تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل

حقق نجاحًا جماهيريًا ضخمًا وجذب المشاهدين بقصته المشوقة

القصة جمعت بين الغموض والدراما العائلية والصراع النفسي

 

قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.

من "ليالي الحلمية" إلى "بوابة الحلواني"، ومن "هند والدكتور نعمان" إلى "رحلة السيد أبو العلا البشري"، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.

رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.

في أواخر التسعينيات، ظهر مسلسل "الرجل الآخر" ليكون واحدًا من أقوى الأعمال الدرامية التي جمعت بين الإثارة والتشويق والدراما الاجتماعية العميقة. المسلسل لم يكن مجرد قصة عن رجل فقد ذاكرته، بل كان رحلة في أعماق النفس البشرية، حيث تتصارع المشاعر مع المصالح، ويبحث الإنسان عن ذاته وسط غموض لا ينتهي.

 

عندما يصبح البطل شخصين في جسد واحد

"الرجل الآخر" لم يكن مجرد مسلسل درامي، بل كان رحلة ممتعة في عالم النفس البشرية، جعلتنا نتساءل، هل يستطيع الإنسان تغيير حقيقته، أم أن الماضي يظل يطارده مهما حاول الهروب؟.

دارت الأحداث المسلسل حول ، رجل أعمال ناجح وقاسي لا يعرف الرحمة في قراراته، لكنه يتعرض لحادث يفقد على إثره الذاكرة. ويستيقظ ليجد نفسه شخصًا مختلفًا تمامًا عن حياته السابقة، ويبدأ في اكتشاف حقيقة نفسه القديمة، ليصطدم بكمّ الظلم الذي مارسه على من حوله.

مع مرور الوقت، يبدأ رحل الأعمال في محاولة تصحيح أخطاء الماضي، لكنه يصطدم بأعداء صنعهم بنفسه عندما كان في قمة جبروته، فهل سيتمكن من استعادة هويته الجديدة دون أن يسقط في فخ الماضي؟

حقق "الرجل الآخر" نجاحًا جماهيريًا ضخمًا، حيث جذب المشاهدين بقصته المشوقة التي جمعت بين الغموض، والدراما العائلية، والصراع النفسي. كما أن أداء النجوم أضفى على العمل مصداقية كبيرة، خاصة الأداء المذهل للراحل نور الشريف، الذي قدم الشخصية ببراعة جعلت الجمهور يتعاطف معه رغم أخطائه.

كان المسلسل حديث الجمهور وقت عرضه، وظلت مشاهده وأحداثه محفورة في ذاكرة المشاهدين، خاصة مشاهد الصراع الداخلي لنور الشريف خلال الأحداث ومحاولته إعادة ترتيب حياته بعد أن فقد كل شيء.

المسلسل من تأليف مجدي صابر، وإخراج مجدي أبو عميرة، ومن بطولة نور الشريف، ميرفت أمين، ماجدة زكي، رجاء الجداوي، حسن حسني، حلا شيحة، أحمد زاهر، رانيا فريد شوقي.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ليالي الحلمية الرجل الآخر الرجل الآخر لم یکن مجرد رمضان زمان بل کان

إقرأ أيضاً:

تحالف «تأسيس»،،، الوجه الآخر للفوضى السياسية

تحالف «تأسيس»،،، الوجه الآخر للفوضى السياسية

حسب الرسول العوض إبراهيم

مصطلح “تأسيس” يعني في مجمله إنشاء كيان جديد، سواء أكان دولة أو حكومة أو دستورًا وغالبًا ما يرتبط بمسعى لإعادة البناء من العدم، أي تفكيك الواقع القائم لصالح مشروع بديل. لكن هذه المحاولة، حين تأتي في سياق النزاعات والحروب، لا تعني سوى الدخول في صراعات دامية بين القديم والجديد بين الشرعية والتغوّل، وبين مؤسسات الدولة ومحاولات تفتيتها.

