لجريدة عمان:
2025-07-31@02:26:50 GMT

منظومة إجادة وما يندحق عنها !

تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT

عندما يسألُ الموظف: لماذا أنا «جيد» ولستُ «جيد جدا» أو فـي رتبة «الامتياز» وقد أدَّيتُ عملي على أكمل وجه بل «فوق التوقع»؟! فهنالك ردَّان لا ثالث لهما، ردّ مُزور يقول: لوجود من هو أجدر منك؟ وردّ واقعي يقول: لأنّنا مرتبطون بقيد النسبة التي تغلُّ أيدينا كمسؤولين!

فمهما اجتهد الموظف، سيجد نفسه غالبا فـي خانة «الجيد»، الخانة التي تتساوى فـيها الرؤوس، فعندما فطِن القائمون عليها عجزها عن استقراء «القيمة» والأثر الذي قد يصنعه أحدنا فـي عمله! وعجزها عن فهم التمايز بين الوظائف، ذهبوا لانزياح جديد من تقييم «الكيرف» للآلة الصماء إلى التقييم البشري الذي لم يجلب معه إلا السقوط للمرّة الثالثة فـي شِباك الإحباط، لا سيما وأنّ «التميز» من نصيب فئة ضئيلة ومُحددة من كل وحدة، مما يعني أنّ الغالبية العُظمى هم خارج عجلة التنافس أصلا!

ولعلنا نسأل: ألم يكن الأجدر بنا ألا نغادر «المرحلة التجريبية» إلى مرحلة المكافآت وربط العلاوات والترقيات فـي ظل إشارة وزير العمل إلى «محدودية الموارد المالية»، التي تجعلنا نُؤطر «الامتياز» فـي نسبة لا تُرى ولا تُحس؟ وألا يُناقضُ هذا الحديث التصريحات المستمرة بتعافـي الاقتصاد من نكبته؟!

لنتحدّث بقليل من الصراحة: إذا كان الهدف المُتوخى من المنظومة خلق بيئة مُلهمة تمسُ عصب الإنتاج فـي المؤسسات الحكومية، وتطوير الموظف، ورفع كفاءته التنافسية، وتحقيق عدالة جادة بين المثابر واللامبالي، فعلينا أن نتأكد أنّنا نمشي الآن فـي الاتجاه المعاكس تماما!

بعض المسؤولين -رغبة فـي إرضاء الموظفـين- ذهبوا إلى توزيع «الأنصبة» كما يوزعون «الكعك»، فمَن لا يحصل عليها هذا العام سيحصل عليها العام المقبل، وهكذا انتفى غرض المنظومة الأصلي! بينما احتكم بعض آخر لمزاجيته، وبعض قليل ظل مرعوبا من غمس يديه فـي هذا الوحل!

«تراجع نسبة التظلم» التي أشار إليها وكيل وزارة العمل مؤخرا لا تدل من قريب أو بعيد على رضا الموظفـين، وإنّما على شعور مركب بالسلبية! فهل اُستفـيدَ من التغذية الراجعة التي أفرزتها نتائج الأعوام الماضية وتظلماتها؟ هل وجد رافعوها ما يُشفـي غليلهم؟ ولماذا توجد استبانة لتقييم مسؤول الوحدة، بينما لا توجد استبانة لتقييم أداء المنظومة أصلا؟

المصيبة الأعظم، وضع جميع الموظفـين فـي بوتقة واحدة: من الموظف البسيط إلى المدير، باختلاف أعمالهم ونمطها وسماتها، إذ يُطلب من الجميع التعامل مع شبح المنظومة بآلية واحدة، ليحصل أفضلهم على نصف راتب أساسي فقط، بينما مُيّزَ مُديرو العموم بمبالغ رفـيعة، ومُقسمة على ثلاثة مستويات، لكل مستوى مكافأة مغايرة، فلا يخرجُ «من المُولد بلا حُمص»! فأين العدالة فـي الكيل بمكيالين؟ ألا يُولّدُ ذلك الحنق واليأس؟!

هذه المنظومة المُستمدة من رؤية عُمان 2040، ينبغي أن يُبنى نظامها على مفاصل رئيسة فـي التعامل مع الأعمال ذات الطبيعة والسمات المشتركة، سواء أكانت إدارية أو فنية أو إبداعية، بحيث تُحاكم الوظائف ضمن شروطها، وإلا بقيت بعض الفئات خارج مرأى العين إلى الأبد!!

قد لا ينظرُ عموم الموظفـين إلى المبلغ الزهيد، والذي لا يتجاوز 50% من الراتب الأساسي، بل إلى الأثر البعيد على المسار الوظيفـي، لا سيما مع ربطها باستحقاقات الموظف وعلاواته الدورية، وذلك قبل أن نطمئن لفعاليتها وقبل أن نُعالج أوجه قصورها!

وكما أنّه من الخطأ أن يُكافأ الجميع، فـيتساوى المجتهد والمتخاذل، فأيضا لا يمكن أن تُقنن النسبة بهذا الحد المُجحف.

. ينبغي أن تكون هنالك مُخصصات للمتميز وأخرى للجيد جدا وثالثة للجيد، لبث روح الابتكار وشحذ الهمم.

إنّها المرّة الثالثة التي أكتب فـيها عن منظومة «إجادة»، فلم نخرج بعد من معمل التجريب! ما زلنا فـي اللهاث المُضني وراء السراب الذي لا يروي عطش السؤال.. فبعد كل هذه السنوات: هل يعرف الموظف الطريق الذي يأخذه إلى التميز؟ وفـي حال لم يصل إليه، هل يعرف مكمن إخفاقاته!!

لا يمكن إشراك الناس فـي المنظومة عبر ترهيبهم بعلاواتهم وترقياتهم، وإلا خلقنا بيئة سامة مُعطلة، تتنامى فـيها الحساسيات والصراعات، فعندما يُغبَنُ الموظف حقه يفقدُ شرارة حماسه وتُضربُ صمامات أمان العمل، فإن بدا ظاهر المنظومة خلابا ففـي باطنها تندحقُ مشاعر المظلومية المستعرة!

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عاد الحديث عنها بعد طوفان الأقصى.. ما حل الدولتين؟ وهل هو ممكن؟

تراجع الحديث عن قيام دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية وفق حل الدولتين قبل طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكن مع اشتداد العدوان على قطاع غزة وقيام إسرائيل بجرائم حرب خلال عدوانها تزايد الحديث عن حل الدولتين.

وباتت عدة دول تهدد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في مسعى منها لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها على غزة.

طوفان الأقصى وحل الدولتين

وكانت آخر هذه الدول بريطانيا التي أعلنت -أمس الثلاثاء- أنها ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول القادم ما لم تتخذ إسرائيل خطوات منها تخفيف الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة والالتزام بعملية سلام طويلة الأمد تُفضي إلى حل الدولتين.

جاء الإعلان، عقب إعلان فرنسا أنها ستعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول، ليُعاد التركيز على حل الدولتين.

وتعترف نحو 144 دولة من أصل 193 في الأمم المتحدة بفلسطين دولة، بما في ذلك معظم دول الجنوب بالإضافة إلى روسيا والصين والهند. لكن لا يعترف بذلك من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة، إلا قلة قليلة معظمها دول شيوعية سابقة بالإضافة إلى السويد وقبرص.

وحل الدولتين هو مشروع أممي قديم وصدر بحقه قرارات دولية لم تنفذها إسرائيل ولم تلتزم بتنفيذها.

جذور حل الدولتين

بعد رفض قرار تقسيم فلسطين عام 1947، وإعلان قيام إسرائيل في 1948 وسيطرتها على 77% من أراضي فلسطين التاريخية.

وتهجير الفلسطينيين بعد عدة مجازر قامت بها العصابات الإسرائيلية وتدمير القرى الفلسطينية حيث تم تهجير نحو 700 ألف فلسطيني، وانتهى بهم المطاف لاجئين في الأردن ولبنان وسوريا وأيضا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

وفي حرب 1967، استولت إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن وعلى غزة من مصر لتحقق سيطرتها على كل الأراضي من البحر المتوسط إلى غور الأردن.

