شددت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على أن الصمت كان رد فعل البابا فرانسيس على أحدث الانتكاسات في العالم، حيث رأى في السنوات الأخيرة انهيارا للعالم الذي كان يدعو إليه باستمرار، وهو "عالم يهتم بالمهاجرين، ويصون صحة الكوكب، ويحمي حقوق الإنسان". 

قال رئيس الأساقفة بول غالاغر، وزير خارجية الفاتيكان وأحد مساعدي البابا المقربين، إن البابا فرانسيس كان عندما  يشعر "بخيبة أمل من بعض الخيارات السياسية التي تتخذها الحكومات.

يتملّكه الصمت". 

وعلقت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "هذا الصمت أصبح اليوم دائما"، مشيرة إلى أن "وفاة البابا فرانسيس صباح الاثنين حرمت العالم من مدافع دؤوب عن المظلومين".

ولفتت الصحيفة إلى أنه "مع تزايد عمليات الترحيل الجماعي، وتوسع الاستبداد، وانقلاب التحالفات التي حكمت حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية رأسا على عقب، يتضح أن فرانسيس قد ترك وراءه عالما مختلفا تماما عن العالم الذي انضم إليه كبابا عام 2013".


وأوضحت أنه "عندما خطا خطواته الأولى على شرفة كاتدرائية القديس بطرس، انضم فرانسيس إلى منصة عالمية زاخرة بالقادة، بمن فيهم الرئيس باراك أوباما في الولايات المتحدة والمستشارة أنغيلا ميركل في ألمانيا، الذين شاركوه آراؤه على نطاق واسع. بعد اثني عشر عاما، سيحضر جنازة البابا جيل جديد من القادة الذين لا تتوافق سياساتهم مع سياساته بشكل وثيق، بمن فيهم الرئيس ترامب والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي". 

ولفت التقرير إلى أنه "مع رحيل القادة التقدميين على التوالي عن الساحة العالمية، أصبح فرانسيس صوتا وحيدا بشكل متزايد في عالم يبدو أنه أصبح متردد بشأن العديد من أولوياته. والآن بعد رحيله، لا يوجد بديل واضح لملء الفراغ". 

شدد رئيس الأساقفة غالاغر، الذي التقى نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في الفاتيكان، السبت، على مخاوف الفاتيكان بشأن المهاجرين واللاجئين: "صوته غائب بالتأكيد".

وأضاف: "أدرك الناس فجأة أهمية ذلك الصوت، وكانوا يصغون إليه. لقد كان من المرجعيات القليلة جدا التي يمتلكها الناس في العالم. هناك اضطراب عالمي جديد في طور التكوين". 

لم يقتصر حديث فرانسيس على دعم من اعتبرهم ضعفاء، بل استخدم منصته الواسعة كزعيم روحي لما يُقدر بـ 1.3 مليار كاثوليكي للرد على قادة العالم الذين اتهمهم هو وأنصاره بشيطنة المهاجرين والفقراء والمهمشين لتحقيق مكاسب سياسية، بحسب الصحيفة.

وأوضح التقرير أن "فرانسيس ناشد، خلال بابويته، القادة وانتقدهم في الوقت نفسه بسبب سياسات قال إنها تسببت في معاناة الناس العاديين، الذين وقعوا في فخ السعي الوحشي للآخرين وراء النفوذ الجيوسياسي والمالي. لقد كانت رسالة صمدت حتى النهاية". 


قبل أن يمرض فرانسيس في شباط / فبراير، انتقد سياسة الترحيل الجماعي التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرا في رسالة إلى الأساقفة الأمريكيين من أن "ما يُبنى على القوة، لا على حقيقة الكرامة المتساوية لكل إنسان، يبدأ بداية سيئة وينتهي نهاية سيئة".

في آخر ظهور علني له، خلال خطاب عيد الفصح من شرفة كاتدرائية القديس بطرس يوم الأحد، افتقر البابا فرانسيس إلى القوة للتحدث، لكن أحد الأساقفة كرّر مخاوفه بشأن المهاجرين وضحايا العنف والصراع في جميع أنحاء العالم، وتنامي مناخ معاداة السامية. 

لكن تحذيرات البابا فرانسيس غالبا ما تُهمل، وفقا للتقرير.

