لجريدة عمان:
2025-07-27@08:55:54 GMT

العالم في مفترق طرق

تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT

تتواصل الحروب والصراعات التي تستنزف مقدرات الشعوب نتيجة السياسات السلبية والمخططات الصهيونية والمؤامرات التي تحاك في الغرف المغلقة ويبدو أن العالم في مرحلة فارقة بسبب نكبة الشعب الفلسطيني منذ عام ١٩٤٨ كما أن قيم العدالة وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني أصبحت في مهب الريح كما أن قدوم إدارة الرئيس الأمريكي ترامب أضافت بعدا جديدا لمعاودة تلك الصراعات ولعل تورط الإدارة الأمريكية في اليمن هو أحد مظاهر انزلاق المنطقة والعالم إلى المجهول.

منذ ٢٠ يناير الماضي ودخول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض والابتزاز الأمريكي وبالطريقة الناعمة يتواصل سواء فيما يخص أوكرانيا ومقدرات شعبها أو حتى على صعيد الإقليم. كما أن ما يجري في قطاع غزة وعموم فلسطين من إبادة جماعية ترتكب يوميا هي جزء أصيل من المشروع الصهيوني الأمريكي العالمي ويتلخص في إيجاد الشرق الأوسط الجديد الذي تكون قاعدته الأساسية إسرائيل لتظل بقية دول المنطقة تخدم المشروع الصهيوني العالمي وهذا يعني إنهاء القضية الفلسطينية وتهجير شعب قطاع غزة وتغلغل الصهاينة واليهود في المنطقة العربية.

الإدارة الأمريكية ترتكب حماقات كبيرة من خلال ضرباتها الجوية في اليمن حيث ذهب عشرات المدنيين ضحايا كما أن الدعم الأمريكي المتواصل للكيان الإسرائيلي متواصل منذ إدارة بايدن السابقة، ولعل عودة الحرب ضد قطاع غزة هو ضغط على المقاومة الفلسطينية لتنفيذ المخطط، وعلى ضوء ذلك فإن المشهد السياسي في المنطقة والعالم هو مشهد قاتم ومعقد ويدعو إلى مراجعات حقيقية من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والمدنية ضد الكيان الصهيوني وضد السياسة الأمريكية التي تضر بمصالح العالم الاقتصادية ومساندتها الظالمة للكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

عندما ترتفع أصوات من الإدارة الأمريكية بأن دول المنطقة قد تشهد تغييرات حاسمة فهذا يعني الابتزاز خاصة وأن الإدارة الأمريكية الجديدة تفتقر إلى الكياسة السياسية وفهم علاقات الولايات المتحدة الأمريكية التاريخية ومصالحها مع الدول العربية والإسلامية. وعلى ضوء ذلك فإن الصراعات والحروب تتواصل، وأثبت ترامب أنه ليس رجل السلام كما تحدث خلال حملته الانتخابية بل إنه أعطى الضوء الأخضر لنتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لمعاودة قصف قطاع غزة وتواصل مظاهر الإبادة التي شاهدها العالم عبر وسائل الإعلام المختلفة وشبكات ومنصات التواصل الاجتماعي.

لا بد من الاعتراف بأن هناك من يريد القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لأسباب أيديولوجية وهناك مشاريع إقليمية متواصلة ومع ذلك فإن الحق الفلسطيني سوف ينتصر، وهذه نواميس الحياة والتاريخ فليس هناك مقاومة تنشد تحرير وطنها هزمت قد تتراجع ولكن تلك المخططات سوف تكون وبالا على أصحابها وإنفاق المليارات على تلك المشاريع الصهيونية سوف تكون في نهاية المطاف حسرة على أصحابها.

الجامعة العربية أصبحت في تصوري جزءا من الماضي رغم محاولة إنعاشها، ولكن هذا الكيان العربي الأقدم على صعيد المنظمات الإقليمية والدولية أصبح أسيرا للسياسات الفردية، وأصبحت الجامعة مجرد كيان هامشي حتى قرار القمة العربية الأخيرة في القاهرة لرفض تهجير الشعب الفلسطيني في غزة وإعادة تعمير القطاع تم تجاوزه أمريكيا بعد ساعات من انتهاء القمة. وعلى ضوء ذلك فإن الإرادة السياسية العربية لم تعد موجودة والسبب الانخراط في مشاريع مستقلة.

