البلاد – رام الله
في مشهد متسارع لا يحمل سوى نُذر الكارثة، تتعرض غزة لعدوان مزدوج، لا يقتصر على قصف وتدمير ممنهج، بل يمتد إلى مخطط واضح لتقسيم جغرافي واستيطان مباشر على الأرض، بينما تغرق المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى في جمود قاتل، في ظل اشتراطات إسرائيلية تُقارب الشروط التعجيزية.

فقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن استمرار جيش الاحتلال في تنفيذ عمليات عسكرية عالية الكثافة داخل قطاع غزة، مستخدمًا معدات هندسية ضخمة لتجريف شوارع وتدمير أحياء بأكملها بطريقة ممنهجة.

وفي تطور لافت، أشار موقع “واللا” العبري إلى أن الجيش يستعد لإطلاق مناورة عسكرية كبرى تهدف إلى تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، عبر شريط يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ضمن خطة تمتد إلى إنشاء مراكز توزيع مساعدات غذائية تديرها شركات أمريكية مدنية، في خطوة تحمل أبعادًا سياسية خطيرة تهدف إلى تقويض سلطة حماس وإضعاف بنيتها الشعبية.
الخطة، التي وصفها الموقع بأنها من “أضخم العمليات العسكرية”، ستستلزم وفق المعلومات المنشورة، تجنيدًا واسعًا لقوات الاحتياط وتحريك وحدات نظامية من جبهات أخرى، لتأمين السيطرة على المناطق المستهدفة. حتى اللحظة، تسيطر القوات الإسرائيلية على ما يُقارب 40% من مساحة القطاع، بعدما نفذت نحو 1300 غارة وهجوم، وسيطرت على محاور رئيسية شمالًا وفي رفح جنوبًا، بما يشمل مناطق مكتظة مثل حي الدرج وحي التفاح.
وفي موازاة الاجتياح العسكري، تتقدم على الأرض حركة استيطانية إسرائيلية باتجاه قطاع غزة، لأول مرة منذ انسحاب 2005. فقد كشفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن نحو 30 عائلة إسرائيلية تعيش حاليًا في مواقع مؤقتة شرق القطاع، فيما سجّلت 800 عائلة أخرى أسماءها للانتقال إلى 6 مستوطنات محتملة داخل غزة، بدفع من حركة “ناحالا” الاستيطانية المتطرفة.
وقد نُظِّم احتفال رمزي بعيد الفصح اليهودي في خيام نُصبت قرب السياج الفاصل شرق غزة، تمامًا كما فعل المستوطنون سابقًا في الخليل عام 1968 وكيدوميم عام 1975، حين استغلوا الطقوس الدينية لبناء أمر واقع استيطاني دائم. اليوم، تقول أربيل زاك، إحدى أبرز قيادات “ناحالا”، إن نحو 80 بؤرة استيطانية أُنشئت في الضفة الغربية منذ بداية الحرب، وإن غزة ستكون “الجبهة التالية”.
في هذا السياق، افادت وسائل إعلام إسرائيلية، أن تل أبيب لن توقف الحرب على غزة قبل تحقيق أربعة شروط أساسية: إطلاق سراح جميع الأسرى، إنهاء حكم حماس، نزع سلاح غزة بالكامل، وإبعاد قادة الحركة إلى الخارج. وهي شروط رفضتها حماس بشدة، مؤكدة أن إطلاق الأسرى مرهون بوقف الحرب أولًا، وبصفقة شاملة تتضمن انسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة.
وسط هذه الوقائع المتسارعة، يبدو أن غزة لم تعد تواجه فقط آلة حرب تقليدية، بل مشروعًا متكاملًا لإعادة رسم خريطتها بالسلاح والمستوطنات والابتزاز السياسي، ما يجعل ما تبقى من القطاع على حافة التفكك الكامل والانهيار الجغرافي والديموغرافي في آن.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ثلاث منظمات أممية تدق ناقوس الخطر: اليمن يواجه أزمة غذائية خانقة

حذرت ثلاث منظمات أممية، من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة، في ظل تراجع التمويل وتواصل الانكماش الاقتصادي في البلاد.

وضع غذائي حرج يهدد نصف السكان

في بيان مشترك، أطلقت كل من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تحذيرًا من "الوضع الغذائي الحرج" في مناطق الشرعية.

 حيث يواجه ما يقرب من نصف السكان حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويكافحون من أجل تأمين وجبتهم التالية.

