كما كان متوقعاً، انخرطت إيران مؤخراً في مفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول البرنامج النووي. ففي 12 أبريل 2025، عقدت الولايات المتحدة وإيران محادثات أولية غير مباشرة في مسقط، بوساطة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي. كانت هذه أول مناقشات رفيعة المستوى منذ فوز الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية.

شارك في المحادثات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

أصرت إيران في البداية على إجراء المحادثات غير المباشرة بسبب العقوبات الأمريكية المستمرة وذلك لتجنب ردود الفعل السلبية من المتشددين الإيرانيين، لكن ترامب ذكر انّ المباحثات ستصبح مباشرة لاحقاً. ولتجنّب الاصطدام بهذه العقدة مُبكّراً، وجّه الوفد الإيراني تحيّة قصيرة لنظيره الأمريكي خلال نهاية الجلسة الأولى. اتفق الجانبان على الاجتماع مرة أخرى في 19 أبريل 2025، ووصفا المحادثات بأنها "بناءة" وجرت في "جو هادئ ومحترم". كما وصفت البيت الأبيض المناقشات بأنها "إيجابية للغاية".

تركّز الإدارة الأمريكية على ضرورة منع إيران من تطوير سلاح نووي، لكن من غير المعروف كيف تخطط لفعل ذلك والى أي مدى سيتم تطبيقه. بمعنى آخر، هل سيتم الاكتفاء بتقييد نسبة التخصيب وتقييد عدد ومدى الصواريخ التي بإمكانها حمل رؤوس نووية وإقامة نظام تفتيش وتحقّق صارم، أم انّها تريد تفكيك البنية التحتيّة النووية الإيرانية بأكملها. هناك تصريحات متضاربة من المسؤولين الأمريكيين في هذا المجال، فالخيار الاوّل يعني السماح لإيران بامتلاك برنامج نووي سلمي، بينما الثاني يحرمها من ذلك ويفتح الباب أمام إمكانية وقوع صدام عسكري.وفيما كان من المقرر عقد الجولة الثانية في روما في إيطاليا، سادت حالة من الارتباك حول موقع الجولة الثانية من المحادثات. الجانب الإيراني والإيطالي كانا قد عبّرا عن الرغبة في عقد المحادثات في روما، لكن سرعان ما تمّ تغيير المكان، وأوضحت إيران لاحقًا أن المحادثات ستبقى في عمان. وبالرغم من أنّه لم يكن هناك أي توضيح رسمي من الجانب الأمريكي حينها، إلاّ أنّ بعض التقارير تحدّثت عن إمكانية تزامن الجولة الثانية من المفاوضات في حال عقدها في روما مع زيارة قد يقوم بها نائب الرئيس الأمريكي فانس إلى إيطاليا وهو ما قد يؤثّر على المفاوضات.

وتركّز الإدارة الأمريكية على ضرورة منع إيران من تطوير سلاح نووي، لكن من غير المعروف كيف تخطط لفعل ذلك والى أي مدى سيتم تطبيقه. بمعنى آخر، هل سيتم الاكتفاء بتقييد نسبة التخصيب وتقييد عدد ومدى الصواريخ التي بإمكانها حمل رؤوس نووية وإقامة نظام تفتيش وتحقّق صارم، أم انّها تريد تفكيك البنية التحتيّة النووية الإيرانية بأكملها. هناك تصريحات متضاربة من المسؤولين الأمريكيين في هذا المجال، فالخيار الاوّل يعني السماح لإيران بامتلاك برنامج نووي سلمي، بينما الثاني يحرمها من ذلك ويفتح الباب أمام إمكانية وقوع صدام عسكري.

في المقابل، تصر إيران على الحفاظ على برنامجها النووي لأغراض سلمية وقد رفضت خيار التفكيك الكامل. تسعى طهران إلى تخفيف العقوبات لتعزيز اقتصادها، الذي تضرر جراء العقوبات الأمريكية والنكسات الإقليمية. تقترح إيران تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تتماشى مع الاستخدام المدني (قد تكون حوالي 20%) مقابل رفع العقوبات وإنهاء التهديدات الأمريكية. لا يزال مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%—القريب من الدرجة العسكرية—نقطة خلاف رئيسية، ومن المرجح أن تركز المفاوضات الأوّلية على تقليل هذا المخزون واستعادة عمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، حيث زار رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران قبل يومين لمناقشة الملف وتحسين قدرة المفتشين على الوصول الى الأماكن المطلوبة، لاسيما بعد أن قامت إيران سابقًا بتقييد مراقبة الوكالة، بما في ذلك إيقاف الكاميرات في المواقع النووية الرئيسية.