في 18 فبراير 2025، أُعلن من نيروبي عن قيام تحالف سياسي جديد حمل اسم “تأسيس” تقوده قوات الدعم السريع وتساندها حركات مسلحة أبرزها جناح عبد العزيز الحلو من الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال وحركات دارفورية بقيادة الهادي إدريس والطاهر حجر وغيرها بالإضافة إلى شخصيات مدنية وسياسية،

لكن المفاجأة الكبرى جاءت بمشاركة فضل الله برمة ناصر الرئيس المكلف لحزب الأمة القومي وهو اكبر واعرق الاحزاب السياسية في السودان، ما أحدث شرخًا داخليًا عميقًا في الحزب. فقد سارعت مؤسسة الرئاسة إلى عزله وعيّنت مولانا محمد عبد الله الدومة بديلًا له، عاد ورفض هذا القرار واعتبره غير دستوري، ونشأت حرب بيانات وبيانات مضادة، وكل منها يفسر خطوته بانها استندت على دستور الحزب، فيما أكدت الأمانة العامة أن مشاركته تمت دون تكليف رسمي، وأن موقفه لا يعبّر عن مؤسسات الحزب. رغم أن مشاركة برمة ناصر لم تضف وزنًا حقيقيًا للتحالف الوليد واعتبرت من قبل البعض محاولة اصطفاف قبلي لا اكثر، إلا أن خصوم حزب الأمة وعلى رأسهم التيار الإسلامي، حاولوا استثمارها لصالح مشروع التخوين الذي تبنوه في مواجهة كل القوى السياسية الرافضة للحرب، فوجدوا في هذه المشاركة فرصة للتشكيك في مواقف حزب الأمة واتهامه ضمنيًا بدعم الدعم السريع وتحميله مسؤولية ما جرى من انتهاكات في ولايات الخرطوم، الجزيرة، النيل الأبيض، وغيرها من المناطق، وهي نفس التهمة التي روجوا لها في مواجهة جميع القوى السياسية، وهي تهمة لا تستند على أي أسس حقيقية.

والمفارقة أن برمة نفسه كان من أشد الداعين إلى الحل السلمي ووقف الحرب لكن انخراطه في هذا التحالف كشف عن عمق الانقسامات داخل حزب الامة لا سيما مع تباين الرؤى بشأن الموقف من الحرب ومن اطرافها، رغم اتفاق التيارات المختلفة داخل الحزب على رفضها والدعوة لإيقافها فورًا والذهاب الى حل تفاوضي سلمي.

أما بقية الأحزاب والقوى المدنية التي زُجّ بأسمائها في التحالف، فسارعت إلى نفي صلتها به، مؤكدة أن من حضروا لا يمثلونها رسميًا. حزب الاتحادي الديمقراطي مثلاً، أكد أن الميرغني شارك دون تفويض ومثله فعل عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني، ما كشف حجم الارتباك السياسي المصاحب لميلاد التحالف.

لكن الأخطر لم يكن في الأسماء المشاركة بل في مضمون “المنفستو” الذي أعلنه التحالف، والذي تضمن دعوة صريحة إلى تشكيل حكومة موازية بكامل أجهزتها. هذه الدعوة أثارت ردود فعل غاضبة، داخليًا وخارجيًا، إذ عدّها كثيرون بمثابة تمهيد لتقسيم البلاد وخلق سلطة بديلة في مناطق سيطرة الدعم السريع.

الأمم المتحدة حذرت من خطوة تشكيل حكومة موازية، واعتبرتها تهديدًا خطيرًا لوحدة السودان واستقراره واصدرت عدة دول في المحيط الإقليمي بيانات رفض وتحذير من الاقدام عليها، فيما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا شديد اللهجة، رفضت فيه ما وصفته بمحاولة “تقسيم السلطة عبر كيانات عسكرية معتبرة أن هذه الخطوة تهدد سيادة الدول وتغذي النزاعات داخل القارة الأفريقية. وقد حاول أنصار معسكر الحرب أيضا تجيير تلك المواقف لصالحهم واعتبروها بمثابة اعتراف بسلطة الأمر الواقع في بورسودان، وهي لم تكن كذلك بل عبارة عن تخوفات من حدوث حالات مماثلة في الإقليم.

في الداخل تصاعدت حدة الانقسام السياسي حيال هذه الخطوة، إذ تشظى تحالف “تقدم” إلى جناحين أحدهما التحق بـ”تأسيس” والآخر أسس تحالفًا مضادًا حمل اسم “صمود”. أما القوى السياسية المدنية الأخرى، فأصدرت بيانات متتالية ترفض فيها قيام أي حكومة خارج الإطار الوطني محذّرة من خطورة المساس بوحدة البلاد وشرعية الحكم.

