افتتاحية: صناعة الحاجة

هناك جدل اقتصادي مستمر حول ما إذا كان المسوّقون يخلقون الحاجات، ويدفعون الناس إلى شراء منتجات لم يكونوا يفكرون فيها أصلًا، أم أن الحاجات الإنسانية تسبق وجود المسوّقين، وأن دورهم يقتصر على التأثير في الرغبات. وفي المقابل تتعالى أصوات نقدية لعدم اكتفاء الإعلانات والتسويق بتلبية ما هو قائم، بل تخلق حاجات جديدة تربط المستهلك عاطفيًا واقتصاديًا بمنتجات لم يكن ليضعها في دائرة اهتمامه لولا تلك الحملات.

ولعل الإشكالية تكمن في تعريف «الحاجة» ذاته؛ فهل هي حالة بيولوجية فطرية، أم بناء اجتماعي يتشكل عبر الثقافة والسوق؟ ولا يقف هذا الجدل عند حد التنظير، بل يمتد للممارسات الاقتصادية؛ فإذا كان التسويق قادرًا على إعادة صياغة الرغبات وربما الحاجات فإن ذلك يعيد تشكيل سلوك الاستهلاك، ويؤثر في الطلب الكلي في السوق.

ومن منطلق فهم هذا الجدل لإيجاد اقتصاد يسعى إلى التوازن بين الابتكار والطلب والرفاهية الاجتماعية؛ يخصّص ملحق جريدة عمان الاقتصادي عدده السابع لمناقشة مفهوم الحاجة لدى المستهلك المعاصر الذي يحظى برفاهية الوصول إلى أي منتج حول العالم، ودور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تعزيز هذا الوصول.

ومن السوق والحاجة والمتغيرات الاقتصادية ينتقل الملحق إلى ملفات أخرى مهمة من بينها مصداقية السياسة النقدية، وأهمية الاستقلالية الحقيقية للبنك المركزي، والتساؤل حول ما إذا كانت السياسات الاقتصادية وحدها كافية لتحقيق النمو الاقتصادي وغيرها من القضايا التي تمس الحراك الاقتصادي محليًا وعالميًا.

رحمة الكلبانية محررة الملحق

المصدر: لجريدة عمان