إذ يُهدد الاقتصاد العالمي بالانزلاق نحو ركود كبير، نتيجة تصاعد حرب تجارية طاحنة، بحسب ما ذكرته صحيفة "تشاينا وركير".

رسوم جمركية أمريكية غير مسبوقة فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على وارداتها بمستويات لم تُسجَّل منذ القرن التاسع عشر.

وتشمل هذه الرسوم نسبة 10% تُطبَّق بشكل شامل تقريبًا على كل شريك تجاري حول العالم، بما في ذلك جزيرة نورفولك الصغيرة في المحيط الهادئ، التي يبلغ عدد سكانها 2188 نسمة فقط.

 الصين في مرمى أقسى العقوبات

تستهدف أشدّ الإجراءات العقابية الصين، التي لا يزال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يعتبرها التهديد الأكبر للإمبريالية الأمريكية.

فإلى جانب الرسوم الحالية، فُرضت رسوم جمركية إضافية بنسبة 34%، ما يرفع إجمالي العبء الجمركي على الصادرات الصينية إلى أكثر من 60%.

كما طالت إجراءات مماثلة دولًا مجاورة ترتبط بعلاقات اقتصادية وسياسية وثيقة مع بكين، في محاولة لإلحاق ضرر أعمق بالاقتصاد الصيني.

إذ ارتفعت الرسوم على واردات كمبوديا بنسبة 49%، وعلى فيتنام بنسبة 46%. فرض رسوم على الحلفاء أيضًا لم تقتصر الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على الخصوم، بل طالت أيضًا الحلفاء.

فقد فُرضت زيادة بنسبة 24% على اليابان، رغم كونها أحد أهم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ.

 كما حصل الاتحاد الأوروبي على نصيبه من الإجراءات بعقوبات جمركية بلغت 20%، بعد خلافات متصاعدة حول حرب أوكرانيا، مما يعزز من حدة التوتر داخل الكتلة الغربية. أوروبا تُهدد برد انتقامي في المقابل، بدأت المفوضية الأوروبية مناقشة إمكانية فرض رسوم انتقامية.

وأعلنت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي "مستعد للرد"، وسط مقترحات باستهداف شركات التكنولوجيا الكبرى وصادرات الخدمات الأمريكية تحديدًا.

حلفاء أمريكا في مأزق

يواجه حلفاء الولايات المتحدة المتضررون معضلة حقيقية.

فالصمت قد يُفسَّر كضعف يشجع على مزيد من الإجراءات العدوانية، بينما يحمل الرد الانتقامي مخاطر تصعيد إضافي قد يضر بالاقتصاد العالمي بشكل أكبر.

ورغم تلك المخاوف، تشير التقديرات إلى أن العديد من الدول قد تميل إلى الرد.

خسائر فادحة في الأسواق المالية مع تصعيد ترامب للحرب التجارية مع الصين وتحويلها إلى أزمة عالمية، شهدت أسواق الأسهم العالمية موجة بيع حادة هي الأكبر منذ جائحة كورونا.

فقد خسرت المؤشرات تريليونات الدولارات خلال أول 24 ساعة، واستمرت الخسائر في يوم التداول التالي دون مؤشرات على التراجع. وبالتزامن، هبطت عوائد السندات الحكومية في العديد من الدول، مع توجه المستثمرين نحوها كملاذ آمن.

وصرح جورج سارافيلوس، خبير العملات في "دويتشه بنك"، قائلًا: "الأسواق لا تفعل شيئًا سوى التسعير في ظل ركود عالمي".

الطبقة العاملة تتحمّل العبء الأكبر رغم أن أسعار الأسهم قد لا تعني الكثير للطبقة العاملة والفقراء حول العالم، إلا أن المؤشرات المالية تعكس توقعات الطبقة الحاكمة لمستقبل الاقتصاد.

وهذه التوقعات القاتمة تُنذر بتداعيات حقيقية ستؤثر على حياة الناس في مختلف أنحاء العالم.

في الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة، يُتوقع أن ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية بشكل كبير بسبب السياسات الحمائية، مما يُفاقم التضخم ويزيد احتمالات الركود، وهو مزيج كارثي للطبقات الفقيرة والمتوسطة.

هل تنجح "الترامبية الاقتصادية"؟ يرى ترامب أن فرض الرسوم الجمركية سيساعد في تقليص الاعتماد على الواردات وتحفيز الصناعة المحلية. إلا أن البيانات الأولية تُشير إلى أن هذه النتائج قد لا تتحقق بسهولة.

إعادة إنعاش قطاع التصنيع الأمريكي تتطلب استثمارات ضخمة ومستدامة، وهو ما لا يبدو أن الطبقة الرأسمالية الأمريكية مستعدة له، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.

أما خيار تدخل الدولة

وضخ استثمارات عامة في البنية التحتية الصناعية، فلا يُعد جزءًا من أجندة ترامب الاقتصادية حاليًا، بل على العكس تمامًا.

صفقات تجارية جديدة ام بديل مؤقت؟ من المحتمل أن يسعى ترامب لتوقيع صفقات تجارية ثنائية مع بعض الدول، ليعرضها كـ"انتصارات اقتصادية".

لكن في ظل تفاقم الركود العالمي، قد تبدو هذه الصفقات حلولًا مؤقتة لا تُعالج أصل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالنظام العالمي

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: رسوم ا

إقرأ أيضاً:

بيتكوين يواصل خسائره بعد تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين

تواصلت الضغوط على سوق العملات الرقمية خلال تعاملات اليوم، حيث سجلت بيتكوين انخفاضا إضافيا في ختام تعاملات أمس الجمعة لتصل إلى 104 آلاف و782 دولارا متراجعة بنسبة 3.2% عن مستوياتها السابقة، بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 100% على الصين وقيود على الصادرات الأميركية اعتبارا من مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في خطوة أثارت موجة من التقلبات الحادة في الأسواق المالية.

