هل تحاصر طفلك بحبك؟ تعرف على مخاطر التربية المكثفة وكيفية التحرر منها
تاريخ النشر: 27th, April 2025 GMT
في 28 أغسطس/آب 2024، حذر تقرير للجراح العام الأميركي فيفك مورثي، من الضغوط التي تتعرض لها الأمهات، مشيرا إلى أن تربية الأطفال أصبحت تشكل خطرا على الصحة العامة للآباء، وتزيد من مستويات القلق والتوتر والإجهاد.
التحذير جاء في وقت تشهد فيه تربية الأبناء تحولا جذريا على مدى العقود الماضية، حيث ازدادت متطلبات الأبوة والأمومة بشكل كبير، حتى أصبحت تربية الأطفال أكثر استهلاكا للوقت والجهد والمال، وتحول كثير من الآباء إلى "آباء مكثفين"، مما يضرّ بالأسرة بأكملها.
يُنسب مصطلح "التربية المكثفة" إلى أستاذة علم الاجتماع الأميركية، شارون هايز، التي تناولت موضوع "الأمومة المكثفة" في كتابها الصادر عام 1996 بعنوان "التناقضات الثقافية للأمومة"، ووصفتها بأنها "تتمحور حول الطفل، وتتم تحت إشراف الخبراء، وتستغرق وقتا طويلا، وتتطلب جهدا مكثفا ومكلفا ماليا".
وأشارت كلير كاين، في مقالها "قسوة التربية الحديثة" الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى أن التربية المكثفة تعتمد على الانخراط الكامل في حياة أطفالنا ومراقبتهم والاهتمام بتعليمهم عن كثب طوال سنوات نموهم وجدولة كل دقيقة من يومهم، مثل تسجيلهم في دروس الموسيقى أو الرياضة وغيرها في سن مبكرة، لضمان حصولهم على كل فرص النجاح وصعودهم إلى طبقة أعلى، أو على الأقل عدم سقوطهم من الطبقة التي وُلدوا فيها.
إعلانووفق "نيويورك تايمز"، تبدأ التربية المكثفة منذ تكوين الطفل في رحم أمه عندما يُطلب من الأمهات تجنب اللحوم الباردة والقهوة، خشية أن يؤذين أطفالهن، ثم إمكانية مراقبة الطفل وهو رضيع عبر جهاز مراقبة الأطفال وغيرها من الممارسات المكثفة.
يكرس الآباء المكثفون أنفسهم بالكامل لأطفالهم وينظمون جداولهم وفقا لاحتياجات أطفالهم، وهذه بعض العوامل المشتركة:
الإفراط في الإشراف: إذا كنت تسعى باستمرار إلى الإفراط في الإشراف وإبقاء أطفالك مستمتعين، ونادرا ما تتركهم في رعاية الآخرين، وتدافع عنهم إلى الحد الذي لا تحترم فيه الحدود مع المعلمين والمدربين، فأنت والد مكثف وقد تعيق قدرة طفلك على تنمية استقلاليته. الإفراط في الجدولة: تتضمن التربية المكثفة عادة مشاركة الوالدين بشكل مكثف في حياة الطفل الدراسية وأنشطته اللامنهجية مثل تدريبات كرة القدم وألعاب القوى والسباحة، ودروس البيانو، ودروس الرياضيات الإضافية، وكذلك الاهتمام المبالغ بصحته العاطفية وتفاعلاته الاجتماعية، ومع ذلك لا يشعر الوالدان بأنهما على قدر كاف من الكفاءة. الإفراط في التوجيه: لا يسمح الآباء المكثفون لأطفالهم باختيار الهوايات المفضلة أو الأصدقاء أو حتى اختيار مستقبلهم المهني مما يعزز شعورهم بعدم الثقة. المبالغة في الإنقاذ: يبادر الآباء المكثفون دائما بمساعدة أطفالهم على إنهاء الواجبات المدرسية أو المشاريع الجامعية التي تركوها حتى اللحظة الأخيرة، ويحاولون حل مشكلات أبنائهم حتى قبل أن يدركوا وجودها أو يتحملون عواقب إخفاقهم.هناك عدة عوامل قد تدفع مقدمي الرعاية نحو التربية المكثفة، ومنها:
إعلان ضغوط وسائل التواصل الاجتماعيوجد استطلاع أجرته منظمة "ليتل سليبييز" عام 2024 أن حوالي 73% من الأمهات يقارنّ أنفسهن بما تفعله الأمهات الأخريات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأفادت 77% منهن بأنهن يشعرن بـ"ذنب الأمومة" بسبب مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشارت الاختصاصية النفسية، لورين كانونيكو، لموقع "بيرانتس"، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في الضغط على الأمهات، بداية من عرض الوجبات المعبأة بشكل مثالي إلى الأنشطة التي يُزعم أنها معتمدة من مونتيسوري، والتي تتطلب ساعات من التحضير، وتقديمها كأنشطة يومية عادية، وأضافت "لقد جعلنا الأمهات يشعرن بأن الأساس يجب أن يكون غير عادي، دون مجال للانحراف أو التقصير".
