قصة الوادي الصغير 30
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
الكاتب - حمد الناصري
انتفض رجال فلوع وهم يستمعوا إلى الرسالة على لسان أحدهم، وعلى الفور، قال أحدهم منزعجاً وهو يلتفت إلى محسن الشيخ وعدد غير كبير من الرجال:
ـ اسمعوا وعُووا، النزاع لا يُقَرّب إلا المُواجهة.. فكيف السبيل إلى إطفاء الفتنة في رمال الأعراب وبحر الوادي الصغير؟ لا بُدّ وأن تنظروا لعودة "الزعيم فلوع" زعيم سيح المالح المتحد درءاً للخلافات، فإن تركتموها؛ فإن المشاكل سوف تتعاظم، وسيكون انجرار البعض درءاً عن الوقوع في شُبهة بعض ودفاعاً عن كلمة الحق.
ظهر قائد جموع فلوع زعيم سيح المالح وأعلن إنشاء تنظيم مُعارض لتحالف وادي الأعراب، كأوّل تنظيم في بلاد الأعراب وبحارهم، وقال مفنداً، هذا التنظيم سيخلق توازناً في علاقات الغُرباء الشرقيين ذوي العيون الزرقاء والأنوف الفطحاء ومن معهم فارعي الطول وذوي العيون السود والعيون الجاحظة، وبين الغُرباء ذوي الوجوه الحُمر المُكتنزة.
وقال قائد جموع التنظيم الجديد، وهو يتململ في جلسته، وخصّ نفسه بكلمات.. لقد قرأنا منذ نعومة أظفارنا في سرد القِيم أنّه إذا قام أحَدٌ ورجع إلى مجلسه فهو أحقّ به.. فلماذا لا يحقّ لفلوع العودة إلى ما كان عليه من زعامة وقيادة لسيح المالح المُتحد؟، وتساءل في حيرة وفي استغراب ... هل فلوع أنابَ أحدهما، ثابت أو محسن الشيخ، ليقومانِ مقامه في المتحد؟، وهل هُما يستحقان ذلك القسم الذي خلع قائداً كان يتزعمهم وقد أقسموا على الولاء والطاعة في السرّ والعلن وفي اليُسر والعُسر؟ إنّنا في هذا التنظيم الذي نُعلنه اليوم نقف أمام كلّ القوى بحرية أو رملية تريد المساس ببُقعتنا، وسنستعين بمن نراهُ الأقرب إلينا لبلوغ منافع لنا في التنظيم، ومن يهتدي إلينا نُرحب به ونكفل له الأمان.
هزّ مُحسن الشيخ رأسه وتمتم قائلا: المخرج الوحيد من هذه الأزمة المُقلقة هو أنْ استمع إلى رأي حكيم الوادي وإلى الذين يرون بأنّ فلوع خائن بنصّ المبادئ والعادات والتقاليد والقيَم، فمن يهرب لا عودة له ومن يموت لا رجعة له.. فكيف بمن هرب ثم مات يعود ويرجع؟، والأمر الثاني؛ الذين يرفضونه أكثر من الذين يرغبون ببقائه وعودته.. والجزء الأهمّ في هذه المعمعة هو أن تدعوني أتشاور مع مُؤيّدي التحالف الجديد، ومع شُركائنا في العدّة والعتاد " الإسكندر آرون " ليتفهّم مطالبكم ومشروعية إقامة تنظيم جديد معارض في رمال الأعراب.
قال قائد جموع رجال فلوع والذين التفّوا حول قائدهم سليمان الأحمر الغالبي، وهو رجل معروف بالشدّة والغلظة، والأحمر من بيت الغالبي التي ينتمي إليها فلوع وأخيه فالع في سيح المالح أو حارات الساحل الطويل، وسليمان الأحمر الغالبي معروف بانتمائه الفكري وميوله السياسي إلى قوم بني رَجْبة من الرمال الغربية أو ما تُعرف بصحراء رجبة وتلك الأقوام تحمل أفكارًا شرقية وغربية في آنٍ واحد، قِيَمها شائكة ولا ترتبط بالعادات والتقاليد وهي قيمٌ تُبنى أبعادها الفكرية وتتجدد، وتتأرجح بين الرفض والقُبول.
ـ هناك سرّ مهمّ جداً أخفيه عليكم، وسأخبركم به، اسمعوا ما أقول وتدبّروا في حديثي معكم، فالشرقيون يقفون ضِدّ الغربيين ويخشون إقامة مُعارضة في الوادي الصغير وفي الرمال.. فالتنظيم سوف يُعارض قيم الشرقيين التي لا تتواءم مع قِيم الأعراب وتقاليدهم، والشرقيون ضدّ ما يؤمن به الأعراب، فهم يُكفرون بإيمانهم ولا يعتدّون به.