تحدثنا في مقال سابق أن السنوات الأربع القادمة في ظل إدارة ترامب سوف تكون سنوات صعبة حتى على صعيد الداخل الأمريكي الذي بدأت بعض مؤسساته في التفكك كوزارة التربية والتعليم وتسريح عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين علاوة على طرد عشرات الآلاف من المهاجرين وإصدار الإجراءات الجديدة بمنع دخول عدد من مواطني دول العالم إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفق قوائم وهي الحمراء والبرتقالية والصفراء.

وهناك مشكلات داخلية في المجتمع الأمريكي مما يعني أننا نشهد عالما في مفترق طرق.

على صعيد الحروب والصراعات في السودان واليمن وفلسطين وحالة عدم اليقين في سوريا والحرب الروسية الأوكرانية والخلافات الحادة بين حلف الناتو وإدارة ترامب والحرب التجارية التي أطلقها ترامب والصراع في البحر الأحمر كلها صراعات وحروب ستشكل مرحلة فارقة في المشهد الدولي وهناك تحذيرات من عدد من المفكرين وكبار الكتاب في الولايات المتحدة الأمريكية من انزلاق الإدارة الأمريكية إلى أبعد من ذلك، ولعل عدد من المقالات المهمة في الصحف الكبرى كواشنطن بوست ونيويورك تايمز تعطي دلالة على القلق من خطوات الإدارة الأمريكية التي قد تؤدي إلى صراعات أكبر ولعل النموذج اليمني يشير إلى اندلاع صراعات أكبر في ظل تمادي نتنياهو وعصابته في قتل المدنيين في قطاع غزة.

الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت جزءا من مشكلات العالم ولم تعد جديرة بقيادة العالم وهنا تبرز أهمية وجود عالم متعدد الأقطاب يعيد التوازن والسلام إلى العالم وحل القضايا وفق أسس ومعايير القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ولعل وجود أصوات من المنظمات الحقوقية والمفكرين والجامعات حول ضرورة تغيير المشهد السياسي الدولي في ظل أنانية إدارة ترامب التي تبتز العالم ماليا وتجاريا حتى مع أقرب الحلفاء، ولعل نموذج كندا واضح كما أن الدول الأوروبية أصبحت تتحدث عن مستقبل الناتو والأمن الأوروبي وهناك توتر كبير من قرارات ترامب التي تصدر بشكل غير متوقع وتؤثر حتى على الأسواق المالية وأسعار النفط.

ومن هنا فإن الإدارة الأمريكية سمحت للكيان الصهيوني أن يعبث مجددا بأرواح الأبرياء ويرسم مستقبلا قاتما للأجيال في ظل البحث المتواصل عن المال من الدول الغنية بالترغيب والترهيب والنماذج واضحة ولا تحتاج إلى بيان.

إن الدول العربية في مفترق طرق ولعل التصريحات الأمريكية حول الإشكالات التي قد تمر بها عدد من الأنظمة العربية ليس صدفة فهناك مخططات حقيقية للوصول للغايات والتحالفات الخفية موجودة.

ومن هنا فإن الحد الأدنى من التضامن العربي مطلوب لأن الجميع قد يكون في وضع صعب وتاريخ التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس إيجابيا حيث إن أمريكا وفي فترات تاريخية محددة ضحت بأقرب الحلفاء ولعل النموذج الأبرز هنا هو شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي والذي يعد أقوى الحلفاء لواشنطن في المنطقة على مدى عقود وهناك نماذج أخرى شاهدها العالم خلال الثورات العربية عام ٢٠١١.

الأمن القومي العربي في مفترق طرق أيضا وإذا كان البعض يعتقد بأن التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية هو ضمانة فإنه واهم وتاريخ العلاقات الأمريكية مع عدد من دول العالم يعطي مؤشرا خلال القرن الماضي بأن أمريكا تقيس الأمور بالمصالح وأن صديق اليوم على صعيد الأنظمة قد يتحول إلى عبء لا بد من التخلص منه على الطريقة الأمريكية، ولنا في التاريخ كما يقال عبرة.

وسوف يسجل التاريخ القريب والبعيد أن هناك من ثبت على الأسس الأخلاقية والقانونية ونصرة القضايا العادلة رغم التشويه والحملات الإعلامية التي سوف تكون نتيجتها مزبلة التاريخ.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الإدارة الأمریکیة فی مفترق طرق سوف تکون على صعید قطاع غزة ذلک فإن کما أن عدد من

إقرأ أيضاً:

ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟

كشفت "القناة 12" الإسرائيلية أنه من بين الخطوات التي يجري النظر فيها من قبل "إسرائيل" والولايات المتحدة من أجل زيادة الضغط على حركة حماس، هو الطلب بتسليم كبار مسؤوليها في الخارج، أو نفيهم من قطاع غزة. 

وفي الأيام الأخيرة عبّر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عن آرائهم، ودعوا إلى تغيير السياسة في غزة، ودراسة بدائل للمفاوضات لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.

وقالت القناة إن "تصريحات ترامب وروبيو ونتنياهو حول تغيير كبير في القتال كانت منسقة، وقد تحدثوا هاتفيًا بعد رد حماس على مقترح الوسطاء، وأدرك الأمريكيون أن حماس تكسب الوقت وليست مهتمة بالتوصل إلى اتفاق في الجولة الحالية من المحادثات، تعتقد حماس أن الضغط الداخلي والدولي سيجبر إسرائيل على إنهاء الحرب بشروط تصب في مصلحتها".


وأضافت أنه بسبب ذلك "يقول كل من ترامب وروبيو ونتنياهو، بعبارات مختلفة، إن إسرائيل قد تتخذ خطوات جديدة، قد تشمل هذه الخطوات عدة مسارات عمل: الضغط على قيادة حماس في الخارج - من خلال الاغتيالات أو طلب أمريكي وإسرائيلي بتسليمهم".

 بالإضافة إلى ذلك، من الممكن التهديد بـ"الاستيلاء على أراضٍ من قطاع غزة إذا لم تُفرج حماس عن الأسرى خلال فترة زمنية محددة. كما تدرس إسرائيل خيارات أخرى".

وقال وزير الخارجية الأمريكي روبيو لعائلات الأسرى في واشنطن: "نحن بحاجة إلى إعادة نظر جادة للغاية". بينما ألمح ترامب إلى أن "الوقت قد حان لإسرائيل لتصعيد الحرب أكثر من أجل التخلص من حماس وإكمال المهمة". 


وأوضحت القناة أن "إسرائيل غير متأكدة مما إذا كان هذا تكتيكًا تفاوضيًا أم تغييرًا حقيقيًا في توجه ترامب، مما يمنح نتنياهو الضوء الأخضر لاستخدام وسائل عسكرية أكثر تطرفًا".

وقال ترامب للصحفيين بعد وصوله إلى اسكتلندا: "ما حدث مع حماس أمرٌ فظيع، لقد استفزوا الجميع.. سنرى ما سيحدث. سنرى رد فعل إسرائيل على هذا. لكن يبدو أن الوقت قد حان".

مقالات مشابهة

  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • أحمد موسى: لا بدائل عن قناة السويس التي تستقبل أكبر الحاويات في العالم
  • لجان المقاومة بفلسطين : تصاعد قتل المجوعين يؤكد تورط الإدارة الأمريكية المجرمة
  • اختراق سيبراني يطال الوكالة الأمريكية للأسلحة النووية.. واتهامات للصين
  • المجلس العربي: سياسة الحصار والتجويع التي تُمارس بحق غزةتحولت الى إبادة جماعية صامتة
  • بعد إعلان فرنسا.. خريطة بأسماء الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية
  • رأسمالية الكوارث الأمريكية من التجويع إلى التهجير فالريفيرا
  • مفوض اللجنة الأمريكية: نرصد انتهاكات الحريات حول العالم بلا استثناء
  • “حماس”: الإدارة الأمريكية تتحمل مسؤولية استمرار جريمة الإبادة والتجويع بغزة
  • طيران ناس يتصدر شركات الطيران العربية في خفض انبعاثات الكربون