القاهرة: الشرق الأوسط: ضاعفت دعوات تحريض ضد المهاجرين غير النظاميين في ليبيا من أوجاع السودانيين الفارين من الحرب، الذين يقيمون في مدينة الكفرة (جنوب البلاد)، ويأتي قلق السودانيين على وقع جدل سياسي وشعبي في ليبيا، بشأن توطين المهاجرين غير النظاميين، وهو ما نفته السلطات الليبية على لسان مسؤولين حكوميين.



وانتشرت أخيراً على بعض صفحات التواصل الاجتماعي في ليبيا دعوات تحريضية لـ«ترحيل المهاجرين غير النظاميين»، ودافع بعض المدونين، خلال اليومين الماضيين، عن هذه الدعوات بالحديث عن «عدم الترحيب بالمهاجرين».

كما رصد حقوقيون، ومن بينهم الناشط الليبي طارق لملوم، ما قال إنها «دعايات وحملات تحريض»، متحدثاً عن «منع وصول العمال والمهاجرين المسلمين إلى ساحة الشهداء في العاصمة طرابلس للاحتفال بعيد الفطر، بحجة عدم حملهم أوراق هوية».

وأعاد لملوم عبر حسابه بـ«فيسبوك» نشر صور متداولة لحافلات، تابعة لجهاز «مكافحة الهجرة غير الشرعية»، وهي تطوق ساحة الشهداء، فيما لم يصدر تعليق رسمي عن الجهاز بشأن هذا الإجراء.

وسبق أن هيمنت على السودانيين الشهر الماضي مخاوف وهواجس من «الاعتقال والزج بهم في مراكز الاحتجاز وترحيلهم»، وفق بيان السفارة السودانية في ليبيا، التي حاولت أيضاً تهدئة مواطنيها، قائلة إن «سياسات الحكومة الليبية المعلنة تجاه الوافدين السودانيين تُقدم التسهيلات والمساعدات لهم، بوصفهم ضيوفاً».

الناطق باسم بلدية الكفرة، عبد الله سليمان، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجتمع المحلي يرحب بالنازحين السودانيين، ولا يكن أي عداء تجاههم»، لكنه تحدث عن «ضغوط قاسية على مرافق المدينة، مثل الكهرباء والصرف الصحي والمستشفيات».

وسبق أن نشرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بياناً، حذرت فيه مما وصفته بـ«المعلومات المضللة وخطاب الكراهية» ضد اللاجئين، وشددت على أن ذلك «لا يؤدي سوى إلى تفشي الخوف وحالة العداء».

ولم تفارق مشاعر الحنين لأجواء «العيد» في السودان قطاعاً واسعاً من النازحين إلى ليبيا، ومنهم خالد العاقب (48 عاماً)، الذي حل عليه «العيد» بمشاعر «خوف وحنين إلى الوطن»، فهو «عيد جديد من أعياد الأحزان ووجع الغربة والنزوح»، على حد وصفه.

وتذكر العاقب جانباً من ذكريات عيده في الخرطوم، التي نزح منها منذ 3 أعوام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أشتاق لتجمعات الأهل والأصدقاء والحلوى، ومشاهد لعب الأطفال ومعايدتهم، ومطعم شهير كنت أرتاده».

ويحرص النازح السوداني، وكما في الأعياد السابقة بالكفرة، على التواصل مع من تبقى من أهله في السودان والاطمئنان على أحوالهم، علماً أن بعض أفراد عائلته يوجدون أيضاً في مصر، وفي هذا السياق يقول: «شتتت الحرب شملنا ومزقت فرحة أعيادنا».

وتذهب تقديرات الأمم المتحدة إلى اعتبار مدينة الكفرة باتت نقطة عبور رئيسية للفارين السودانيين إلى ليبيا، حيث استقبلت 240 ألف شخص منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023، وهو رقم شكك الناطق باسم بلدية الكفرة في صحته، قائلاً: «يستحيل حصر أعداد اللاجئين القادمين عبر الحدود الليبية-السودانية لأنها لا تخضع لمراقبة دقيقة»، ورجح دخولهم «عبر مسارات التهريب»، مبرزاً أن البلدية أصدرت أكثر من 120 ألف شهادة صحية للاجئين حتى الآن.

وخلال أيام عيد الفطر، لم يطرأ تحسن على الأوضاع الإنسانية للسودانيين الموجودين في ليبيا، حيث تشكو شرائح واسعة منهم، ومن بينهم النازح العاقب، من «صعوبة أوضاعهم المعيشية، حيث يعمل بعضهم في مهن متواضعة، وأيضاً من تصاعد دعوات التحريض ضد المهاجرين».

وفي شهر رمضان الماضي، تداول سودانيون في الكفرة عبر صفحات تواصل خاصة بهم منشور نداء من إحدى السيدات، تدعى «م.م»، تطلب فيه سلة مساعدات فيها «دقيق وعدس وفول»، وكتبت: «نحن نازحون وأيتام ونحتاج إلى المساعدة من فاعل خير».

وهنا يقر المتحدث باسم بلدية الكفرة بصعوبة الوضع الإنساني للسودانيين في بلاده، لكنه يشير إلى «مبادرات من البلدية وأهالي الكفرة والمجتمع المدني لمساعدتهم».

ووزعت بلدية الكفرة 3 آلاف سلة غذائية على السودانيين في رمضان، تشمل الحليب والأرز والزيت والطماطم والدقيق، إلى جانب تجهيز 7 موائد إفطار، وفق الناطق باسم البلدية.

لكن رغم تلك الجهود، فإن «السودانيين في الكفرة استقبلوا (العيد) في خيام ضيقة، مصنوعة من القماش في مزارع على أطراف المدينة أو مستودعات تحولت إلى أعشاش، لا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء».

وسبق أن أعدت الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية للسودانيين في ليبيا، عبر جمع 106.6 مليون دولار أميركي يغطي قطاعات الصحة والتغذية والتعليم، والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والحماية.

ويقر عبد الله سليمان بما قال إنها «وقفات استجابة إنسانية من جهات دولية، تقدم مواد غذائية وأدوات تنظيف وطهي»، ضارباً المثل بكل من «منظمات الأغذية العالمية، والهجرة الدولية، واليونيسف».

ومع ذلك، توجه بلدية الكفرة «انتقاداً» للأمم المتحدة، بحجة أن «ما تم تقديمه للاجئين غير كافٍ»، وقال الناطق باسمها: «نحتاج إلى دعم للاجئين والمجتمع المضيف، بناء على الاحتياج وليس الاجتهاد». مطالباً «بدعم المؤسسات الخدمية التي تواجه ضغطاً شديداً في مدينة كان يبلغ عدد سكانها 60 ألف نسمة قبل موجة النزوح».  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بلدیة الکفرة الناطق باسم فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

إدارة ترامب تطلب من المحكمة العليا السماح بترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة

طلبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من المحكمة العليا الأميركية التدخل العاجل لرفع أمر قضائي يمنعها من تنفيذ سياسة جديدة تقضي بترحيل مهاجرين محتجزين إلى دول ثالثة -أي دول ليست بلدهم الأصلي- من دون منحهم فرصة الطعن أو إثبات الخوف من التعذيب أو القتل.

وجاء هذا الطلب بعد أن أصدر قاضي المحكمة الجزئية في بوسطن، براين ميرفي، أمرا قضائيا أوليا يمنع وزارة الأمن الداخلي من تنفيذ عمليات الترحيل من دون إخطار المهاجرين كتابيا باسم الدولة التي سيرحّلون إليها، ومنحهم "فرصة حقيقية" لإثبات تعرضهم لخطر جسيم.

