منزل السهيلي بصنعاء.. ركام يتحدث عن إرهاب أمريكي لا يتوقف
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
يمانيون ـ جميل القشم
كان منزلا يضج بالحياة والطمأنينة، أطفال يركضون في أرجائه، وضحكات تدفئ جدرانه، وأسرة يمانية بسيطة تعيش يومها بأمل، رغم التحدِّيات، لم يكن أحد يتوقع أن يتحوّل هذا البيت إلى مقبرة جماعية في لحظة خاطفة.
في مساء الأحد، اخترق صاروخ أمريكي الصمت، كوحش مفترس، لينهش المنزل بكل من فيه، لحظات معدودة، وتحوّل كل شيء إلى رماد، الأجساد تناثرت، الجدران سقطت، والصراخ ارتفع من تحت الركام.
المنزل، الذي كان مأوى لعائلة المواطن صالح السهيلي، لم يعد قائماً، أربعة من أفراد أسرته ارتقوا شهداء في الحال، بينما أصيب أكثر من 25 من أفراد الأسرة بشظايا قاتلة، بينهم نساء وأطفال، وبعضهم لا يزال يصارع الموت في غرف الإنعاش.
لم يكن في ذلك المنزل أي موقع عسكري، ولا مستودع ذخيرة، ولا أي عنصر مسلح، فقط عائلة يمنية بسيطة كغيرها من أفراد المجتمع، لكن القرار الأمريكي كان واضحا “لا مكان آمنا في صنعاء، الكل مستهدف، لا فرق بين مدني وموقع عسكري”.
جريمة بلا مبرر، ولا إنذار، حتى الطائرات لم تسمع، وكأنها كانت تتقن القتل بصمت، إنه ليس مشهدا من فيلم رعب، بل جريمة أمريكية مكتملة الأركان، في قلب العاصمة صنعاء، أمام مرآى ومسمع من العالم.
ركام المنزل اختلط بأحلام الأطفال، بكُتب المدرسة، بملابس العيد التي لم تلبس بعد، وسط الأنقاض، عُثر على دمية محترقة، وعلى صور وأدوات بسيطة وأثاث أسري محدود.
الصورة ذاتها أصبحت اليوم رمزا للفاجعة، صورة تختزل الألم، وتفضح الإرهاب الأمريكي الذي لا يحتاج إلى محاكمات لإثبات جرائمه، بل إلى ضمير عالمي توقَّف عن العمل منذ زمن.
الجيران هرعوا إلى المكان، حفاة، مذهولين، لم يستوعبوا ما حدث، المشهد في المستشفى كان أبشع، تدفق المواطنون من كل حدب وصوب للمساعدة، حاملين المصابين والجرحى على الأكتاف، غرف الطوارئ امتلأت، والطواقم الطبية كانت في سباق لإنقاذ الجرحى.
الأطفال الصغار، من يحملون في عيونهم أحلام وآمال المستقبل، كانوا الأكثر تضرراً، وجراحهم أعمق من أن تُوصف، المصابون في المجزرة لا يعرفون لماذا اُستهدفوا، يتساءلون: هل نحن خطر على أمريكا؟ هل هذا المنزل تهديد للأمن القومي الأمريكي؟ بأي منطق يتم إرسال صاروخ لقتل هذه الأسرة؟
في مواقع التواصل، ضجت الأصوات الغاضبة، وتداول الناس صور الضحايا ودمار المنزل، يرفقونها بوسم: “الإرهاب الأمريكي”، أما الإعلام العربي المساند للعدو، لم يأتِ على ذكر الحادثة إلا كخبر مزيّف كالعادة لتبرير الجريمة بسقوط لا مثيل له، دون أن يشير إلى الجريمة بوضوح.
لكن الأكثر قبحا كان ما أظهره المرتزقة من تشفي وتبرير للجريمة، في شاشات القنوات ومِنصات التواصل، ظهروا ليلقوا باللوم على الضحايا، ويتناولون الجريمة كأنها أمر طبيعي، وبدلا من إدانة المجرم الأمريكي، روّجوا بأصواتهم لتأويلات كاذبة لتبرير هذا الفعل الإجرامي، بل إن بعضهم ذهب إلى أن الضربة كانت “مبررة” في محاولة لطمس الحقيقة وتشويه الواقع، متجاهلين تماما المأساة الإنسانية التي خلفتها هذه الجريمة البشعة.
هذا الإرهاب الأمريكي، الذي طال منزل السهيلي في منطقة شعب الحافة بمديرية شعوب في صنعاء، هو جريمة من الجرائم التي يواصل العدو الأمريكي ارتكابها في مختلف المحافظات اليمنية في ظل صمت دولي وتواطؤ عربي، وتأييد من العملاء والمرتزقة الذين تخلوا عن القيم والمبادئ الإنسانية مقابل حفنة من المال، لا يقيمون وزناً لدماء الأبرياء، بل يواصلون تغطية هذه الجرائم بتبريرات واهية، ليس فقط في محاولة لتبرير القتل، بل أيضاً لتشويه الحقائق.
اليوم، يقف أبناء منطقة شعب الحافة، أمام المنزل المدمر، يقرأون الفاتحة على أرواح الشهداء، ويكتبون بدموعهم حكاية جديدة من الألم اليمني، جريمة قد تنسى في نشرات الأخبار، لكنها محفورة في ذاكرة المدينة.
ما جرى في صنعاء جريمة كاملة، عنوانها “الإرهاب الأمريكي”، والأكيد أن اليمن، رغم الجراح، لن ينسى، ولن يسكت عن حقه، ولو بعد حين.
