استراتيجية مالك أكبر كتلة نقدية مع أزمات السوق.. هذا ما فعله وارن بافيت
تاريخ النشر: 13th, April 2025 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
على مدار العقود، أكد المستثمر الشهير وارن بافيت، رئيس مجلس إدارة بيركشاير هاثاواي، على أهمية التحلي بالهدوء عند مواجهة اضطرابات السوق، فكيف تعامل مع الأزمات المالية عبر الزمن؟.
منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب "يوم التحرير"بفرض الرسوم الجمركية الباهظة، ضربت الخسائر العديد من الأسواق العالمية وأصحاب الثروات أيضاً من المقربين منه.
إلا أن قال بافيت "حكيم أوماها" البالغ من العمر 95 عاماً، تفادى الخسائر الكبير، بحكمة وروية.
يتسلّح وارن بافيت، عند دخوله عام 2025 بأكبر ثروة نقدية يمتلكها على الإطلاق، أمام الانهيار في السوق والتقلبات الحادة، وهي بيئة لطالما اقتنصها للخروج بأكبر مكاسبه.
بافيت، الأب الروحي لاستثمار القيمة، لديه تاريخ طويل في استغلال فترات الكساد لاقتناص الصفقات الرابحة وإبرام الصفقات السريعة. على الرغم من معارضة بافيت لتوقيت السوق، واعترافه بعدم قدرته على التنبؤ بالاتجاهات قصيرة الأجل، إلا أن تمركزه قبل اضطرابات السوق الحالية يبدو دقيقاً للغاية.
من المعروف أن أحد أهم مبادئ الاستثمار لدى بافيت هو التركيز على الأهداف طويلة الأجل وعدم الانجرار وراء ردود الفعل العاطفية، فهو يؤمن بأن الأسواق تمر بدورات، لكن الاتجاه العام على المدى البعيد يكون صاعداً.
خلال العام الماضي، تخلص بافيت بقوة من أكبر حصتين يملكهما في الأسهم، أبل وبنك أوف أميركا.
وفقاً لما ذكرته شبكة CNBC، تضخم مستوى السيولة النقدية لشركته، التي تتخذ من أوماها مقراً لها، ليصل إلى 334 مليار دولار بنهاية عام 2024، وهو رقم قياسي من حيث القيمة المطلقة، ويمثل الآن حوالي 30% من إجمالي أصول بيركشاير هاثاواي.
خفضت شركة بيركشاير هاثاواي العام الماضي حصتها في شركة أبل التي تأثرت كثيراً خلال الموجة الأخيرة من رسوم ترامب، بنحو الثلثين، وهو ما يمثل الجزء الأكبر من مبيعات أسهم الشركة.
كذلك، باعت شركته أسهماً في بنك أوف أميركا وسيتي غروب، اللذين انخفضت أسهمها بنحو 22% حتى الآن.
في المقابل، ارتفعت أسهم بيركشاير بنسبة 9%، رغم أنها تضررت بشكل طفيف خلال الأيام السابقة.
أمن هذا الموقف دعماً كبيراً لشركة بيركشاير هاثاواي، حيث أدّى فرض الرئيس دونالد ترامب للرسوم الجمركية وعكسها إلى تقلبات حادة في أسعار السوق.
وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 لفترة وجيزة إلى سوق هابطة، مما يعني أنه انخفض بأكثر من 20% عن أعلى مستوى قياسي له، قبل أن يعوض بعض الخسائر.
وقبل أن يكشف حكيم أوماها عن توقعاته للسوق وما إذا كان يفكر في أي صفقات كبيرة في الاجتماع السنوي لشركة بيركشاير هاثاواي بعد ثلاثة أسابيع، هذا ما فعله ما فعله المستثمر الأسطوري خلال الأزمات الماضية.
فوضى كوفيد
تكشف شبكة CNBC أنه، عندما أغلقت جائحة كوفيد العالم، في عام 2021 وأحدثت اضطراباً، كان بافيت مستعداً لضخّ مبلغ ضخم من رأس المال. ومع ذلك، قرر في النهاية انتظار لحظة أنسب حيث تدخّل الفدرالي الأميركي بأقصى دعم طارئ.