رجالٌ إذا رأيتهم ، أجسامهم تُعجبك ، لها نظارة ، وفي حديثهم نبرة هادئة ، تسمع لقولهم لكنه لا منطق جيد لهم فتسمع قولهم ، رغم أن أجسامهم وقولهم وحديثهم يُعجبك لكنها خواء ، وتقوم على المزج بين القديم والحديث ، ويؤكدون أنها افكاراً مًعاصرة ، وثقافات مُتجددة ، تُعبّر عن تلامس الفكر البشري ببعضه ،شرقية وغربية ، وأنهم يعدّون الصراعات تخلّف لكنهم يُحدثونها بأفكار تتصل بالصراعات جديدها وقديمها ، يوجدون فلاسفة قرائن للغربيين ، فكلما ظهر فيلسوف غربي وجدنا قريناً شرقياً وكُلما تحركت قوى غربية باتجاه رمال الأعراب كلما رأينا جيوشاً لا تُرى في البحر العميق ، وكلما خلف زعيم غربياً خلفاً آخر ، كلما سار الشرقيين بقوة وثبتوا لتمكين زعيمهم وتجديد مُدد زمنية أكثر.. الشرقيون مهووسون بالتأليف والتوثيق، وتميزوا في تأليف معازف خاصة، يوثقونها على أنها تُراث.؛
لذا يجب أن تكون أفكارنا وفلسفتنا لا شرقية فيها ولا غربية، نُؤمن بعصر الثقافات وتنوعها وتميّز بعضها، لكنا لا نُؤمن بمعازف شيطانية على رؤوسنا تغزو ثقافتها مُستقبل أمتنا.
قال محسن الشيخ لقائد وفد "فلوع:
ـ أولستم القائلون، أنّ سماع عزف يطرب النفس وذا منطق فيه رؤى ومنطق لا تسلبك إلى شيطنة ولا إلى رداءة هوى، إنّما كنت كمن استلذ لاستماعه.؛ أليس في ذلك كذبٌ لتوحيدكم وتوسّع مصالحكم أم هو خلط بين ثقافة شرقية وغربية.. نبئوني بعلمٍ، حتى أكون على دراية أؤمن بها كإنسان. وربما تتأثر منها تعاليمنا، وتكون لتلك الثقافات أثر بعيد على ثقافتنا، عرين الثقافات كلها وحصنها المنيع.. أم نُسِيت هيَ ، فجهلت الكثير منها..
وأعلم أنّ الشرقيون هم الذين قاموا بإخفاء "فلوع" وقتلوا "فالع" أمام ناظريه وألزموه بكتم هذه الأسرار مُقابل ضمان حياته وحمايته، وقد عُرف عنهما بأنّهما تاجران كبيران للتمر والعسل والفحم والأحجار الجميلة وصيد البحر المُجفّف في الساحل الطويل أو حارات سيح المالح..
ولكن السؤال لماذا قام الشرقيين بتوجيه أصابع الاتهام إلى الغربيين، ثم لماذا شوّهوا سمعة "فلوع" وأخذوا الأموال ونهبوا التجّار الآخرين؟، والسؤال الأهمّ لماذا لم يقم الغربيون بالردّ الفوري العلني والمُباشر؟، ولماذا ظلّ الأمر مكتوماً وفي سرّية تامّة، وبدت الأحوال تسير كما هو مُقرّر لها؟ انظروا وتفكّروا لماذا جاء الشرقيون برجل ماكر، مُخادع، ليكون قائدًا للتحالف الكبير؟ ولماذا ألغيت اتفاقيات سيح المالح المتحد؟، ولم يتحرّك الغربيون ولم يردّوا على الشرقيين، وكانوا في سكون وهدوء كسكون البحر في الشتاء القارص؟
ثم قام الشرقيون بالردّ على أنفسهم، ـ وفي ظنّي هم الذين طلبوا من ثابت التنحّي وترك قيادة الوادي الصغير لرفضه التحالف الجديد ـ وقد تنحّى ثابت للأسباب التي تعلمونها..
قطع قائد وفد "فلوع " حديث قائد التحالف محسن الشيخ على غير عادته"
ـ والسؤال يحتاج إلى تركيز وبداهة، من الذي جاء بمحسن الشيخ ليكون قائداً لتحالف الوادي، وحذف عن تحالف الوادي كلمة الصغير أو مفردة الأعراب فإن كان هم الغربيون كما تقولون فلماذا طلب الشرقيون من فلوع بالظهور علناً وأمدّوه بقوة وطلبوا منه أن يسير على أو وفق مُبتغاهم، ولكن فلوع رفض قبل أن يتبيّن الحقيقة ويرى الضمانات كاملة.
