رغم شبه انقراضها بأوروبا..ما سر جاذبية مراكز المعلومات السياحية في آسيا؟
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يربط العديد من المسافرين مراكز المعلومات السياحية بالخرائط والمساعدة في العثور على أقرب حمّام عام.
لكن، تعتبر تامي ميرميلشتاين أن زياراتها لأكشاك المعلومات السياحية تُعتبر من أبرز الوجهات التي زارتها خلال عطلتها الأخيرة في اليابان.
أمضت ميرميلشتاين، وهي أم لطفلتين وتقيم في مدينة هيوستن بأمريكا، أكثر من عام خلال التخطيط لرحلة عائلية استمرت لفترة ثلاثة أسابيع إلى اليابان.
رغم أنها عادت ببعض التذكارات المميزة، مثل قصاصات من كيمونو وجدتها في سوق للسلع المستعملة وحولتها إلى لوحات فنية، إلا أنها تحب استعراض دفتر الطوابع الذي جمعته من مراكز المعلومات السياحية وغيرها من المعالم السياحية في جميع أنحاء البلاد.
لكن في بعض مناطق أوروبا، أصبحت أكشاك المعلومات السياحية شيئًا من الماضي.
وعلى سبيل المثال، ودّعت العاصمة الفرنسية باريس آخر مركز معلومات سياحي متبقٍ لديها، بجوار برج إيفل، في يناير/ كانون الثاني الماضي. بينما أعلنت اسكتلندا أنها ستغلق جميع مراكزها بحلول نهاية عام 2025.
وقد أشار مسؤولو السياحة في الوجهتين إلى منصات التواصل الاجتماعي والانتشار الواسع للهواتف الذكية كسبب لإغلاق المكاتب الفعلية. وقد تحولت الهيئتان السياحيتان إلى نموذج "الأولوية الرقمية"، مع تركيز جهودهما على منصتي "إنستغرام" و"تيك توك"، إضافة إلى إنشاء قنوات مخصصة على "واتساب" للمسافرين الذين لديهم استفسارات محددة.
رغم أن بعض العاملين في القطاع بدأوا بالفعل في كتابة رسائل نعوة إلى مراكز الدعم السياحي التقليدية، إلا أن الوجهات السياحية في آسيا، تعمل على زيادة عدد مكاتب المساعدة للمسافرين.
أشار شيانغ لي، وهو مدير كلية إدارة الفنادق والسياحة بالجامعة الصينية في هونغ كونغ، إلى أن مراكز المعلومات السياحية في آسيا تزدهر بفضل اختلاف عقليات المسافرين في المنطقة.
وشرح شيانغ لـ CNN قائلًا: "يقدّر السياح الآسيويون عمومًا التوجيه المنظّم والتوضيحات الشخصية، إذ أن الكثيرين منهم أقل خبرة في السفر الدولي ويواجهون حواجز لغوية، ما يجعل التفاعلات المباشرة والمساعدة الشخصية بالغة الأهمية بالنسبة لهم".
على النقيض من ذلك، فإن السياح الأوروبيين أكثر اعتيادًا على التجارب ذاتية التوجيه، وغالبًا ما يستخدمون مجموعة متنوعة من الأدوات الإلكترونية وغير الإلكترونية، بما في ذلك التطبيقات والمواد المطبوعة.
وكان لدى كوريا الجنوبية حوالي 300 مركز معلومات سياحية في عام 2015، بينما يبلغ عددها الآن 638 مركزًا.
يشمل هذا الرقم موظفين يُطلق عليهم "مراكز معلومات السياح المتنقلة"، وهم يقفون بالشوارع في أحياء مزدحمة مثل حي "ميونغدونغ" في سول، الذي يضم العديد من متاجر منتجات العناية بالبشرة والمقاهي الجذابة، للرد على استفسارات الزوار.
ويرتدي هؤلاء الموظفون قمصانًا حمراء زاهية وقبعات رعاة بقر، ويمكنهم التحدث باللغات الصينية، أو اليابانية، أو الإنجليزية.
وقال شيانغ: "تركّز مراكز الزوار في آسيا على التفاعل والخدمة باعتبارهما أهم الجوانب، وتهدف إلى تلبية احتياجات السياح ضمن ثقافة جماعية. في المقابل، تركّز مراكز الزوار الأوروبية على المعلومات والتعليم بوصفهما الوظائف الأساسية، ما يلبي احتياجات السياح في سياق يركز على الاهتمام الفردي".
وليست كوريا الجنوبية الدولة الآسيوية الوحيدة التي تزدهر فيها مراكز معلومات السياح.