وقد أجمعت جميع القوى السياسية والمدنية على رفض خطوة “تأسيس” بتشكيل حكومة موازية، باستثناء تيار الإسلاميين الذي لم يُبدِ اهتمامًا بحجم خطورتها. فلم تصدر عن الحركة الإسلامية أو حزب المؤتمر الوطني أي بيانات رافضة، بل سخر بعض رموزهم منها، وذهب بعضهم أبعد من ذلك متناغمين مع فكرة الانفصال والتقسيم، طالما أنها قد تتيح لهم العودة إلى الحكم مجددًا دون عوائق عسكرية أو سياسية.

وحتى داخل حزب الأمة القومي، الذي مُثّل في مؤتمر التأسيس برئيسه المكلف، صدر بيان موحد من التيارين المختلفين داخل الحزب يرفض إنشاء حكومة موازية، ويؤكد تمسك الحزب بالحل السياسي الشامل. وهو ما أفقد التحالف بريقه، إذ تراجعت حماسة مؤيديه وباتت رمزيته ضعيفة حتى في نظر داعميه.

لكن ما يعمّق خطورة المشهد، هو أن فكرة الحكومة الموازية لا تؤسس لحل بل تكافئ طرفًا عسكريًا متورطًا في انتهاكات مروّعة ضد المدنيين، وتعزز الاصطفاف الجهوي والقبلي، وتهدد ما تبقى من تماسك الدولة. كما تسهم في إضعاف القوى المدنية، وتفتح الباب أمام ولادة نظام عسكري جديد بواجهة مدنية مخادعة.

ولم تخلُ تجربة تحالف “تأسيس” من التوترات الداخلية إذ ظهرت خلافات مبكرة حول تقاسم السلطات وحدود السيطرة الإدارية، ما أدى إلى تأجيل التوقيع على ما سُمّي بـ”الدستور المؤقت”، وهو ما يعكس هشاشة هذا التحالف ويؤكد أنه تحالف تكتيكي هش لا يقوم على أرضية استراتيجية صلبة.

في نهاية المطاف، فإن “تأسيس” يبدو أقرب إلى محاولة لفرض أمر واقع بالسلاح لا إلى مشروع سياسي يعكس الإرادة الوطنية الجامعة. وإذا كان الهدف هو “تأسيس” مستقبل جديد، فإن الطريق لا يمر عبر البنادق بل عبر حوار شامل، يعيد تعريف الدولة على أسس المواطنة والعدالة والمساواة، لا على منطق الغلبة وتقاسم النفوذ. فالسودان لا يحتاج إلى حكومة جديدة بل إلى رؤية جديدة، تعيد إليه وحدته وكرامته وسلامه المنشود.

كاتب ومحلل سياسي

[email protected]

الوسومالحركة الإسلامية الحركة الشعبية الدعم السريع السودان تحالف تأسيس حزب الأمة القومي حسب الرسول العوض ابراهيم فضل الله برمة ناصر

مقالات مشابهة

  • تحالف «تأسيس»،،، الوجه الآخر للفوضى السياسية
  • بين الاستشراق والاستغراب: حين نكون موضوعًا بلا أدوات
  • وثائق رسمية جديدة.. الفلسطيني في سوريا أصبح «مقيماً أجنبياً»!
  • “أرض نوح” تكشف عن شبكة من الأنهار المفقودة على المريخ
  • رحيل المخرج المصري سامح عبد العزيز.. صاحب البصمة الشعبية في السينما والدراما
  • أرض نوح.. اكتشاف شبكة من الأنهار المفقودة على المريخ
  • سامح عبد العزيز.. المخرج الطيب و"أبو البنات" الذي ترك بصمة لا تُنسى في السينما والدراما
  • إبراهيم فايق يفاجئ المشاهدين بتسجيل صوتي لشيكابالا عن مباراة ريال مدريد وباريس سان جيرمان
  • حكايات الشجرة المغروسة 3.. صمود الإيمان في اجتماع الأربعاء
  • بعد كامل العدد ++ في رمضان 2025.. لينا صوفيا في مسلسل 220 يوم