خالد بن حمد الرواحي

هل لاحظتَ أنَّ مشترياتك اليومية أصبحت تكلف أكثر مما كانت عليه قبل عام؟ هل تجد أنَّ راتبك الذي كان يكفيك بالكاد لم يعد يغطي حتى الأساسيات؟ التضخم ليس مجرد مصطلح اقتصادي؛ بل هو واقع ملموس يؤثر على الأفراد في مختلف الدول، بغض النظر عن مستوى دخلهم أو طبيعة اقتصاداتهم. إنه ظاهرة عالمية تدفع الجميع إلى البحث عن حلول للحفاظ على قوتهم الشرائية وسط موجة الأسعار المتصاعدة.

وفقًا لصندوق النقد الدولي، شهدت العديد من الدول ارتفاعًا في معدلات التضخم؛ حيث وصلت في بعضها إلى أكثر من 10% خلال العام الماضي، مما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة وتفاقم الضغوط المالية على الأفراد. فالمواد الغذائية، التي كانت تُشترى بمبلغ مُعين قبل فترة قصيرة، أصبحت تكلف أكثر في مختلف الأسواق العالمية. هذا الوضع يجبر العديد من الأسر على إعادة ترتيب أولوياتهم المالية، وتقليل الإنفاق على الكماليات لصالح الاحتياجات الأساسية.

ولا يقتصر تأثير التضخم على السلع الاستهلاكية، بل يمتد إلى قطاع الإسكان والخدمات الأساسية. ففي العديد من الدول، ارتفعت أسعار الإيجارات بوتيرة متسارعة، مما جعل امتلاك منزل حلمًا بعيد المنال للكثيرين. كما أنَّ فواتير الكهرباء والمياه والنقل العام شهدت زيادات ملحوظة، ما أدى إلى زيادة الأعباء على الأسر التي كانت تُعاني أصلًا من ميزانيات محدودة.

أما المدخرات والاستثمارات، فهي الأخرى لم تسلم من تداعيات التضخم في مختلف الأسواق العالمية. فالمدخرات النقدية تفقد قيمتها مع مرور الوقت، والاستثمارات التقليدية، مثل الودائع المصرفية، لم تعد تحقق عوائد كافية لتعويض التآكل المستمر في القوة الشرائية. لهذا السبب، يتجه الكثيرون إلى بدائل استثمارية أكثر أمانًا وربحية، مثل العقارات أو المعادن الثمينة، للحفاظ على قيمة أموالهم على المدى الطويل.

ويؤدي التضخم أيضًا إلى تغيير أنماط الاستهلاك حول العالم. فقد أصبح المستهلكون أكثر حرصًا عند التسوق، حيث يبحثون عن العروض والخصومات، ويتجهون إلى المنتجات الأرخص كبدائل للعلامات التجارية المعروفة. كما بات تأجيل القرارات المالية الكبيرة، مثل شراء سيارة جديدة أو استثمار طويل الأجل، أمرًا شائعًا، خشية التغيرات المفاجئة في الأسعار.

ولا تقتصر تداعيات التضخم على المستهلكين فقط، بل تمتد إلى سوق العمل، حيث تواجه الشركات ضغوطًا مالية متزايدة تدفعها إلى تثبيت الأجور أو حتى تقليل الامتيازات الوظيفية. هذا الوضع يفرض على العديد من الموظفين البحث عن وظائف إضافية أو البدء في مشاريع جانبية لتعويض الفجوة المالية المتزايدة، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

ولمواجهة هذه التحديات، يحتاج الأفراد إلى استراتيجيات مالية ذكية تضمن لهم الحفاظ على قوتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار. يتمثل أحد الحلول في إعادة ترتيب الأولويات المالية، من خلال التركيز على النفقات الضرورية، والتخلص من المصاريف غير الأساسية التي قد تزيد من الأعباء المالية. ويعد البحث عن مصادر دخل إضافية خطوة مهمة، سواء عبر العمل الحر أو تطوير المهارات التي تفتح آفاقًا مهنية جديدة توفر فرصًا لتحقيق دخل مستدام. ولتعزيز الاستقرار المالي، من الضروري الاستثمار بحكمة في أصول تُحافظ على قيمتها مع مرور الوقت، مثل العقارات أو الذهب؛ مما يساعد في تقليل تأثير التضخم على المدخرات.

