لا يمكن مطالبة ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، بدفع رواتب الموظفين والقيام بالحد الأدنى من مهام الدولة التي أسقطها، لأن هذا الأمر ضد قناعاته ومعتقداته.

بهذا المعنى لخص الصحافي السياسي نائف حسان مفهوم الدولة بالنسبة للميليشيات الحوثية، موضحاً أن هذه الميليشيات تنظر للدولة على أنها أداة للجباية والهيمنة وليس عليها أي مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية.

حديث حسان جاء لتوضيح أسباب رفض الميليشيات الحوثية صرف المرتبات من عائدات الدولة في مناطق سيطرتهم أو المساهمة بجزء منها وإصرارهم على صرفها من عائدات النفط والغاز في المناطق المحررة.

وتعتبر الميليشيات الحوثية صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها أهم بنود الاستحقاقات الإنسانية التي ترفض تنفيذ أبسط التزاماتها فيها وهي فتح الطرقات الرئيسية بين المحافظات ورفع حصارها المستمر منذ أكثر من ثماني سنوات ولو جزئياً عن مدينة تعز.

وتقدر العائدات السنوية للميليشيات بأربعة مليارات دولار، في حين كشف وزير الإعلام معمر الإرياني عن تحقيق الميليشيات الحوثية منذ بدء الهدنة الإنسانية الأممية في 2 أبريل 2022م وحتى منتصف الشهر الجاري (أغسطس 2023) إيرادات مالية من المشتقات النفطية الواردة إلى ميناء الحديدة، تقدر بـ3 مليارات ونصف المليار دولار، أي بما يعادل ترليوني ريال يمني، وهي مبالغ تكفي لصرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرتها.

ونبه الإرياني أن هذه الأرقام تقتصر فقط على العوائد المباشرة التي حصلتها مليشيا الحوثي الإرهابية خلال عام ونصف من عمر الهدنة من المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة، خلافا للمليارات التي تجنيها من الرسوم الضريبية والجمركية المفروضة على السلع الغذائية والاستهلاكية، وشحنات الغاز المجاني القادم من إيران عبر الميناء.

وعلى مدار أكثر من ثماني سنوات منذ انقلابها وسيطرتها على مؤسسات الدولة، ابتكرت ميليشيا الحوثي العديد من المسميات للجبايات والإتاوات غير القانونية التي تقوم بتحصيلها من التجار والمواطنين، أبرزها المجهود الحربي ودعم الفعاليات الطائفية التي تقيمها سنوياً ويزيد عددها عن 10 فعاليات إلى جانب دعم التعليم والدورات الثقافية.

ووصف النائب في برلمان صنعاء، أحمد سيف حاشد، سلطة الحوثي بأنها سلطة "جباية" من الدرجة الأولى وتعتاش على افتراس ما بقي من مواطن ووطن، لافتاً إلى وجود فساد مهول لا يوجد من يردعه ولكن توجد إرادة سياسية ترعاه وتدعمه.

وكشف حاشد في تدوينة على حسابه في تويتر، عن جبايات وصفها بـ"الجشعة" تضمنتها اللائحة المالية في هيئة أراضي الدولة، موضحاً أن مجلس نواب صنعاء أقر قبل عام إيقاف العمل بهذه اللائحة ولكن لم يتم التنفيذ.

وهذا العام تصاعدت الحملات الاحتجاجية لآلاف الموظفين والموظفات المطالبة بصرف الرواتب من إيرادات الضرائب والجمارك والرسوم والجبايات المختلفة وفوارق أسعار المشتقات النفطية.

وأطلق المحتجون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاجات نددت بممارسة الميليشيات واقتصار توزيع موارد الدولة على فئة معينة، في حين تم إخضاع الشعب لسياسات التجويع والإفقار بذريعة "الحصار والعدوان".

لكن الميليشيات وعلى لسان زعيمها، عبدالملك الحوثي، أكدت رفضها الاستجابة لمطالب صرف مرتبات موظفي الدولة من عائدات مبيعات وفوارق أسعار المشتقات النفطية، وعائدات الضرائب والجمارك والجبايات العديدة المفروضة على السكان في صنعاء والمحافظات المجاورة لها، وأعاد تكرار مطالب جماعته بصرفها من إيرادات المناطق المحررة على الرغم من أن الموظفين فيها والنازحين أيضاً يتسلمون شهرياً مرتباتهم دون انقطاع.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المشتقات النفطیة

إقرأ أيضاً:

"منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (1-4)

 

 

 

د. سالم بن محمد عمر العجيلي **

 

