الصين تطلق مناورات تحذيرية من استقلال تايوان
تاريخ النشر: 1st, April 2025 GMT
واكبت الصين المناورات العسكرية الواسعة التي بدأتها اليوم الثلاثاء في محيط جزيرة تايوان بتحذير الجزيرة من محاولات الاستقلال، مؤكدة أن هذه المحاولات "سيكون مصيرها الفشل".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية غوو جياكون -في إحاطة إعلامية اليوم- إن "تعنت سلطات الجزيرة في ما يخص الموقف من استقلال تايوان ومحاولاتها الباطلة فصل البلد من الخارج من خلال السعي إلى الاستقلال سيكون مصيرها الفشل".
وترافق هذه التصريحات المناورات العسكرية الواسعة النطاق التي بدأتها الصين اليوم في المياه والمجال الجوي المحيط بتايوان، والتي تشمل مجموعة حاملة طائرات قتالية.
وصرح شي يي -المتحدث باسم القيادة الشرقية لجيش التحرير الشعبي– بأن هذه المناورات المشتركة "تشمل قوات بحرية وجوية وبرية وصاروخية، وتهدف إلى أن تكون بمثابة تحذير شديد واحتواء قوي ضد استقلال تايوان".
كما أعلن خفر السواحل الصيني أنه سيجري اليوم "دورية لإنفاذ القانون" يوم الثلاثاء في أنحاء تايوان، حسبما قال المتحدث باسمه، تشو أنكين.
وتأتي هذه التدريبات بعد أسبوعين فقط من مناورة واسعة النطاق في منتصف مارس/آذار الجاري، عندما أرسلت بكين عددا كبيرا من الطائرات المسيرة والسفن نحو الجزيرة.
إعلانوصرح مكتب شؤون تايوان الصيني -في بيان له اليوم- بأن التدريبات كانت موجهة ضد لاي تشينغ تي، رئيس تايوان المؤيد بشدة للاستقلال.
وصرح تشانغ تشي، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الصينية، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الصيني: "نظم جيش التحرير الشعبي الصيني قوات بحرية وجوية للتدريب على مواضيع، مثل الضربات البحرية والبرية، مع التركيز على اختبار قدرة القوات على تنفيذ ضربات دقيقة على بعض الأهداف الرئيسية للسلطات التايوانية من اتجاهات متعددة".
وبينما لم يُعلن عن الاسم العملياتي للمناورات أو يصدر إشعار مسبق بها أعلنت تايوان اليوم أن الصين نشرت 71 طائرة، و21 سفينة حربية خلال تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.
وأفادت وزارة الدفاع للصحفيين -خلال مؤتمر صحفي- بأن عدد السفن الحربية شمل مجموعة حاملة الطائرات شاندونغ. وذكرت وزارة الدفاع الوطني التايوانية أنها كانت تتابع حركة حاملة الطائرات شاندونغ منذ السبت الماضي.
وأوضحت أن مجموعتها الحاملة دخلت منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية، وهي منطقة حددها الجيش ذاتيا ويتتبعها. وترسل الصين بانتظام قطعا عسكرية إلى المنطقة، التي لا تعترف بكين بها.
وقال وزير الدفاع التايواني ويلينغتون كو "أود أن أقول إن هذه الإجراءات تعكس بوضوح سعي الصين إلى تدمير السلام والاستقرار الإقليميين"، مضيفا أن تايوان شكلت مجموعة استجابة مركزية لمراقبة التدريبات الأخيرة.
وفي شوارع تايبيه، قال الناس إن الأجواء متوترة، لكنهم كانوا أكثر قلقا بشأن الاقتصاد والتطورات المحيطة بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي منشور له على منصة إكس، قال المكتب الرئاسي التايواني إن "الاستفزازات العسكرية الصارخة للصين لا تهدد السلام في مضيق تايوان فحسب، بل تقوض الأمن في المنطقة بأكملها، كما يتضح من التدريبات بالقرب من أستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا والفلبين وبحر جنوب الصين، وندين بشدة سلوك الصين التصعيدي".
