الجمود السياسي يعرقل التوافق على المناصب السيادية في ليبيا
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
الدغاري: المناصب السيادية مجمدة بسبب التجاذبات بين رئاستي النواب والدولة ⚖️
ليبيا – قال عضو لجنة المالية بمجلس النواب، خليفة الدغاري، إن ملف المناصب السيادية يشهد حالة من الجمود نتيجة استمرار التجاذبات بين رئاستي مجلس النواب ومجلس الدولة، ما تسبب في إعاقة التقدم في هذا الملف الحساس.
???? تمديدات خارج الأطر القانونية ????
الدغاري أوضح في تصريح لتلفزيون “المسار”، أن التمديدات الأخيرة لبعض رؤساء المؤسسات الرقابية صدرت من جهات غير مختصة، وبشكل يتجاوز الأطر القانونية المعمول بها، مشيرًا إلى أن بعض المسؤولين بقوا في مناصبهم لأكثر من 12 عامًا دون تجديد أو مراجعة قانونية.
???? غياب الآليات والتوافق السياسي ????
وبيّن أن غياب آلية واضحة ومتفق عليها بين المجلسين لاختيار شاغلي المناصب السيادية فتح الباب أمام التجاوزات القانونية، وأدى إلى حالة من الشلل المؤسسي، وسط انعدام الشفافية في التعيينات.
???? دور البعثة الأممية وتدخلها المتزايد ????
وأشار الدغاري إلى أن بعثة الأمم المتحدة بدأت بالتدخل في ملف المناصب السيادية، كما حدث سابقًا في ملف مصرف ليبيا المركزي، مرجعًا ذلك إلى تقاعس المجلسين عن التوصل لاتفاق، وتباطؤ عملية التوافق بينهما.
???? دعوات لحسم الملف محليًا ????️
وأضاف الدغاري: “دعوت خلال اجتماع القاهرة إلى طي الملف بالكامل وتسليمه إلى المؤسسات الوطنية لحسمه بشكل مباشر، وهناك عدد من أعضاء المجلسين يدعمون هذه الدعوة، إلا أن الرئاسات تعيق أي تقدم بهذا الاتجاه”.
???? انعاكاسات سلبية على الأداء المؤسسي ????️
وفي ختام تصريحه، أكد الدغاري أن الوضع الحالي يضعف أداء المؤسسات السيادية، ويُفقدها المصداقية والثقة العامة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى مؤسسات فعالة وقادرة على الاستجابة للتحديات الراهنة.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المناصب السیادیة
إقرأ أيضاً:
في اشتداد الصراع.. التحصين المجتمعي أولوية
يمكن وصم اللحظة العالمية التي نعيشها اليوم بالتمحور حول سمتين أساس: (التمحور حول الصراع)، و (التمحور حول عدم اليقين)؛ فالصراع ممتد من السياسة إلى الاقتصاد إلى العسكرة والفعل العسكري إلى الثقافة والفعل المدني، وليس آخر ما نشهد المواجهة التي لا تزال قائمة عسكريًا بين إيران والكيان الصهيوني، والتي تصاعدت عبر الضربة الاستباقية التي شنها الكيان مستهدفًا القدرات الإيرانية المتملثة في القيادات العسكرية، وبعض المنشآت الدفاعية، والمحطات المشتغلة بالبرنامج النووي الإيراني، بالإضافة إلى استهداف بعض العلماء البارزين في مجال الطاقة النووية. وامتد الصراع عبر الرد الإيراني الذي طال عددًا من الأهداف الحيوية داخل تل أبيب وحولها، في مواجهة يبدو أن لا أفق محددا لتوقفها، وقد أثرت على عديد الجهود الدبلوماسية التي بذلت خلال الأشهر الأخيرة لتحقيق تفاهمات عالمية فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي في مقابل إعادة إدماج الاقتصاد الإيراني في الاقتصاد العالمي.
على مستوى الاقتصاد ليس أدل من التمحور على الصراع من التمركز حول سياسات الحمائية، والتي يمكن قياسها بتصاعد التدابير الحمائية التي أقرت عبر دول العالم سواء كتعرفات جمركية، أو تدابير لحماية المنتجات الوطنية، أو إجراءات تتعلق بالسياسات الصناعية وتحديدًا بعد عام 2008 وتصاعدها الكبير في عام 2016 وما بعد جائحة كوفيد 19، ولعلها آخرها صراع التعرفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية، وتسعى للتفاوض حولها لتحقيق ضمانات تضمن نمو واستقرار اقتصادها.
وفي الثقافة والإعلام والمجتمع المدني هناك صراعات دائرة يوميًا حول مسائل حقوق الإنسان، والحريات، وسرديات الفعل المدني والمشاركة، والثقة في المؤسسات، سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية، ومحاولة تعميم التفكير القُطري في كل المواضع، والصراع حول تعميم الاتجاهات الثقافية الصاعدة بما فيها الفردانية، وحقوق بعض الجماعات الخارجة عن الطبيعة البشرية. إنه بإيجاز عالم يعيش بالصراع ومن أجل الصراع - وهو بدوره ما يولد (التمحور حول عدم اليقين)-؛ حيث تصبح المراهنة على سيناريوهات أو فرضيات بعينها أمرًا خاسرًا، ويصير التعامل مع العالم بمعطياته بمنطق الثبات خطأً استراتيجيًا، وذلك يوجب تحقيق قدر أكبر من المرونة المؤسسية والمجتمعية التي تمكن الدولة والمجتمع على حد سواء من التعامل مع غير المتوقع، واستدراك الأحداث متناهية الصغر التي تولد بدورها أحداثًا عالمية.
