أمل جديد.. انطلاق برنامج سعودي لجراحة قلب الأطفال بعدن
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
شمسان بوست / خاص:
بدأت في مستشفى الأمير محمد بن سلمان بالعاصمة عدن مرحلة جديدة من البرنامج الطبي التطوعي المتخصص في جراحة قلب الأطفال، والذي ينفذه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالتعاون مع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وبمشاركة طواقم طبية سعودية ذات خبرة عالية.
ويأتي هذا البرنامج ضمن سلسلة من المبادرات الطبية التطوعية التي تستهدف تحسين الواقع الصحي في اليمن، حيث يشمل تخصصات متعددة مثل جراحة القلب المفتوح، قسطرة القلب، جراحة الأعصاب، جراحة العظام، جراحة التجميل والحروق والتشوهات، وجراحة المسالك البولية، إلى جانب مشروع العيادات التخصصية الذي يهدف إلى توفير الرعاية الصحية في عدد من المجالات الحيوية.
ويسعى البرنامج إلى تلبية الاحتياجات الطبية الملحة وتقديم خدمات علاجية نوعية للأطفال من مختلف المحافظات اليمنية، مساهمًا بذلك في تخفيف المعاناة الإنسانية وتحسين جودة الحياة للمرضى وذويهم.
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
بين صمت العالم وموت الأطفال.. اليمن يقترب من المجاعة الكاملة
في أحد مخيمات النزوح بمحافظة حجة شمال غرب اليمن، فارقت الطفلة أشواق علي حسن مهاب (7 أعوام) الحياة، بعدما أنهكها الجوع، في مشهد مؤلم يلخص حجم المأساة الإنسانية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
توفيت أشواق يوم أمس، بعد معاناة طويلة من نقص الغذاء، إذ لم تجد أسرتها ما تطعمها به سوى القليل من الماء وفتات الطعام الذي كان يُتبرع به من الجيران بين الحين والآخر، وسط غياب تام للمساعدات الإنسانية.
وفاة الطفلة ليست سوى نموذج مؤلم من واقع قاتم يواجهه ملايين اليمنيين في ظل استمرار الحرب، وانهيار الاقتصاد، وتراجع المساعدات الدولية، وتحول مخيمات النزوح إلى بؤر للجوع والمرض واليأس.
وأكدت مصادر محلية أن الوضع في مديرية عبس ومناطق نزوح أخرى بمحافظة حجة، أصبح كارثيًا بكل المقاييس، مع تزايد عدد الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وسط غياب شبه كامل للمواد الغذائية الأساسية، وندرة في المياه الصالحة للشرب، ما يجعل الأطفال، والنساء بشكل خاص، أكثر عرضة للموت البطيء.
المجاعة تطرق أبواب اليمن
وتأتي هذه المأساة في وقت أطلق فيه الاتحاد الأوروبي تحذيرًا صريحًا من خطر مجاعة حقيقي يتهدد اليمن، داعيًا إلى تحرك عاجل لإنقاذ الملايين من السكان الذين يواجهون الموت جوعًا. وقال الاتحاد في بيانه: "الوضع الإنساني في اليمن بلغ مستويات غير مسبوقة من التدهور، وهناك حاجة ماسة لزيادة الدعم الإنساني وضمان وصوله للمحتاجين دون عوائق".
وتشير تقارير منظمات إنسانية إلى أن أكثر من 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم قرابة 2.4 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، في ظل غياب تدخلات عاجلة، وتراجع كبير في تمويل العمليات الإغاثية.
وأطلق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيرًا من أن اليمن يعيش ثالث أسوأ أزمة أمن غذائي في العالم، بعد غزة والسودان، متوقعًا أن يواجه أكثر من 18 مليون يمني – أي ما يزيد على نصف السكان – انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي بحلول سبتمبر 2025، فيما يواجه نحو 41 ألف شخص خطر المجاعة الفعلية، وهي أسوأ التقديرات منذ عام 2022.
وأظهرت بيانات البرنامج أن 66% من الأسر اليمنية لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية خلال شهر مايو، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله للاستهلاك الغذائي غير الكافي منذ بدء رصده. كما ارتفع معدل انتشار الحرمان الغذائي الشديد إلى 39%، مع تجاوز جميع المحافظات اليمنية عتبة “مرتفع جدًا”، حيث جاءت الضالع، الجوف، عمران، لحج، وحجة على رأس المناطق الأكثر تضررًا.
الأطفال يصارعون الموت جوعًا
في سياق متصل، حذّرت منظمة "أطباء بلا حدود" من تفاقم أزمة سوء التغذية الحاد، وأكدت أن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت نتيجة غياب الغذاء والرعاية الصحية. وقالت في بيان لها إن فرقها عالجت 3,767 طفلًا يعانون من مضاعفات خطيرة مرتبطة بسوء التغذية خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 فقط، معظمهم في الحديدة وحجة وتعز.
وأشارت المنظمة إلى أن العديد من الأطفال يصلون إلى مراكز العلاج وهم في مراحل متأخرة جدًا، ما يزيد من صعوبة إنقاذهم، مضيفة أن نقص التمويل الدولي تسبب في تقليص البرامج الغذائية والصحية، وحرمان الكثير من الفئات الأشد ضعفًا من المساعدة.
