#الأردن و #الولايات_المتحدة: #شراكة_تتصدع تحت ضربات ترامب. – د. #منذر_الحوارات

لطالما شكّلت العلاقات الأردنيةالأمريكية واحدة من أكثر العلاقات رسوخاً واستقراراً في الشرق الأوسط، فقد امتدت لأكثر من سبعة عقود وتجاوزت حدود السياسة إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه، شملت التعاون الاقتصادي والعسكري والأمني، واحتلت المملكة المرتبة الثانية بعد إسرائيل في تلقي المساعدات الأمريكية، مما عزز من مكانة هذه العلاقة في الحسابات الاستراتيجية للأردن.

وحتى وقت قريب، كانت هذه العلاقة توصف بالثابتة والمستدامة، خاصة بعد توقيع مذكرة تفاهم ضمنت للأردن مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار على مدى خمس سنوات، هذا الدعم كان ركيزة أساسية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، بل والسياسية للمملكة.

لكن هذا الاستقرار بدأ يتعرض لهزات متكررة، خاصة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد فوزه بولاية ثانية، فالمخاوف الأردنية التي ظهرت خلال ولايته الأولى لم تكن في محلها فقط، بل جاءت ولايته الثانية لتترجم تلك المخاوف إلى سياسات مباشرة تؤثر بشكل كبير على المصالح الأردنية.

مقالات ذات صلة وصفة المعشر 2: الاستقرار والازدهار 2025/04/08

خلال ولايته الأولى، تبنى ترامب مواقف منحازة تماماً لإسرائيل، ومناهضة للفلسطينيين والأردن، تمثلت في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتشريع المستوطنات، وطرح أفكاراً تتعلق بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، وهي مواقف أثارت قلقاً عميقاً في الأردن  بشأن مستقبل القضية الفلسطينية وتأثيرها على الأمن الوطني الأردني.

ومع عودته إلى الحكم، تركزت أغلب المخاوف على الجانب السياسي ولم يخطر ببال أحد أن الاقتصاد سيكون واحد من أخطر أدوات ترامب، لم يخفف ترامب من حدة سياساته، بل سرّع من وتيرة الضغط على الحلفاء التقليديين قبل الخصوم، والأردن واحد من هؤلاء، فكانت البداية عندما  طرح فكرة تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر،  وفيما بعد  تعليق  جزء كبير من المساعدات الاقتصادية الأمريكية والتي بلغت 1.5مليار دولار،  وكان وقف عمل  الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) انتكاسة كبيرة،  حيث ألحق هذا القرار  ضرراً مباشراً بما لا يقل عن 9,000 موظف أردني، إلى جانب آلاف الأسر المستفيدة من تلك البرامج.

وفي سياق حرب التعرفات الجمركية أو ما عُرف بتحرير أمريكا، نالنا نصيب لا بأس فية من هذه  الرسوم  بنسبة 20% على السلع الأردنية، ما هدد قدرة الأردن التصديرية وضرب أحد أهم منافذه الاقتصادية، هذه الخطوات ليست مجرد تغير في سياسات الدعم، بل تعكس تحولاً في فلسفة الشراكة ذاتها، وتحول الحليف الأكبر إلى شريك غير موثوق في سلوكه السياسي والاقتصادي.

المؤلم في المشهد أن الأردن، رغم هذه الطعنات، ما زال يتحمل أعباء اللاجئين الناتجين عن حروب ساهمت السياسات الأمريكية في إشعالها، ولا يزال ملتزماً بدوره الإنساني والإقليمي، ورغم حرمانه من التبادل الاقتصادي مع سوريا ولبنان وخسارته لمليارات الدولارات التي كان بأمس الحاجة إليها،  بفعل قانون “قيصر” الأمريكي، لم يتراجع عن شراكته الاستراتيجية مع واشنطن.

لكن المرحلة الراهنة تفرض طرح سؤال جدي: كيف ستتعامل دولة اعتادت الاعتماد على المساعدات الخارجية في موازناتها مع واقع متغير، قد تصبح فيه هذه المساعدات غير مضمونة أو مشروطة بتنازلات سياسية مؤلمة؟

الحل يبدأ من الداخل، عبر الانفتاح السياسي وتوسيع المشاركة، بما يخلق بيئة مرنة قادرة على امتصاص الصدمات، يرافق ذلك توجه سياسي – اقتصادي جريء نحو واشنطن يقوده فريق محترف، قادر على استثمار أوراق القوة الأردنية والمساومة على أساس المصالح المتبادلة.