سكت قائد وفد فلوع ، وأوقف عينيه في عين محسن الشيخ .. ثم همس بصوت قريب من أذنه :
ـ أسرّني الزعيم "فلوع الغالبي" أنّ الشرقيون يُريدون أن يَقتلني قومي بأيديهم، ليبعدوا أنفسهم عن تهمة القتل والتحريض، وطلبوا منه مرّة أن يقف على رأس الجبل ويُعلن بأنّه قائد بحري، وذلك يعني إعلان موته.
نحن عشيرة الغالبي، لا نتفق مع الشرقيين، لأنّهم أعداء لأمّة الأعراب في القِيَم والتقاليد ولا يُؤمنون بما نؤمن به ولا بُدّ من الوقوف على هذه التساؤلات، ويجب على الاسكندر آرون قائد الشرقيين في البحر الكبير الإجابة عليها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موت الصغير .. الإفتاء تزف بشرى عظيمة للوالدين جزاء لاحتسابهما
موت الصغير بعد ولادته.. ورد إلى دار الإفتاء المصرية من خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، سؤالا يقول صاحبه: "بنتي توفيت بعد ولادتها بيوم، فكيف أصبر وهل هناك دعوة أدعو الله بها كي يخلف علينا بعدها؟
موت الصغير بعد ولادتهوفي إجابته على السائل قال الشيخ محمد عبد السميع أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه إذا أصاب المسلم كرب أو حزن أو غيره فله أجر، كما أن الله تبارك وتعالى أنزل في محكم التنزيل:" وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون".
وأوصى أمين الفتوى بدار الإفتاء السائل قائلاً:" أوصيك بتكرار هذه العبارة “إنا لله وإنا إليه راجعون”، واعلم أن الله ادخر لك البنت لتكون سابقة لك إلى الجنة وشفيعة لك يوم القيامة، داعياً أن يعوضه الله وأمها ويخلف عليهما خيرا.
موت الصغير بعد ولادته
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه "وفاة الطفل بعد الولادة مباشرة وما هي مكانة الطفل الرضيع المتوفي؟
وأجاب الدكتور احمد ممدوح، امين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن وفاة الطفل بعد الولادة مباشرة، أنه عصفور من عصافير الجنة ولم يجرِ عليه القلم.
وأشار إلى أن هذا الطفل الرضيع المتوفي سيكون ذخرًا لوالده في الجنة ويستقبل الطفل الرضيع المتوفي، بيد والديه يوم القيامة ويشفع لهما.
ورد عن الإمام مسلم في (صحيحه) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: تُوُفِّيَ صَبِيٌّ، فَقُلْتُ: طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ لَا تَدْرِينَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ النَّارَ، فَخَلَقَ لِهَذِهِ أَهْلًا، وَلِهَذِهِ أَهْلًا».
وأكد الإمام النووي أنه مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ أجمعوا، عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ (اهـ)
واستشهد بما روى الإمام البخاري في (صحيحه) أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ... فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ.
موت الصغير بعد ولادته
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من كان لديه أطفال صغار وماتوا سيكونون شفعاء لهم بدخولهم الجنة.
وأضاف "عثمان"، خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس» المذاع عبر فضائية «الناس»، أن جميع الأئمة اتفقوا على أنه إذا توفى أحدًا من أطفال المسلمين فهم فى الجنة ولكنهم اختلفوا فى أطفال المشركين ولكن الراجح أنهم فى الجنة لأنهم لم يفعلوا شيئًا.
موت الصغير بعد ولادته
قال العلماء إن خدم الجنة ليسوا من أهل الأرض –أبناء الدنيا-، ولكنهم ولدان ينشئهم الله سبحانه وتعالى لخدمة أهل الجنة، منوهين بأن هؤلاء الولدان يكونون في غاية الجمال والكمال.
واستشهدوا بقوله تعالى: «يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ» الآية 17 -18 من سورة الواقعة، وكذلك بما قال في موضع آخر:«وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا»، الآية 19 من سورة الإنسان.
وأوضح “ابن كثير” أنه طوف على أهل الجنة للخدمة، ولدان من ولدان أهل الجنة مُّخَلَّدُونَ، أي: على حالة واحدة مخلدون عليها، لا يتغيرون عنها، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، مشيرًا إلى أن هناك من فسرهم بأنهم مخرصون، أي في آذانهم الأقرطة، فإنما عبر عن المعنى.
وبرر ذلك بأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير، لافتًا إلى قوله تعالى: «إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا»، تعني إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة، وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم، حسبتهم لؤلوًا منثورًا، ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن، رواه مسلم (2836)