ونقلت الصحيفة عن الكاردينال مايكل تشيرني، أحد المساعدين المقربين للبابا فرانسيس والذي يُنسب إليه على نطاق واسع كتابة بعض أهم وثائقه، بما في ذلك تلك المتعلقة بموضوع البيئة، قوله إن البابا فرانسيس قدّم "صوتا نبويا"، مع أنه أشار إلى أنه غالبا ما "لقي استحسانا أكثر من اتباعه" على الساحة العالمية.

وأضاف أنه في حين حظي القادة الأكثر ليبرالية، بمن فيهم الرئيس أوباما، بفرصة التقاط صورة، إلا أنهم في النهاية اتبعوا سياسات كانت أحيانا تتعارض بشكل مباشر مع ما بشّر به البابا فرانسيس. 

خلال بابويته، التي بدأت بزياراته لمخيمات المهاجرين في جنوب إيطاليا، أصبحت أوروبا مترددة بشكل متزايد في قبول المهاجرين، وتصاعدت الأحزاب القومية - التي تتغذى على الإحباط الاقتصادي والسياسات الشعبوية وكراهية الناخبين للأجانب - بشكل متزايد، وفقا للتقرير.

حذر فرانسيس مرارا وتكرارا من عودة الاستبداد، وميل القومية إلى إعادة تقديم أهوال التاريخ. وبحلول نهاية بابويته، حققت الأحزاب اليمينية انتصارات كبيرة في جميع أنحاء أوروبا، وعاد الرئيس ترامب، الذي شكك فرانسيس في مسيحيته ذات مرة، إلى السلطة. 

لكن الكاردينال تشيرني قال إن فرانسيس لم يكن مدفوعا أبدا بالرغبة في إقامة تحالفات بين القادة، بل بالتطلع إلى العالم والتحدث بصوت عال نيابة عن المستضعفين. 

وأضاف تشيرني، بحسب التقرير، "إنه لأمر غير عادي حقا، أن يكون لديك هذا الشعور بالواقع الذي يمكن للآخرين الاعتماد عليه". وقال إن موهبة البابا الاستثنائية في التعاطف، وتواصله مع الناس العاديين الذين شعروا بأنه يهتم بمصالحهم، أمرٌ "من غير المرجح أن يمتلكه خليفته". 

ونقلت الصحيفة عن الكاردينال أندرس أربوريليوس من السويد، قوله إن التحول في السياسة العالمية جعل صوت فرانسيس ورسالته "أكثر أهمية"، موضحا أنه يأمل أن يكون فرانسيس "قد ساعد الكنيسة على إدراك ضرورة استمرارها في كونها صوت من لا صوت لهم".

وقال الكاردينال أربوريليوس إنه حتى وإن كان من واجب الكنيسة الدفاع عن الضعفاء، "فقد يكون من الأكثر صعوبة القيام بذلك في المستقبل". 

بعد ساعات من إعلان الفاتيكان عن وفاة البابا يوم الاثنين، بدأ هذا الشعور بالفراغ يلوح في أذهان أولئك الذين شاركوا البابا مخاوفه، وفقا للتقرير.

وقال بينو كابورالي، 64 عاما، الذي يدير مطبخا خيريا في روما: "لقد فقد الأقل حظا بيننا صوتهم". وكان قد جاء، برفقة مهاجر التقى به في المطبخ، إلى ساحة القديس بطرس بعد إعلان وفاة فرانسيس صباح الاثنين.

وأضاف كابورالي "كان البابا فرانسيس بابا الفقراء والمهاجرين والمسجونين"، لافتا إلى أن وفاته "ستترك فراغا هائلا". واعتبر أنه مع قادة العالم الذين "يزرعون الانقسامات، كان فرانسيس وحيدا في وجه الجميع". 


من جهتها، وصفت آمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، فرانسيس بأنه "منارة للوضوح الأخلاقي، وصوت لا يتزعزع لحقوق المهاجرين وضحايا الظلم". وأضافت أن "إرثه من التعاطف والكرامة الإنسانية يجب أن يظل مصدر إلهام للعالم". 

وأعرب أنتوني سيمباتيا، 38 عاما، وهو باحث من أوغندا، خلال رحلة أخيرة إلى الفاتيكان عن قلقه من أن العالم سينسى المهاجرين الذين يموتون وهم يعبرون البحر الأبيض المتوسط للوصول إلى أوروبا بدون فرانسيس. وقال: "لن يدافع عنهم أحد". 