بينما يمثل استئناف المحادثات خطوة نحو الدبلوماسية، فإن عدم الثقة العميق، والأهداف المختلفة، والضغوط الخارجية من قبل إسرائيل والمتشددين الأمريكيين والمتشددين الإيرانيين تشكل عقبات كبيرة. ومن المحتمل أن توضح الجولة التالية من المحادثات ما إذا كان إطار اتفاق جديد ممكنًا. بالنسبة الى إيران، لم يكن بإمكانها رفض الانخراط في المفاوضات لأنّ ذلك يرفع من احتمالات شن عمل عسكري ضدّها، فانّ إمكانية قبول صفقة سيتوقف على ما سيتم عرضه عليها. وفي ظل غياب أوراق قوّة لدى طهران حالياً، فانّ خيارها التقليدي هو تمرير الوقت. لكن وبالنظر الى طبيعة ترامب، فإنّ مثل هذا الخيار قد يؤدي الى نتائج عكسية خاصة إذا ما أدرك الجانب الأمريكي أنّ إيران تماطل.

تسعى إسرائيل إلى تخريب المفاوضات بين الطرفين ومحاولة جر الولايات المتّحدة إلى صدام مباشر مع إيران على خلفية البرنامج النووي، وهو الأمر الذي يرفضه ترامب حالياً دون أن يستبعد هذا الخيار بشكل كلي مستقبلاً.وعليه، يصبح من الأفضل من وجهة النظر الإيرانية أن تدير إيران سكّة المفاوضات باتجاه العرض الأنسب لها، أو على الأقل توجيه المفاوضات نحو الاتفاق على قضايا ليست رئيسية وذلك من أجل الإيحاء بأنّها لا تضيّع الوقت وأنّها جدّية وأنّه بالإمكان التوصل الى إتفاق معها. وإستناداً الى هذا الطرح، هناك من يرى أنّ إيران مستعدّة للتوصل الى اتفاق مشابه للإتفاق الذي تم مع أوباما وإن تضمن تشديداً أكبر لناحية الرقابة على أن يتم ضمان ديمومته من خلال إغراء واشنطن وذلك بفتح قطاعات اقتصادية استراتيجية في إيران للإستثمار الأمريكي.

لكن هناك من يشير إلى أنّ طهران قد تكون منفتحة بشكل أكبر على تسويات أقل أهمّية إلى حين انقضاء فترة ترامب، أي أربع سنوات، وتتضمن تسوية حول الشأن اليمني، أو حول الميليشيات العراقية.  بعض المعلومات أشارت إلى أنّ طهران مستعدّة لدمج الميليشيات في الأجهزة الرسمية العراقية وذلك لتفادي الصدام مع واشنطن أيضاً والإيحاء بوجود دعم إيراني لرئيس الوزراء العراقي ولمظاهر السيادة العراقية.

تبقى الحسابات الإسرائيلية أيضاً قائمة حيث تسعى إسرائيل إلى تخريب المفاوضات بين الطرفين ومحاولة جر الولايات المتّحدة إلى صدام مباشر مع إيران على خلفية البرنامج النووي، وهو الأمر الذي يرفضه ترامب حالياً دون أن يستبعد هذا الخيار بشكل كلي مستقبلاً.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه إيران مفاوضات إيران امريكا مفاوضات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الأمين العام للأمم المتحدة يحذر من «تصعيد خطير» بعد الضربات الأمريكية على إيران

وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الضربات الأمريكية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية بأنها تمثل "تصعيدًا خطيرًا" في منطقة تعاني بالفعل من أزمات متراكمة، محذرًا من أن استمرار هذا المسار قد يقود إلى نتائج كارثية على مستوى الإقليم والعالم بأسره.