إضافة إلى ذلك، فإنَّ تجنب الديون ذات الفوائد المرتفعة يعد أمرًا أساسيًا؛ حيث إنَّ الالتزامات المالية المتزايدة قد تشكل عبئًا إضافيًا في ظل ارتفاع الأسعار المتواصل.

ورغم أنَّ التضخم يمثل تحديًا اقتصاديًا عالميًا، إلّا أنَّه ليس عائقًا لا يمكن تجاوزه؛ فالتخطيط المالي السليم، واتخاذ قرارات مالية مدروسة، يمكن أن يُساعد الأفراد على التكيف مع التغيرات الاقتصادية وحماية مستقبلهم المالي.

إنَّ اتخاذ قرارات حكيمة اليوم قد يكون الفارق بين مواجهة التضخم بصعوبة أو التعامل معه بذكاء، مما يضمن الاستقرار المالي، ويمنح الأفراد قدرة أكبر على التحكم في مستقبلهم الاقتصادي، بغض النظر عن الدولة أو البيئة الاقتصادية التي يعيشون فيها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عمرو الجنايني: نادي الزمالك شرف لأي شخص يمر من أمامه.. ونشجع الكيان لا الأفراد

أكد عمرو الجنايني، المسؤول الرياضي والإداري البارز، أن الانتماء لنادي الزمالك يجب أن يكون للكيان وليس للأفراد، مشددًا على أن النادي العريق لا يتوقف على لاعب أو شخص بعينه، وأن من لا يرغب في الاستمرار فالبديل دائمًا موجود.

عمرو الجنايني: نادي الزمالك شرف لأي شخص يمر من أمامه.. ونشجع الكيان لا الأفراد

وقال الجنايني، خلال ظهوره عبر قناة الزمالك: “الزمالك هذا شرف للناس أن تمر من أمام بابه فقط. نحن نشجع النادي وليس اللاعبين، من هو معنا فأهلًا وسهلًا، ومن لم يعد معنا، فالله يتولى أمره.”

وأضاف:“من يرحل، يرحل، ولا مشكلة في ذلك، فالنادي لا يتوقف على أحد. من يغادر، يفسح المجال لغيره. هذه هي سنة الحياة في الأندية الكبرى.”

وتابع الجنايني برسالة حادة:“لا يجوز أن يُقال عن شخص ما إنه رجل ثم يُثبت عليه الكذب. لا يمكن أن يكون الكاذب رجلًا، لأن الكذب لا يصنع الرجولة.”

وتأتي تصريحات الجنايني في ظل حالة الجدل الكبيرة التي أُثيرت بعد انتقال اللاعب أحمد سيد “زيزو” من الزمالك إلى الأهلي، وسط تبادل للتصريحات والاتهامات بين الأطراف، سواء من إداريين أو جماهير أو وسائل إعلام.

وختم الجنايني تصريحاته بالتأكيد على أن الزمالك سيظل كيانًا كبيرًا لا يتأثر برحيل أي فرد، وأن الجماهير مطالبة دائمًا بالدفاع عن النادي ومبادئه قبل الأسماء والوجوه.

مقالات مشابهة

  • وزارة المالية توعي الطلبة الإماراتيين في الصين بفرص العمل المالي الدولي
  • واشنطن تدعو بغداد وأربيل إلى حل أزمة الرواتب: نجاح الحوار سيعزز جاذبية العراق للاستثمار
  • اندلاع حريق في مخيم للنازخين بمأرب يلتهم مساكن خمس أسر ويشرّد قاطنيها
  • فضيحة الرواتب التقاعدية: 88 إرهابيًا يستنزفون خزينة العراق
  • حريق ضخم يلتهم منازل في مخيم النازحين بمأرب دون خسائر بشرية
  • أكثر من 300 مليار دولار تحويلات العراق المالية للخارج خلال 5 سنوات بفائدة ضئيلة
  • ما هي المهن التي تمنح أعلى الرواتب في أوروبا؟
  • وسائلُ التواصل الاجتماعي وتأثيرُ إدمانها على الصحة النفسيّة وسُلوك الأفراد
  • أسعار النفط تحافظ على مكاسبها قبيل محادثات تجارية بين أميركا والصين
  • عمرو الجنايني: نادي الزمالك شرف لأي شخص يمر من أمامه.. ونشجع الكيان لا الأفراد