مصادر تكشف للجزيرة نت تجاوب ترامب مع مقترح للاستثمار في إيران
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
طهران– كشف مصدر إيراني مطلع أن بلاده سبق وعرضت على الولايات المتحدة الاستثمار لديها بنحو ألف مليار دولار، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعامل بإيجابية مع المقترح، مضيفا أن الرئيس مسعود بزشكيان تمكن بالفعل من كسب موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي على ذلك.
وردا على التهديدات الأميركية باستهداف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي خلال شهرين، كان علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني أول من تحدث عن إمكانية التركيز على المصالح الاقتصادية بين البلدين بدلا من المقامرة بحياة الجنود الأميركيين.
وفي مقابلته مع التلفزيون الرسمي قبل أسبوعين، لم ينس لاريجاني أن يرد على تهديدات ترامب بالقول إن "أي خطأ أميركي تجاه النووي الإيراني سيجبرنا على اتخاذ مسارات أخرى، وقد يضطرنا تحت ضغط الشعب إلى تصنيع سلاح نووي".
ولكن وسائل الإعلام الإيرانية والأجنبية ركّزت على موقفه الأخير وفسرته على أنه تهديد وتلويح بإمكانية تغيير طهران عقيدتها النووية، تاركة تصريحاته بشأن الفرص المتاحة للاستثمار الأميركي في إيران، ما دفعه أن يبرزها -بعد أيام- بتغريدة على منصة إكس.
ومنذ أن أشار الرئيس بزشكيان، الأسبوع الماضي، إلى أن المرشد الأعلى لا يعارض استثمار الشركات الأميركية داخل إيران، وأن ما ترفضه طهران هو سياسات واشنطن الخاطئة، وفق قوله، وقد تداولت بعض الصحف الناطقة بالفارسية تقارير عن مقترح إيراني لجذب استثمارات أميركية بمبالغ مغرية جدا، لكن سرعان ما تم تكذيبها على منصات إعلامية أخرى.
إعلانواستندت الصحافة الفارسية في تقاريرها إلى صورة لتغريدة عضو مجلس الإعلام الحكومي فياض زاهد، الأسبوع الماضي، تزامنا مع الإعلان عن عزم الجانبين عقد مفاوضات في العاصمة العُمانية. إذ كتب -قبل حذف تغريدته- أن "التأكيد على إستراتيجية الدبلوماسية الاقتصادية هو الذي عزز الدبلوماسية السياسية. لقد تم تقديم مقترح شامل (ألف مليار دولار) وقد طرح الرئيس بزشكيان هذا الموضوع على المرشد الأعلى، وحصل على ترخيص. ثم نُقِلَ إلى الأميركيين وبدأت الكرة بالدحرجة. وسنقدم تفاصيل أوفى مستقبلا. إيران جنة للاستثمار".
وفي غضون ذلك، علمت الجزيرة نت -من مصدر إيراني مطلع اشترط عدم الكشف عن هويته- أن المقترح باستثمار القطاع الخاص الأميركي في إيران ليس جديدا وإنما سبق وطرح خلال حكومة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، ليكون خطوة أولية نحو التطبيع من بوابة الاقتصاد بدلا من بوابة السياسة، لكنه اصطدم حينها بمعارضة بعض الأوساط الداخلية، وأن بعض الأوساط الإيرانية عملت على إحيائه في المرحلة الراهنة.
وكشف المصدر نفسه أن حسين مرعشي أمين عام حزب "كوادر البناء" المعتدل، وفياض زاهد وهو ناشط سياسي إصلاحي وعضو في مجلس الإعلام الحكومي الإيراني، التقيا قبل نحو 40 يوما أحد كبار التجار ورجال الأعمال المقربين من الرئيس الأميركي في إحدى دول الجوار، وعرضا عليه مقترحا يتيح لأميركا استثمار ألف مليار دولار في إيران خلال 20 عاما مقابل حصوله على مقادير محددة من النفط والغاز.
وتابع أن الجانب الأميركي قد تعاطى بإيجابية مع المقترح الإيراني، مشيرا إلى ترحيب ترامب به، وأن طهران تلقت رسالة حول موافقته عبر رجل الأعمال الذي قام بالوساطة، مضيفا أن الرئيس بزشكيان قد عقد اجتماعات مكثفة مع المرشد الأعلى والأوساط السياسية والأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية وتمكن من الحصول على موافقة السلطات العليا.
إعلانوبينما أكد المتحدث نفسه أن بلاده وضعت خططا لاستثمار القطاع الخاص الأميركي لديها، ختم بالقول إن خامنئي لم يعارض استثمار الشركات الأميركية في إيران لكنه اشترط مراقبة الجهات المعنية على تلك المشاريع الاقتصادية لمنع الشركات الإسرائيلية من التسلل إلى البلاد تحت غطاء الشركات الأميركية.
من ناحيته، اعتبر الباحث الاقتصادي عبد الرضا داوري عدم انتفاع الجانب الأميركي اقتصاديا من الاتفاق النووي المبرم بين طهران والمجموعة السداسية عام 2015 عاملا أساسيا وراء انسحاب ترامب منه، وأن فتح الباب أمام الشركات الأميركية يعزز فرص التوصل إلى اتفاق مشابه بين طهران والإدارة الأميركية الحالية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح داوري أن عجلة الاستثمار الأجنبي في إيران توقفت منذ عقد بسبب العقوبات الأميركية، وأن بلاده بحاجة ماسة لاستقطاب الاستثمارات لإكمال بعض المشاريع المجمدة والشروع بأخرى في العديد من المجالات لاسيما النفط والغاز والبتروكيمياويات والمصافي.
ورأى أن بلاده سوف تنتفع جراء نقل التكنولوجيا الأميركية إليها، موضحا أن العجز الذي تعانيه بلاده في قطاع الطاقة يحتم عليها جذب استثمارات عاجلة لتحديث قطاع الكهرباء وبناء محطات جديدة إلى جانب الاستثمار في الطاقة الشمسية والمناجم ومنها الليثوم المستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية وكذلك تحديث قطاعي النقل الجوي والسككي.
وختم داوري حديثه بالقول إن العديد من المشاريع الاقتصادية مجمدة في بلاده لإنها بحاجة إلى نحو ألفي مليار دولار لتنفيذها، مؤكدا أن حضور الشركات الأميركية كفيل بعودة الشركات الغربية والشرقية إليها وذلك بعد خروجها إثر انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 وإعادة العقوبات على طهران.
وعما إذا حصل هناك تغيّر في الموقف الإيراني تجاه الولايات المتحدة التي تعتبرها "الشيطان الأكبر" توجهنا بالسؤال إلى الناشط السياسي المحافظ السفير الإيراني السابق في أستراليا والمكسيك، محمد حسن قديري أبيانه، الذي نفى أي تغيير في سياسات طهران المبدئية حيال واشنطن.
إعلانوفي حديثه للجزيرة نت، استبعد أبيانه إمكانية التقارب بين طهران وواشنطن أو التوصل إلى اتفاق مستديم بينهما خلال الفترة المقبلة، ذلك لأن واشنطن لم تغير سياساتها تجاه الشعب الإيراني، وأن حالة العداء ستبقى سيدة الموقف في علاقاتهما إلى أن تعدّل الحكومات الأميركية سياساتها تجاه الشعوب المضطهدة لا سيما الشعب الفلسطيني.
واستدرك أن المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن سوف تثبت للشعب الإيراني والرأي العام العالمي أنه لا فائدة من التفاوض من أجل حلحلة الخلافات مع الولايات المتحدة، لأن الأخيرة تأتي لفرض إرادتها على طاولة المفاوضات وليس حلها.
وخلص إلى أن الأطراف التي ترغب بالاستثمارات في دولة تتوجه إليها بالأدوات الصناعية وليس بحاملات الطائرات وقاذفات القنابل، مستدركا أن بلاده لن تبدأ حربا ولكنها سترد بما تمتلك علی أي اعتداء، وأن جميع المصالح الأميركية في المنطقة بما فيها قواعدها العسكرية ستكون في مرمى النيران الإيرانية بعد إطلاقها أول رصاصة على العمق الإيراني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الشرکات الأمیرکیة ألف ملیار دولار المرشد الأعلى بین طهران أن بلاده فی إیران
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الإيراني: اتفاق نووي مع واشنطن بات قريباً
البلاد – طهران
أعرب نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق قريب مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، معتبراً أن أرضية التفاهم باتت أكثر نضجاً من أي وقت مضى.
وفي منشور نشره اليوم عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس”، أشار عراقجي إلى أن التصريحات المتكررة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أكد فيها عزمه منع إيران من امتلاك سلاح نووي، تتقاطع – على نحو غير مباشر – مع السياسة الإيرانية التي تؤكد سلمية برنامجها النووي، ما قد يمهد الطريق لاتفاق مشترك.
وقال عراقجي: “الفرصة باتت سانحة للتوصل إلى اتفاق يضمن استمرار الطابع السلمي لبرنامجنا النووي”، مضيفاً أن المفاوضات، التي ستُستأنف الأحد المقبل، تحمل فرصاً حقيقية للتقدم، شريطة توفر الإرادة السياسية من الطرفين.
ورغم الأجواء الإيجابية التي عبّر عنها المسؤول الإيراني، إلا أنه ربط تحقيق أي اختراق فعلي في المحادثات بشرطين أساسيين: أولهما، مواصلة برنامج تخصيب اليورانيوم تحت إشراف كامل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وثانيهما، الرفع الكامل للعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.
تصريحات عراقجي جاءت في أعقاب توتر جديد في التصريحات الأميركية. فقد اعتبر الرئيس دونالد ترامب، يوم أمس، أن طهران باتت “أكثر عدوانية” في مواقفها التفاوضية، ما قد يعقّد الجهود الدبلوماسية الجارية.
وفي السياق ذاته، أكد قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا، استعداد بلاده للتحرك “بقوة” في حال ثبت أن إيران تتجه نحو تطوير سلاح نووي. وصرّح بأن الجيش الأميركي وضع “خططاً بديلة” تحسّباً لفشل المفاوضات الجارية.
وكانت الولايات المتحدة وإيران قد خاضتا منذ 13 أبريل الماضي خمس جولات من المحادثات، وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها “إيجابية من حيث الشكل”. إلا أن الجوهر لا يزال محل خلاف عميق، خصوصاً فيما يتعلق بمسألة تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية.
ففي حين تتمسك طهران بحقها “السيادي” في التخصيب لأغراض سلمية، تعتبره واشنطن – وفق موقف إدارة ترامب – “خطاً أحمر” لا يمكن تجاوزه.
وبين التفاؤل الحذر والمواقف المتصلبة، تترقب الأوساط الدولية ما ستسفر عنه الجولة المقبلة من المفاوضات، وسط تصاعد القلق من انزلاق الوضع نحو مواجهة أوسع في حال فشلت المساعي الدبلوماسية.