الصلح خير.. لكن بأي ثمن؟!
تاريخ النشر: 5th, April 2025 GMT
صالح بن سعيد الحمداني
لطالما سمعنا عبارة "الصلح خير"، وهي بلا شك دعوة نبيلة تحمل في جوهرها قيم التسامح والتعايش. لكن في كثير من الأحيان، يتم إساءة استخدامها بطريقة تُفضي إلى ضياع الحقوق بدلاً من تحقيق العدالة. يُصبح الصلح، الذي يفترض أن يكون وسيلة لإنهاء النزاعات، أداة تُستخدم للضغط على المظلوم للتنازل عن حقه، بينما يُفلت الظالم من المحاسبة، بل وربما يخرج وكأنه لم يرتكب أي خطأ.
الصلح بين التوازن والانحياز عند وقوع خلاف بين طرفين، سواء كان ذلك بين أفراد أو جماعات، يُسارع المجتمع إلى دفع الطرفين للمصالحة. لكن المُشكلة تكمن في أنَّ هذا الضغط لا يكون متساويًا على الطرفين، بل يتركز غالبًا على الطرف الأضعف أو المظلوم، في حين يتم التساهل مع الطرف القوي أو الظالم.
والنتيجة؟ تصالح زائف لا يُعيد الحقوق ولا يُحقق العدل، بل يكرس الظلم ويشجع على تكراره.
في مثل هذه الحالات، يصبح "الصلح" وسيلة لإسكات المظلوم بدلاً من منحه حقه. يتم تجاهل مبدأ أساسي في العدالة، وهو أن الصلح لا يجب أن يكون بديلاً عن رد الحقوق. لا يُمكننا أن نضع الظالم والمظلوم في كفتي ميزان متساويتين ونطالب الطرفين بالتسامح بنفس القدر، بينما أحدهما هو الجاني والآخر هو الضحية.
"المخاجلة" و"المعانقة": أدوات لدفن الحقائق من أكثر الممارسات الشائعة في مجتمعاتنا هي محاولة حل النزاعات عن طريق "المخاجلة" أو "المعانقة". تأتي شخصيات اجتماعية أو وجهاء لحل النزاع، فيُطلب من المظلوم التنازل عن حقه "حفاظًا على العلاقات" أو "لأجل المصلحة العامة"، بينما يُطلب من الظالم تقديم اعتذار شكلي لا يلزمه بشيء فعلي.
هذا النوع من الحلول ليس سوى مُسكن مُؤقت يُخفي الجرح دون أن يعالجه. بل قد يُفاقم المشكلة لأنَّه يرسل رسالة واضحة إلى الجميع يمكنك أن تظلم الآخرين، فحتى لو تم كشف ظلمك، فإن أقصى ما ستواجهه هو جلسة صلح وانتهى الأمر!
الصلح الحقيقي رد الحقوق أولًا، الصلح ليس عملية عشوائية يتم فيها تجاوز الحقوق من أجل السلام الظاهري. الصلح الحقيقي يجب أن يقوم على مبادئ واضحة، أهمها في المقام الأول إقرار الظالم بظلمه لا يمكن أن يكون هناك صلح حقيقي دون اعتراف صريح من الجاني بخطئه.
ومن ثم يلي ذلك رد الحقوق إلى أصحابها، إذ لا يمكن اعتبار النزاع منتهيًا قبل أن يحصل المظلوم على حقه كاملًا، وبعد هذه الخطوة يأتي ضمان عدم تكرار الظلم، إذ يجب أن تتضمن أي مصالحة آليات لمنع تكرار الظلم، سواء من خلال تعويض مناسب أو عقوبة رادعة.
إذا لم تتحقق هذه الشروط، فإن "الصلح" لا يكون سوى خدعة تهدف إلى تهدئة الأمور على السطح، بينما يظل الجمر مشتعلًا تحت الرماد.
لماذا يجب أن نرفض الصلح الزائف؟
هناك عدة أسباب تجعلنا نعيد النظر في مفهوم "الصلح" عندما يكون على حساب العدالة ومن ببن هذه الأسباب إعطاء الشرعية للظلم عندما يتم الضغط على المظلوم ليتنازل عن حقه، فإننا نكرس فكرة أن الظلم يمكن أن يمر بلا عقاب.
وهذا يساهم في إضعاف المجتمع عندما يرى الناس أن الحقوق تُهدر باسم الصلح، فإنهم يفقدون الثقة في العدالة، مما يؤدي إلى تفاقم الشعور بالإحباط واليأس.
وأيضا هذا يجعل تكرار المظالم عندما لا يُحاسب الظالم، فإنه يشعر بأنه يستطيع تكرار فعلته دون عواقب، مما يؤدي إلى تفشي الظلم في المجتمع.
لكن ماذا لو جعلنا العدل أولًا، ثم الصلح؟
إذا كنَّا نريد أن يكون الصلح فعلًا وسيلة لإنهاء النزاعات بطريقة عادلة، فيجب أن يكون العدل مُقدمًا على المصالحة، لا يمكن أن نطلب من المظلوم الصفح قبل أن يُنصف، ولا يمكن أن نقبل بمساواة الظالم بالمظلوم بدعوى تحقيق السلام.
