القاهرة– عقب أحداث "موقعة الجمل" الشهيرة في القاهرة خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، غرّد رجل الأعمال نجيب ساويرس معلنًا انحيازه للثورة، مشيدًا بالشباب المتطلعين للتغيير، مقابل من وصفهم حينها بـ"قادمين من العصور الوسطى بالجمال والخيول"، الذين وفدوا من منطقة نزلة السمان غربي القاهرة، مدفوعين بمخاوف تتعلق بتأثير الثورة على مصادر رزقهم، خاصة في قطاع السياحة.

اليوم، وبعد مرور أكثر من 14 عاما يتجدد التوتر بين رجل الأعمال ذاته وأصحاب الخيول والجمال، ولكن هذه المرة في موطنهم، بمنطقة الأهرامات بالجيزة، بعد انطلاق مشروع تطوير هضبة الأهرامات الذي تشرف على تنفيذه شركة "أوراسكوم"، التابعة لمجموعة ساويرس، ويشمل إنشاء مسارات نقل ومناطق خدمات حديثة، ضمن خطة لتقديم تجربة أكثر تنظيمًا للزوار.

ورغم انتظام العمل في المشروع خلال فترته التجريبية، والممتدة حتى مايو/أيار المقبل، فإن بعض العاملين التقليديين في المنطقة، من أصحاب الخيول والجمال، لا يزالون يعبرون عن اعتراضهم على ما يعتبرونه تهميشًا لدورهم، وتقييدًا لمصدر رزقهم.

استبعاد واحتجاج

علي سلطان، أحد العاملين في مهنة الخيالة بمنطقة الأهرامات، ورث المهنة عن والده، وبدأ بمساعدة الزائرات على ركوب الخيول في سن مبكرة، يقول للجزيرة نت: "منذ يومين ونحن نجلس على جانب الطريق المؤدي للهرم، نحتج على نقلنا إلى منطقة بعيدة، دون وجود الزوار الذين كنا نتعامل معهم يوميًا".

إعلان

وحسب المسار الجديد، أصبح المطلوب من الزائر الراغب في ركوب الخيول أو الجمال التوجه إلى بوابة مخصصة خارج المساحة الأثرية، وهو ما يعتبره العاملون تقليصًا كبيرًا لفرصهم في العمل.

يقول محمود، أحد الخيالة الشباب: "كنا نرافق السياح، نركّبهم الجمال، ونروي لهم قصص المنطقة، فجأة طُلب منا المغادرة، وأصبحنا غير قادرين على الوصول إليهم. هذا ظلم في حقنا".

وعبّر العديد من الخيالة عن احتجاجهم من خلال تنظيم وقفات وقطع طريق الحافلات التابعة للشركة المنفذة للمشروع، في محاولة للفت الأنظار إلى مطالبهم، وسط تساؤلات عن آلية التنفيذ وغياب الحوار المسبق معهم.

الحل هو أن نرفع الإهرامات ونضعها في مكان آخر .. إذا أمكن ذلك ????

— Masom Marzok (@marazka) April 9, 2025

أمن و برلمان

نجيب ساويرس علّق على هذه الاحتجاجات عبر حسابه في منصة "إكس"، داعيًا الجهات الأمنية لحماية العاملين في المشروع وحافلات النقل، مشيرًا إلى تعرّضهم للاعتداء من بعض المحتجين، على حد وصفه.

من جانبهم، يرى بعض أبناء المنطقة أن لديهم ارتباطًا تاريخيًا بها، ويقول أحد الجمالة -رفض ذكر اسمه- "خدم أجدادنا زوّار المنطقة منذ أيام محمد علي، واليوم يتم إقصاؤنا من دون بدائل حقيقية".

وفي مشهد رمزي للتوتر القائم، اقترب أحد الخيالة من سور حجري قرب إحدى البوابات الجديدة محاولًا الحديث مع أحد الزوار، قبل أن يطلب منه أحد أفراد الأمن المغادرة، فرد الخيّال: "أنا من أهل المنطقة، نخاف على السائح أكثر منكم.. لأنه مصدر رزقنا".

