نداء للمسؤولين.. حماية الأطفال في المدارس مسؤولية لا تتحمل التأجيل
تاريخ النشر: 7th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أحيانا لاندرك حجم المأساة إلا عندما نراها مجسدة أمامنا بوضوح، وهذا ما حدث مع مسلسل "لام شمسية" عندما سلط الضوء على موضوع التحرش بالأطفال أو ما يسمى بـ"البيدوفيليا"، الظاهرة التي لم تعد مجرد حوادث فردية صادمة، فالمسلسل جعل المشاهدين يشعرون بالرعب من واقع لم يعودوا قادرين على تجاهله، وقدم الموضوع بصورة مكبرة كأننا نراها على شاشة عملاقة، ولم يعد بإمكاننا الهروب من حقيقة أن متحرشا واحدا قد يدمر حياة العديد من الأطفال وينشر دائرة الفساد داخل المجتمع بأكمله.
لم يكتف المسلسل بعرض الأثر النفسي المدمر على الضحايا، بل أظهر كيف أن غياب الرقابة والتوعية يجعل الأطفال فريسة سهلة، هذه المعالجة الفنية أحدثت صدمة قوية، دفعت الكثيرين لإعادة التفكير في سبل الحماية، ليس فقط على المستوى الفردي، بل من خلال المطالبة بإجراءات رسمية أكثر صرامة.
إن أولى الخطوات الضرورية لمكافحة هذه الآفة تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم، فهي مسؤولة مسؤولية كاملة عن وضع آليات ومبادرات وحملات تثقيفية وتفتيشية شاملة تغطي جميع المدارس بدون استثناء، بحيث لا يقتصر الاهتمام على حماية الأطفال فحسب، بل يمتد ليشمل المدرسين والمشرفين وكافة العاملين في المؤسسات التعليمية،إذ أن توفير برامج توعوية للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور حول التحرش وأساليب التصدي له من شأنه أن يسهم في خلق بيئة مدرسية آمنة ومحصنة ضد هذه الجرائم.
يجب أيضا على الوزارة أن تفرض تعيين أطباء نفسيين متخصصين في كل المدارس وليس مجرد أخصائيين نفسيين، فالأطباء النفسيون قادرون على تقديم التشخيص الدقيق للحالات النفسية للأطفال، وإجراء كشوفات دورية لضمان سلامتهم النفسية، وإعداد تقارير دورية حول حالتهم بما يتيح التدخل المبكر عند الحاجة، فالاهتمام بالصحة النفسية للطلاب لا يقل أهمية عن الاهتمام بصحتهم الجسدية، فالتجاهل أو الإهمال قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وإلحاق الضرر بالأجيال القادمة.
أما فيما يخص الجانب الرقابي، فإن إلزام جميع المدارس بوضع كاميرات مراقبة في كافة أرجاء المدرسة بما في ذلك الفصول الدراسية، يمثل خطوة بالغة الأهمية في الحد من حالات التحرش والانتهاكات الأخرى، فوجود هذه الكاميرات لا يهدف إلى انتهاك خصوصية الطلاب، بل يسهم في حماية حقوقهم ويشكل رادعا قويا لأي شخص قد تسول له نفسه استغلال الأطفال داخل المؤسسات التعليمية.
ومن ناحية أخرى، فإن إجراء كشف نفسي دقيق للمعلمين قبل تعيينهم أصبح أمرا لا يقبل التأجيل، فمن الضروري التأكد من أهلية المعلمين نفسيا وتربويا لممارسة هذه المهنة النبيلة التي تقوم على غرس القيم والمبادئ السليمة في نفوس الأجيال الصاعدة، كما أن الرقابة المستمرة على سلوك المعلمين وتقييم أدائهم النفسي والتربوي يمكن أن يمنع وقوع العديد من الانتهاكات التي قد يتعرض لها الطلاب.
أما على الصعيد القانوني، فإننا نطالب بمراجعة القوانين المتعلقة بجرائم التحرش بالأطفال وتشديد العقوبات على مرتكبيها، لا بد أن تكون العقوبات صارمة ورادعة إلى أقصى حد، بحيث لا تقتصر على الحبس فقط، بل تشمل إجراءات تمنع المتحرشين من العودة إلى أي وظيفة قد تتيح لهم التعامل مع الأطفال مستقبلا، إن التساهل في هذه الجرائم لا يؤثر على ضحية واحدة فقط، بل يمتد أثره إلى أجيال بأكملها.
