في لحظة تختلط فيها الدماء بالدعاء وتتعانق فيها الأرض مع السماء وقف اللواء الركن ياسر قائد فرقة نيالا وقفةً تُكتب بماء الذهب في سفر المجد السوداني. لم يكن عاديًا لم يكن كبقية القادة، بل كان واحدًا من أولئك الذين يُشبهون الوطن: صلبًا، نبيلاً لا يُهزم!

في معركة الكرامة، حيث ارتجّت الأرض تحت وقع المدافع، وتطايرت الأرواح فوق أكفّ البنادق، انحنى القائد، لا تواضعًا فحسب بل استعدادًا للفداء.

حمل معوله وحفر قبره بيده وكأنه يقول للموت: “تعالَ فأنا لا أهابك ما دام في عروقي دمٌ سوداني حرٌّ وما دام تراب نيالا يناديني.”
لم تكن تلك مجرّد لحظة درامية بل كانت رسالة…

رسالة لكل جبانٍ خان ولكل متخاذلٍ فرّ ولكل طامعٍ في وطنٍ لم يزل يصنع القادة من طين العزة ونار الرجولة.

اللواء ياسر فضل قائد نيالا لم يكن قائدًا يختبئ خلف خطوط النار بل فارسًا في الميدان ودرعًا لصدر جنوده وقسمًا حيًا أمام علم السودان. استشهد في الميدان كما يُستشهد القادة الذين لا يعرفون غير خط الجبهة مقراً ولا يعتبرون الحياة حياةً إن لم تكن كريمة حُرّة مُطهرة من الذل.
يا أبناء السودان…
يا من تعرفون تمامًا معنى أن يُكتب التاريخ بالدم لا بالحبر…

تعلّموا من هذا القائد أن الجندية ليست رتبة بل عهدٌ تُسقى جذوره بالولاء وتُروى أغصانه بالصبر وتُزهر فروعه بالبطولة.
هذا هو جيشكم القوات المسلحة السودانية…
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه لا يفرّون من الميدان، بل إليه
لا ينتظرون وسامًا بل يصنعونه بالرصاص والعرق والموت المُشرف.
فإن كنتم تبحثون عن المثل الأعلى فانظروا إلى تراب نيالا حيث دُفن قائدها وبطلها
وإن سألتم عن معنى الشجاعة فافتحوا كتاب الوطن على صفحة اللواء ياسر فضل
وإن أردتم أن تُبعث فيكم الروح فاذكروا معركة الكرامة، فإن فيها ما يكفي ليحيي جيلاً بأكمله
المجد للشهداء… النصر للقضية… والخلود للأبطال.

نصر من الله وفتح قريب
????️ نقيب /
محمد عبدالرحمن هاشم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أحمد ياسر يكتب: مصر.. التاريخ والعنوان

في خضمّ التعليقات الصاخبة المحيطة بالحرب المدمرة في غزة، ترسخت رواية ساخرة ومُستمرة.. رواية تسعى إلى تصوير مصر كطرف سلبي، أو حتى متواطئ، في معاناة الشعب الفلسطيني.

هذه الإدعاءات الخبيثة، التي تنتشر بسرعة التضليل الإعلامي، ليست تشويهًا عميقًا للحقيقة فحسب، بل هي إهانة لأمة تحملت، تاريخيًا وحاضرًا، أثقل أعباء القضية الفلسطينية… إن المراجعة الموضوعية للحقائق ليست ضرورية فحسب، بل تُعدّ أيضًا دحضًا قاطعًا لهذه الحملة من التضليل الإعلامي.

(أولا)يتمحور أكثر هذه الادعاءات خبثًا حول معبر رفح الحدودي، الذي يُصوّر بشكل غير نزيه على أنه دليل على "حصار" مصري، هذه الإدعاء مُفلس فكريًا… فمعبر رفح هو حدود دولية بين دولتين ذات سيادة، (مصر وفلسطين) ، تحكمها اتفاقيات دولية واعتبارات أمنية وطنية عميقة، لا سيما في ظلّ معركة مصر الطويلة والمكلفة مع الإرهاب في سيناء.

فهو ليس نقطة تفتيش داخلية متعددة؛  بالنسبة لغزة، فهي البوابة الوحيدة إلى العالم التي لا تسيطر عليها إسرائيل.. إن مساواة إدارة مصر المنظمة لحدودها السيادية بالحصار العسكري والاقتصادي الشامل الذي تفرضه إسرائيل - الذي يسيطر على المجال الجوي والساحل والمعابر التجارية لغزة - هو تحريف متعمد وخبيث للمسؤولية.