منطقة الأهرامات أكثر مناطق القاهرة جذبا للسياح (الجزيرة) تطوير يثير الجدل

الجهات الرسمية تؤكد أن المشروع يستهدف تطوير تجربة الزائر، عبر تنظيم حركة الدخول والخروج، وتوفير وسائل نقل كهربائية، وتقليل التأثير السلبي للدواب على المناطق الأثرية، لاسيما المقابر المحيطة.

إعلان

لكن العديد من العاملين التقليديين بالمنطقة، إضافة إلى عدد من المرشدين السياحيين، عبّروا عن تحفظهم تجاه طريقة التنفيذ، لاسيما ما يتعلق بصعوبة انتقال السياح بين وسيلتين للنقل، وتأثير ذلك على جودة الجولة السياحية.

وأجرت النائبة البرلمانية نورا علي، زيارة ميدانية للموقع، وأعلنت عن اجتماع موسع سيُعقد لبحث كافة ملاحظات العاملين، والتوصل إلى صيغة تحقق التوازن بين التطوير ومصالح الأهالي.

بدورها، تقدمت النائبة مها عبد الناصر بطلب إحاطة موجه إلى الحكومة بشأن ما وصفته بـ"الوقائع المؤسفة" التي رافقت المرحلة التجريبية لافتتاح المشروع.

ملخص الى حصل فى هضبة الأهرام .
اصحاب الجمال والخيول سطوتهم قوية جدا لدرجة انهم ضغطوا على المحافظة .
ونتيجة الضغط ده المحافظة قررت وبشكل مفاجئ تغيير المسار المتفق عليه .
والنتيجة النهائية المنظر الى شوفناه .

والدروس المستفادة ان الفساد اقوى من اى تطوير ممكن يحصل للمنطقة . pic.twitter.com/lA7p90x97i

— HiMa (@Ibrahim57162808) April 8, 2025

غياب التنسيق

يقول مصطفى، أحد العاملين بالموقع، للجزيرة نت: "السماح بدخول الدواب للمنطقة الأثرية أمر مرفوض من الناحية الأثرية"، مشيرًا إلى أضرار طالت بعض المقابر الأثرية جراء الاستخدام العشوائي للخيول والجمال، رغم محاولات تقييدها.

ورأى أحد مفتشي الآثار -طلب عدم ذكر اسمه- أن الحل يكمن في تحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث وتوفير فرص بديلة للعاملين، مشيرًا إلى غياب التنسيق الكافي بين الجهات المعنية بشأن تراخيص العمل والمواقع المخصصة لكل فئة.

ومن الإشكاليات الرئيسية التي يواجهها المشروع -حسب مراقبين- غياب خطة واضحة لإعادة دمج العاملين غير الرسميين، أو توفير تدريب وفرص بديلة، مما يزيد من شعورهم بالتهميش.

مراقبون يرون أن المشروع أغفل دمج العاملين غير الرسميين في المنطقة (الجزيرة) التطوير لا يعني الإقصاء

يقول حازم، أحد المرشدين السياحيين: "نحن لسنا ضد التطوير، بل ندعمه، ولكن لا يجب أن يعني ذلك إقصاء من شكّلوا جزءًا من تجربة الزائر، السياح يأتون لرؤية الأهرامات، ولكنهم أيضًا يبحثون عن الرواية الحيّة، والوجوه المرتبطة بالمكان".

إعلان

وفي حين تتواصل المرحلة التجريبية للمشروع، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى قدرة السلطات والجهات المعنية على استيعاب العاملين التقليديين ضمن منظومة التطوير، دون المساس بمصدر رزقهم، أو طمس أحد أوجه التراث الشعبي المرتبط بهذه المنطقة التاريخية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

أمانة المؤتمر بالقاهرة تواصل تحركاتها الميدانية لدعم مرشحي الشيوخ

واصلت أمانة القاهرة بحزب المؤتمر، برئاسة محمود جبر نائب رئيس الحزب وأمين عام القاهرة، جولاتها الميدانية لدعم مرشحي الحزب على المقاعد الفردية في انتخابات مجلس الشيوخ، حيث شهدت منطقتا الشروق وبدر فعاليات ميدانية وزيارات تنظيمية، بحضور عدد من قيادات الحزب وأعضاء الأمانة.

