التضخم يلتهم الرواتب.. كيف تحافظ على قوتك الشرائية؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
خالد بن حمد الرواحي
هل لاحظتَ أنَّ مشترياتك اليومية أصبحت تكلف أكثر مما كانت عليه قبل عام؟ هل تجد أنَّ راتبك الذي كان يكفيك بالكاد لم يعد يغطي حتى الأساسيات؟ التضخم ليس مجرد مصطلح اقتصادي؛ بل هو واقع ملموس يؤثر على الأفراد في مختلف الدول، بغض النظر عن مستوى دخلهم أو طبيعة اقتصاداتهم. إنه ظاهرة عالمية تدفع الجميع إلى البحث عن حلول للحفاظ على قوتهم الشرائية وسط موجة الأسعار المتصاعدة.
وفقًا لصندوق النقد الدولي، شهدت العديد من الدول ارتفاعًا في معدلات التضخم؛ حيث وصلت في بعضها إلى أكثر من 10% خلال العام الماضي، مما أدى إلى زيادة تكاليف المعيشة وتفاقم الضغوط المالية على الأفراد. فالمواد الغذائية، التي كانت تُشترى بمبلغ مُعين قبل فترة قصيرة، أصبحت تكلف أكثر في مختلف الأسواق العالمية. هذا الوضع يجبر العديد من الأسر على إعادة ترتيب أولوياتهم المالية، وتقليل الإنفاق على الكماليات لصالح الاحتياجات الأساسية.
ولا يقتصر تأثير التضخم على السلع الاستهلاكية، بل يمتد إلى قطاع الإسكان والخدمات الأساسية. ففي العديد من الدول، ارتفعت أسعار الإيجارات بوتيرة متسارعة، مما جعل امتلاك منزل حلمًا بعيد المنال للكثيرين. كما أنَّ فواتير الكهرباء والمياه والنقل العام شهدت زيادات ملحوظة، ما أدى إلى زيادة الأعباء على الأسر التي كانت تُعاني أصلًا من ميزانيات محدودة.
أما المدخرات والاستثمارات، فهي الأخرى لم تسلم من تداعيات التضخم في مختلف الأسواق العالمية. فالمدخرات النقدية تفقد قيمتها مع مرور الوقت، والاستثمارات التقليدية، مثل الودائع المصرفية، لم تعد تحقق عوائد كافية لتعويض التآكل المستمر في القوة الشرائية. لهذا السبب، يتجه الكثيرون إلى بدائل استثمارية أكثر أمانًا وربحية، مثل العقارات أو المعادن الثمينة، للحفاظ على قيمة أموالهم على المدى الطويل.
ويؤدي التضخم أيضًا إلى تغيير أنماط الاستهلاك حول العالم. فقد أصبح المستهلكون أكثر حرصًا عند التسوق، حيث يبحثون عن العروض والخصومات، ويتجهون إلى المنتجات الأرخص كبدائل للعلامات التجارية المعروفة. كما بات تأجيل القرارات المالية الكبيرة، مثل شراء سيارة جديدة أو استثمار طويل الأجل، أمرًا شائعًا، خشية التغيرات المفاجئة في الأسعار.
ولا تقتصر تداعيات التضخم على المستهلكين فقط، بل تمتد إلى سوق العمل، حيث تواجه الشركات ضغوطًا مالية متزايدة تدفعها إلى تثبيت الأجور أو حتى تقليل الامتيازات الوظيفية. هذا الوضع يفرض على العديد من الموظفين البحث عن وظائف إضافية أو البدء في مشاريع جانبية لتعويض الفجوة المالية المتزايدة، مما يزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
ولمواجهة هذه التحديات، يحتاج الأفراد إلى استراتيجيات مالية ذكية تضمن لهم الحفاظ على قوتهم الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار. يتمثل أحد الحلول في إعادة ترتيب الأولويات المالية، من خلال التركيز على النفقات الضرورية، والتخلص من المصاريف غير الأساسية التي قد تزيد من الأعباء المالية. ويعد البحث عن مصادر دخل إضافية خطوة مهمة، سواء عبر العمل الحر أو تطوير المهارات التي تفتح آفاقًا مهنية جديدة توفر فرصًا لتحقيق دخل مستدام. ولتعزيز الاستقرار المالي، من الضروري الاستثمار بحكمة في أصول تُحافظ على قيمتها مع مرور الوقت، مثل العقارات أو الذهب؛ مما يساعد في تقليل تأثير التضخم على المدخرات.