يجب أن نتذكر دائمًا أن السلام الحقيقي لا يأتي من دفن المشاكل تحت السجاد، بل من مُعالجتها بإنصاف، الصلح ليس مجرد اتفاق شكلي ينهي النزاع، بل هو آلية لإعادة التوازن إلى العلاقات الإنسانية، ولا يمكن أن يكون كذلك إلا إذا بُني على أسس العدل والإنصاف.
الصلح خير عندما يكون مبنيًا على رد الحقوق وتحقيق العدالة، لكنه يصبح ظلمًا آخر إذا استُخدم لإجبار المظلوم على التنازل عن حقه تحت الضغط المجتمعي. علينا أن نُعيد تعريف مفهوم الصلح في مجتمعاتنا، بحيث لا يكون وسيلة لتغطية الظلم، بل أداة لإنهاء النزاعات بطريقة تحفظ كرامة الجميع وتضمن تحقيق العدالة للجميع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محادثات الصلح تنهي الأزمة بين صلاح وليفربول
بعد أسبوع مضطرب أعقب تصريحاته المثيرة للجدل، سيعود محمد صلاح إلى تشكيلة ليفربول التي ستواجه برايتون غدا السبت ضمن منافسات الجولة الـ16 من الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.
أُدرج صلاح في تشكيلة الريدز، بعد محادثات مع مدربه الهولندي آرني سلوت، وفقاً لتقارير إعلامية بريطانية عدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مانشستر يونايتد يحقق أرباحا بنحو 17 مليون دولارlist 2 of 2هنري نجم أرسنال السابق ينتقد تصريحات صلاح ضد ليفربولend of listوأفادت كل من "بي بي سي" و"سكاي" بأن القرار اتُّخذ بالتشاور مع سلوت الذي كان أوضح أنه صاحب الكلمة الأخيرة بشأن إعادة صلاح الى التشكيلة، مؤكداً رغبته في التصرف بما يخدم مصلحة النادي.
وكان المدرب الهولندي صرّح سابقاً بأنه سيتحدث إلى صلاح صباح الجمعة، عقب غضب المهاجم الدولي المصري الأسبوع الماضي عندما أثار الشكوك حول مستقبله في أنفيلد، وأدى إلى استبعاده من التشكيلة التي سافرت إلى إيطاليا لمواجهة إنتر في دوري أبطال أوروبا منتصف الأسبوع والتي انتهت بفوز ليفربول 1-0.
وأشعل صلاح جدلا واسعا عقب تصريحاته التي اتهم فيها النادي بـ"التخلي عنه" عقب جلوسه على دكة البدلاء 3 مباريات متتالية آخرها التعادل أمام ليدز يونايتد 3-3.
كما أشار في حديثه للمراسلين إلى انهيار علاقته بسلوت.
ونشر صلاح صورة له داخل قاعة المركز البدني للنادي وهو بمفرده، على مواقع التواصل الاجتماعي بعد استبعاده من السفر إلى ميلانو.
وقال سلوت في المؤتمر الصحفي عشية المباراة امام برايتون "سأجري محادثة مع مو (محمد صلاح) هذا الصباح، والنتيجة ستحدد كيف ستبدو الأمور غدا (السبت)".
وأضاف "أعتقد أن المرة المقبلة التي أتحدث فيها عن مو يجب أن تكون معه وليس هنا. يمكنكم الاستمرار في المحاولة، لكن ليس هناك الكثير لأقوله في هذا الشأن".
وتابع "بعد مباراة سندرلاند (تعادل الفريقان 1-1 في الثالث من ديسمبر/كانون الأول، حيث شارك صلاح بديلا في الشوط الثاني) جرت الكثير من المحادثات بين ممثليه وممثلينا، وبينه وبيني".
إعلانوحاول سلوت تفادي سؤاله أكثر من الصحفيين عن صلاح، لكنه أوضح "ليس لدي أي سبب لعدم رغبتي في بقائه، وهذا يُعدّ نوعا من الإجابة على سؤالك".
وكان صلاح وقّع في أبريل/نيسان الماضي عقداً جديداً لمدة عامين مع ليفربول جعله من بين أعلى اللاعبين أجراً في الدوري الممتاز، ومن المقرر أن ينضم إلى منتخب مصر بعد مباراة برايتون للمشاركة في كأس الأمم الأفريقية في المغرب التي تختتم في 18 يناير/كانون الثاني المقبل، حسب مدى تقدم مصر في البطولة.
ويحتل صلاح المركز الثالث في قائمة الهدافين التاريخيين لليفربول برصيد 250 هدفاً في 420 مباراة، وأحرز لقب الدوري مرتين ودوري أبطال أوروبا مرة واحدة خلال مسيرته مع النادي.
وسجل صلاح الموسم الماضي 29 هدفاً في الدوري، مساهماً في تتويج ليفربول بلقبه الـ20، لكنه اكتفى هذا الموسم بـ4 أهداف في 13 مباراة.
ويحتل ليفربول حالياً المركز العاشر في الدوري بعد سلسلة مخيبة أعقبت 5 انتصارات متتالية استهل بها الموسم، لكنه حقق فوزين فقط في آخر 10 مباريات بالدوري، في حين ارتبط اسم صلاح بالانتقال إلى الدوري السعودي.