وقد افتتحت اليابان 250 مركزًا إضافيًا بين عامي 2018 و2024، لافتة إلى ظاهرة السياحة المفرطة والحاجة إلى التعامل مع المسافرين بلغات متعددة.
كما أعلنت الحكومة مؤخرًا عن هدف يتمثل في الوصول إلى 60 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2030.
علاوةً على الترجمة والإجابة عن الأسئلة الأساسية مثل كيفية العثور على أقرب حمام عام، تُعد مراكز دعم السياح في اليابان معالم جذب بحد ذاتها، إذ يمتلك كل مركز في اليابان ختمًا مميزًا خاصًا به، يسمى باليابانية "eki sutanpu"
يبذل المسافرون الذين يجمعون الطوابع في جوازات سفرهم السياحية، قصارى جهدهم للتوقف عند كشك المعلومات، حتى لو لم يكونوا بحاجة إلى مساعدة، إذ تُعد هذه الطوابع تذكارات مجانية تُشيد بثقافة اليابان الفنية، حيث يقارن رواد "يوتيوب" و"تيك توك" بأي واحدة تُعتبر الأجمل أو الأصعب في العثور عليها.
بالإضافة إلى أكشاك المعلومات السياحية، تتوفر هذه الطوابع أيضًا في المعالم السياحية الرئيسية مثل المعابد ونقاط المراقبة، بالإضافة إلى جميع محطات القطارات.
ويُطلق على هذا الشغف بجمع الطوابع اسم "حشد الطوابع" باللغة الإنجليزية.
وقام رجل الأعمال التايلاندي باتريك باكانان بتأسيس تطبيق "StampQuest" لزوجته، وهي من مُحبي "حشد الطوابع" منذ فترة طويلة.
وأمضى باكانان جزءًا من طفولته في اليابان ويتحدث اللغة بطلاقة، لكنه لا يفوّت فرصة للتوقف في مركز المعلومات السياحية، إذ قال: "من الجيد البدء بالحديث مع السكان المحليين، مثلًا عن الطعام، والمعالم المشهورة هنا، وربما زيارة متجر ينصحون به".
وأضاف:"لقد عاشوا هنا طوال حياتهم، ويرغبون حقًا في مساعدة الزوار على فهم مجتمعهم".
وتتفق ميرميلشتاين مع هذا الرأي، حيث أنها زارت أكشاك المعلومات السياحية للحصول على طوابعها وطلب النصائح، لكن أفراد عائلتها قضوا فيها وقتًا طويلًا كما لو أنهم في متحف.
اليابانكوريا الجنوبيةنشر الاثنين، 28 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: السیاحیة فی فی الیابان فی آسیا مرکز ا
إقرأ أيضاً:
الفساد والاقتصاد والتهميش.. 3 عوامل أشعلت احتجاجات جنوب آسيا
اجتاحت موجة من الاضطرابات السياسية جنوب آسيا، مدفوعة بسخط شعبي واسع تجاه الفساد والتدهور الاقتصادي وتهميش الشباب، مما أدى إلى تغييرات قيادية غير مسبوقة ومطالب متزايدة بالإصلاح والمساءلة الديمقراطية.
وتمثّلت أبرز هذه الاحتجاجات في نيبال، والتي بدأت على إثر حظر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يغذيها الغضب الشعبي من الفساد والمعاناة الاقتصادية وانعدام المساواة، وتكللت باستقالة رئيس الوزراء كيه بي شارما أولي في سبتمبر/أيلول، مما مهّد الطريق أمام قيادة مؤقتة دعت إلى انتخابات جديدة في مارس/آذار 2026.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مايكروسوفت تحذر: القراصنة تسرق رواتب موظفيكم عبر هذه الثغرةlist 2 of 2اتهام نائب ألماني سابق بالاحتيالend of listونشر موقع "ستراتفور" الأميركي تقريرا للكاتبة ميشا إقب، سلط الضوء على هذه الاحتجاجات، مشيرا إلى أنها تعكس اتجاهات إقليمية أوسع نطاقا، إذ شهد جنوب آسيا خلال السنوات الخمس الماضية موجات من الحراك السياسي أعادت تشكيل موازين القوى وأنماط الحكم.
ففي أغسطس/آب 2024، أدت احتجاجات جماهيرية في بنغلاديش، بدأت بسبب المحسوبية في التوظيف الحكومي وتوسعت لتشمل الفساد وقمع المعارضة وغلاء المعيشة، إلى استقالة رئيسة الوزراء المخضرمة الشيخة حسينة واجد. وتستعد حكومة مؤقتة حاليا لإجراء انتخابات في فبراير/شباط 2026.