إضافة إلى ذلك، فإنَّ تجنب الديون ذات الفوائد المرتفعة يعد أمرًا أساسيًا؛ حيث إنَّ الالتزامات المالية المتزايدة قد تشكل عبئًا إضافيًا في ظل ارتفاع الأسعار المتواصل.
ورغم أنَّ التضخم يمثل تحديًا اقتصاديًا عالميًا، إلّا أنَّه ليس عائقًا لا يمكن تجاوزه؛ فالتخطيط المالي السليم، واتخاذ قرارات مالية مدروسة، يمكن أن يُساعد الأفراد على التكيف مع التغيرات الاقتصادية وحماية مستقبلهم المالي.
إنَّ اتخاذ قرارات حكيمة اليوم قد يكون الفارق بين مواجهة التضخم بصعوبة أو التعامل معه بذكاء، مما يضمن الاستقرار المالي، ويمنح الأفراد قدرة أكبر على التحكم في مستقبلهم الاقتصادي، بغض النظر عن الدولة أو البيئة الاقتصادية التي يعيشون فيها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل يجوز قضاء السنن الرواتب لمن فاتته؟.. الإفتاء تجيب
السنن الرواتب حث الشرع الشريف على أدائها لما لها من فضل كبير حيث إن السنن الرواتب سبب في زيادة خشوع العبد وتقربه إلى ربه عز وجل، كما أن رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم رغّب في المحافظة على اثنتي عشرة ركعة التي هي السنن الراتبة التابعة للصلوات المفروضة، ولكن هل يجوز قضاء السنن الرواتب لمن فاتته.
هل يجوز قضاء السنن الرواتب لمن فاتته؟وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية، في فتوى نشرتها عبر صفحتها الرسمية، أن من السُّنَّة المحافظة على أداء السنن الرواتب في أوقاتها المحددة كما وردت في السنة النبوية، موضحةً أن السنن القبلية تهيئ القلب للخشوع وتوقظه قبل أداء الفريضة، بينما تسهم السنن البعدية في جبر النقص الذي قد يقع أثناء أداء الصلاة المفروضة.
وأشارت الفتوى إلى أنه في حال فات وقت أداء السنن الرواتب، فإنه يجوز للمسلم أن يقضيها بعد خروج وقتها، وهو ما رجحه كثير من الفقهاء، واستقرت عليه فتوى دار الإفتاء.
هل يعتبر الدم الموجود بعد الإجهاض نفاسا؟.. الإفتاء تجيب
الإفتاء: القلب السليم أصدق من صورة الطاعة أو المعصية
هل يجوز إخراج الزكاة للمدين المسرف إذا عجز عن سداد دينه؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم أخذ المرتب بدون عمل؟.. الإفتاء تجيب
حكم إجبار الزوجة على الإجهاض؟.. الإفتاء توضح
حكم معاشرة الزوجة المتوفاة.. الإفتاء: فعل مقزز تأباه العقول.. ومن الكبائر
بينت النسة النبوية المطهرة عدد ركعات السنن الرواتب وهي 12 ركعة متمثلة في :
أربع ركعات قبل صلاة الظهر وركعتان بعدها ركعتان بعد صلاة المغربركعتان بعد صلاة العشاءركعتان قبل صلاة الفجرفضل المحافظة على السنن الرواتبوجاء في فضل المحافظة على السنن الرواتب أحاديث كثيرة، فقد روى الإمام الترمذي في "سننه" عن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ: أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمغرب، وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء، وَرَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفَجْرِ»، وفي رواية الإمام مسلم أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ -أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ-».
كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الإكثار من النوافل سبب لمحبة الله تعالى؛ روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ قَالَ: ... وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».