وأكد البيان أن سوء التغذية لا يقتصر على نقص الطعام فحسب، بل يترافق مع مضاعفات طبية خطيرة مثل الجفاف، فقر الدم، وضعف المناعة، والالتهابات التي تجعل الأطفال عرضة للوفاة السريعة ما لم يتلقوا تدخلًا طبيًا عاجلًا.
وأطلقت المنظمة نداءً إنسانيًا عاجلًا، طالبت فيه الجهات المانحة والمجتمع الدولي بـتوفير تمويل طارئ لدعم البرامج الصحية والتغذوية، وتسهيل وصول المساعدات بعيدًا عن أي عراقيل سياسية أو عسكرية، إضافة إلى إعادة تفعيل برامج الرعاية الصحية الأولية في المناطق النائية، وزيادة عدد مراكز التغذية العلاجية وتدريب الكوادر المحلية.
دعم دولي خجول لا يواكب حجم الكارثة
وفي خضم الأزمة المتفاقمة، يمثل ضعف التمويل الإنساني أحد أبرز العوامل التي فاقمت معاناة ملايين اليمنيين، وتسبّبت في إغلاق عدد كبير من البرامج الإغاثية الحيوية. وأدى هذا التراجع الحاد في التمويل إلى انسحاب العديد من المنظمات الدولية أو تقليص أنشطتها بشكل كبير، ما ترك فجوة هائلة في الاستجابة الإنسانية في بلد يعيش واحدة من أسوأ الكوارث الغذائية في العالم.
وكان برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، قد أعلن قبل أيام إيقاف صرف المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، بسبب نقص التمويل، مشيراً إلى أن قراره يأتي في ظل عجزه عن تأمين الحد الأدنى من الموارد لتغطية الاحتياجات الأساسية. ويعد هذا التوقف أحدث مؤشر على تفاقم أزمة الدعم الدولي، التي باتت تهدد حياة الملايين، خصوصاً في المناطق التي تعتمد بشكل شبه كلي على المعونات الغذائية.
في ظل التدهور المستمر، أعلنت حكومة اليابان هذا الأسبوع عن تقديم مليوني دولار لدعم برنامج الأغذية العالمي في اليمن، حيث ستُستخدم هذه المساهمة لتوفير الزيت النباتي لـ700 ألف شخص ضمن الحصص الغذائية، في محاولة للحد من التدهور الغذائي المتسارع.
وقال عبد الله الوردات، مدير قسم الشراكات في برنامج الأغذية العالمي: "نواجه في اليمن احتياجات إنسانية غير مسبوقة... العائلات تعجز عن توفير الطعام، بينما قدراتنا التمويلية تتناقص".
وأكد سفير اليابان لدى اليمن، يوئيتشي ناكاشيما، أن بلاده تقف إلى جانب الشعب اليمني في هذه المحنة، مشيرًا إلى أن الصراع المستمر وتدهور الاقتصاد تسببا في أوضاع إنسانية وأمنية كارثية، تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا.
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذا الانكماش في التمويل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية مفتوحة، خاصة في ظل غياب أي حلول جذرية أو ملامح واضحة لوقف الحرب والانهيار الاقتصادي، مؤكدين أن الوقت ينفد لإنقاذ الأرواح التي تتساقط بصمت بسبب الجوع وسوء التغذية والإهمال الدولي المتزايد.
أسباب متشابكة للجوع المتفاقم
يعود انعدام الأمن الغذائي في اليمن إلى عدة عوامل مترابطة، من بينها تدهور الاقتصاد المحلي، وانخفاض التمويل الإنساني، وغياب سبل العيش المستدامة، وغياب هطول الأمطار بشكل كافٍ، إضافة إلى استمرار الحرب التي فاقمت معاناة الملايين، وعطّلت الزراعة والتجارة والبنية التحتية الأساسية.
وقال الناشط الحقوقي ماجد العصري في حجة أن قصة أشواق ليست استثناءً، بل هي شاهد جديد على انهيار النظام الإنساني في اليمن. مضيفًا أن وفاة طفلة بسبب الجوع في بلدٍ كان يُعرف بـ"اليمن السعيد" كافية لتقرع ناقوس الخطر، وتضع العالم أمام مسؤوليته الأخلاقية تجاه أزمة إنسانية تُعد من الأسوأ عالميًا في العصر الحديث.
وأضاف أن المجاعة لم تعد خطرًا محتملاً بل واقعًا مرًا، ووفاة الطفلة أشواق ليست مجرد خبر عابر، بل صفعة على ضمير العالم الغارق في حساباته السياسية. وأكد إن استمرار تجاهل هذه الأزمة يفتح الباب على مصراعيه لمجاعة جماعية قد تبتلع أرواحًا بريئة أكثر كل يوم. لافتًا إلى أن الجوع في اليمن ليس عارضًا مؤقتًا، بل أزمة ممنهجة تتفاقم بصمت، وتستدعي استجابة إنسانية طارئة وشاملة، قبل أن يفوت الأوان.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه معاناة السكان، يواصل النزاع السياسي والعسكري تعميق الأزمة الإنسانية، إذ تعرقل ميليشيا الحوثي عمل المنظمات الإغاثية في مناطق سيطرتها، وتصادر المساعدات أو تعيد توجيهها وفقًا لمصالحها، ما يجعل وصول الغذاء إلى المخيمات ومناطق النزوح تحديًا يوميًا يهدد أرواح الأبرياء.