وفي الاجتماع السنوي لعام 2021، قال بافيت: "كان بإمكاننا ضخّ 50 أو 75 مليار دولار، وقبل أن يتحرّك الاحتياطي الفيدرالي مباشرةً". عندما تصرف جيروم باول كما فعل، كان ذلك بالغ الأهمية. لقد تحركوا بسرعة وحزم في 23 مارس، مما غيّر الوضع الذي كان الاقتصاد قد توقف عنده.
كان أكبر استثمار قامت به بيركشاير خلال الجائحة هو أسهمها.
وفي رقم قياسي للشركة، أعادت الشركة شراء ما قيمته 24.7 مليار دولار من أسهمها في عام 2020، و27 مليار دولار أخرى في عام 2021.
قال بافيت يومها: "لا يمكننا شراء الشركات بثمن بخس كما يمكننا شراء شركتنا. ولا يمكننا شراء الأسهم بثمن بخس كما يمكننا شراء أسهمنا. لقد تمكنا من تحقيق ذلك بمبلغ معقول من المال".
الأزمة المالية العالمية: انقضاض وصفقات
خلال الأزمة المالية عام 2008، انقض بافيت بشجاعة لإبرام بعض أشهر صفقاته مع انفجار فقاعة الرهن العقاري واضطراب الأسواق المالية.
كان بافيت بمثابة الفارس الأبيض للبنوك المتعثرة. أنقذ بافيت غولدمان ساكس بضخّ 5 مليارات دولار نقداً بعد انهيار مصرف ليمان براذرز. كما استثمر في شركة جنرال إلكتريك، وضخّ 5 مليارات دولار في بنك أوف أميركا المتعثر آنذاك، كبادرة ثقة كبيرة في هذا المؤسسات.
وفي تأملاته للأزمة المالية، قال بافيت في عام 2020: "في عامي 2008 و2009، الحقيقة هي أننا لم نكن نشتري تلك الأشياء لنُظهر للعالم أننا أبطال. لقد صنعناها لأنها بدت لنا خيارات ذكية".
اقرأ أيضاً: وارن بافيت يدخل عام 2025 بأكبر كتلة نقدية منذ أكثر من 30 عاماً
وتابع "كانت الأسواق على درجة من عدم وجود منافسة كبيرة. صممت للاستفادة مما اعتقدنا أنها شروط مؤاتية للغاية. لكنها كانت شروطاً لم يكن أي شخص آخر على استعداد لتقديمها في ذلك الوقت لأن السوق كان في حالة من الذعر".
الإقراض
سمعته كمستثمر يتمتع بالذكاء ويمتلك ثروة طائلة سمحت لوارن بافيت بالعمل كمقرض الملاذ الأخير. قال رئيس مجلس إدارة بيركشاير ومديرها التنفيذي إنه كان عليه أن يحسب تكلفة الفرصة البديلة بشكل متكرر خلال تلك الفترة.
في عام 2009، قال بافيت: "في سوق فوضوي، حيث يحتاج الناس إلى مبالغ كبيرة... فجأة يُطلب منك استثمار مليارات، هذا إذا كنت ستدخل اللعبة".
وأضاف "كانت هذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها السؤال الحقيقي، هل يمكننا جمع بضعة مليارات من الدولارات على عجل، للتأكد من أننا نعوض الاحتياجات النقدية لما نلتزم به كمشترٍ".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار بیرکشایر هاثاوای ملیار دولار وارن بافیت فی عام
إقرأ أيضاً:
لبنان بين شرعية الدولة ونزع سلاح المقاومة.. كتلة الوفاء: لا ننوي القيام بذلك ونرفض الضغوط الخارجية
تشهد الساحة اللبنانية حالة من الترقب الحذر في أعقاب القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية بشأن حصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وسط تحديات سياسية وأمنية داخلية، ومعارضة شديدة من "حزب الله" الذي يرفض هذا التوجه بشكل قاطع.
الترقب يسبق قرار "حصر السلاح" بيد الجيشوفي هذا الصدد، قال الدكتور عبد الله نعمة، المحلل السياسي، إن الجيش اللبناني يعد مؤسسة وطنية قوية يحظى بثقة تامة من قبل كافة شرائح الشعب اللبناني، وهو يمثل أحد الركائز الأساسية في استقرار البلاد.
وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "صرح حزب الله أمس بأن لا نية لديه للتصعيد، سواء في الشارع أو تجاه الجيش اللبناني، مؤكدا حرصه على الحفاظ على الأمن الداخلي".
وأشار نعمة، إلى أن قد عقد اجتماع ضم ممثلين عن حزب الله إلى جانب رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بهدف تهدئة الأجواء ومعالجة حالة التوتر التي طرأت مؤخرا، وقد ساد اللقاء طابع التفاهم والجدية في إيجاد مخرج سلمي للموقف الراهن، معقبا: "أتوقع أن الأمور سوف تتجه نحو الأفضل، لأن الطرفين لا يسعيان إلى المواجهة أو الدخول في صدام مباشر".
واختتم: "شدد رئيس الجمهورية على أن مسألة تسليم السلاح لا رجعة فيها، مؤكدا على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في دعم جهود التهدئة، مشيرا إلى أن لبنان يعتبر نقطة ارتكاز إقليمية في غاية الأهمية، ما يحتم على الأطراف كافة التعامل مع الوضع بحساسية ومسؤولية عالية".
دعم أمريكي مشروط وتوقعات لبنانيةمن جهة أخرى، أبدت الولايات المتحدة دعما غير محدود للدولة اللبنانية في مساعيها لتنفيذ القرار، مؤكدة استعدادها لدعم خطة تسليم السلاح، غير أن تنفيذ القرار بنجاح يظل مرهونا بعدة عوامل، أبرزها توفر الإرادة السياسية الوطنية الجامعة التي تحفظ السيادة، إلى جانب التزام إسرائيل الكامل ببنود الاتفاق المطروح ضمن "الورقة الأمريكية".
وتتوقع أوساط سياسية لبنانية أن توافق تل أبيب على هذه البنود كما فعلت الحكومة اللبنانية.
وفي السياق نفسه، دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى ما أسماه "الانخراط الكامل في الدولة"، مطالبا بالتخلي عن سياسة المكاسب الخاصة. وجدد جعجع استعداد حزبه للتحاور مع "حزب الله" بشرط تسليم السلاح، موضحا أن الخلاف مع الحزب وجودي واستراتيجي، وليس طائفيا، وقال: "أكبر ضمانة للطائفة الشيعية هي الدولة اللبنانية، وليس أي كيان خارجها".
زيارات دبلوماسية حاسمةويتزامن هذا الحراك مع زيارة مرتقبة للموفد الأمريكي توم براك إلى بيروت، تسبقها زيارة للمبعوث السعودي يزيد بن فرحان، حيث من المقرر أن يعقد الطرفان لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين لبحث آخر المستجدات، في وقت تقترب فيه المهلة المحددة للجيش اللبناني لتقديم خطة شاملة لحصر السلاح، والمقررة في موعد أقصاه 31 أغسطس.
"حزب الله": القرار خطر يهدد السيادةفي المقابل، جددت كتلة "الوفاء للمقاومة" على لسان النائب محمد رعد رفض "حزب الله" القاطع لقرار الحكومة، واصفا إياه بـ"الخطوة الخطيرة وغير المدروسة"، التي جاءت نتيجة ضغوط خارجية ودون توافق وطني، مما جعلها ـ حسب تعبيره ـ تفتقر إلى البعد السيادي والميثاقي.
وأكد رعد أن سلاح المقاومة كان ولا يزال عامل حماية للبنان منذ العام 1982، وحقق إنجازات على صعيد التحرير والردع، معتبرا أن أي تشكيك في جدواه هو "تزوير للواقع"، وأضاف: "تسليم السلاح يعني تسليم الشرف.. وهو انتحار لا ننوي القيام به".
كما اعتبر أن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لتطبيق القرار تأتي ضمن جدول زمني ضيق لأن "الوقت لا يعمل لصالحهما"، مشيرا إلى أن الهدف من القرار هو نقل الصراع من الطابع اللبناني–الإسرائيلي إلى صراع داخلي لبناني.