ارتفاع توقعات الأبوة والأمومةوفق ما نقله موقع "بيرانتس"، تعتقد الاختصاصية النفسية، الدكتورة آن ويلش أن التوقعات المنتظرة من الأمهات قد ارتفعت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وأضافت "هناك توقع بأننا منظمات عاطفيا، ومتاحات بلا حدود، ودائمو الحضور، وقد تكون هذه أهدافا محمودة، لكنها ليست واقعية وقد تجبر الأمهات على التربية المكثفة كنهج تربوي لتلبية ضغوط الكمال".
الطبيعة الشخصية للوالدينيعتمد أسلوب التربية في بعض الأحيان على شخصية أحد الوالدين، ووفق الدكتورة ويلش، فإن أنماط شخصية معينة مثل المتفوقين والكماليين يميلون إلى التربية المكثفة.
على الرغم من أهمية المشاركة في حياة أطفالنا ورعاية احتياجاتهم التنموية ونجاحهم المستقبلي، فإن القيام بكل ذلك بكثافة مفرطة قد يكون له تأثير سلبي على كل من الوالدين والأطفال، وخاصة فيما يتعلق بالصحة النفسية.
وفي هذا الصدد، تقول الاختصاصية النفسية، ليلى روبين، لموقع "ذا بامب" إن الخطر الرئيسي يتمثل في الإرهاق الأبوي، والذي قد يؤدي إلى مشاكل صحية نفسية وجسدية، وأشارت روبين إلى أن الأطفال الذين يحظون بآباء مُكثّفين قد يعانون من مشاعر الضغط وتدني احترام الذات وعدم الكفاءة والقلق إذا كانت توقعات آبائهم مُبالغا فيها، وبالإضافة إلى ذلك، قد يواجهون صعوبة في بناء مهارات الاستقلالية وحل المشكلات.
كيف تتعامل مع التربية المكثفة؟يوصي الخبراء ببعض الخطوات لتخفيف حدة هذا النهج المكثف وتحسين الصحة النفسية لأفراد العائلة، ومنها:
إعلان تحديد توقعات واقعية: أعد صياغة أفكارك بطريقة واقعية من أجل تجربة تربوية أكثر راحة ومتعة. العناية بالنفس: كثيرا ما يهمل الآباء رفاهيتهم، ظانّين أنها تضحية نبيلة من أجل أبنائهم، ومع ذلك، فإن العناية بالنفس ليست أنانية، بل هي جانب أساسي من جوانب التربية الفعالة. طلب المساعدة: رغم صعوبة إيجاد مجتمع داعم هذه الأيام، فإن صديقا عزيزا أو فردا من العائلة قد يكون على أتم الاستعداد للمساعدة. تشجيع الاستقلالية: ينبغي تشجيع الأطفال على تحمل المسؤوليات، وتركهم يكتشفون كيفية قضاء وقتهم بعيدا عن الجداول المزدحمة التي تحد من اللعب الحر. تجنب المقارنة: انتبه لكيفية استغلال التكنولوجيا لجذب الآباء للمنافسة، وتدارك أن لقطات مواقع التواصل الاجتماعي المميزة ليست المعيار الأمثل لمقارنة إنجازات طفلك.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التواصل الاجتماعی الإفراط فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير التربية التعليم يكشف آخر مستجدات تطوير منهج اللغة العربية برياض الأطفال والمرحلة الإعدادية
شهد محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اليوم الأحد، فعاليات برنامج "تدريب سفراء تطوير اللغة العربية" الذي تنظمه الإدارة المركزية للتعليم العام بوزارة التربية والتعليم ومستشار الوزير للتعاون الدولي والاتفاقات بالتعاون مع منظمة اليونيسيف.