إن حماية الأطفال ليست مسؤولية فردية بل هي مسؤولية مجتمعية ووطنية تتطلب تعاونا وتكاتفا من جميع الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم، لذا، نرجو من معالي وزير التربية والتعليم اتخاذ التدابير اللازمة لوضع هذه التوصيات موضع التنفيذ الفوري، فالأطفال هم أمانة في أعناقنا جميعا، وضمان سلامتهم النفسية والجسدية هو الضمان الحقيقي لمستقبل أفضل لمجتمعنا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حماية الأطفال في المدارس التحرش بالأطفال وزارة التربية والتعليم
إقرأ أيضاً:
الوحدة قدر لا خيار.. نداء من عشائر غزة لاحتواء الانقسام
غزة– دعت الهيئة العليا لشؤون العشائر، وهي إحدى هيئات التجمع الوطني للقبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية في قطاع غزة، أبناء الشعب الفلسطيني إلى توحيد الصفوف ولم الجراح، مؤكدة أهمية تحصين النسيج الاجتماعي ومواجهة محاولات الاحتلال نشر الفوضى والانقسام الداخلي.
وجاء في بيان الهيئة "لقد مررنا جميعا بمحنة قاسية، وخلف العدوان جراحا عميقة في النفوس والأرض. إن التحديات التي نواجهها اليوم بعد وقف إطلاق النار لا تقل خطورة عن مواجهة العدوان ذاته، بل تمثل مفتاحنا للتعافي والبناء، وإفشال المخططات الإسرائيلية الرامية إلى إشاعة الفوضى وإشعال الصراعات والانقسامات الداخلية، لاسيما العشائرية والعائلية".
ودعت الهيئة أبناء العشائر والعائلات الفلسطينية إلى الوحدة وتضميد الجراح وتجاوز الخلافات بروح التسامح والحكمة، مؤكدة أن العشائر يجب أن تبقى رافعة للوحدة لا مصدرا للفرقة، وأن تسعى لتعزيز قيم المحبة والإخاء والتكافل بين أبناء الوطن.
وشددت على ضرورة الوحدة الوطنية الشاملة وتجاوز الفوارق والانقسامات، لأن الأرض واحدة والمصير مشترك. وقالت "اليوم هو وقت الوحدة والتلاحم، وقت أن نثبت للعالم أن شعبنا في غزة، بصموده وتكاتفه، قادر على تجاوز أصعب المحن والنهوض من جديد، أقوى وأكثر عزيمة".
وفي هذا السياق، أوضح علاء الدين العكلوك، عضو التجمع الوطني للقبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية، في حديثه للجزيرة نت، أن البيان صدر في ظل ظروف بالغة الدقة يمر بها قطاع غزة، نتيجة العدوان وما خلفه من أوضاع إنسانية كارثية، وتفكك اجتماعي، وضغوط اقتصادية ومعيشية خانقة، إلى جانب محاولات الاحتلال بث الفتنة وزرع الشكوك بين مكونات المجتمع الفلسطيني.
إعلانوأكد العكلوك أن تماسك الجبهة الداخلية يشكل خط الدفاع الأول في مواجهة المؤامرات، مشددا على أن العشائر ستظل حارسة للنسيج الاجتماعي ورافعة للثبات الوطني، مواصلة عملها مع مختلف القوى والمكونات الوطنية لتحقيق هذه الغاية، إيمانا منها بأن الانقسام زائل والوطن باق، وأن صوت الوحدة هو المنتصر في النهاية.
ووجه العكلوك رسائل إلى الفصائل والمجتمع الفلسطيني بأكمله مفادها:
السمو فوق الخلافات السياسية والفصائلية، والعمل بروح المسؤولية الوطنية، لأن المرحلة لا تحتمل التناحر أو المزايدات. التحلي بروح الصبر والتكاتف والتعاون، ونبذ كل مظاهر الانقسام والفوضى التي يسعى الاحتلال إلى تأجيجها. النخب الفلسطينية عليها تحمل مسؤولياتها التاريخية في توجيه الرأي العام نحو الوحدة وضبط النفس، وعدم الانجرار وراء التحريض أو المعلومات المضللة.وخلال سنوات الانقسام، أسهمت الهيئة العليا لشؤون العشائر من خلال لجنة المصالحة المجتمعية التي عملت بين عامي 2017 و2019، في معالجة الأضرار الناجمة عن الانقسام، وتعويض المتضررين من القتل والإصابات والإعاقات وتخريب الممتلكات التي وقعت خلال الاقتتال الداخلي، إذ تم تعويض 173 عائلة من ضحايا الانقسام.
ودعا مصدر في القوى الوطنية والإسلامية -فضل عدم الكشف عن هويته- في حديثه للجزيرة نت إلى إعادة تشكيل وتفعيل لجان مصالحة مجتمعية موسعة تضم شخصيات عشائرية ووجهاء وممثلين عن القوى الوطنية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني، بهدف حل النزاعات الداخلية (العائلية والسياسية والمناطقية) بآليات عادلة وشفافة، مع تخصيص لجان متابعة في كل محافظة لتطبيق ما ورد في البيان، وتكون مرجعا تنسيقيا بين العشائر والفصائل والجهات الرسمية.