اليمن يوجّه ضربات استباقية لخلايا حوثية وإرهابية في عدن وتعز في اليمن.. العيد بين ألم الفُرقة وأمل الطريق المفتوح أرقام مقلقة وتزايد مطرد في أعداد الجوعى

حسب آخر تحديث للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن الفترة من مايو إلى أغسطس 2025، ستشهد معاناة نحو 4.95 مليون شخص من الجوع، بينهم 1.5 مليون في حالة طوارئ (المرحلة الرابعة)، وهي إحدى أخطر مراحل انعدام الأمن الغذائي.

وتمثل هذه الأرقام زيادة بـ370 ألف شخص مقارنة بالفترة السابقة من نوفمبر 2024 إلى فبراير 2025، ما يشير إلى تدهور مستمر وسريع في الأوضاع الإنسانية.

تحذيرات من تدهور قادم وغياب التمويل

المنظمات الثلاثة أوضحت أن الوضع مرشح لمزيد من التدهور، حيث من المتوقع أن يدخل 420 ألف شخص إضافي في دوامة انعدام الأمن الغذائي بين سبتمبر 2025 وفبراير 2026، ليبلغ العدد الإجمالي نحو 5.38 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان في مناطق الحكومة، في حال غياب التدخلات العاجلة والمستدامة.

أزمات مركبة تدفع نحو المجاعة

البيان أرجع هذا التصعيد الخطير إلى مجموعة من الأزمات المتداخلة، من أبرزها:

الحرب الحوثية المستمرة

الانكماش الاقتصادي

انخفاض قيمة العملة الوطنية (الريال اليمني)

الظواهر المناخية القاسية

وأشار البيان إلى أن هذه العوامل أدت إلى زيادة أسعار السلع الأساسية، وتدهور القدرة الشرائية للسكان، ما أدى إلى تفاقم معاناة ملايين الأسر، خاصة في المناطق الريفية والنائية.

أخطار زراعية وبيئية تلوح في الأفق

توقعت المنظمات أن تسهم الفيضانات المحتملة، وتأخر موسم الزراعة، وانتشار أمراض النبات والثروة الحيوانية، وعلى رأسها الجراد الصحراوي، في زيادة الضغط على الوضع الغذائي في البلاد، الذي يعاني أصلًا من هشاشة هيكلية عميقة.

الفئات الأشد تضررًا: النساء والأطفال والنازحون

البيان أوضح أن الأزمة تؤثر بشكل خاص على:

2.4 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد

1.5 مليون امرأة حامل ومرضعة معرضات للخطر

النازحون داخليًا والأسر ذات الدخل المحدود، الذين يعانون من تراجع حاد في القدرة على التكيف ومحدودية فرص كسب العيش.

دعوات عاجلة لتفادي كارثة إنسانية

في ختام البيان، دعت المنظمات الأممية الثلاث إلى توفير تمويل عاجل ومستدام، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية ودعم سبل العيش، وضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتوليد فرص اقتصادية، لمنع المجتمعات المتضررة من الانزلاق إلى مستوى أعمق من انعدام الأمن الغذائي.ي بصري؟

أزمة اقتصادية خانقة تظلل عيد الأضحى في اليمن: الأضاحي والملابس خارج قدرة المواطنين تساؤلات مشروعة.. العقيد وضاح الدبيش يوضح لـ "الفجر"..هل كان الحوثي يجهل تبعات استهداف السفن الأمريكية؟

مقالات مشابهة

  • مقتل 7 جنود إسرائيليين في غزة يزيد الضغط على نتنياهو
  • كمين خانيونس بعيون إسرائيلية.. يعيدنا لمعضلة حرب غزة
  • حماس: الاتصالات مع الوسطاء تكثفت خلال الساعات الأخيرة
  • حماس: محادثات وقف إطلاق النار في غزة تكثفت خلال الساعات الأخيرة
  • ثلاث منظمات أممية تدق ناقوس الخطر: اليمن يواجه أزمة غذائية خانقة
  • 21 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم
  • هدنة بين إيران وإسرائيل.. أين مجازر غزة من حسابات ترامب؟
  • ‏زعيم المعارضة في إسرائيل يدعو إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة
  • "التربية" تُصدر بيانا مُحدّثا عمّا حل بقطاع التعليم في غزة جرّاء الحرب
  • رطوبة خانقة وملاحة مضطربة.. طقس الاثنين يدق ناقوس الخطر