وكشف الوزير محمد عبد اللطيف أن تطوير منهج اللغة العربية من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الاعدادي يستهدف تطوير المهارات الفكرية للطلاب والفهم والتركيز والإدراك، وإجادة اللغة العربية بطريقة سهلة ومبسطة.
وحضر فعاليات البرنامج من قيادات وزارة التربية والتعليم الدكتور أحمد المحمدي مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والمتابعة، والدكتورة هانم احمد مستشار الوزير للتعاون الدولي والاتفاقات والدكتورة هالة عبد السلام رئيس الإدارة المركزية للتعليم العام
وخلال لقائه مع المعلمين المدربين والموجهين من حضور الفعالية التدريبية، أكد الوزير محمد عبد اللطيف على أهمية دور المعلمين "كسفراء التطوير" لما سيقدمونه من دعم في الميدان لضمان التطبيق الأمثل للمناهج المطورة.
وتشهد مناهج اللغة العربية تطويرا من الصف الأول رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي، حيث تستند المناهج المطورة إلى دمج القيم الأخلاقية والمهارات الحياتية داخل موضوعات اللغة العربية، كما تراعي الفروق الفردية بين الطلاب ومهارات إنتاج اللغة بشكل عملي وسلس.
وتابع الوزير أن كافة الإجراءات التي نفذتها الوزارة على مدار العام الدراسي الماضي تستهدف تحسين جودة العملية التعليمية داخل الفصول الدراسية، وذلك في ظل انخفاض الكثافات الطلابية لأقل من ٥٠ طالبا في الفصل مع الالتزام بعدد الساعات المعتمدة لتدريس كل مادة، وهو ما يساهم بدوره في تدريس المواد المختلفة وفقا لعدد الساعات المعتمدة، فضلا عن كتيبات التدريبات والتقييمات المقرر تطبيقها العام الدراسي المقبل والتي تستهدف تدريب الطلاب على الدروس المختلفة وتقييمهم.
وأكد الوزير على تقديره الشديد لمعلمي مصر، مضيفا أن الفضل يعود لهم في خروج أجيال من الطلاب يحملون أمانة الوطن على أعناقهم، مشيرا إلى أن المسئولية الملقاة على عاتقهم كبيرة وأن الوزارة حريصة على تقديم كافة سبل الدعم لهم، مشددا على أنه لا يتم اتخاذ أي قرارات تخص العملية التعليمية دون مشاركة مديري المديريات والإدارات التعليمية ومديري المدارس والمعلمين.
واستمع الوزير، خلال ورشة التدريب، لآراء المعلمين حول المناهج الجديدة ومدى استفادتهم من ورشة العمل وأفضل سبل التدريس الفعالة للطلاب، حيث أشادوا بالمناهج الجديدة وأكدوا أنها تركز على الهدف التربوي وغرس القيم وحب الوطن والانتماء، كما أكدوا على ضرورة مواصلة الخطة العلاجية للقراءة والكتابة للطلاب في مرحلة الابتدائية، حيث أشار الوزير في هذا الإطار للمبادرة التي تم إطلاقها مع منظمة يونيسف لمعالجة صعوبات القراءة والكتابة لدى طلاب المرحلة الابتدائية.