وفي سريلانكا، أجبرت احتجاجات واسعة عام 2022 على خلفية الانهيار الاقتصادي ونقص الوقود وارتفاع التضخم، الرئيس غوتابايا راجاباكسا على الاستقالة والفرار من البلاد.
وأشارت الكاتبة إلى أن الهند وباكستان، رغم تجنبهما الثورات الشعبية، شهدتا تحولات انتخابية غير مسبوقة. ففي انتخابات باكستان عام 2024، تمكّن حزب "حركة إنصاف" المعارض من حصد 31% من الأصوات متفوقا على الحزب الحاكم بدعم الشباب واستياء عام من النخبة السياسية. وفي الهند، خسر حزب "بهاراتيا جاناتا" أغلبيته لأول مرة منذ عقد بسبب تراجع شعبيته وارتفاع البطالة وتصاعد نفوذ المعارضة.
إعلانوقالت الكاتبة إن تصاعد الحركات الشبابية المناهضة للنخب التقليدية في جنوب آسيا يشير إلى أن التحولات السياسية في المنطقة لم تُحسم بعد. ومع ضعف هياكل السلطة التقليدية، تظهر قوى سياسية جديدة، ما يضع الحكومات تحت ضغط متزايد لإثبات التزامها بالمحاسبة الديمقراطية وتحقيق مكاسب اقتصادية رغم القيود المالية، مما يزيد من احتمالات تقلب السياسات وتفاوت توزيع الفوائد.
عوامل اشتعال الاضطراباتثمة عدة عوامل مشتركة تربط بين احتجاجات جنوب آسيا، أبرزها:
1- الإحباط من النخب الحاكمة والسياسات التقليدية:
ففي باكستان ونيبال، لم يُكمل أي رئيس وزراء فترة حكمه، ما يعكس هشاشة النظام السياسي وتنافُسه المزمن، ويؤدي إلى اضطراب مستمر في الحكم، ويُشعر المواطنين بأن البقاء السياسي أهم من معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
ورغم تراجع الاحتجاجات في باكستان نسبيا بفضل تحسن اقتصادي محدود وقمع شديد للمعارضة، تبقى المخاطر مرتفعة بسبب سجن رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي صعد بدعم شعبي غاضب من عقود من الحكم المدعوم عسكريا والنخب السياسية.
وفي حالات أخرى، نشأت الاضطرابات من حكم طويل للنخبة ذاتها. ففي سريلانكا، هيمنت عائلة راجاباكسا على السياسة لما يقرب من عقدين من الزمن، وجنت الثروات على حساب مؤسسات الدولة.
وفي بنغلاديش، حكمت حسينة واجد منذ 2009، حيث سيطرت على السلطة وقمعت المعارضة، ما أدى إلى سقوط حكومتها. أما في باكستان، فتناوبت السيطرة على الحكومة بين العائلات الحاكمة مثل الشريف وبوتو، بينما بقيت السلطة الفعلية في يد الجيش.
2- التدهور الاقتصادي:
فقد كانت الاقتصادات الهشة التي تعاني من الفساد والبطالة وسوء الإدارة من الأسباب الرئيسية للاضطرابات الشعبية في جنوب آسيا. وتخضع بنغلاديش وسريلانكا وباكستان لبرامج إنقاذ من صندوق النقد الدولي، تتطلب إجراءات تقشفية غير شعبية زادت من غضب المواطنين.
وتعاني المنطقة من تضخم مرتفع وبطالة شبابية وفقر متجذر وفساد واسع الانتشار. ففي سريلانكا، استنزفت الأزمة الاقتصادية الاحتياطي الأجنبي، ما أدى إلى نقص في الواردات الأساسية، وارتفاع أسعار الغذاء، ونقص الوقود، وفقدان الوظائف.
وتعاني بنغلاديش تضخما بنسبة 9%، وبطالة مستمرة، وفضائح فساد متزايدة. أما باكستان، فتعاني منذ سنوات من التضخم وتدهور العملة والعجز المالي ونقص الطاقة، مما أدى إلى استمرار الغضب.
وكشفت الانتفاضة الأخيرة في نيبال عن اعتمادها الكبير على تحويلات المغتربين، التي تشكل أكثر من ربع الناتج المحلي، ما يُخفي ضعف خلق الوظائف داخليا ويجعل الاقتصاد عرضة للصدمات الخارجية، في ظل اضطرابات سياسية وكوارث طبيعية متكررة.