ورغم اعتراف 147 من أصل 193 بلدا عضوا في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة، فهي ليست عضوا فيها، مما يعني أن المنظمة لا تعترف بمعظم الفلسطينيين كمواطنين لأي دولة.

إعلان

يعيش نحو 3.5 ملايين فلسطيني لاجئين في سوريا ولبنان والأردن، في حين يعيش 5.5 ملايين فلسطيني في الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ويعيش مليونان آخران في إسرائيل كمواطنين إسرائيليين.

أوسلو حجر الأساس

كان حل الدولتين حجر الأساس لعملية السلام المدعومة من الولايات المتحدة التي دشنتها اتفاق أوسلو عام 1993 والتي وقعها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير ورئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين. وأدت الاتفاقات إلى اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف وإنشاء السلطة الفلسطينية.

لكن الاتفاق لم يتم تنفيذه نظرا لمماطلة إسرائيل وتنصلها مما تم التوقيع عليه، وفي عام 1995، اغتيل رابين على يد يهودي متطرف، حيث كان يعتبره عرفات والعرب شريكا في السلام.

وبقي الوضع على ما هو عليه ولم يتم إحراز أي تقدم في أي مفاوضات عدة بين السلطة الفلسطينة وإسرائيل لتتوقف كافة المفاوضات في العام 2014.

التصور المتخيل للدولة الفلسطينية

يتصور المدافعون عن حل الدولتين وجود فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية يربطها ممر عبر الأراضي المحتلة.

ووفقا لتصور أوّلي وضعه مفاوضون فلسطينيون وإسرائيليون تمنح إسرائيل المستوطنات الكبرى في الضفة المحتلة مقابل تنازل إسرائيل عن أراضي لم تحدد للفلسطينيين.

كما يتضمن التصور الذي عرف بمبادرة جنيف أو وثيقة جنيف، الاعتراف بالأحياء العربية عاصمة لفلسطين، وبدولة فلسطينية منزوعة السلاح، مقابل الاعتراف بالأحياء اليهودية في القدس عاصمة لإسرائيل.

المستوطنات تسيطر على معظم أراضي الضفة الغربية المحتلة (الجزيرة)هل حل الدولتين ممكن

تدير السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس جزرا منعزلة في أراضي الضفة الغربية المحتلة وتحيط بها مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية تشكل 60% من أراضي الضفة.

وفقا لمنظمة السلام الآن الإسرائيلية فإن عدد سكان المستوطنات ارتفع من 250 ألفا في عام 1993 إلى 700 ألف بعد 3 عقود.

كما تسارعت وتيرة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة منذ العام 2023.

وترى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب، ويؤيده بذلك العديد من رؤساء الأحزاب الإسرائيلية، أن أي دولة فلسطينية مستقلة ستكون منصة محتملة لتدمير إسرائيل، وتؤكد الحكومة على أن السيطرة على الأمن يجب أن تبقى في يد إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • عاد الحديث عنها بعد طوفان الأقصى.. ما حل الدولتين؟ وهل هو ممكن؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • مدير الأمن العام: المملكة حريصة على بناء منظومة متكاملة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص
  • أرباح لايفات تيك توك حرام شرعًا في هذه الحالة .. الإفتاء تكشف عنها
  • وظائف مدارس التكنولوجيا التطبيقية للمعلمين 2025.. رابط وشروط التقديم
  • وظائف خالية للمعلمين في مدارس التكنولوجيا التطبيقية ..رابط و شروط التقديم
  • العلاوة الدورية.. بين التقييم والاستحقاق
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الصحة تطلق منظومة إلكترونية لصرف علاج «هرمون نقص النمو» في بنغازي
  • رئيس الوزراء يستعرض نماذج استجابات منظومة الشكاوى الحكومية بالقطاعات المختلفة