وقبل تحقيق المرونة المجتمعية هناك أهمية قصوى لتحقيق (التحصين المجتمعي)، وهي عملية التيقن من قدرة المجتمع على التعامل والتكيف والتعايش مع تحولات متسارعة بناء على قاعدة اجتماعية متماسكة ومستديمة. والتحصين المجتمعي في مثل هذه اللحظة العالمية يصبح ضرورة قصوى؛ ذلك أن تلك الأحداث في شق منها يدور في رحى المنطقة، وفي شق منها يتطلب اتخاذ إجراءات وتدابير قد تتماس مع أوضاع قائمة. وهي عملية تضافرية ومستمرة لا تتعلق فقط بالخطاب العام وحده، بل تتعلق بالأدوار المنوطة بكل المؤسسات سواء في التعليم، أو مؤسسات التثقيف العام، أو المؤسسات السياسية والمدنية، أو حتى المؤسسات الدينية وسواها من المؤسسات النشطة في الجسد الاجتماعي.
ومقتضى تحقيق التحصين المجتمعي ينطلق من التأكيد على مركزية القيم الاجتماعية المتوافق عليها، وتمثل الأفراد بالثوابت الوطنية قولًا وسلوكًا وتفاعلًا، وامتلاك التفكير الناقد في رؤية الأحداث ومساراتها، وهو ما يتطلب دورًا مضاعفًا لمؤسسات التعليم والتثقيف العام أن تؤديه وتعززه في هذه اللحظة المحورية. كما أن إفراد وسائل الإعلام لمساحات معقولة لمناقشة الوقائع بشكل معمق، والتوعية حيالها وفق خطاب مسؤول، وعبر استضافة واستنطاق ذوي الرأي الحصيف يشكل داعمًا من دعائم التحصين المجتمعي، وعلى الجانب الآخر فإن توسيع مساحات الفعل الثقافي، وتسخير فعل الثقافة والفن لفهم ومعالجة رؤيتنا للعالم والأحداث المعاصرة يشكل عنصرًا مهمًا في تعاملنا معها، عوضًا عن تمكين الأفراد من المهارات والقدرات التي تتطلبها اللحظة الراهنة مثل التعامل مع التداعيات السيبرانية على الصعيد الشخصي، وفهم منطلقات الخصوصية الذاتية في التعامل مع الفضاءات الافتراضية، وإدارة التدبير المالي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الموارد الأسرية، والقدرة على التحاور الآمن والمسؤول مع الآخر المختلف أو من خارج السياق كلها مُكن ومهارات يتطلب ترسيخها لدى شرائح واسعة من المجتمع في راهننا؛ لأننها تتصل بتداعيات التحولات والمتغيرات التي أسلفنا الحديث عنها. ومن أدوات التحصين المجتمعي تمكين المجتمع من التعامل مع المعلومات المضللة، وتسخير أدوات ومنصات وطنية، وحملات تثقيف عام تمكن الأفراد من التمييز بين ما هو موثوق ورسمي ومتعد به، وما هو مضلل، ومفبرك، ومسخر لتغيير مسارات الحقيقة. إضافة لذلك؛ فعلى المدى البعيد تحتاج المجتمعات إلى تعزيز مرونتها النفسية والعقلية عمومًا. فالقدرة على استيعاب معطيات العالم الجديد وتحولاته اللحظية تتطلب قدرًا هائلًا من الفهم والاستيعاب، وعدم الاستسلام لصدمة غير المتوقع، وذلك أحد أهم مرتكزات التحصين المجتمعي.
إن اللحظة الراهنة تتطلب توسيعًا لمساحة الحوار العام المسؤول، وتعزيزًا للفضاءات النقاشية المستنيرة؛ فبقدر ما هناك حاجة لأن يكوّن الأفراد رؤيتهم الخاصة والنقدية تجاه الأحداث، هناك حاجة ملحة لأن تكون هناك رؤية مجتمعية مشتركة تتسق وتتناغم مع الثوابت السياسية ومع إدراك المصير المشترك، وتقوم على فهم مآلات ما يحدث بدقة وتنوير. وعلى الجانب الآخر فإنها في تقديرنا لحظة المؤسسات التي تستشرف المستقبل من زاوية، ولحظة مؤسسات الإعلام الجاد التي تنور المجتمع بذلك المستقبل وسيناريوهاته من زاوية أخرى، وهي لحظة المؤسسات الثقافية التي تتبنى حوارًا مسؤولًا ومستفيضًا حول مآلات ومكونات ذلك المستقبل الذي نريد من زاوية ثالثة.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان