من الرمال إلى السيليكون.. رحلة عُمان نحو مستقبل ذكي ومستدام
تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT
د. سعيد الدرمكي
تسير سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو التحول من ماضي الاقتصاد الريعي إلى مستقبل الاقتصاد المعرفي، انطلاقًا من رؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى بناء دولة حديثة ترتكز على الاستدامة، والتكنولوجيا، وتنمية الإنسان.
إنها رحلة انتقال ملهمة من الاعتماد على الثروات الطبيعية كالنفط والغاز، إلى اقتصاد يقوم على الابتكار والمعرفة والتقنيات الرقمية، حيث تتحول عُمان من "الرمال" كرمز للمورد التقليدي، إلى "السيليكون" كرمز للتقنيات المتقدمة والتحول الذكي.
وفي إطار هذا التوجه الطموح نحو التحول الاقتصادي، تُجسّد رؤية "عُمان 2040" التزام السلطنة ببناء مستقبل ذكي ومتكامل، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: الابتكار، والاقتصاد الرقمي، والاستدامة. وقد حدّدت الرؤية مؤشرات أداء واضحة تهدف إلى رفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، وتحسين ترتيب السلطنة في مؤشرات التنافسية والابتكار، وتعزيز موقعها كمركز إقليمي للخدمات اللوجستية والتقنيات المتقدمة.
وفي هذا السياق، حققت سلطنة عُمان تقدمًا ملحوظًا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2024، حيث جاءت في المرتبة 74 من بين 133 دولة، بحسب تصنيف المنظمة العالمية للملكية الفكرية .(WIPO) كما احتلت المرتبة 43 في مؤشر المؤسسات، والمرتبة 66 في مؤشر رأس المال البشري والبحث، وهو ما يعكس بناء منظومة وطنية واعدة ترتكز على المعرفة والابتكار كدعائم للنمو المستدام.
تسعى سلطنة عُمان إلى تفعيل رؤية "عُمان 2040" من خلال تبني نهج ممنهج لتطوير منظومة الابتكار، يشمل دعم البنية التحتية العلمية، وتحفيز البحث العلمي وريادة الأعمال.
كما تركز على إنشاء حاضنات ومسرّعات أعمال لتحويل الأفكار إلى مشاريع قابلة للنمو. وفي إطار هذا التوجه، تعزز الحكومة الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي متطلبات الاقتصاد المعرفي وتُعزز الاستقلالية الاقتصادية.
في الجانب البيئي، الذي يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من رؤية المستقبل، تُمثّل الاستدامة خيارًا استراتيجيًا لعُمان، حيث تحتل الطاقة النظيفة دورًا محوريًا في مسار التحول الوطني. وقد نفّذت السلطنة مشاريع كبرى مثل محطة الدقم للطاقة الشمسية، ومشروع الرياح في ظفار، كما أطلقت منصة "هايدروم" لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، باستثمارات تتجاوز 30 مليار دولار، مما يعكس توجهًا طموحًا نحو اقتصاد منخفض الكربون.
واستنادًا إلى مؤشر الأداء البيئي العالمي لعام 2024، حققت سلطنة عُمان تقدمًا لافتًا، حيث قفزت 95 مرتبة لتصل إلى المركز 54 عالميًّا والثاني عربيًا، في مؤشر يُصدر عن جامعتَي ييل وكولومبيا. ويُجسد هذا التقدم التزام السلطنة بالاستدامة، ضمن الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري بحلول عام 2050، التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات وتعزيز جودة الحياة.
في خطوة تعزز حضور سلطنة عُمان العالمي كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، أبرمت السلطنة اتفاقيات استراتيجية مع هولندا وألمانيا لإنشاء أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المُسال يربط ميناء الدقم بأوروبا. وتقود شركة هيدروجين عُمان (هايدروم) تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر، فيما تتولى شركة (أوكيو) تطوير البنية التحتية اللازمة للإنتاج والإسالة والتصدير في منطقة الدقم، دعمًا للطلب العالمي المتنامي على الطاقة المستدامة.
وفي انسجام مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، تنتهج السلطنة سياسات تهدف إلى تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، وذلك من خلال دعم مشاريع التكنولوجيا النظيفة، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، وإعادة التدوير، وتحلية المياه بأساليب مستدامة، بما يُعزز جودة الحياة ويحمي البيئة للأجيال القادمة.
ومع إيمان القيادة العُمانية الراسخ بأن التنمية الحقيقية تبدأ بالإنسان، جاء الشباب في قلب الأولويات الوطنية. وانطلاقًا من توجهات "رؤية عُمان 2040" والإطار الوطني لمهارات المستقبل، أُطلقت مبادرات طموحة تهدف إلى تأهيل الكفاءات الوطنية في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والتقنيات المتقدمة، والطاقة المتجددة.