والحقيقة هي أنه منذ بداية هذه الأزمة، لم يكن معبر رفح حاجزًا، بل الشريان الرئيسي للمساعدات المنقذة للحياة، وهو شهادة على الالتزام المصري، وليس رمزًا للعرقلة.

(ثانيا) هذا يقود إلى الزيف الثاني: فكرة أن الدعم الإنساني المصري كان غائبًا… يتلاشى هذا الادعاء أمام الأدلة الدامغة، منذ اليوم الأول، نسقت مصر عملية لوجستية واسعة النطاق ومتواصلة، وقد سهلت الدولة المصرية، بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري وجهات وطنية أخرى، دخول الغالبية العظمى من جميع المساعدات الدولية المقدمة إلى غزة.

نحن لا نتحدث عن لفتات رمزية، بل عن آلاف الشاحنات المحملة بالغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية الأساسية.  نتحدث هنا عن مستشفيات ميدانية مصرية أُقيمت على الحدود، وعن آلاف الجرحى الفلسطينيين والأجانب الذين دخلوا لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية.

لقد تكبدت الخزينة المصرية ثمنًا باهظًا جراء هذا الجهد الضخم، وأثقل كاهل بنيتنا التحتية اللوجستية والأمنية إلى أقصى حد، وبينما قدّم آخرون كلماتهم، قدّمت مصر شريان حياة، مُقاسًا بالعدد وبالأرواح التي أُنقذت.

وأخيرًا، يكشف نقد الجهود الدبلوماسية المصرية عن سوء فهم جوهري لواقع الوساطة الإقليمية القاسي. . إن اتهام مصر بالتقصير الدبلوماسي يتجاهل حقيقة أن القاهرة من العواصم القليلة جدًا في العالم التي يُؤتمن على التحدث مع جميع الأطراف.

هذا ليس تواطؤًا؛ بل هو العمل الأساسي والمضني لصنع السلام…تعمل  الأجهزة الأمنية المصرية  والقنوات الدبلوماسية بلا كلل للتوسط في وقف إطلاق النار، والتفاوض على إطلاق سراح الرهائن والسجناء، ومنع اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا.

علاوة على ذلك، ترتكز الدبلوماسية المصرية على مبادئ راسخة… لقد كان الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحًا لا لبس فيه في التعبير عن خطين أحمرين أساسيين لمصر:

١-  الرفض القاطع لأي تهجير قسري أو طوعي للفلسطينيين من أرضهم.

2- المطالبة الثابتة بحل الدولتين على أساس حدود عام 1967…هذه ليست مواقف سلبية؛ بل هي مبادئ أمنية وطنية راسخة وفعّالة وجهت أفعال مصر، ووضعتها أحيانًا في خلاف مع مخططات جهات فاعلة عالمية أقوى.

سيكون التاريخ هو الحكم النهائي، وسيُظهر سجله أنه بينما انغمس الآخرون في الغضب الاستعراضي والتظاهر السياسي، كانت مصر على الأرض، تُدير الحدود، وتُسلم المساعدات، وتُعالج الجرحى، وتُشارك في دبلوماسية حل النزاعات الجائرة والمرهقة…

و تتلاشى الادعاءات الخبيثة عند مواجهة وطأة أفعال مصر. ونقول للجميع أن التزامنا ليس محل نقاش؛ إنه مسألة مُسجلة تاريخيا..

طباعة شارك غزة التضليل الإعلامي القضية الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • ما معنى نزول الله الى السماء الدنيا؟.. الدكتور يسري جبر يجيب
  • "القسام" تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يحفر قبره بيده
  • رجل الظل: من التخطيط خلف الكواليس إلى قيادة الإنجاز في الميدان
  • جرش 2025: المجد يتجدد برعاية هاشمية… وأيمن سماوي يقوده إلى قمة الإبداع
  • نيالا.. القتل بدم بارد في وضح النهار
  • كلمات حزينة عن أول جمعة بعد وفاة الأب
  • دعاء في أول جمعة لأبي المتوفي
  • الكعكي: الجيش ضمانة وحدة لبنان وحصر السلاح بيده ضرورة وطنية
  • اللواء الركن متقاعد سعيد السالمي يتفقد برنامج الانضباط العسكري
  • أحمد ياسر يكتب: مصر.. التاريخ والعنوان