عل الكثير من الخبراء والباحثين والمفكرين في الوقت الحاضر تناولوا الحديث عن موضوع برنامج "المنظومة إجادة"، في كافة المواقع والأوساط الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي في السلطنة من جوانب عديدة، إلّا أنه لم يتم التطرق لجزئية الجانب العلمي من هذا المجال، ومن هذا المنطلق؛ فهي فرصة لإلقاء بعض الضوء عليها كما يلي:
ولكي نعي، يجب أن ندرك أن لكل نظام إداري متكامل داخل المؤسسة أو المنظمة، لا بُد من تطبيق استراتيجية واضحة من خلال الدقة والتخطيط المسبق، لتجنب الوقوع في المشكلات لممارسة الأعمال، حتى تضمن نجاح عملياتها وتحقق أهدافها المرجوة منها. ولكي يتم ذلك، يجب أن يتم وضع خطة استراتيجية، تشمل التكامل لها لتطوير جودة منتجاتها وخدماتها، وتشمل على رؤية مستقبلية محددة وأهداف قريبة وبعيدة المدى عند تطبيقها، وتحديد أهم المراحل والخطوات الأساسية لتحقيقها، التي تساعد على بقاء المؤسسة وفقًا لعمليات التوقع والتنبؤ. فالتخطيط الاستراتيجي أهم الأساسيات التي تُبنى عليها إدارة الجودة، وفهم الإدارة لها أهم مبادئها في عملية التطوير، ويتحقق بدعم جميع العاملين وتشجيع مشاركتهم في صنع القرارات وتنفيذها، وتأمين بيئة صحية للعمل تؤدي إلى رفع الروح المعنوية لهم، ما سينعكس على أداء الأعمال والإنتاجية في العمل والريادة.
ابتدع العلماء الكثير من النظريات في علم الإدارة، وأهمها نظام (SMART) الأهداف الذكية للمؤسسات، لجورج دوران، أحد أهم علماء الإدارة والتميز المؤسسي، وهو اختصار لتحديد أهداف محددة قابلة للقياس والتحقيق، واقعية ومحددة زمنيًا. وطالب بتقدير العملاء وخدمة مصالحهم التي تجعل الأعمال ناجحة؛ وإذا كان هناك شيءٌ غير قابل للقياس، فقياسه مستحيل، فعدد النجوم في السماء غير قابل للقياس ولا يمكننا معرفة عددها، وعدد حبات الرمل على الشاطئ غير قابل للقياس ولا يمكن إحصاؤها.
فالقياس والتحليل معياران لقياس جودة الخدمات للتوصل لأفضل أداء للعاملين، ومراعاة الدقة والتنظيم في الوقت وتقديم خدمات تتوافق مع رغبات العملاء، ومعالجة المهام التي تتطلب أعمالًا أكثر تعقيدًا، ما يُعرف بعملية تحليل المهام. فمقاييس النجاح قيم قابلة للقياس تستخدمها المؤسسات، لقياس تقدمها في تحقيق هدف أو غاية محددة، وتتبع الأداء وتحليل المقاييس، واتخاذ قرارات مبنية على البيانات ودفع عجلة النمو والابتكار. ويمكن أن تكون هذه المقاييس كمية أو نوعية، فعادةً ما تُجري المؤسسات قياس الأداء لإظهار المساءلة ودعم اتخاذ القرارات، والقياس الجيد يتم عبر تحديد الأهداف بطريقة واضحة، وأن تكون قابلة للقياس والملاحظة لتفسر الحالة، ومدى ما بها من نقاط قوة أو ضعف.
وكثيرًا ما يُقتبس بفنون الإدارة والأعمال، عبارة «ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته»، فهي العبارة الواقعية لدرجة أن هناك فرعًا كاملًا من فروع الإدارة يقوم على هذا المبدأ، وهو فن صياغة مؤشرات الأداء القياسية، وغالبًا ما يُنسب هذا الاقتباس إلى خبير الجودة إدواردز ديمينغ، المصنف من أفضل خمسة مفكرين إداريين على مر العصور، وبيتر دراكر أبرز علماء الإدارة في العصر الحديث، وخلاصته أنه إذا لم تقس تقدمك وتتبّعه فإن ما تفعله ليس سوى نوع من التخمين.
ورغم قوة المقولة، إلا أنها تُذكّر بأنه رغم أهمية القياس في عالم الإدارة، إلا أنه ينبغي تطبيقه بحكمة. فالإدارة الفعّالة تتطلب توازنًا بين الاستراتيجيات القائمة على البيانات والحدس البشري، بين قياس ما يُمكن إحصاؤه وتقدير ما لا يُمكن إحصاؤه، خلال مراقبة ومتابعة مؤشرات الأداء القياسية "Key Performance Indicators" واختصارها (KPIs)، وتُعرف بأنها المعايير الكمية والعددية، للمؤسسات والشركات المحترفة لقياس مدى تحقيقها لهدف مُحدد، وتقديم رؤى مهمة عن الأعمال والتركيز على الفرص، لتحقيق نجاح أكبر تبقيها في مقدمة عملية صنع القرار.
فهي قيمة قابلة للقياس توضح مدى نجاحها في تحقيق أهدافها الرئيسية، وتطبيقها على القطاعات أو الإدارات أو المهام الفردية، وتعديل وتطوير الجهود للظهور الدائم وتحسين الأداء وتحقيق الأهداف بنتائج واعدة، وعندما يعرفها الأفراد ويكونون مسؤولين عنها، فإن هذا يضمن أن تكون الأهداف الشاملة للمؤسسة في صدارة الاهتمامات. فمنذ العصر الحجري، عاش الإنسان حياة بسيطة، خالية من أية مؤشرات أداء رئيسية (KPIs)، فهِم الصياد الماهر أن يضع علامة على الحجر، ليوثق عدد ما اصطاده فيباهي بها من حوله.

 

مقالات مشابهة

  • العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!
  • دعوات متزايدة لاستعادة صنعاء من قبضة «الحوثي»
  • السيد القائد الحوثي: استهداف العدو لأطفال الطبيبة الفلسطينية التسعة هي واحدة من المآسي المتكررة التي يعيشها الفلسطينيين
  • وزير الشؤون النيابية: العقود الاستثمارية التي تبرمها مصر تضمنت شروطًا لحماية التوازن الاقتصادي
  • صنعاء.. احتجاجات على الجباية الحوثية تقابل بالرصاص والاختطافات
  • نقابة كهرباء لبنان ترفض الفاتورة الإلكترونية وتطالب باستعادة الجباية
  • سيفقد أولاد دقلو كل المدن التي سيطروا عليها وسيتحولون إلى مجرد مجرمين هاربين
  • البنك المركزي يعلن بدء صرف مرتبات موظفي الدولة لشهر أبريل 2025
  • اعمل لنفسك| طقوس العقيقة من منظور طاقي وديني
  • "منظومة إجادة" من منظور علمي.. بين الرؤية والتأمل (1-4)