وفي هذا السياق أكد الوزير محمد عبد اللطيف أن الوزارة تستهدف القضاء على تحدي صعوبات القراءة والكتابة لدى طلاب المرحلة الابتدائية، مشيرا إلى أن الطلاب الذين لم يجتازوا امتحانات العام الدراسي الماضي ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥، التحقوا بالبرامج العلاجية المخصصة لتحسين مستوى القراءة والكتابة خلال الإجازة الصيفية لتحسين مستوى الطلاب في هذه المهارات الأساسية، مشيرا إلى التزام الوزارة بالتعامل بشفافية في نتائج التقييمات وأعمال السنة، لضمان تحقيق العدالة والمساواة بين الطلاب، وأخذ كل طالب نتيجته الحقيقية لمساعدته في تحقيق تحسين مستواه التعليمي.
وأكد الوزير أن المعلمين عليهم مسئولية كبيرة في تطوير مهارات طلاب المرحلة الابتدائية في القراءة والكتابة، موضحا أن تأسيس الطلاب بشكل منضبط يساهم في عودة الطلاب للمدارس وانضباط حضورهم يتيح للمعلم استغلال الفرصة لتحسين هذه المهارات لدى الطلاب.
وينظم برنامج "سفراء التطوير" في إطار جهود وزارة التربية والتعليم لتطوير مناهج اللغة العربية والارتقاء بمستوى تدريسها، بعد أن تم الانتهاء من تحديث مناهج اللغة العربية بداية من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني الإعدادي، وذلك ضمن خطة تطوير شاملة تسعى إلى تحسين جودة التعليم وربط المناهج بالواقع واحتياجات المتعلمين.
ونفذت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني برنامج تدريب مكثف لمعلمي اللغة العربية على مستوى الجمهورية باستخدام تقنية الفيديو كونفرنس، حيث تم تقديم سلسلة من الدورات التدريبية امتدت إلى ستة لقاءات متتالية، وشملت جميع المحافظات دون استثناء وبعد انتهاء البرنامج، تم اختيار نخبة من المعلمين الذين أظهروا تميزًا بنسبة حضور ومشاركة بلغت 100% وشارك فيها أكثر من 101 ألف معلم وموجّه من مختلف أنحاء الجمهورية، بما يعكس التزام الوزارة بتحقيق التنمية المهنية الشاملة لكوادر اللغة العربية
وانتقلت الوزارة بمشروع التدريب إلى محور أكثر عمقًا، في المرحلة الثانية تتمثل في استدعاء مجموعة مختارة من معلمي اللغة العربية من كل محافظة، بحيث يمثل كل صف دراسي من الصف الأول وحتى الصف السادس الابتدائي، بالإضافة إلى موجهي العموم، ليكونوا سفراء التطوير التربوي في محافظاتهم للمشاركة في برنامج سفراء تطوير اللغة العربية.
ويهدف برنامج سفراء تطوير اللغة العربية برعاية وزارة التربية والتعليم إلى نقل المعرفة والمنهجية الجديدة إلى الميدان التربوي عبر إعداد خطط تدريبية محلية يتولاها المعلمون بالتنسيق مع موجهي المواد، بما يضمن تحقيق استدامة التطوير والتأكد من فاعلية التنفيذ.
كما يستهدف تعزيز مهارات المعلمين والموجهين في تطبيق المنهج المطور، ورفع كفاءتهم في توظيف أساليب التدريس الحديثة بما يواكب متطلبات العصر، وتأتي هذه الجهود ضمن برنامج قومي شامل لتنمية القراءة وبناء مجتمع معرفي متكامل.
ويتم تنفيذ البرنامج وفق جدول تدريبي دقيق، يشمل محاضرات وورش عمل تفاعلية مع إتاحة الدعم الفني والتقني الكامل لضمان فاعلية التدريب ووصوله إلى كل المشاركين في المحافظات، كما تضع الوزارة آليات للمتابعة والتقييم لرصد التقدم، والاستماع إلى "صوت الميدان" بوصفه مرآة حقيقية لنجاح العملية التعليمية.
ويأتي هذا العمل المتكامل في سياق رؤية الوزارة لإحداث نقلة نوعية في منظومة التعليم الأساسي، مستندة إلى التخطيط العلمي والمتابعة المستمرة والتفاعل المباشر مع المعلمين باعتبارهم حجر الزاوية في أي إصلاح تعليمي.