لكن الأهم من ذلك كله، هو إعادة بناء الذهنية التي تحكم الاقتصاد الأردني، والانتقال من نمط قائم على المنح والقروض إلى اقتصاد يحاول الاعتماد على ذاته مبتدئاً بالخروج من حالة الرفاهية المزيفة التي أغرق نفسه فيها، وأعتمدت على القروض والمساعدات فهذه  تساعد الدول على تجاوز الأزمات، لكنها لا تبني أوطاناً ولا تصنع مستقبلاً آمناً.

قد تكون قرارات ترامب، رغم قسوتها، هي الفرصة التي تدفعنا إلى التحرر من وهم الشراكات والتحالفات الأبدية، والانطلاق نحو نموذج اقتصادي جديد أكثر صلابة واستقلالية، لا يعتمد على المساعدات الخارجية للبقاء، والعطاءات الداخلية للاستقرار، فلكليهما عواقب وخيمة لا تضمن لا البقاء ولا الاستقرار، بالطبع كل ذلك صعب جداً لكنه ليس مستحلاً ابداً.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الأردن الولايات المتحدة

إقرأ أيضاً:

شراكة استراتيجية وتوافق سياسي.. نتائج أعمال اللجنة المصرية الأردنية تتصدر اهتمامات الصحف

أبرزت الصحف الأردنية الصادرة اليوم الرأي والغد والدستور، نتائج اجتماعات الدورة الـ33 للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، ضمن تغطياتها التي تعكس حجم الاهتمام الرسمي والإعلامي بمخرجات هذه الاجتماعات التي عقدت أمس، وما تحمله من رسائل سياسية واقتصادية تعكس متانة العلاقات بين القاهرة وعمان.

وفي الصفحات الأولى، احتلت صور لقاء الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن برئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بحضور ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله، والدكتور جعفر حسان رئيس الوزراء الاردني، مساحة بارزة، حيث تناولت الصحف تصريحات الملك المحذرة من خطورة خطة الحكومة الإسرائيلية ("الكابينت") لترسيخ احتلال غزة وتكريس السيطرة العسكرية عليها، مع التشديد على ضرورة وقف الحرب ومنع محاولات تهجير الفلسطينيين أو ضم الأراضي.

كما أبرزت الإشادة المباشرة بدور مصر في نصرة القضية الفلسطينية وتخفيف معاناة أبناء غزة، باعتبارها شريكا محوريا في الجهود الإقليمية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ركزت تغطيات الصحف الأردنية على أهمية مواصلة التعاون بين البلدين لتحقيق المصالح المشتركة، في ظل توقيع 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت البرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون العلمي بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي ومعهد التخطيط القومي في مصر، البرنامج التنفيذي بين المجموعة الأردنية للمناطق الحرة والمناطق التنموية والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر (2025 - 2026)، مذكرة تفاهم في مجال حماية المستهلك، مذكرة تفاهم بين وزارة الإدارة المحلية ووزارة التنمية المحلية في مصر للتعاون في التنمية المحلية، اتفاقية تعاون بين وزارة السياحة ودائرة الآثار العامة، ووزارة السياحة والآثار والمجلس الأعلى للآثار في مصر، في مجال حماية واسترداد الممتلكات الثقافية ومكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار، مذكرة تفاهم بين وزارتي المالية في البلدين، البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشباب (2025 - 2028)، البرنامج التنفيذي لتفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين وزارتي الأوقاف في البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال المشتريات الحكومية بين دائرة المشتريات الحكومية والهيئة العامة للخدمات الحكومية في مصر.

وتعد اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، التي انطلقت أولى دوراتها في منتصف الثمانينيات، من أقدم وأهم آليات التنسيق الثنائي العربي، حيث تعقد اجتماعاتها بالتناوب بين القاهرة وعمان، وتضم وزراء ومسؤولين من مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية.