من جانبه، أوضح عضو الهيئة المختار عبد الرحمن ريان، أن صدور البيان في هذا التوقيت لم يكن مصادفة، بل جاء استجابة لمستجدات خطيرة على الساحة الداخلية ومحاولات توتير الأجواء وإثارة النعرات الاجتماعية والسياسية.
وقال ريان للجزيرة نت إن "البيان جاء من منطلق وطني خالص، ومن حرص على أداء العشائر لدورها الاجتماعي والوطني المستقل، ولقطع الطريق أمام أي فتنة تمس وحدة مجتمعنا. إنه رسالة واضحة بأن العشائر الفلسطينية كانت وستبقى صمام الأمان في وجه محاولات التفتيت".
وأضاف "لجان العشائر الفلسطينية عبر التاريخ كانت الدرع الواقي للمجتمع في مواجهة الأزمات، سواء في فترات الاحتلال أو الأزمات الداخلية أو الانقسام البغيض الذي لا تزال آثاره ماثلة حتى اليوم".
وأكد أن التجمع الوطني للعشائر يواصل اليوم هذا الدور الوطني، تعزيزا لمفهوم أن الهوية العشائرية الأصيلة تمثل ركيزة السلم الأهلي والتماسك الوطني، والحامية لوحدة الشعب وصموده.
الهيئة العليا لشؤون العشائر تدعو إلى توحيد الصفوف وتعزيز الجبهة الداخلية https://t.co/OcvvkcZ9DI #غزة_العزة #فلسطين #إسرائيل #نون_أون_لاين #نون pic.twitter.com/qpxAllIEev
— نون أون لاين (@nononline24) October 10, 2025
الوحدة ضرورة للبقاءومع تفاقم المعاناة في القطاع، بات الفلسطينيون يدركون أن الوحدة لم تعد خيارا سياسيا، بل ضرورة للبقاء والصمود، مما يمهد الأرضية لتقبّل مبادرات المصالحة الشعبية.
إعلانوقال المواطن خالد حسن للجزيرة نت إن "الغزيين بحاجة ماسة إلى توحيد الصفوف ولم الشمل، لأن الانقسام والاقتتال يضعفان الجبهة الداخلية ويمنحان الاحتلال فرصة أكبر للنيل من وحدتنا الوطنية".
وأشاد بالبيان واصفا إياه بأنه "صوت الحكمة والمسؤولية الوطنية، ودعوة إلى نشر روح التسامح والتعاون".
أما المواطن علاء حامد، فشدد في حديثه للجزيرة نت على ضرورة ترجمة الدعوات إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع، مؤكدا أن الناس سئمت من البيانات التي لا يتبعها عمل حقيقي.
من جانبها، ثمّنت المواطنة أماني عثمان هذه المبادرات المجتمعية، معتبرة أنها تلامس جانبا إنسانيا مهما في الحياة اليومية. وقالت للجزيرة نت "نحن كأمهات ونساء نلمس آثار التفكك وخلخلة النسيج الاجتماعي والقيم في مجتمعنا قبل أن نراها في السياسة".
"بتمنى أموت وأنا بشرب كوباية الشاي في أرضي".. سيدة فلسطينية تعود إلى بيتها وسط الركام، وتؤكد تمسكها بالبقاء فيه رغم الدمار#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/uk2CUJbcub
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 12, 2025
تحديات ما بعد العدوانورغم هذا الإجماع الوطني على ضرورة الوحدة، ما زال الواقع الفلسطيني يواجه تحديات عديدة، أبرزها استمرار الانقسام السياسي وغياب الثقة بين القوى، وتعدد الولاءات والانتماءات، إضافة إلى البطالة والفقر وندرة الخدمات الأساسية، التي أضعفت المناعة الاجتماعية وزادت من الاحتقان الداخلي. كما يواصل الاحتلال محاولات إشعال الخلافات واستغلال الأزمات لتفكيك النسيج الوطني والعشائري.
وحول ذلك، أكدت الناشطة في مجال الإصلاح الاجتماعي، فاتن حرب، أن الهيئة العليا لشؤون العشائر كانت ولا تزال صمام الأمان للحفاظ على السلم المجتمعي، مشيرة إلى دورها البارز خلال حرب الإبادة على غزة حين غابت المنظومة الحكومية والعدلية، فكانت الحصن المنيع أمام محاولات الفتنة والانفلات.
وقالت حرب للجزيرة نت "حربنا القادمة أكبر، إنها حرب التحديات التي خلفها العدوان وهي تتطلب وضع الخلافات جانبا، والتمسك بقيم التسامح والاحترام المتبادل. فقوتنا ليست في عددنا ولا في أسمائنا العائلية، بل في وحدتنا وعدالتنا وحكمتنا في إدارة الخلافات، وفي نبذ التحريض وتعزيز لغة الحوار والإصلاح، وتوريث أبنائنا ثقافة التسامح لا الثأر، والمحبة لا الكراهية".