سامح قاسم يكتب | زين العابدين فؤاد.. أبجدية الغضب والحنان
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في زاوية من التاريخ، تتقاطع فيها القصيدة مع السجن، والأغنية مع الحلم، والوطن مع الوجع، وُلد زين العابدين فؤاد. لم يكن شاعرًا فحسب، بل كان لسانًا للناس، صوتًا للهامش، وضميرًا شعريًا ظلّ يقاوم النسيان والخذلان والظلم، بالكلمات وحدها، كأنها شفرات ضوء تخترق عتمة طويلة اسمها الوطن.
ولد زين العابدين فؤاد في أبريل 1942، وما زال – بعد أكثر من ثمانين عامًا – يكتب كما لو أنه يتنفس، أو كما لو أن الشعر هو ما يبقيه حيًا. إننا لا نتحدث هنا عن شاعر "عامية" فقط، بل عن شاعر صنع من البساطة قنابل مضادة للذل، ومن الجملة اليومية نشيدًا عابرًا للسجون. في زمن الخوف، كتب "اتجمعوا العشاق في سجن القلعة"، وفي زمن الصمت، غنّى للعمال، وللفلاحين، وللأطفال، وللشهداء الذين لم تحفل بهم نشرات الأخبار.
ما يُميّز تجربة زين العابدين فؤاد أنه لم يسعَ إلى الشعر كفنٍ للنخبة، بل سلك طريقًا معاكسًا. كان يؤمن أن الشعر يجب أن يُقال في الشارع، في المصنع، في المدرسة، لا في صالونات الأدب المعقّدة. لذا جاءت لغته مجبولة بالتراب، بالرغيف، بالحارة. لم يكتب من برجٍ عاجي، بل من بين الناس، ومن أجلهم.
في قصيدته، يتقاطع الغضب مع الحنان. يثور على الجلاد، لكنه في الوقت ذاته يمسح بيده على رأس الطفل الجائع، يكتب عن الخيانة، ثم يستدير ليكتب عن أمٍ تفتح نافذة الصباح بحثًا عن ابنها المفقود. هذا التوتر الإنساني، هذا التداخل بين الثورة والعاطفة، هو ما يجعل شعره نابضًا حتى اللحظة.
لم يكن زين العابدين فؤاد شاعرًا منفردًا، بل كان جزءًا من جوقة الغضب التي ضمت الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وغيرهم. لكن ما يميزه هو صوته الخاص، صوته الهامس أحيانًا، العاصف حينًا آخر. بينما كان الشيخ إمام يغني "الفلاحين" على لحنٍ لا يُنسى، كانت كلماته تحفر في الذاكرة حفرًا يصعب طمسه.
في عيد ميلاده الثالث والثمانين، لا يبدو زين العابدين فؤاد شيخًا. هو ابنٌ دائمٌ للشعر، شابٌ في لغةٍ لا تشيخ، فتية في نبرتها، عنيدة في موضوعها. يحتفل به محبوه لا بوصفه شاعرًا مخضرمًا وحسب، بل بوصفه ذاكرة حيّة، وضميرًا صادقًا، وحكايةً لا تنتهي.
لم يحصل زين العابدين على جوائز رسمية ضخمة، ولم يكن نجمًا في قاعات الأضواء، لكنه ظل نجمًا حقيقيًا في قلوب من يعرفون معنى الكلمة، ومعنى الصمود، ومعنى أن تكون شاعرًا لا مهنة لك سوى أن تقول "لا" حينما يقول الجميع "نعم".
في هذا الزمن الذي يُعاد فيه تدوير الأكاذيب، ويُحتفى فيه بالسطحيين، يظل زين العابدين فؤاد شاعرًا لا يشبه أحدًا. شاعرًا كتب للناس، عن الناس، وبالناس. وكأن الشعر عنده ليس طقسًا جماليًا فقط، بل موقفًا أخلاقيًا، والتزامًا لا يشيخ.
تحية لك يا عم زين… لأنك جعلتنا نؤمن أن القصيدة يمكن أن تكون خريطة وطن، أو راية مقاومة، أو حضنًا مفتوحًا لكل مَن ضيّعته البلاد. زين العابدين فؤاد
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: زین العابدین فؤاد شاعر ا
إقرأ أيضاً:
فؤاد السنيورة: قمة شرم الشيخ لحظة تاريخية لإحلال السلام في المنطقة
أكد فؤاد السنيورة، رئيس وزراء لبنان الأسبق، أن ما حدث اليوم في قمة السلام بشرم الشيخ يُعد أمرًا في غاية الأهمية ويمثل لحظة تاريخية لإحلال السلام في المنطقة.
وأوضح فؤاد السنيورة، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المٌذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يجب أن يُرسل إلى مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن خطة ترامب ذات العشرين نقطة تتضمن العديد من المفارقات والتفسيرات التي تختلف من طرف إلى آخر، في حين أن إسرائيل لا تزال متمسكة بأحلامها التي لا تستند إلى أي أساس من الواقع.
وأضاف فؤاد السنيورة، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاءت بمثابة تحفيز بشأن الوضع في جنوب لبنان، لافتًا إلى ضرورة العمل على طمأنة اللبنانيين بالعودة إلى قراهم وبلداتهم بعد الانتهاء من عملية نزع سلاح الجنوب اللبناني.
ونوه فؤاد السنيورة، بأنه من الضروري على الحكومة اللبنانية تطبيق ما تم الاتفاق عليه في مجلس الوزراء، مشددًا على أن لا مكان لأي تيارات أو تنظيمات مسلحة خارج إطار الدولة الوطنية، وأن سلاح حزب الله لم يردع إسرائيل، ولم يحمِ لبنان، ولا حتى الحزب نفسه.
اقرأ المزيد..