وتمثل اللجنة منصة أساسية لبحث مشروعات التكامل الاقتصادي وتسهيل حركة التجارة والتنسيق في المواقف السياسية، وقد تميزت الدورة الحالية باتساع نطاق الاتفاقيات لتشمل ملفات جديدة.

ودعا متخصصون في الشأن الاقتصادي إلى خطوات أكبر لتبسيط الإجراءات وتوحيد المعايير وتفعيل الاتفاقيات العربية المشتركة، بما يفتح آفاقاً رحبة للتعاون في مشاريع استراتيجية كالهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة والصناعات الغذائية والطبية.

وأكد العين أحمد الخضري، رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، أن هناك فرصاً حقيقية لتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي بين الأردن ومصر، خاصة في ظل الروابط التاريخية والمصالح المشتركة، مشيراً إلى ضرورة تحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات الجمركية والفنية لزيادة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.

من جانبه، أوضح حمدي الطباع، رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشكل نموذجاً للشراكة العربية القائمة على المصالح المتبادلة، لافتاً إلى أن حجم التبادل التجاري شهد نمواً ملحوظاً، وأن هناك فرصاً واعدة في مشاريع الربط الكهربائي، وتطوير المناطق الصناعية المؤهلة، والتعاون الثلاثي مع العراق في مشروعات إقليمية كبرى.

في السياق ذاته، شدد المهندس فتحي الجغبير، رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، على أهمية تعزيز التعاون في النقل واللوجستيات وسلاسل الإمداد، وإطلاق مشاريع صناعية واستثمارية مشتركة تخدم أسواق البلدين والأسواق الإقليمية، مؤكداً وجود فرص كبيرة لزيادة الصادرات الأردنية في الصناعات الكيماوية، والأسمدة، والأدوية، والألبسة، والمنتجات البلاستيكية والمطاطية.

وأشار الدكتور إياد أبو حلتم، رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية، إلى أن الاستثمارات الأردنية في مصر تجاوزت المليار دولار، وأن البلدين شريكان في مبادرات مهمة مثل التكامل الصناعي العربي، داعياً إلى تسهيل انسياب البضائع، والاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة، وتوحيد بعض التشريعات الاقتصادية لتعزيز التجارة والصناعة.

ويلاحظ المتابع لخطاب الصحف الأردنية، أنها ربطت بين نتائج اجتماعات اللجنة والرسائل السياسية الموجهة للداخل والخارج، في مشهد يعكس شراكة استراتيجية تتجاوز حدود الاقتصاد إلى تنسيق سياسي عميق، يجعل من القاهرة وعمان طرفين فاعلين في معادلة الاستقرار الإقليمي وداعمين للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

اقرأ أيضاًرئيسا وزراء مصر والأردن يشهدان توقيع 10 وثائق في مجالات تخدم تعزيز التعاون بين البلدين

رئيسا وزراء مصر والأردن يترأسان أعمال اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة

مقالات مشابهة

  • شراكة استراتيجية وتوافق سياسي.. نتائج أعمال اللجنة المصرية الأردنية تتصدر اهتمامات الصحف
  • مصر تقول إنها تعمل مع قطر والولايات المتحدة لإحياء خطة الهدنة في غزة لمدة 60 يوما
  • عاجل. وزير الخارجية المصري: القاهرة تعمل مع قطر والولايات المتحدة لإحياء هدنة الستين يوما في غزة
  • بيان مشترك للجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأميركية
  • تشكيل مجموعة عمل بين الأردن والولايات المتحدة لتعزيز وقف إطلاق النار في السويداء
  • انطلاق اجتماعات اللجنة الثلاثية الأردنية-السورية-الأمريكية لبحث استقرار سوريا وإعادة البناء
  • سنتحول من دولة ميتة إلى فاشلة.. العدل الأمريكية تحذر من إلغاء رسوم ترامب
  • سابقة تاريخية.. بوتين سيلتقي ترامب في الأسكا.. الولاية التي باعها الروس للأمريكان
  • الأردن يستضيف اجتماعًا ثلاثيًا مع سوريا والولايات المتحدة لمناقشة إعادة بناء سوريا
  • ترامب وأفورقي.. ما تخفيه الرسائل المتبادلة بين إريتريا والولايات المتحدة