وأوضح أن الدولة اللبنانية لا تمتلك بقواها الذاتية القدرة الكاملة على مواجهة التحديات الإقليمية، رغم قدرتها على فرض سلطتها داخليا، كما أشار إلى أن الوضع في غزة يعيد فتح جبهات توتر جديدة.
وختم حديثه بالتأكيد على أن إعادة الإعمار ممكنة رغم الوضع الاقتصادي الصعب، لكن غياب السلطة القادرة على تحمّل المسؤولية يعوق ذلك المسار.
من جهتها، حذرت وزيرة البيئة تمارا الزين، إحدى الممثلين عن "الثنائي الشيعي"، من أن الاتفاقية المقترحة تمس السيادة اللبنانية، وتتطلب نقاشا أوسع وتوافقا وطنيا شاملا، نظرا لما تتضمنه من بنود ذات أثر مباشر على جميع اللبنانيين.
وأضافت الزين: "لا أحد يمكنه المزايدة علينا، فنحن لم نرفض دور الجيش إطلاقا"، موضحة أن مشاركتهم في الجلسات الوزارية هي دليل على عدم وجود نية للتعطيل، وقالت: "لست ناطقة باسم حزب الله، لكنني من موقعي أعبر عن تحفّظاتي، وأحذر من بعض البنود المثيرة للقلق في هذه الاتفاقية".
مخاوف من انفجار أمني في الشرقفي ظل هذا التوتر، تتصاعد المخاوف الأمنية، خاصة على الحدود الشرقية مع سوريا، تزامناً مع الحديث عن نزع سلاح المقاومة، ويخشى مراقبون أن تستغل إسرائيل هشاشة الوضع في سوريا للتمدد شرقا باتجاه منطقة البقاع ومحاولة عزلها عن باقي الأراضي اللبنانية، ما ينذر بتغيير استراتيجي في معادلات الردع والبيئة الحاضنة للمقاومة.
الحكومة تناقش "الورقة الأمريكية"وكانت الحكومة اللبنانية قد عقدت جلستين متتاليتين برئاسة قائد الجيش جوزاف عون، لمناقشة تفاصيل "الورقة الأمريكية" التي سلمها الموفد الأمريكي توم براك.
في الجلسة الأولى بتاريخ 5 أغسطس، ناقش الوزراء مضمون الوثيقة، بما في ذلك الجدول الزمني وآلية إنهاء الوجود المسلح لكل الجهات غير الحكومية، وانتشار الجيش في المناطق الحدودية والنقاط الاستراتيجية، إضافة إلى انسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية احتلتها في الحرب الأخيرة.
وشهدت الجلسة انقساما حادا حول توقيت التنفيذ وترتيباته، دون اتخاذ قرار نهائي، وتم تكليف الجيش بإعداد خطة شاملة تعرض في موعد أقصاه 31 أغسطس.
أما الجلسة الثانية بتاريخ 7 أغسطس، فقد اتسمت بجدل واسع وانسحاب الوزراء الشيعة، ومن بينهم ممثلو "حزب الله" و"حركة أمل"، اعتراضا على موافقة الحكومة اللبنانية على الأهداف الأمريكية دون ضمان تثبيت وقف إطلاق النار أو انسحاب إسرائيل.
وتضمنت الوثيقة الأمريكية 11 هدفا رئيسيا، أبرزها:
- ضمان وقف دائم للأعمال العدائية.
- إنهاء الوجود المسلح لكل الجهات غير الحكومية.
- نشر الجيش اللبناني في المواقع المحددة.
- انسحاب إسرائيل من المواقع التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة.
ومن المنتظر أن يعرض تقرير الجيش اللبناني على مجلس الوزراء لمناقشته، تمهيدا لإقراره قبل نهاية أغسطس، على أن يبدأ التنفيذ قبل نهاية العام، في حال توفر التوافق السياسي المطلوب.
والجدير بالذكر، أنه في ظل الانقسام السياسي والمواقف المتباينة،هل يتمكن لبنان من فرض سيادته بحصر السلاح بيد الجيش، أم أن هذا القرار سيكون شرارة لصراع داخلي جديد بين الضغوط الخارجية، ومواقف الداخل، والمهلة التي تقترب من نهايتها، يظل مصير القرار معلقا على خيط رفيع من التفاهم أو الانفجار.