لكن رئيس الأساقفة غالاغر قال، وفقا للتقرير، إنه لم يخطئ في تفسير صمت البابا بعد أن أعلن ما وصفه بـ"الأخبار السيئة" على أنه اكتئاب، موضحا أن البابا فرانسيس والكنيسة تقبّلوا النكسات بصدر رحب، تذكيرا بـ"ضآلة حجمنا ومحدوديتنا". 

وأضاف أن "البابا فرانسيس نظر إلى النكسات بتفاؤل، كما فعل في كل شيء آخر، باعتبارها لحظات تاريخية". وقال رئيس الأساقفة غالاغر "حسنا، هكذا تسير الأمور حاليا. علينا فقط أن نواصل العمل ونواصل الاجتهاد، ونأمل أن نعيد بناء شيء ما من أنقاض ما يجري".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الفاتيكان أوروبا أوروبا الفاتيكان البابا فرنسيس المهاجرون سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البابا فرانسیس رئیس الأساقفة إلى أن

إقرأ أيضاً:

في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر

تعكس السينما الكورية الجنوبية التناقضات الطبقية، والعزلة الاجتماعية، مستخدمةً الرمزية السردية والبصرية لنقد الظلم المتجذر في بنية المجتمع. وتكشف أفلام مثل "طفيلي" 2019 (Parasite)، و"احتراق" 2018 (Burning) عن خرافة الترقي الاجتماعي، كما ترصد الأثر النفسي للضغوط الاقتصادية، وذلك من خلال سرد يمزج بين الميلودراما والكوميديا والأكشن. وتصور الأفلام القادمة من جنوب الجزيرة الكورية الحياة اليومية بعد أن تحولت إلى ساحة معركة تحدد الرأسمالية ملامحها وقواعدها، وتنهار خلالها الأحلام بين جدران خرسانية وآمال ضائعة.

ويأتي فيلم "عبر الجدران" (Wall to Wall)، الذي يعرض حاليا على شاشة منصة نتفليكس، لينضم إلى قائمة أفلام تشبه الصرخات المتوالية، وتتشابه في قضاياها، لكنها تختلف في حكاياتها، إذ تلتقط سكان الهامش غير المرئيين، لتقدمهم بعدسة إنسانية.

العمل يقدّم  رعبا وجوديا يُختزل في ضحكة يائسة وسط فراغ، حيث يتحوّل النجاح إلى عبء (روتن توماتوز)رحلة الصعود إلى الهاوية

تدور أحداث "عبر الجدران" حول الشاب الكوري ذي الأصول الريفية ووسونغ، والذي يحقق أخيرا ما يعتقد أنه علامة فارقة في نجاح الطبقة المتوسطة، حين يتمكن من امتلاك شقة بمساحة 84 مترا مربعا في مجمع سكني حديث الإنشاء في سيول، لكنه يلجأ -في سبيل ذلك- إلى قروض ضخمة، ويبيع مزرعة الثوم التي تملكها والدته، ويستنفذ مدخراته.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"عالم الديناصورات: إحياء"… حين تصبح العودة إلى الماضي موتًا لسلسلة سينمائيةlist 2 of 2"الشيطان يرتدي برادا 2" عودة الثلاثي الذهبي بقصة تعكس تحولات الموضة والإعلامend of list

يفرح وو سونغ بحياته الجديدة، لكن سرعان ما يبدأ ضجيج متواصل غير محدد المصدر في إزعاجه، ويلجأ للشكوى، فينكر الجيران الضجيج ويعاملونه بشك. ومع تدهور حالته النفسية، تتدهور حالته المالية أيضا، وتنهار قيمة الشقة، وكذلك استثماراته في العملات المشفرة، ويصبح عاطلا عن العمل ويائسا. يلتقي جين-هو، جاره الصحفي ويُحققان فيما قد يكون مخطط احتيال عقاري أكبر يشمل مسؤولين حكوميين ومستثمري بناء.