وقالت وزارة العدل، في طلبها الطارئ إلى المحكمة العليا، إن الأمر القضائي "يعرقل بشكل خطير" جهود الحكومة لإبعاد من وصفتهم بأنهم "أسوأ المهاجرين غير الشرعيين"، ويعيق السياسة الخارجية والأمن القومي الأميركي.

واعتبر المحامي العام المساعد، جون سوير، أن القرار القضائي يمثل "اغتصابا لصلاحيات السلطة التنفيذية" في قضايا الهجرة.

ترحيل إلى دول ثالثة

ووفقا لوثائق حصلت عليها شبكة "سي بي إس"، تعمل إدارة ترامب على إبرام اتفاقيات مع دول مثل ليبيا ورواندا وكوستاريكا وغيرها، لقبول مهاجرين لا يحملون جنسية هذه البلدان.

وقد تم بالفعل ترحيل أكثر من 200 مهاجر فنزويلي إلى السلفادور حيث يُحتجز بعضهم في مراكز سيئة السمعة.

إعلان

كما أشارت الوثائق القانونية إلى محاولات لترحيل مهاجرين من لاوس وميانمار إلى دول مثل جنوب السودان، رغم التحذيرات الأميركية بشأن العنف والاختطاف هناك.

وقد وصف القاضي ميرفي هذه السياسات بأنها "تفتقر إلى أبسط مقومات الإنسانية والمنطق القانوني".

تجريد من الحقوق الأساسية

من جهتهم، قال المهاجرون الأربعة الذين رفعوا الدعوى إنهم يخشون من ترحيلهم إلى دول قد يواجهون فيها الاضطهاد أو القتل، لكنهم لم يُمنحوا أي إشعار أو حق بالمرافعة القانونية.

وأكد القاضي أن الحكومة انتهكت "بلا شك" أمر المحكمة بعد أن قامت فعليا بترحيل عدد من المهاجرين إلى دول ثالثة من دون اتباع الإجراءات المطلوبة.

وفي رد قضائي، أمر القاضي الإدارة بإجراء مقابلات "الخوف المعقول" للمهاجرين، وهي خطوة قانونية لتحديد ما إذا كان يجوز منع ترحيلهم بموجب القانون الدولي والاتفاقيات الأميركية، على أن تتم المقابلات بحضور محام.

وتشكل هذه القضية جزءا من حملة شاملة يقودها ترامب في ولايته الثانية للحد من الهجرة، شملت أوامر تنفيذية وقرارات عاجلة لمحاصرة فرص اللجوء، وإعادة ترحيل المهاجرين المحميين سابقا إلى بلدان أخرى.

وكثفت الإدارة جهودها لعقد صفقات مع دول "آمنة" لاستقبال مهاجرين لا يحملون جنسية تلك الدول، مما أثار انتقادات حقوقية واسعة.

مقالات مشابهة

  • إدارة ترامب تطلب من المحكمة العليا السماح بترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة
  • عبد الواحد يمكن إنتقاده كقائد وكمؤسسة وحياده محترم وأوى الفارين من جحيم الجنجويد بدون تمييز
  • الحويج يناقش ملف المهاجرين غير الشرعيين في سبها
  • كابوس احتفال ليفربول.. تضاعف حصيلة المصابين بحادث الدهس
  • رئيس الحكومة: عدد الأرامل المستفيدات من الدعم المباشر تضاعف 6 مرات
  • باسم نعيم: حماس وافقت على اقتراح ويتكوف لوقف الحرب.. وننتظر رد الاحتلال
  • أمن المقاومة يحذر من دعوات تشكيل لجان حماية غزة
  • «الشارقة للفنون»: ثلاث دعوات مفتوحة في السينما والرسوم المصورة
  • الرئاسة تطالب واشنطن ببذل جهود جدّية لوقف حرب الإبادة في غزة
  • تسريب يكشف تحريض رئيس الشاباك المعيّن ضد المسلمين