأهالي غزة بعد هذا الصمت المريب من معظم قادة العالم، تجاه ما يحصل بحقهم من مجازر وقتل متعمد وتجويع وتدمير لم يتوقف، وشدد على أن أهالي الجنوب كانوا وسيبقون إلى جانب القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني الحر، من أجل استرجاع حقوقه.
وذكّر فخر الدين بأنهم ساندوا القضية الفلسطينية منذ القرن الماضي، وكانوا أول من وقفوا إلى جانب غزة وأهلها، وقدّموا خيرة شبابهم فداء لها، ومنهم رئيس بلديتها السابق وعدد من أعضاء مجلسها البلدي، في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
وكان المجتمع المدني في النبطية قد دعا إلى المشاركة الفاعلة في هذه الوقفة التضامنيّة التي أقيمت، أمس الأربعاء، في باحة النادي الحسيني في المدينة، وعبّر مؤسس "مجموعة أبناء البلد" حيدر بدر الدين -في حديثه للجزيرة نت- عن حزنه العميق لما يحصل في غزة، حيث يموت الصغار والكبار جوعا، بفعل الحصار الإسرائيلي.
وقال "الدم الفلسطيني دمنا، وهذا النزيف نزيفنا، والنبطية قدّمت الكثير وما زالت، لكن يجب على العالم أن يتحرك، هؤلاء النساء الأطفال والرجال الذين يموتون جوعا، ألا يستحقون منا أن نتحرك ونطلق صرخة إلى العالم العربي والعالم أجمع لأجلهم؟ أنقذوهم".
إعلانويشير بدر الدين إلى أن لبنان ساند غزة وقدّم أغلى ما يملك، "إلا أنه ومع استمرار سياسة التوحش الإسرائيلي، فلا يمكن أن يستقيل الإنسان من إنسانيته، بل على العكس، هو الآن يتمسك أكثر بخيار الدفاع عن شعب القطاع المحاصر، ويرفع الصوت عاليا لكي يستفيق العالم من سباته".
بدوره، حضر ابن مدينة النبطية محمد صباح وأسرته إلى الوقفة التضامنية، وتحدث للجزيرة نت عن أسفه للصمت العالمي أمام هول المشهد في قطاع غزة، مؤكدا أن أهالي الجنوب اللبناني منحازون إلى جانب الحق والقضية الفلسطينية بوجه الغطرسة الإسرائيلية.
وأوضح صباح "أهل غزة أهلنا، يُقتلون ويُجوّعون يوميا، ونحن نعتز بالوقوف إلى جانبهم، وقدّمنا الشهداء وكل ما نملك، وسنواصل تقديم كل غالٍ ونفيس، من أجل هذه القضية".
اللوحات التشكيلية حجزت لنفسها مكانا في هذه الوقفة، حيث أخذت الحاضرين بالذاكرة إلى أحداث حقيقية حصلت في غزة، وكانت قد وثقتها الكاميرات، وهي تروي معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة عليه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقالت الفنانة التشكيلية منى حمزة للجزيرة نت "مشاركتنا تعبير بسيط لما يعيشه شعبنا في فلسطين، نحاول بكل ما نملك من قوة أن نتضامن، لأننا نتضامن مع إنسانيتنا ومشاعرنا النبيلة التي دُفنت داخلنا، ونقول لأهلنا في فلسطين نحن معكم بكل ما نملك، من لوحات بسيطة وعلم وصوت، ونحن شعب واحد، ومعركتنا واحدة، وإن شاء الله سننتصر".
وأشارت إلى أن الفنان يستطيع التعبير أكثر من خلال ريشته، ويستطيع أن ينقل هذه المعاناة بطريقته الخاصة، وهذه اللوحة استلهمتها من مشاهد حقيقية حصلت في فلسطين المحتلة، وكل قطعة فيها تحكي قصة، ومن خلالها تحاول نقل مظلومية هذا الشعب للعالم.
بدورها، أكدت الفنانة التشكيلية صابرين مروّة للجزيرة نت أن الشعب اللبناني نشأ على حب القضية الفلسطينية، وهي تعبّر عن إيمانها بها بالرسم.
وأضافت "الطفل الفلسطيني كان دائما في قلب لوحاتي لأن معاناته حقيقية وكبيرة، ولا نعرف متى ستنتهي، وهذه اللوحة الزيتية تعبّر عن مشهد من مشاهد الدمار في غزة تحديدا، وهي تُظهر أخا يحتضن أخته ويغطيهما العلم الفلسطيني للتأكيد على الصمود وحمل القضية، والمضي بها رغم كل المآسي والتعب والمعاناة، وهم صامدون وباقون، والأرض لهم وستبقى كذلك، والحق سيعود حتما".
وأكدت مروّة أنه لا يمكن لأي إنسان أن يستقيل من دوره الإنساني في نصرة المظلومين، و"يقول أنا أدّيت واجبي وانتهى الأمر، فطالما الظلم مستمر يجب أن يبقى النضال مستمرا حتى يعود الحق لأصحابه".
وشددت على أن أبناء الجنوب اللبناني سيبقون يقدمون الغالي والنفيس في سبيل القضية الفلسطينيّة وكل القضايا الوطنية، منوهة إلى أن العديد من البلدات الجنوبية ستكون على مواعيد لفعاليات ثقافية مختلفة، من أجل التأكيد على إيمان الجنوبيين بقضيتهم وعدم التخلي عنها تحت أي ظرف كان.
إعلان