إعلان

يكتشف المشاهد أن أون-هوا، رئيسة جمعية السكان والمدعية العامة السابقة، تشتري الشقق تحسبا لمشروع سكة حديد حكومي من شأنه أن يرفع قيمة شقق العقار. وتُمثّل أون-هوا النخبة التي تستغل أزمة المبنى لتحقيق الربح. أما وو سونغ، العالق بين جنون العظمة والحقيقة، فيزداد اضطرابا. مع تصاعد التوتر، تندلع مواجهة عنيفة. ينهار فهم وو-سونغ الهش للواقع، ويصبح الضجيج رمزا لنظام مُصمّم لسحقه. وفي ذروة الفيلم المتفجرة، يعكس الدمار المادي الانهيار الداخلي للبطل، ومجازيا، الحلم الذي آمن به يوما ما.

طفيلي آخر

يشبه فيلم "عبر الجدران" في تناوله لتلك التناقضات الفيلم الأيقوني "الطفيلي"، الذي يمثل قمة النجاح للسينما الكورية عالميا بحصوله على أوسكار أفضل فيلم عام 2020. كلا العملين ينتقد وهم الحراك الاجتماعي في ظل الرأسمالية، باستخدام المساحات الضيقة لتعكس الانقسامات الطبقية والضغط النفسي. ويقدم "الطفيلي" التراتب الطبقي الرأسي من خلال التباين المعماري بين قصر ثري وقبو تحت الأرض يستخدم كمأوى سكني، في حين يحاصر فيلم "عبر الجدران" بطله داخل الجدران الأربعة في شقة مساحتها 84 مترا مربعا، يعتبرها المجتمع رمزا مفترضا للنجاح لكنها تتحول إلى قفص خانق. وفي الفيلمين، يصبح المنزل ساحة معركة تغطيها الدماء، ويصبح المكان سجنا حقيقيا ويبلى الحلم تحت وطأة الديون المتزايدة والضوضاء.

وتدور كلتا القصتين حول عائلات أو أفراد في أدنى درجات المجتمع، يطمحون بشدة إلى الاستقرار، ليجدوا أن النظام يستغل جهودهم ويلتهمهم في النهاية. ويمزج كل فيلم الواقعية بالرعب والسخرية، مستخدما التشويق ورهاب الأماكن المغلقة والتصميم البصري الغني بالاستعارات لتعميق التأثير العاطفي والسياسي. وفي حين يتناول فيلم "الطفيلي" الاعتماد الكامل لطبقة على أخرى في عيشها، فإن "عبر الجدران" يبين كيف تنهار أوهام الطبقة المتوسطة من الداخل، ويُقدم الفيلمان صورة واضحة للظلم المعاصر، تتداخل فيها آلة الطموح مع عوامل اليأس.

فوضى المشاعر وانضباط الأداء

يكشف النصف الأول من "عبر الجدران" باعتباره فيلم إثارة نفسية بامتياز، إذ تُضخّم كل إشارة بصرية وسمعية العزلة والتوتر الطبقي، لكن في منتصفه، يتحوّل السرد إلى مؤامرة أوسع نطاقا من العنف السياسي والمالي، تُتوّج بانفجار. وقد يبدو هذا التحول مزعجا، لكنه يعكس حقيقة أعمق تكمن في الأنظمة الرأسمالية.

ويعكس مسار الفيلم الانقسام الطبقي في المجتمع الكوري الحديث، إذ تسيطر نخبة صغيرة على معظم الممتلكات، بينما يظل الكثيرون "فقراء المساكن"، وتستنزف تكاليف السكن دخلهم. ويُظهر فشل وو سونغ النهائي كيف تبيع الرأسمالية سبل الهروب من الديون بديون أخرى.

ولا يصور فيلم "عبر الجدران" الصراع الطبقي الخارجي فحسب، بل يُسلّط الضوء على الآثار الداخلية للخداع الرأسمالي. وتتحول الشقة، التي كانت محط رغبة ومكانة اجتماعية، إلى "كابوس" مع اجتماع كارثتي الضجيج مجهول المصدر والخراب المالي.

ورغم أن "الضجيج" الذي يشكو منه البطل حقيقي، لكنه مجازي في الوقت ذاته، وهي فكرة مبدعة تحسب للمخرج والسيناريست كيم تاي جون الذي يشير إلى فشل الوعود الرأسمالية.