قد تعززت هذه المبادرات من خلال شراكات استراتيجية مع مؤسسات تدريبية وشركات عالمية، تُرجمَت إلى ورش عمل متخصصة، وفرص تدريب عملي، ومسارات مهنية واضحة، لبناء جيل قادر على قيادة مشاريع وطنية ذات طابع استراتيجي ومردود مستدام.
وبعد استعراض هذه الجهود المتكاملة، يتّضح أن التحول الذي تشهده سلطنة عُمان لا يُعد مجرد تحديث للقطاعات الاقتصادية، بل يمثل تحولًا ثقافيًا وفكريًا عميقًا، يعكس وعيًا جديدًا بمفهوم التنمية الشاملة والمستدامة. لقد بات جليًّا أن بناء المستقبل لا يعتمد فقط على البنية التحتية أو الموارد الطبيعية، بل يرتكز على الإنسان العُماني الواعي، المتعلم، المبتكر، والمؤمن بقدرته على صناعة التغيير.
"من الرمال نبني طموحًا... ومن السيليكون نصنع المستقبل"
هي أكثر من مجرد عبارة؛ إنها تعبير صادق عن رؤية وطن يخطو بثبات نحو الغد، مزوّدًا بإرث من الحكمة، وطموح لا ينضب، وكوادر وطنية تصنع الفرق. عُمان لا تواكب المستقبل فحسب، بل تُعيد صياغته بأيدي أبنائها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موجز جنوب سيناء| افتتاح سوق اليوم الواحد بالطور.. وإزالة الرمال من طريق رأس سدر
شهدت محافظة جنوب سيناء اليوم العديد من الاحداث والفعاليات خلال 24 ساعة الماضية اهمها افتتاح سوق اليوم الواحد في طور سيناء بأسعار مخفضة تناسب المواطنين.
وفي رأس سدر قام مجلس مدينة رأس سدر بإزالة هذه الرمال التي انتشرت على جوانب الطريق والتي تشبه الكثبان الرملية الكثيفة وذلك حرصا علي سلامة المسافرين علي الطريق.
واليكم تفاصيل الاخبار
افتُتح "سوق اليوم الواحد" بمدينة طور سيناء، مواصلةً لمبادرة محافظة جنوب سيناء المدعومة بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.
شهد الافتتاح، الذي تم نيابة عن اللواء دكتور خالد مبارك محافظ جنوب سيناء، حضورًا جماهيريًا لافتًا ومشاركة عدد من النواب والقيادات التنفيذية،
قام علي حمادة، رئيس مدينة طور سيناء، بقص شريط الافتتاح. وتأتي هذه المبادرة تحت رعاية محافظ جنوب سيناء والدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، لتؤكد التزام الدولة بدعم المواطنين.
ضم السوق تشكيلة واسعة من السلع الغذائية والتموينية، بالإضافة إلى اللحوم، الخضروات، الفاكهة، ومنتجات العطارة والمنظفات. وقد عُرضت جميع هذه المنتجات بأسعار تقل بشكل ملحوظ عن نظيرتها في الأسواق التجارية، مما يعكس حرص الدولة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة.
جهود لمكافحة الغلاء وتعميم المبادرة
تعتبر هذه المبادرة خطوة مهمة ضمن جهود الدولة لضبط الأسعار ومكافحة الغلاء، وذلك من خلال التنسيق المستمر بين مديرية التموين والغرفة التجارية. كما يجري العمل على خطة لتعميم "سوق اليوم الواحد" في جميع مدن المحافظة خلال الفترة المقبلة، بهدف توسيع نطاق الاستفادة ليشمل عددًا أكبر من المواطنين.
وتحرص الجهات المعنية على المتابعة الدقيقة لجودة المنتجات المعروضة والتزام العارضين بالأسعار المخفضة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية الرامية إلى رفع مستوى معيشة المواطنين وتعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية في جميع أنحاء الجمهورية.
تلقى اللواء دكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، تقريرًا من رئيس مدينة رأس سدر بشأن جهود رفع الرمال التي تراكمت على الطريق الدولي (رأس سدر – أبو زنيمة). جاءت هذه التراكمات نتيجة العوامل الجوية التي تشهدها المنطقة مؤخرًا.
وكانت غرفة العمليات قد تلقت بلاغًا بوجود كثبان رملية على الطريق، وعلى الفور تحركت معدات مجلس المدينة بالتنسيق مع وحدة مرور رأس سدر. تمكنت الفرق من الانتهاء من الأعمال ورفع الرمال بالكامل في حينه، حرصًا على سلامة المواطنين وضمان استمرارية حركة المرور.
وفي هذا السياق، شدد المحافظ على ضرورة متابعة هذه الأعمال بشكل دوري للتعامل السريع مع آثار التغيرات الجوية. وأكد مبارك على أهمية ضمان جاهزية وسلامة الطرق على مدار الساعة للحفاظ على التنقل في المنطقة.