ورغم أن الهند حققت نُموا إجماليا، فإنها تعاني من البطالة الريفية والتضخم وفجوات متزايدة بين المناطق الحضرية والريفية، ما أدى إلى تأجيج الاضطرابات وتعزيز تحالفات المعارضة.
3- وسائل التواصل الاجتماعي:
أتاحت وسائل التواصل للشباب في جنوب آسيا تجاوز الرقابة على الإعلام التقليدي وتنظيم احتجاجات جماهيرية. ففي نيبال، حوّل الشباب الغضب الإلكتروني إلى تعبئة ميدانية رغم الحظر الحكومي للمنصات، بينما استخدم طلاب بنغلاديش المنصات الرقمية لكشف الفساد وتوثيق القمع وتنظيم إضرابات رغم القوانين القمعية.
إعلانوفي سريلانكا، أقام الشباب مخيما احتجاجيا استمر رغم محاولات تقييد الإنترنت. أما في الهند، فقاد الشباب حملات سلمية للتوعية بقضايا مثل البطالة والفساد والمناخ. وحاول أنصار حزب إنصاف في باكستان تحدي هيمنة النخبة، لكن سلطة الجيش حالت دون انتفاضات واسعة.
وأشارت الكاتبة إلى أن الغضب من السياسة والاقتصاد شكّل شرارة أشعلتها وسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تعبئة جماهيرية وتغيير سياسي. وتحوّلت هذه المظالم إلى دوافع للإصلاح، عبر جهود لمكافحة الفساد وإعادة بناء المؤسسات المستقلة.
وتقود بنغلاديش هذه الموجة، حيث تعمل الحكومة المؤقتة على استعادة النزاهة المؤسسية وإقصاء حلفاء حسينة، وتسعى لتعديل الدستور للحد من سلطات رئيس الوزراء ومنع حكم الفرد الواحد.
ولا تزال النيبال في المراحل الأولى من انتقال مماثل، حيث تستجيب القيادة المؤقتة لمطالب شعبية بإصلاحات ديمقراطية.
وفي سريلانكا، بدأ الرئيس أنورا كومارا ديساناياكي، المنتخب في سبتمبر/أيلول 2024 على أساس برنامج مكافحة الفساد، بتنفيذ إصلاحات تشمل إلغاء امتيازات الدولة للرؤساء السابقين وزوجاتهم، مثل السكن والمعاشات والنقل والدعم الإداري.
مستقبل التعبئة السياسية في جنوب آسياوأوضحت الكاتبة أن عدم الاستقرار سيبقى سمة دائمة في السياسة في جنوب آسيا. ورغم أن النخب التقليدية والقيادات الوراثية ستواجه ضغوطا متزايدة للحكم بمزيد من الشفافية، فإن إزاحتها لا يعني زوال المخاطر.
فإعادة تشكيل التحالفات السياسية وصعود فاعلين جدد، مثل مجموعات الطلاب في بنغلاديش ونيبال، يفتح الباب أمام استقطابات جديدة، وتذبذب في السياسات، واحتكاكات مجتمعية أوسع، مع تنافس القوى الجديدة والقديمة على النفوذ.
ومن المرجح أن يحد العجز المالي والقيود الاقتصادية من قدرة الحكومات على الوفاء بوعودها، وهو ما سيؤدي إلى عدم تلبية توقعات الجمهور.
وفي المقابل، من المرجح أن تُسرّع هذه الحركات جهود إصلاح المؤسسات وتفكيك الهياكل السياسية ولامركزية السلطة، لضمان ألا يعتمد القادة المستقبليون على شبكات المحسوبية. وقد بدأت هذه العملية بالفعل في بنغلاديش، وألهمت مطالب مماثلة في نيبال، حيث يطالب المواطنون بقيادة جديدة وإقصاء الفاسدين.
واختتمت الكاتبة بالإشارة إلى أن هذه الاتجاهات تشير إلى دخول جنوب آسيا مرحلة من التنافس على السلطة ومشاركة شعبية أوسع، مع آثار طويلة الأمد على الحوكمة والسياسات والتماسك الاجتماعي.
وفي حين أن نتائج هذه العمليات لا تزال غير مؤكدة، فإن ما هو مؤكد هو أن المنطقة ستستمر في مواجهة تحديات شديدة، بما في ذلك المصالح السياسية المتنافسة، وتغير هياكل السلطة، والضغوط الاقتصادية مما يعني أن الثورات الأخيرة لا ينبغي أن يُنظر إليها على أنها نهاية عملية ما، بل مجرد فصول جديدة في مستقبل متنازع عليه وربما متقلب.