ضغط على الأصول عالية المخاطر

وذكرت إنفستنغ دوت كوم أن المستثمرين اتجهوا إلى التخلص من الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك العملات المشفّرة، عقب تهديدات ترامب التي وصف فيها الممارسات التجارية الصينية بأنها "عدائية وغير مسبوقة في التاريخ التجاري الدولي".

وأدت تلك التصريحات إلى تراجع بيتكوين لليوم الثاني على التوالي، وسط مخاوف من أن تؤدي الحرب التجارية المتجددة إلى تباطؤ أوسع في الاقتصاد العالمي، مما قد يقلل شهية المستثمرين للمضاربة الرقمية.

وبحسب التقرير، فإن هبوط بيتكوين ترافق مع انخفاض حاد في مؤشرات الأسهم الأميركية، واستمرار تراجع النفط، مقابل ارتفاع أسعار الذهب فوق مستوى 4 آلاف دولار للأوقية، في إشارة إلى انتقال رؤوس الأموال نحو الأصول الآمنة.

تهديدات ترامب الجديدة تعيد الأسواق إلى أجواء القلق والاضطراب (رويترز)سباق لتعزيز السيولة

وفي ظل هذه التراجعات، أعلنت منصة التداول العالمية إتش.تي.إكس (HTX) المعروفة سابقا باسم "هوبي" عن مبادرة إستراتيجية لدعم النظام المالي الرقمي وتعزيز أرباح المستخدمين من خلال إطلاق موسّع للعملة المستقرة "يو.إس.دي.دي (USDD)" عبر أنظمة الضمانات المتعددة للأصول والعائد الذكي، بحسب ما نقلته إنفستنغ دوت كوم.

وتتضمن الحملة، التي تمتد من 11 إلى 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، 3 حوافز رئيسية:

عوائد سنوية تصل إلى 10% على عملة "يو.إس.دي.دي" عبر خدمة "العائد الذكي". خصم بنسبة 2% على التحويلات إلى حسابات العقود الآجلة. جوائز إجمالية بقيمة 30 ألفا من عملة "يو.إس.دي.دي" للمتداولين الأكثر نشاطا. إعلان

ووفقا للبيان الصادر عن المنصة، فإن هذه المبادرة "تهدف إلى تعزيز كفاءة إدارة الأصول وتوسيع فرص المستثمرين في إدارة الثروات الرقمية بطريقة أكثر مرونة وأمانا".

تحولات تقنية وتنظيمية

وأشار تقرير إنفستنغ دوت كوم إلى أن العملة المستقرة "يو.إس.دي.دي"، التي تعمل على شبكتي ترون وإيثريوم، تكتسب أهمية متزايدة بعد تحديثها إلى النسخة 2.0، إذ تم دمجها بسلاسة في منظومة التمويل اللامركزي (DeFi)، مع تعزيز أدوات الاستقرار وإدارة المخاطر.

كما يتيح نظام "العائد الذكي" للمستخدمين احتساب المكافآت تلقائيا بناء على الأصول المحتفظ بها، في حين تسمح خاصية "الضمانات المتعددة للأصول" باستخدام مجموعة أوسع من العملات الرقمية كضمان للعقود الآجلة، مما "يحسّن كفاءة رأس المال ويوفر مرونة غير مسبوقة"، بحسب بيان الشركة.

قطاع التمويل اللامركزي يواصل التوسع رغم الضبابية التنظيمية العالمية (غيتي)تأثير مزدوج بين السياسة والاقتصاد الرقمي

ويرى محللون أن بيتكوين تتأثر اليوم بعاملين متداخلين:

التصعيد التجاري بين واشنطن وبكين والضبابية التنظيمية التي تدفع بعض المستثمرين إلى التراجع.

وأوضح تقرير إنفستنغ دوت كوم أن "تهديدات ترامب الأخيرة أعادت إلى الأذهان مرحلة الانكماش الحاد في 2018 عندما تسببت الرسوم المتبادلة بين الطرفين في موجات بيع عنيفة عبر الأسواق كافة".

وخلص إنفستنغ دوت كوم إلى أن البيئة الاقتصادية المشحونة والسياسات الحمائية الجديدة قد تدفع العملات الرقمية إلى فترة من التقلبات المرتفعة، في وقت تسعى فيه الشركات المالية إلى تطوير أدوات أكثر أمانا لاستيعاب تلك المخاطر وتحقيق استقرار نسبي في أسواق الكريبتو.

مقالات مشابهة

  • ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية 100% على الواردات الصينية
  • بيتكوين يواصل خسائره بعد تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين
  • ترامب يهدد الصين برسوم جمركية 100%
  • تصعيد في الحرب التجارية.. تهديدات ترامب للصين تشعل خسائر الأسواق
  • شركات التكنولوجيا الأمريكية تخسر 770 مليار دولار بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين
  • ترامب: فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين
  • الحرب التجارية العالمية عادت بقوة.. ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 130% على الصين
  • ترامب يعلن فرض رسوم 100% على الصين والنفط ينهار والذهب يواصل الارتفاع
  • الصين تفرض رسومًا خاصة على السفن الأمريكية
  • ابتداءً من أكتوبر.. الصين تفرض رسوماً خاصة على السفن الأمريكية