ترامب: أي رد انتقامي من إيران سيقابل بقوة أكبر بكثيراللقطات الأولى لمنشأة فوردو النووية في إيران بعد قصفها | فيديوفي بيان لمنظمة الطاقة الذرية.. إيران: صناعتنا النووية لا يمكن القضاء عليها عبر القصفترامب: دمَّرنا منشآت إيران النووية وعلى طهران أن تصنع السلامنتنياهو: قرار ترامب باستهداف منشآت إيران النووية سيغير التاريخجيش الاحتلال يعلن حالة التأهب القصوى في إسرائيل بعد قصف مواقع نووية في إيرانمسئول بالبيت الأبيض: ترامب تحدّث مع نتنياهو بعد الضربات على إيرانإيران تؤكد وقوع هجمات على موقع فوردو النوويإيران: إخلاء منشآت نطنز وفوردو وأصفهان قبل القصف الأمريكيأكسيوس: ترامب أبلغ إسرائيل قبل ضرب المواقع النووية في إيران

 وفي بيان رسمي على منصة “إكس”، شدد جوتيريش على أن "هناك خطرًا متزايدًا من أن يخرج هذا الصراع عن السيطرة بسرعة"، لافتًا إلى أن تبعاته ستكون وخيمة ليس فقط على شعوب المنطقة وإنما على الاستقرار العالمي بشكل عام.

 وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة: "في هذه اللحظة الحرجة، من الضروري تجنب دوامة الفوضى.. لا يوجد حل عسكري، السبيل الوحيد للمضي قدما هو الدبلوماسية، والأمل الوحيد هو السلام".

ترامب: أي رد انتقامي من إيران سيقابل بقوة أكبر بكثيراللقطات الأولى لمنشأة فوردو النووية في إيران بعد قصفها | فيديوفي بيان لمنظمة الطاقة الذرية.. إيران: صناعتنا النووية لا يمكن القضاء عليها عبر القصفترامب: دمَّرنا منشآت إيران النووية وعلى طهران أن تصنع السلامنتنياهو: قرار ترامب باستهداف منشآت إيران النووية سيغير التاريخجيش الاحتلال يعلن حالة التأهب القصوى في إسرائيل بعد قصف مواقع نووية في إيرانمسئول بالبيت الأبيض: ترامب تحدّث مع نتنياهو بعد الضربات على إيرانإيران تؤكد وقوع هجمات على موقع فوردو النوويإيران: إخلاء منشآت نطنز وفوردو وأصفهان قبل القصف الأمريكيأكسيوس: ترامب أبلغ إسرائيل قبل ضرب المواقع النووية في إيران

تحذيرات غوتيريش جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ هجمات جوية "ناجحة للغاية" استهدفت منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، مؤكدًا أن الضربات حققت أهدافها بالكامل وأن "قدرات إيران النووية تم القضاء عليها".

طهران ترفض التراجع

في المقابل، أكدت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية اليوم الأحد تمسك طهران بمواصلة تطوير برنامجها النووي، رغم الهجمات، معتبرة أن هذا المشروع هو "صناعة وطنية لن يُسمح بوقفها"، بحسب تعبير البيان الرسمي للمنظمة. ونددت طهران بما وصفته بـ"العدوان الوحشي والمخالف للقانون الدولي"، متهمةً واشنطن وتل أبيب بانتهاك صريح لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).

وأكدت المنظمة أن مواقعها النووية تخضع للرقابة المستمرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرة إلى أن الهجمات تمّت في ظل "تجاهل بل وتواطؤ" من قبل بعض الأطراف الدولية.

طباعة شارك جوتيريش إيران إسرائيل أمريكا ترامب قصف إيران

مقالات مشابهة

  • بعد قصف “العُديِد” الأمريكية.. تخوفات من عدم تفعيل هدنة ترامب| وخبير استراتيجي: الهجوم معادلة جديدة حال عودة المفاوضات
  • محلل سياسي: النظام الإيراني ينتـ.حر سياسياً لأنه يدرك حجم القوة العسكرية الأمريكية
  • إيران أمام مفترق طرق.. 6 خيارات للرد على الهجوم الأمريكي ضد منشآتها النووية
  • بين السلام والمواجهة.. ما هي خيارات إيران للرد على الضربات الأمريكية؟
  • مسؤولون: نقلنا رسائل من واشنطن إلى طهران مفادها أن الهجمات الأمريكية قد انتهت والوقت قد حان للعودة إلى طاولة المفاوضات
  • تقارير: إيران نقلت معظم اليورانيوم عالي التخصيب من فوردو قبيل الضربة الأمريكية
  • إيران تطالب مجلس الأمن بعقد اجتماع طارئ بعد الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية
  • وزير خارجية إيران: الضربة الأمريكية ستكون لها عواقب وخيمة
  • ترامب ينشر لقطات من إشرافه شخصيًا على الضربة الأمريكية على إيران | شاهد
  • الأمين العام للأمم المتحدة يحذر من «تصعيد خطير» بعد الضربات الأمريكية على إيران