ويشير بحر جنوب الصين إلى الممر المائي الإستراتيجي الذي تطالب به الصين بالكامل تقريبا. كما أجرت البحرية الصينية مؤخرا تدريبات بالقرب من أستراليا ونيوزيلندا، دون سابق إنذار، مما أجبرها على تغيير مسار الرحلات الجوية التجارية في اللحظة الأخيرة.
يذكر أن الصين تعتبر تايوان جزءا من أراضيها، ويمكن إخضاعها لسيطرتها بالقوة إذا لزم الأمر، بينما يؤيد معظم التايوانيين استقلالها الفعلي ووضعها الديمقراطي.
إعلانوقد يُدخل أي صراع الولايات المتحدة، التي تحافظ على سلسلة من التحالفات في المنطقة، وهي ملزمة قانونا باعتبار التهديدات لتايوان "مصدر قلق بالغ".
وترسل بكين طائرات حربية وسفنا بحرية نحو الجزيرة يوميا، سعيا منها لاستنزاف دفاعات تايوان ومعنوياتها، على الرغم من أن الغالبية العظمى من سكان الجزيرة، البالغ عددهم 23 مليون نسمة، يرفضون مطالبتها بالسيادة على تايوان.
وفي السنوات الأخيرة، عززت الصين نطاق هذه التدريبات وحجمها، من إرسال أعداد صغيرة من المقاتلات الفردية وطائرات المراقبة إلى إرسال مجموعات من الطائرات والطائرات المسيرة والسفن.
الجدير بالذكر أن تايوان والصين انفصلتا في خضم الحرب الأهلية قبل 76 عاما، لكن التوترات تصاعدت منذ عام 2016، عندما قطعت الصين جميع الاتصالات تقريبا مع تايبيه.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بنكيران يثير جدلاً واسعاً بسبب رفضه مشاركة جيش الاحتلال في مناورات بالمغرب
شهد المغرب في السنوات الأخيرة تسارعًا في وتيرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في إطار ما وصفته الجهات الرسمية بأنه “قرار سيادي” يخدم مصلحة الدولة في حماية وحدتها الترابية وتعزيز موقعها الإقليمي.
إلا أن هذا المسار لم يخلُ من انتقادات واسعة في الأوساط السياسية والدينية، خاصة في ظل تزايد وتيرة التعاون العسكري، الذي بلغ ذروته بمشاركة وحدات من جيش الاحتلال، بينها “لواء غولاني”، في مناورات “الأسد الإفريقي” فوق الأراضي المغربية، بينما كانت غزة تشهد مجازر دموية.
موقف بنكيران.. كسر للصمت السياسي
أثار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، عاصفة من الجدل بعد تصريحه الرافض للمشاركة الإسرائيلية في مناورات عسكرية بالمغرب.
وخلال كلمة له في لقاء حزبي مؤخرا، قال إن وجود جيش “يحارب أمة الإسلام” فوق التراب المغربي “لا يجوز شرعاً ولا ديمقراطياً”، داعياً الدولة لوقف أي تعاون عسكري مع “هذه الدولة المارقة”، على حد تعبيره.
ورغم أن بنكيران لم يوجّه أي انتقاد مباشر للمؤسسة العسكرية المغربية، إلا أن الهجوم الإعلامي والسياسي عليه جاء عنيفاً، ووُجهت له اتهامات بـ”التطاول على المؤسسات”، في حين شدد حزبه على أن كلامه لم يمس القوات المسلحة الملكية، التي تحظى بالتقدير.
الريسوني يدافع: "لا يصح إلا الصحيح"
في خضم الهجمة على بنكيران، خرج الدكتور أحمد الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بموقف داعم بشدة، معتبراً أن بنكيران هو السياسي الوحيد الذي "قال كلمة الحق، ونصح دولته، وأبرأ ذمته".
وأشاد الريسوني بموقفه الرافض لاستضافة جنود الاحتلال، واصفاً إياه بأنه يعكس ضمير المغاربة الرافضين للتطبيع.
وأكد أن صمت الأحزاب السياسية عن هذا الحدث الخطير يُعدّ تقصيراً، مشدداً على أنه "كان ينبغي اعتقال جنود الاحتلال ومحاكمتهم بدل تدريبهم". كما اعتبر أن الهجوم الإعلامي على بنكيران أشبه بـ”النباح” الذي لا يغيّر من الحقيقة شيئاً: “لا يصح إلا الصحيح”، ختم الريسوني.
محمد يتيم: "غرفة الفار" وتضخم بلا شرعية
في خضم هذا الجدل، برز موقف محمد يتيم، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي وجّه انتقادات لاذعة لما أسماه "غرفة الفار"، في إشارة إلى الأصوات الإعلامية التي هاجمت بنكيران، معتبراً أنها لا تمثل موقف الدولة الرسمي، بل تحاول لعب دور "المناديب على الحكم" دون اختصاص أو أهلية. وأكد يتيم أن تصريحات من يرفعون شعار "كلنا إسرائيليون" لا تجد صدى لدى عموم المغاربة، بل تزيد من تعاطفهم مع مواقف بنكيران المدافعة عن القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الدولة، بدستورها واختصاصات رأسها، لم تُبدِ أي انزعاج من التعبيرات الشعبية المنددة بالتطبيع، ولا من النقد السياسي الذي يعبّر عنه فاعلون وطنيون. وختم يتيم بالإشادة بأمثال أحمد ويحمان وعزيز هناوي، معتبراً أنهم يشكلون امتداداً وطنياً صادقاً للنضال من أجل فلسطين.
حميد زيد: بنكيران ضرورة لاستمرار النقاش السياسي
من جهته، كتب الصحافي حميد زيد مقالة ساخرة ـ لاذعة في الآن ذاته ـ شدد فيها على أن وجود بنكيران في الحياة السياسية هو "تعويض جماعي" لكل المغاربة، في ظل انعدام النقاش الحقيقي داخل المؤسسات. وقال زيد: "لولا بنكيران لتوقفت مواقع، لاختفت أحزاب، ولصمت الإعلام"، مضيفاً أن الرجل يمنح "التوازن النفسي والسياسي في بلد كل شيء فيه أصبح يأتي من الدولة".
واعتبر أن مهاجمة بنكيران تحوّلت إلى رياضة جماعية، تُخفي في طياتها غياب أي بديل سياسي أو معارض فعلي، مشيراً إلى أن كل الأحزاب تسير في فلك “برنامج واحد للدولة”، مما يجعل من بنكيران حالة استثنائية.
يونس مسكين: هل أصبح الرأي جريمة؟
بدوره، أبدى الإعلامي والكاتب يونس مسكين دهشته من حجم الحملة ضد بنكيران، مؤكداً أن الرجل عبّر عن رأي سياسي معارض ضمن الإطار الدستوري، دون أن يمس الجيش أو يحرض عليه. وكتب مسكين: "جيشنا ليس جيشاً من ورق ولا يحتاج لحماة افتراضيين"، معتبراً أن المشكلة ليست فيما قاله بنكيران، بل في "من قاله" وفي رمزية موقعه السياسي.
وأضاف: "تحويل الرأي إلى جريمة، والرأي المخالف إلى مؤامرة، لا يفضي إلا إلى تعميم الخوف، وإلى مجتمع يخرس فيه الجميع". وأكد أن أحد مؤشرات الديمقراطية هو خضوع المؤسسات العسكرية للرقابة المدنية والنقاش العمومي، وهو ما يجب أن يتوسع لا أن يُقمع.
بين السيادة الوطنية واستحقاقات التحالفات الإقليمية
في خضم هذا السجال، تبرز أصوات تحذر من أن الاندفاع في التطبيع، خصوصاً في الشق العسكري، قد يؤدي إلى اهتزاز العلاقة بين الدولة والمجتمع.
ويرى أحمد ويحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أن هذه التطورات تضع المغرب أمام معادلة دقيقة بين الحفاظ على مصالحه الاستراتيجية في مواجهة تحديات إقليمية، أبرزها ملف الصحراء، وبين الحفاظ على وحدة الموقف الداخلي واحترام الرموز الوطنية الجامعة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
كما يُنبه ويحمان إلى أن اختراق الجيش الإسرائيلي للتراب المغربي ـ ولو في إطار مناورات ـ هو تجاوز لخطوط رمزية تتعلق بالذاكرة والسيادة، لا يمكن تبريرها بالمكاسب السياسية.