إن هذه الجريمة ما هي إلا حلقة جديدة في سلسلة من الانحطاط الأخلاقي والإنساني الذي وصل إليه العالم في ظل صمت دولي مخجل، وتواطؤ عربي. في هذه الفاجعة نرى كيف يتحول الضمير العالمي إلى ساحة مهملة، تغسل فيها الدماء بأكاذيب؛ بررها إعلام مرتزق، يواصل تزييف الحقائق.
اليمن، رغم الألم، لن ينسى، وسيسجل التاريخ أن هذه الأرض كانت وما تزال مقاومة في وجه كل إرهاب، سواء كان من الخارج أو من الداخل.
————————
المصدر: وكالة سبأ
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الإرهاب الأمریکی
إقرأ أيضاً:
علماء المسلمين: اغتيال الاحتلال للصحفيين في غزة إرهاب هدفه طمس الحقيقة
وصف علي محمد الصلابي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، اغتيال طاقم قناة الجزيرة الإعلامي في غزة بأنه "جريمة إرهابية واضحة المعالم تسعى إلى طمس الحقيقة وتغييب الشهود على جرائم الاحتلال الإسرائيلي".
وفي تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أكد الصلابي أن استهداف الصحفيين المدنيين الذين لا جرم لهم سوى نقل حقيقة ما يجري في غزة، يمثل تصعيدًا خطيرًا في السياسة الإجرامية للكيان الإسرائيلي، والذي يحاول عبر هذه الجريمة أن يمنع وصول الحقيقة للعالم، ويمهد لارتكاب "مجزرة أكثر وحشية مما شهدناه حتى الآن".
وأشار الصلابي إلى أن هذه الجريمة تأتي في ظل غياب تام لأي رادع دولي أو مساءلة حقيقية لقادة الاحتلال، في ظل الدعم الغربي والأمريكي المستمر الذي يغطّي جرائم إسرائيل ويشجعها على استمرار حربها الدموية ضد المدنيين الفلسطينيين.
وحذر من أن آلة الاحتلال "آلة إجرامية لا تحترم أي قيمة إنسانية"، مؤكداً أن اغتيال الصحفيين هو جزء من محاولات ممنهجة لإسكات صوت الحقيقة وإلغاء أي شهود على جرائم الحرب، مضيفًا: "إذا ما تم استهداف من ينقلون الحقيقة، فكيف يمكن أن نثق بأن الجرائم لن تتصاعد وتزداد وحشية؟".
وقال الصلابي أيضًا: "ما يجري في غزة من حرب إبادة فاق كل الحدود، وأصبح من غير الممكن على جميع المستويات القبول باستمرار هذه الجرائم.. ومسؤولية العالم اليوم تبدو كبيرة للغاية في العمل على لجم هذا السلوك ووضع حد له".
وجدد الدعوة للعالمين العربي والإسلامي إلى تحرك عاجل من أجل وضع حد لهذه المأساة، مؤكداً أن "فلسطين تمثل الجدار الأكثر صلابة في مواجهة المخططات الصهيونية، فإذا ما سقطت فإن بقية أقطار العالم العربي ستسقط الواحدة تلو الأخرى".
واعتبر الصلابي أن هذه الجريمة ليست منفصلة عن سياسة الاحتلال الشاملة في قطاع غزة، التي وصفها بأنها "حرب إبادة فاقت كل الحدود"، محذراً من خطورة استمرار هذه السياسات على أمن واستقرار المنطقة بأكملها.
وختم الصلابي بالقول إن المعركة في غزة بين الحق والباطل مستمرة، وأن الصحفيين الذين استشهدوا أدوا "رسالة عظيمة في كشف الإجرام والظلم"، مشيرًا إلى أن النصر سيكون حليف الحق والعدل في النهاية.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الاثنين، ارتفاع قتلى الصحفيين جراء الإبادة الإسرائيلية إلى 238، بعد مقتل صحفي سادس إثر الغارة التي شنتها تل أبيب على محيط "مستشفى الشفاء" بمدينة غزة.
وقال المكتب في بيان: "ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 238 صحفيا، بعد الإعلان عن استشهاد الصحفي محمد الخالدي، ليلتحق بزملائه الصحفيين الـ5 في مجزرة أمس".
وأوضح أن "الخالدي كان يعمل صحفياً مع منصة ساحات، وكان الشهيد السادس الذي ارتقى في مجزرة مروعة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصف مباشر لخيمة الصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة".
وأشار إلى أن الخالدي أضيف "إلى الشهداء الصحفيين الخمسة: مراسلا قناة الجزيرة (القطرية) أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصوران الصحفيان إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة، ومساعدهم محمد نوفل".
وفي وقت سابق الاثنين، أدان نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ قتل إسرائيل لهؤلاء الصحفيين، ودعا إلى "تحرك عاجل محاسبة الاحتلال ووقف جرائمه".
ومنذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 لم يتوقف الشريف وقريقع عن نقل تطورات وتداعيات القصف المتواصل للقطاع منذ 22 شهر.
كما تعرض الشريف لحملات تحريض إسرائيلية واسعة النطاق جراء نقله تداعيات الإبادة التي تشنها تل أبيب في القطاع، إذ عمدت إلى قصف منزله في مخيم جباليا في ديسمبر/ كانون الأول 2023، ما أدى إلى مقتل والده.
ونشرت إدارة صفحة الشريف عبر منصة "إكس"، وصيته التي كتبها في أبريل/ نيسان الماضي، والتي قال فيها: "أوصيكم بفلسطين درة تاج المسلمين.. أوصيكم بأطفالها المظلومين، لا تنسوا غزة وكونوا جسورا للتحرير".
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و430 شهيدا فلسطينيا و153 ألفا و213 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 217 شخصا، بينهم 100 طفل.