وزير الشباب والرياضة يشهد ختام فعاليات اللجنة العامة لبرلمان شباب مصرمطلب برلماني لـ "لم شمل الإخوة الأشقاء" في مدرسة واحدةبرلمانية: حديث الرئيس السيسي بشأن معبر رفح يعكس موقف مصر تجاه فلسطينبرلماني: خطاب الرئيس وثيقة وطنية تؤكد أن مصر لا تساوم في حقوق الفلسطينيين


جاءت الجولة بتوجيهات الربان عمر المختار صميدة رئيس الحزب وعضو مجلس الشيوخ، وإشراف المهندس هيثم أمان الأمين المساعد لشؤون التنظيم، ومتابعة أحمد حماد أمين التنظيم بالقاهرة.

وشارك في الجولة أحمد عيد إسماعيل أمين قطاع القاهرة الجديدة، إلى جانب عدد من القيادات الحزبية والشخصيات المجتمعية.

وخلال الفعاليات، حرص مرشحو الحزب على التفاعل المباشر مع المواطنين، والاستماع إلى آرائهم ومطالبهم، وشرح محاور برامجهم الانتخابية، بما يعكس التزام الحزب بالعمل الميداني والتواصل المستمر مع الشارع.

وأكد القبطان محمود جبر أن هذه التحركات تأتي في إطار خطة الأمانة لدعم مرشحي الحزب وتعزيز حضورهم الميداني، مشيرًا إلى أن تواصل الحزب مع المواطنين هو جزء أساسي من رؤيته في العمل السياسي.

وأكد القبطان وليد جودة، الأمين العام المساعد للتقييم والمتابعة، أن التواجد بين الناس هو تعبير حقيقي عن مبادئ الحزب، وأن حزب المؤتمر يراهن على الوعي المجتمعي والشراكة مع المواطن في بناء مستقبل أفضل.

من جانبه، قال الدكتور أحمد نبيه رئيس مكتب التخطيط والمتابعة بأمانة حزب المؤتمر بالقاهرة، إن المشاركة في الانتخابات تمثل رسالة وطنية قوية تؤكد على وعي الشعب المصري واستقراره السياسي، مشددًا على أن المشهد الانتخابي في حد ذاته هو واجهة للدولة أمام العالم، وأن الإقبال الإيجابي على صناديق الاقتراع يعكس ثقة المواطنين في مؤسساتهم، ويُعزز من قوة الدولة داخليًا وخارجيًا.

وأضاف أن كل صوت يُدلي به مواطن مسؤول، هو بمثابة خطوة نحو بناء مستقبل أكثر استقرارًا، داعيًا جموع الناخبين إلى المشاركة الفاعلة في هذا الاستحقاق الوطني، والتعبير عن إرادتهم بكل حرية.

طباعة شارك حزب المؤتمر محمود جبر المقاعد الفردية مجلس الشيوخ انتخابات مجلس الشيوخ

مقالات مشابهة

  • حبس 5 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار داخل ورشة بالقاهرة
  • غرفة عملياتالمؤتمر بالقاهرة تكشف الاستعدادات لتصويت المصريين بالخارج
  • تصادم 3 سيارات داخل نفق الأزهر بالقاهرة
  • ميكروباص يصطدم بـ محطة الأتوبيس الترددي في القطامية بالقاهرة| صور
  • خلافات عائلية.. الأمن يعيد فتاة تركت منزل أهلها بالقاهرة
  • حفرة 10 أمتار.. القبض على 5 أشخاص ينقبون عن الآثار داخل ورشة بالقاهرة
  • اليوم..بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بالقاهرة الجديدة
  • الداخلية تضبط 5 أشخاص لتنقيبهم عن الآثار بالقاهرة
  • أمانة المؤتمر بالقاهرة تواصل تحركاتها الميدانية لدعم مرشحي الشيوخ
  • اليوم.. أولى جلسات محاكمة عاطل بتهمة قتل شاب بالقاهرة