Just finished watching #WallToWall in Netflix and woah, that movie feels so weird but at the same time, you can relate to woo sung. I really hoped tho that he was able to sell those crypto coin in the right time ????pic.twitter.com/oBrqliZrto

— airenwizdive ???? (@lsg_airen13) July 25, 2025

إعلان

واستطاع المخرج أيضا أن يحول شقة سكنية إلى نظام بيئي خانق للبطل والمشاهد معا، عبر تعزيز الإضاءة الباردة والظلال المُزخرفة بأنماط البارات والطابع المعماري القمعي للمبنى. وقد لعبت هذه العناصر البصرية مع "الضوضاء" دورا حاسما كما لو كانت جميعها أسلحة في حرب وحشية ضد الشاب المسكين بعد تورطه في منظومة تضم في بنيتها أسلحة صممت لتدميره واستنزافه حتى آخر قطرة دم.

وينبثق رعب الفيلم من ضبط النفس. لا مؤثرات خاصة مبهرة، وإنما مجرد تأطير دقيق، وإضاءة إبداعية، وفترات صمت ممتدة بما يكفي لإثارة الرعب. ممرات الشقة الخافتة، ومصابيحها المتذبذبة، وقضبانها المظللة تُعزز الانهيار النفسي للبطل.

ولعل الأداء الذي قدمه فريق الممثلين هو العنصر الأقوى في العمل، والأكثر جذبا للمشاهد، وقد يتميز الأبطال بالتحولات العنيفة التي تمكنهم من استعراض قدراتهم، لكن مستوى الأداء لدى الجميع يكاد يكون متساويا، وقد استطاع الممثل الكوري الجنوبي كانغ هانيول أن يقدم أداء قويا جسديا وعاطفيا في دور وو سونغ، وبلغ ذروة الأداء في تحوله من مالك منزل متفائل إلى عامل توصيل قلق من خلال التعرق والارتعاش والتحقق القهري من مخططات العملات المشفرة، بينما تعكس كل إيماءة جسدا منهكا من التوتر. وتقدم الممثلة يوم هي ران في دور أون هوا انعكاسا مرعبا لتواطؤ الطبقة تحت مظهرها الهادئ الذي يخفي طموحا لا يرحم؛ إنها "المدعية العامة السابقة" التي تحولت لامتلاك الأصول، فبدأت بجمع الشقق للاستفادة من مشروع خط سكة حديد، ورأت المستأجرين مجرد "حثالة".

ويؤدي الممثل سيو هيون في دور جين هو، شخصية الجار الموشوم في الطابق العلوي والمتنكر في زي حليف، دور صحفي شبه مهووس، ورغم أنه يبحث عن الحقيقة إلا أن قصصه الملفقة تُوقع وو سونغ في فخ العنف والخيانة، ليُصبح الصحفي رمزا لاستغلال "المُبلغين عن المخالفات"، ويتحول إلى ممثل آخر لطبقة حاكمة تستغل المظلومين لتحقيق انتقامها الخاص.

يقدم العمل رعبا وجوديا، إذ يصبح النجاح بلا معنى عندما تُفرض ضريبة على الفرح وتدفع بعملة اسمها الضوضاء والديون والاغتراب الاجتماعي، وتُجسّد ضحكة وو سونغ الأخيرة في شقته الفارغة، ردا على ضجيج لا ينبغي أن يوجد، اليأس المطلق، لنتأكد أن الفساد ينتصر بالانهيار الصامت للمقاومين.

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: 5 تكتلات تتشكل في نيويورك لهزيمة ممداني
  • في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
  • خبير إيطالي: كرة القدم في المغرب “محرك حقيقي” للتنمية
  • لمناقشة أمور الخدمة.. البابا تواضروس يستقبل عددًا من الآباء الأساقفة | صور
  • وفاة بطلة العالم في الملاكمة
  • فايننشال تايمز: العالم يخذل الشعب الفلسطيني.. والعار سيطارد الدول الغربية لسنوات طويلة قادمة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 30 فلسطينيا من الضفة الغربية
  • نيويورك تايمز: ناشطون إسرائيليون يعتبرون الانتقام من غزة جريمة
  • ساعات دامية حول العالم.. كوارث متزامنة تضرب دولاً من أربع قارات
  • ناشطو حنظلة يضربون عن الطعام ويرفضون التوقيع للإفراج عنهم